أيران المارد الصاعد في الشرق / عبد الحفيظ ابو قاعود
عبد الحفيظ ابو قاعود ( الأربعاء ) 11/2/2015 م …
ألإسلام كدين شأنه شأن الأديان السماوية الاخرى ،هو ؛واحدٌ ولو تعدَّدت مذاهبه الفقهية، لكن الغرب المتصهين استخدم عوائل حاكمة في بلاد المسلمين لتدمير االمله منذ العام 1747،يوم نشوء الوهَّابية على يد محمد بن عبد الوهاب كمذهبٍ ديني جديد،ولا مجال للمقارنة بين مذهبٍ اقيم على مقاس عوائل حاكمة في الشرق أتت بها بريطانيا لشرذمة المسلمين في اوطانهم ،وتفتيت بلادهم وبين مشروعية الثورة الإسلامية الإيرانية الشعبيه قامت عام 1979 ضدَّ “الشاهنشاهية” الظالمه المتواطئه مع الغرب المتصهين بقيادة الولايات المتحده الامريكيه .
حينما تكون احكام الاسلام كدين مصدرا للتفكير لتدبير شؤون الناس بالعدل والانصاف وتحقيق طموح الشعب بالحريِّة والديموقراطية في الجمهوريه الاسلامية الايرانيه الدوله المدنيه الديمقراطيه ذات المرجعيه الدينيه ،فالأولَى ببعض الديكتاتوريات القائمه تحت عباءة الدين ،والتي تموَّل المدارس الدينية التكفيريةالارهابيه حول العالم ، بدءاً من “الأخوان” مروراً بـ “طالبان” و”القاعدة” وانتهاء بـ “داعش”، أن تُقيم العدل والديموقراطية في نطاقها الجغرافي قبل أن تتبناها في بلدان الآخرين، وأن تنكفىء عن تمزيق العالم الإسلامي خدمة للمشروع الصهيوني في فلسطين المحتله .
لقد آن الأوان التميِّيز بين من جعل من كتاب الله مرجعاً للتفكير وبين من استخدمه أداة للتكفير،والارهاب بالحرق ،وبين المحورالمقاوم لتحريرفلسطين الارض والانسان ،والمسار الاستسلامي لضياع الحقوق الوطنيه المشروعه لعرب فلسطين ، وبين مشروع الشرق الاوسط الكبيرلتفتيت البلاد العربيه ،ومشروع التشبيك الاقتصادي والتكوين السياسي للامه ،لنفهم بعض المؤشرات لخواتيم السيناريوهات الأميركيه الخائبه في تسخير الدواعش لتفتيت االبلاد العربيه .
النتيجه الاوليه لفشل المشروع التكفيري الارهابي /الدواعش/في بلاد الشام والرافدين ؛تشير الى أن الولايات المتحده الامريكيه ، قد استفاقت جزئياً من سباتها قد أذعنت للحقّ مرغمةً، وتوَّجت من دون الاعلان، بان الجمهورية الإسلامية الإيرانية الناهضة ؛صاحبة الولايه على الشرق . فالصحيان الامريكي المتأخر من الغيبوبه الطويله منذ نكبتها في فيتنام وصولاً الى النكسه الكبرى على بوابات جلق ، بفشل مشروع الشرق ألاوسطٍ الكبير ، وفق “إلاسرائيليات المذهبية” وعبر سيناريوهات ابتدعتها الغرف السوداء المغلقه في واشنطن وتل ابيب تحت عنوان عريض : “إذا كانت الأرض قد جمعت العرب فليفرِّقهم الدين”؛ اعترفت صراحة بولاية ايران على الشرق بعد ستة وثلاثين عاماً من قيام الثورة االاسلاميه في إيران.
لقد واجهت ألولايات المتحده الامريكيه ومعها الغرب المتصهين إيران الثوره الاسلاميه بعدائيةغير مسبوقه ،واكتشفت في وقت متاخر أنها المسمار الاخير في نعش الدكتاتوريات العائلية في المنطقه والإقليم.ورأت ان حماية امن إسرائيل غيرمجد من الناحية الاستراتيجيه ؛كلفها ما يزيد على (17) تريليون دولار مديونية ،وهو مشروع غير قابل للحياة ،وغيرقادر على حماية المصالح الحيويه الامريكية في عالم متعدد الاقطاب.
