ما بعد الحقيقة … حقيقة !

 

 

م. هاشم نايل المجالي ( الأردن ) الأحد 23/7/2017 م …

ما بعد الحقيقة … حقيقة ! …

اذا كانت الحقيقة هي الصدق وهي تعارض ونقيض للكذب والحقيقة تعارض الوهم كذلك فان الانصاف هو الموضوعية التي تقتضي من الانسان انصاف الاخرين وانصاف نفسه وضميره والتي سيحاسب عليها يوماً امام رب العالمين فلا يضعها فوق ما تستحق ولا يذلها فيجعلها دون ما تستحق ومن انصف نفسه انصف الاخرين وسيكون موضوعياً مقنعاً وكلنا يعلم ان الانصاف توأم العدل وهو من شيم الاشراف وحتى لا يجعل الاخرين في دوامة الشك لما يقال او يحاك او بما هو حقيقي لما يدور بالاساس فعلى كل شخص اياً كان موقعه ان تكون نقطة انطلاق اقواله وافعاله منبعثة من ضمير في تمام الصحوة واليقظة والوجدان حيث ان معرفة الحق عند الجميع حقيقة وتميز عن الكذب والباطل واستحضار للشعور الوطني والديني وحتى لا يقع ندماً يوماً عندما تتعارض الاقوال مع الافعال ومع القيم والثوابت الاخلاقية ولقد شاهدنا كثيراً من المسؤولين يلقون خطابات وقرارات قائمة على الانفعال والعاطفة والتقييمات الشخصية التي تحمل في طياتها مصالح ومنافع مخفية ودوافع خارجية تخفي في باطنها حقائق مغايرة لما يقال فهناك دوماً شيئ ما بعد الحقيقة فهناك كثير من المسؤولين سياسيين وغيرهم يشرعون مضمونها لخدمة هدف ما فهي تتلاعب بالعقول رغم التبعات المترتبة عليها عندما تتكشف الحقيقة ولقد شاهدنا تصريحات رؤساء دول غربية لاقوال تكشفت ابعادها بعد الافعال المخالفة لاقوالهم والمصالح الذاتية والاطماع الاستعمارية التي تبرر تدخلهم في العديد من الدول اي ان ما بعد الحقيقة اصبحت لدى الكثيرين ظاهرة سلبية واصبحت عند الكثيرين ثقافة لا حقيقة وتحولت من حالات استثنائية الى طريقة تعامل بشكل يومي واصبح المواطن ملزم ان يمحص المعطيات ولو بالحد الادنى من خلال ردود الافعال والتحليلات على مواقع شبكات التواصل الاجتماعي حتى يحقق القناعة الشخصية وكثير من المسؤولين والتنظيمات والاحزاب اصبحوا ينتهجون اقوالاً وتحليلات تخفي خلفها حقائق مغايرة وهذه المواقع الالكترونية اصبحت مسرحا لكل ما هب ودب دون قيد او شرط فهو اعلام منفلت رغم كل الضوابط وهذا مخالف للصحف اليومية الرسمية فكثير من رؤساء الدول الكبرى على سبيل المثال الرئيس الامريكي بوش الابن وغيره كانوا يستولون على مشاعر الجماهير بخطاباتهم الانفعالية على انهم المنقذين للبشرية من الاشرار ليبيح شعبه قانونية تدخله عسكرياً وتدمير تلك الدول دون هوادة وقتل شعوبها وتدميرها كذلك العديد من رؤوساء الحكومات يبررون قراراتهم وفي احاديث كلام مبطن وهناك شيء مخفي خلف اقاويلهم ونقاشاتهم اي ان هناك حجب جزئي او كلي لحقائق اخرى اكثر اهمية واكثر خطورة حيث يعتبرها هؤلاء نجاح سياسي وان من لا يتقن قواعد تلك اللعبة سيكون مصيره الخسارة والخيبة واصبحت ثقافة ما بعد الحقيقة تزرع في نفوسنا ان هناك هدف المؤامرة بأصنافها لتحقيق هدف مخفي فالمعطيات غير مكتملة وكشف المستور صعب في حينه ويصبح التبطين السياسي يمارس كبضاعة ذهنية ذات قيمة معدومة واصبح الخوف والشعور بالخشية من مستقبل مبهم وغير واضح المعالم فهناك حقيقة وهناك زيف وهذا ما كشفناه بعد ان تجلت حقيقة تنظيم داعش كيف تكون ومن ينفق عليه ومن يسيره ومن يموله والهدف والغاية من ذلك لتحقيق مراد دول تتدعي محاربة هذا التنظيم فلقد اصبحت ما بعد الحقيقة ثقافة سائدة عند الكثيرين وهذا عالم آخر خاصة ما نجده على المواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي من تغريدات وتحليلات ومقالات وفتاوي وتزييف وتزوير وصور مزيفة ومقابلات مفبركة كلها لا تعطي الحقيقة وهناك الكثير ممن يتلقون الكذب من خلال هذه المواقع ونجدهم مشاركين في نشره وتسويقه دون ان يبذل أي جهد بالبحث عن الحقيقة والوقائع الملمة بالحدث وهناك من الاعلاميين والكتاب من الدول العربية او المقيمين بالدول الاوروبية وممن يحسبون انفسهم كتّاباً ذوي الاقلام الصفراء او تجدهم اعلاميون دخلاء يتجاهلون كثير من الحقائق التي لا تعجبهم فلقد فقدوا البصر والبصيرة لتحقيق مصالحهم النفعية عند سردهم لأي قضية او حدث او وصف او موقف فهم يعتمدون المغالطات والافتراءات كونهم مأجورون فارادتنا الحرة والمصلحة الوطنية وايماننا الثابت بقيادتنا الهاشمية هي التي تملي علينا لنكتب مما يرشدنا بالروح الصادقة والحقة تقارب بين الفرقاء لاستعادة الحوار الحضاري ولا تروج لروح الفتنة والتعصب كما يفعله الآخرون فمواقفنا واضحة وثابتة وصريحة في كل القضايا والاحداث .

المهندس هاشم نايل المجالي

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.