تجارة شهادة الدكتوراة / د.مروان الزعبي

د.مروان الزعبي* ( الأردن ) الإثنين 12/12/2016 م … في الأردن في أي اتجاه تنظر وفي أي مكان ترحل تجد أمامك حملة شهادات الدكتوراة حيث أصبحت هذه الشهادة في متناول ألجدير وغير ألجدير في غياب الرقابة. هذه الشهادة لا يجوز أن تصبح في متناول أي شخص، هذه شهادة عليا بل اعلى شهادة وهي للنخبة من الطلبة وليست لأي طالب. هنالك الكثير من الدارسين الذين يفشلون في الحصول عليها لأنها صعبة وتعتمد اعتماد كبير على البحث العلمي وهذا امر طبيعي. اذكر أني عندما كنت عضوا في مجلس امناء احدى الجامعات التي تمنح شهادة الدكتوراة في الأردن طالبت وبقوة بالغاء هذا البرنامج لكني واجهت مقاومة شديدة من بعض اعضاء المجلس لكني اصريت ولحسن الحظ وافقني الأغلبية وتم وقف البرنامج، المعارضون كانوا يعتقدون بانه بامكان الجامعة استيفاء كامل المتطلبات اللازمة لكني رأيت استحالة ذلك لاسباب عديده يأتي في مقدمتها عدم توفر بيئة البحث العلمي كما هي في الدول المتقدمه. لا يجوز وبأي حال من الأحوال أن تصبح هكذا شهادة في متناول أي شخص، استطيع أن تفهم أن كل انسان لديه طموحات و تطلعات اضافة الى الحاجة لتحسين الأوضاع. لكن لا يمكن ان اتفهم ان تصبح هذه الشهادة في متناول كل من يريد الحصول عليها. عليه أن يدرس مجموعة من المواد بمستوى متقدم جدا وبطريقة تستند على البحث العلمي ثم يتقدم للامتحان الشامل ثم الرسالة.هذه المراحل كل واحدة منها أصعب من الثانية ، نعم نستطيع تطبيقها بالأردن ولكن بطريقة تثير السخرية بحيث يستطيع الطالب ان يجتاز كل مرحلة وبسهولة وهذا يحصل في الاردن. أنا لست ضد كل من يرغب بالحصول عليها لكني وبكل تاكيد ضد أن يحصل عليها الطالب بسهولة. الكثير من الجامعات تغري الطلبة بهدف التجارة وتحقيق الأرباح وتصبح الجوانب الأكادمية والأخلاقية في مهب الريح. ولازال في الأردن جامعات تمنح شهادات الدكتوراة وتفرخ “الدكاترة” في كل فصل. يجب وقف هذه الجامعات فورا ومحاسبتها ومحاسبة من منحها الترخيص ووضع أسس جديدة يأتي في تقدمها وقف كل برامج الدكتوراة في الأردن والمتاجرة بها وعدم اعتماد ومعادلة هذه الشهادات. يقع على عاتق وزارة التعليم العالي العودة للماضي بحيث تضع قائمة للجامعات المعتمدة في أنحاء العالم ، وعدم اعتماد الشهادات التي تمنح عن بعد لان الغاية لا تبرر الوسيلة. لا أحد ينكر اننا في الأردن نحتاج لحملة الدكتوراة وبكثرة لكننا نريدهم مؤهلين. لقد                             أصبحت مخرجات التعليم العالي ضعيفة لأننا سمحنا أو تعاضينا عن النوعية واتحنا المجال لخريجي الأردن وبقية الدول العربية أن يعاملو مثلهم مثل خريجي الجامعات المحترمة في أمريكا وغيرها!! أنا هنا لا أقف ضد حملة شهادة الدكتوراة لانهم اكملو متطلبات الحصول عليها لكن أقف ضد الجامعات التي تاجرت بها. اذا كنا قادرين على توفير المتطلبات اللازمة بحيث تنتج شهادات محترمة، فهذا امر نحترمه،               لكن في كل الظروف و الأحوال يجب لا نسمح بانتاج أعداد كبيرة وأن لا نقبل أعداد كبيرة وأن نبعد التجارة عن الموضوع. يمكن أن نؤسس لهكذا جامعه على ان تكون غير ربحية ويدرس فيها النخبة                                         بحيث تقبل القليل وتخرج القليل. علينا ان لا نعترف بالشهادات التي تأتينا مما هب ودب الا اذا كان معلوم لدينا انها جامعات محترمة وشهاداتها محترمة. وبخلاف ذلك ، سيصبح الموضوع فوضى وسيأتي يوم يخرج فيه عن السيطرة وتغلب فيه التجارة على المعرفة والتحصيل العلمي. هذه رسالة الى وزارة التعليم العالي قبل أن تكون لجامعاتنا، لقد خرج الموضوع عن السيطرة وينبغي وقف هذا التسيب وعدم اعتماد شهادات الدكتوراة الصادرة من الأردن والدول العربية ووضع أسس تحفظ حقوق الذين حصلوا على هذه الشهادات حسب الأصول العلمية المتعارف عليها. وعلى الجامعات أن تميز بين الغث  من السمين وتضع أسس لذلك أيضا  ووقف برامج الدكتوراه لديها. *د.مروان الزعبي – خبير مالي ومصرف  

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.