نعم ؛ ستة وثلاثون عاماً من النهضة الواثقة الواعية بالتفاف الشعب الإيراني حول ثورته الاسلاميه وثقتة بحضارته وقدراته العلمية وخيرات بلاده، لم تحاول الجمهوريه الاسلاميه الايرانيه خلالها تصدير ثورتها وفرضِها على الآخرين كما يزعم دعاة ومشايخ المشروع التكفيري الارهابي ، ولا اقتربت من حدود من لم يعتدِ عليها، وواجهت عشرات السنوات من الحصار الاقتصادي الظالم على قوت شعبها ومستلزمات البناء والتطوير لبنيان كيانها السياسي الاقتصادي ، تحت ذريعة بنائها مفاعلات نووية والوصول الى مستوى تخصيب اليورانيم لدرجة بلوغ مرحلة إنتاج السلاح النووي،رغم تأكيدات متكرِّرة من أعلى مرجعياتها االدينيه ، أن الشريعه الاسلاميه تحرم إنتاج أيٍ من أسلحة الدمار الشامل ، واحتفظت بحقِّها في إنتاج الطاقة النووية للأغراض السلمية والأبحاث العلمية التي تخدِم تطورَّها في نواح الحياة كافه .
واستمرّت إسرائيل ومعها الولايات المتحده الامريكيه والغرب المتصهين وعربان النفط بالتحريض على الملف النووي الإيراني، حتى أنتصرت بعلماء الفيزياء وجهابذة الفكر الواعي العنيد بالحقّ، وخصَّبت ذاتياً وأنتجت، وانصاعت دول الخمسة زائد واحد، الى موقفها الصلب في امتلاك السلاح النووي السلمي .
لقد غدت الجمهوريه الاسلاميه الايرانيه واليا للشرق، وممن توهَّموا بأن إقامة دويلات الدواعش وأبرزها تلك التي ينادي بها تنظيم “داعش”اليوم ستكون بمستوى مواجهة دولة ومحورها المقاوم مساحتها مساحة قارة، بحيث لو انطلق نحو أراضيها صاروخ واحد، فإن الصواريخ الايرانيه قادرة خلال ساعات لتدمير إسرائيل،والقواعد الأميركية في اراضي انظمه عربيه متواطئة مع الغرب المتصهين .لكن المهم ان قوّة إيران جاءت من استقلالية قرارها السياسي والاقتصادي ومشروعها الحضاري النهضوي،ومن العدالة الإجتماعية التي تُرضي كافة شرائح الأمَّة الايرانيه ، مقابل فوضى التخبُّط في دويلات الدواعش المزعومة القائمة على تكفير الآخر وعلى التشريد والتدمير والتنكيل والقتل والنحر والثكل والحرق على امتداد الوطن العربي الكبير .
الجمهوريه الاسلاميه الايرانيه ؛قوّة عملاقة ، حيث بدت تقول للعالم 5+1؛الولايه في الشرق لي ،ولكن بالمعايير التي تراها عادلة وبمفاضات مباشرة مع الولايات المتحده الامريكيه وشكَّلت محور النشاط السياسي والديبلوماسي في الإقليم، ولديها من الوعي لكيفية محاربة الإرهاب دون أن تؤجِّج صراعات مذهبية تسعى إليها بعض الانظمه الخائنه والعميله للغرب المتصهين .
فالثوره الاسلاميه الايرانيه في عيدها السادس والثلاثين ودولتها المحوريه ،اصبحت تتويجا للولايه على الشرق في التكوين السياسي والتشبيك الاقتصادي كقطب دولي معترف به في دوائر القرار الدولي .لانها ؛ أضحت عنوان مشروع التكوين السياسي لمواجهة الامبرياليه وقوى الإستكبار، والإستعمار والهيمنة على القرار الدولي ،وفي مواجهة المشروع التكفيري الارهابي في دول المثلث العربي ،ومحور المقاومه لزوال الكيان الصهيوني في فلسطين المحتله،لاعادة صياغة نظام دولي متعدد الاقطاب والثقافات .
