حماس 2017 م

 

 

سميح المعايطة* ( الأردن ) الثلاثاء 2/5/2017 م …

حماس 2017 م …

* وزير أردني سابق …

مشهد المؤتمر الصحفي الأخير لرئيس المكتب السياسي لحماس قبل ان يودع منصبه وهو يعلن الوثيقه السياسيه الجديده لحركته يذكرنا بقياده منظمه التحرير وحركه فتح في نهايه الثمانينات يوم ان أعلنت استقلال فلسطين مع ان فلسطين مازالت حتى اليوم محتله، لكنه كان اعلانا عن تحول جذري في مسار ألمنظمه من خلال القبول لاقامه دوله فلسطينيه على حدود الرابع من حزيران والقبول ضمنا بقرار 242 الذي يعني الاعتراف بحق اسرائيل بالوجود.

لكن قياده ألمنظمه في حينه نفت ان تكون قد تخلت عن مسارها التاريخي او انها تنازلت عن فلسطين التاريخية ،لكن الحقيقيه ان ذلك الإعلان كان بحثا عن الشرعيه لدى الدول الكبرى وايضا القبول من كيان الاحتلال ،وبعد عامين كانت ألمنظمه تشارك في مدريد ومؤتمرها وفِي عام 1993 كانت توقع اتفاق أوسلو، والبقيه معلومه.

حماس اليوم تقول انها تقبل بدوله فلسطينيه على حدود عام 1967 وان هذا لايعني الاعتراف باسرائيل ،لكن خماس لم تقل كيف ستأتي هذه الدوله دون تفاوض وبخاصه انها تعلم ان الحرب ليست خيار احد ،وان القبول بدوله في ارض الضفه يعني التعامل مع كيان الاحتلال ،لكن حماس تقول ايضا انها ترفض التفاوض المباشر اي تقبل غير المباشر لكنها في النهايه تقبل فكره التفاوض.

العبارات المبهمة والغامضة والتي تقبل اكثر من تفسير هي اول الطريق الذي سلكته حركه فتح قبل ثلاثين عاما وتعيد إنتاجه حماس اليوم ،لكن المسار معلوم ،والغايه واضحه هي فتح الأبواب امام قبول العالم بحماس تماما مثلما فعلت منظمه التحرير التي سعت لاعتراف العالم وقبول اسرائيل بها وحصلت على ذلك لكن بعدما غيرت كل برنامجها السياسي وتخلت عن الكفاح المسلح.

وعلينا ان لا ننسى ان حماس اليوم جزء وتابع من محور إقليمي يضم تركيا وقطر وهما دولتان من اكثر الدول قربا لإسرائيل بعلاقات وتحالفات سريه وعلنيه ،وان التأثير على حماس دور وانجاز تريد الدولتان تحقيقه وهذا ما أكده وزير الخارجيه التركي قبل أسابيع عندما أعلن ان بلاده تُمارس ضغوطا على حماس من اجل ان تعترف باسرائيل ،اما الاستجابة فانها ليست وليده اليوم فالاخوان المسلمون عندما حكموا مصر قبل سنوات لم يغلقوا سفاره الاحتلال ولم يطردوا السفير الصهيوني بل ارسلوا سفيرا مصريا جديدا لتل ابيب ،اي ان استجابات الاخوان سبقت حماس ،وكان هذا جزء من ثمن الحصول على كرسي الحكم.

لعل الاقدار جعلت من اخر ظهور لرئيس المكتب السياسي لحماس مشعل قبل مغادرته هو الإعلان عن هذه الوثيقه التي سيكون لها مابعدها ،وربما حماس تنتظر ردود فعل ايجابيه على وثيقتها من العواصم الهامه ،لكن اسرائيل وكعادتها ورغم انها تدرك معنى ماصدر عن حماس الا انها محترفه في الابتزاز ،ولهذا فقد وصفت الوثيقه بالخداع ،لان اسرائيل ستبقى تضغط حتى تحصل على كل ماتريد تماما مثلما فعلت مع ألمنظمه.

حماس في وثيقتها أعلنت ابتعادها عن الاخوان المسلمين وهم في أضعف مراحلهم ،ورغم ان هذا ليس أكثر من تكتيك لارضاء بعض الدول وتحسبا لأي موقف أمريكي ضد الجماعه ،الا ان الموقف من الناحيه الاخلاقيه يثير التساؤلات ،فالجميع يعلم ان حماس اخوان مسلمين ،وانها تستثمر الجماعه لخدمتها في كل الأقطار مصل مصر والأردن والخليج والسودان.

حماس الجديده تعيد انتاج نفسها سياسيا ،وربما على قيادتها الجديده ان تخوض معركه كبيره لاقناع العالم انها تغيرت لكن الثمن سيكون كبيرا .

قد يعجبك ايضا