كما أصبحت الجمهوريه الاسلاميه الايرانيه عنوانا لاقامة نظام اقتصادي عالمي عادل من خلال مشروع التشبيك الاقتصادي بين مكونات الاقليم في مرحلته الاولى ،وعلى مستوى العالم في مرحلته الثانيه لالغاء السيطره والتحكم بثروات الامم والشعوب عبر الشركات متعددة الجنسيات والعابر للقارات ،وانهاء دور المجمع الصناعي الحربي في اشعال الحروب الاقليميه والعالميه ومنظومة التجارة العالمية واذرعها .
أستراتيجية الأمن القومي والسياسة الخارجية الأميركية تمر بمرحلة شديدة من الحساسية والتعقيد في مرحلة أنتقال الجمهورية الاسلامية الايرانية من ولاية الفقيه الى ولاية الامر في الشرق ،بعد الادراك في وقت متأخربعد فوات الاوان أن حلفائها التقليديين في منظومة التحالف الامني الاقليمي على رأسهم إسرائيل ومصرمبارك؛ ورطت الامبراطورية الامبربالية بحروب إقليمية وأحتلالية مكلفة ماليا وبشريا ،وتركت الابواب في الشرق مشرعة الى الذهاب حرب عالميه في الاقليم ،وصراع بين هلالين /مسارين/ هو الاخطر في تاريخ المنطقة منذ الحرب العالمية الأولى،وان الادارات الامريكية المتعاقبة، هي ؛المسؤول الاول عن أذكاء هذا الصراعات في الشرق .
لقد أقامت الولايات المتحدة الامريكية نظاما لتوازن القوى في الشرق يعتمد من ناحية قاعدة التفوق المطلق لإسرائيل على ما سواها من دول الشرق منفردة أو مجتمعة. لم يعد ممكنا ألاستمرار في إدارة صراعات الشرق ، والتخطيط لمستقبله في ظل الاعتقاد بضرورة وجود هذا التفوق الإسرائيلي المطلق،بعد دخول ساحات الصراع في الشرق محور المقاومه العربي الاسلامي لتغيير قواعد الاشتباك بالتوازن الاستراتيجي الكاسر لاخراج إسرائيل من معادلة منظومة الحماية النووية الامريكيه .
دخول “داعش” واخواتها من خارج النظام الرسمي الإقليمي والدولي. واللاعبون الجدد للمشاركه، في الاشتباك والمواجهه الدائره لبناء نظام إقليمي جديد، كل بطريقته واداواته،وأغلبهم ليسوا من حلفاء أميركا التقليديين،في اطار المشروع التكفيري الارهابي خلط الاوراق واخر انفاذ الاتفاق على المشروع النووي الايراني بعض الوقت بهدف فرض شرط ملف حمايه امن إسرائيل فيه.لكن دون جدوى لان الاصرار الايراني بعدم ادماج الملفات فوت الفرصه على الطرف الاخر .
فإدارة منظومة “التحالف الامني الاقليمي” في السنوات الأخيرة ؛ أستهدفت تأجيج الصراع المذهبي والطائفي، لترسيخ المسار الساداتي الاستلامي في أقامة مصالحة مكشوفة مع المشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة ” إسرائيل ” ،والارتهان الاقتصادي للغرب المتصهين ،لتكون الامة في مواجهة دائمة بين “هلالين ” .
هل أستهدف أوباما وأدارته من إقامة نظام امني جديد في الشرق ؛ايجاد التوازن بين الحلفاء التقليديين ؛السعودية وإسرائيل من ناحية وإيران ومحورها المقاوم من ناحية أخرى باقامة نظام امني إقليمي يضمن مصالح أميركا ويخفف من خطورة الصراع بين المسارين ؟!!!.
لقد اعتقد حلفاء الولايات المتحدة الامريكية التقليديون في الشرق أن أوباما اخطأ حين تخلى عن خيار ضرب سورية لاسقاط الدولة الوطنية السولاية ورئيسها المقاوم ، لأنه بهذا الخيار أضاع فرصة ثمينة لفرض الشروط على إيران في اجراء مصالحة مكشوفة مع إسرائيل وارتهانها اقتصاديا للغرب المتصهين وتحويل ايران الثورة الاسلامية الى دولة علمانية . لكن حلفاء الولايات المتحدة الامريكية الاقليميين فهموا خطأ أن أوباما يعمل لتدمير إيران، وكما انهم لم يدركوا بعد أن أدارة اوباما تسعى منذ فترة غير قصيرة لبناء توازن جديد للقوى في الشرق على ضوء معطيات جديدة في ادوات الصراع بين مسارين ارساهما شريكي حرب تشرين/ اكتوبر1973، حينما أفتراقا في عام 1977.
لقد أشتركت عوامل متعددة في الآونة الأخيرة في فهم اوباما لحاجة الشرق الى نظام توازن القوى في الشرق بعد قدرة أايران بامتلاك السلاح النووي بشقيه السلمي والتدميري ،واصبحت دولة محورية إقليمية لها شأنها العظيم في الاقليم والعالم .
الخلاصة والاستنتاج ؛
التحالفات ألامريكية المصلحية المؤقتة مع الاسلام السياسي لتنفيذ المشروع التكفيري الارهابي في بلادالشام والرافدين والتي رتبت مع الاجهزة الاستخبارية لمنظومة التحالف الامني الاقليمي في الاقليم،التي جاءت في ظاهرها المعلن تحت عناوين شتى منها ؛ الفوضى الخلاقة لتعميم الثقافة الغربية في الحكم وأسقاط الانظمة الاستبدادية والدكتاريوريه ،في باطنها في الغرف السوداء المغلفة لأقامة الشرق الاوسط الكبير ؛ استهدفت تفتيت المنطقة الى كيانات مذهبية وطائفية لتدمير محور المقاومة العربي والاسلامي ؛أنهت الى أستلاد “الدواعش “، والحالة الامنية في مصر ، والخربطة في العراق ، والفشل في أسقاط االدوله الوطنيه السوريه وبالتالي صعود المارد الايراني .
لقد ظهرت الولايات المتحدة الامريكية ، أوعلى الأقل إدارة أوباما، غير واثقة من أفضلية الاستمرار في المحافظة على «سايكس بيكو» أساسا لخريطة المنطقة في المستقبل ،كما كانت في الماضي، مع تعديلات طفيفة،أوالخضوع لضغوط الاكراد للتقسيم في العراق ، لان مشروع “الشرق الاوسط ” الكبير قد فشل بعد الصمود الاسطوري لمحور المقاومه العربي الاسلامي بقيادة الرئيس المجاهد بشار الاسد في مواجهة مؤامرة الحرب الكونيه على سوريه .
الاستدارة الامريكية بأتجاه الجمهورية الاسلامية الايرانية ومحورها المقاوم تحمل في طياتها الانكفاء الى الداخل ، والتخلي عن قيادة منظومة ” التحالف الامني ” الاقليمي .
فالمعطيات والوقائع الاوليه تشير الى ان الاستدارة الامريكيه دائمة لان مشاريع الحماية الامنية في الشرق قوضت قواعد الامبراطورية الامبريالية ، فالغزلة هي الحل الى حين تغير وتبلور قواعد الاشتباك الدولية . لكن نحن العرب نحتاج الى فهم عميق ل ” موزاين القوى في الاقليم والعالم والشرق بعد ان تصدرت إيران هذه الحالة من التوازنات الدوليه والاقليميه وتحولت الجمهورية الاسلامية الايرانية من ولاية الفقيه الى ولاية الامر في الشرق ، لفك الاحاجي والالغاز في المعادله الدوليه والاقليمية وظهور الدواعش في بلاد الشام والرافدين لمواجهة وتدمير محور المقاومة العربي الاسلامي .
فالصحيان الامريكي المتاخر من الغيبوبه الطويله منذ نكبتها في فيتنام وصولاً الى النكسه الكبرى على بوابات جلق ، بفشل مشروع الشرق ألاوسطٍ الكبير ، وفق “إلاسرائيليات المذهبية” وعبر سيناريوهات ابتدعتها الغرف السوداء المغلقه في واشنطن وتل ابيب تحت عنوان عريض : “إذا كانت الأرض قد جمعت العرب فليفرِّقهم الدين”؛ اعترفت صراحة بولاية ايران على الشرق بعد ستة وثلاثين عاماً من قيام الثورة االاسلاميه في إيران.
التعليقات مغلقة.