المحامي محمد احمد الروسان يكتب: استراتيجية ساديّة أمريكية مركبة وقادحة لمنع إعادة اعمار سورية … وبدأ الفصل الثاني من المؤامرة على سورية نفطاً وغازاً وقمحاً … مشروع الغاز الإيراني العراقي السوري – دبلوماسية إقليمية متوسعة

 

 المحامي محمد احمد الروسان* ( الأردن ) – السبت 13/5/2023 م …




*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية

بالعمق يبدو أن الاتفاق الذي أبرم بين ما تسمى(الإدارة الذاتية)الكردية كتروتسك صهيوني عميل معولم الجميع يستثمر فيه وبه، شمال شرق سوريا، وشركة أمريكية بشأن تطوير واستثمار حقول النفط السورية الخاضعة، في جلّها، لسيطرة ما تسمى لميليشيا قوات سوريا الديمقراطية “قسد” كمرتزقة أمريكية، يتجاوز كثيرًا البعد الاقتصادي الصرف، ليثير ملفات سياسية أكثر تعقيداً، تتخطى حدود هذه الإدارة الكردية كمرتزقة أمريكية، شرق الفرات، لتصل مفاعيلها وتفاعلاتها وصداها إلى دمشق، وموسكو، وأنقرة كسلّة واحدة.

هذا وقد ظهر السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام بكل وقاحة، وهو أحد أبرز المدافعين عن تجربة(الإدارة الذاتية)الكردية، قال أمام الكونغرس، إن قائد “قسد” مظلوم عبدي، أبلغه بتوقيع اتفاق مع شركة أمريكية لاستثمار النفط، في مناطق شمال شرق سوريا، طالبًا إبلاغ الرئيس بتفاصيله.

وفي المعلومات، وقّع الاتفاق من الجانب الأمريكي شركة(ديلتا كريسنت إنيرجي)، ولكي يصار الى إبرامه، تم الحصول على استثناء من وزارتي الخارجية والخزانة الأمريكيتين، باعتبار أن قطاع النفط ومؤسسات سورية كثيرة خاضعة لحظر أمريكي بموجب(قانون قيصر).

وكانت العاصمة الامريكية واشنطن دي سي، لمّحت في عهد إدارة ترامب، إلى اتفاق من هذا النوع، عندما تراجع الرئيس الأمريكي السابق، في أكتوبر 2019 م، عن قرار سحب كامل قواته من شمال شرق سوريا، وأبقى على نحو 500 جندي بل وأكثر، قيل آنذاك، بأن الهدف من هذا الإجراء هو حماية حقول النفط السورية.

ووفقًا للمعلومات المتوافرة، يتضمن الاتفاق، تأسيس مصفاتي نفط متنقلتين شرق الفرات بحيث تنتجان حوالي 20 ألف برميل يوميًا، ما يساهم بسد قسم من حاجة الاستهلاك المحلي الذي كان يلبى عبر حراقات بدائية الصنع، ساهمت بزيادة التلوث، فضلًا عن تحديات تقنية وفنية عجزت الإدارة الذاتية، بإمكانياتها المتواضعة عن تذليلها.

وبإتمام (الصفقة النفطية – السرقة كجريمة موصوفة الأركان)بين الشركة الأمريكية والإدارة الذاتية، تبرز ملفات خلافية، سياسية الطابع، قد تقوّض، آليات تطبيقها على أرض الواقع.

ومن البديهي، أن يثير اتفاقًا من هذا النوع حفيظة أنقرة، التي ستلقي بكل ثقلها لإفشاله، ذلك أن تركيا قد تساوم على أي شيء في الملف السوري، باستثناء المساومة حيال تصاعد نفوذ الأكراد، فهي خاضت بالفعل، ثلاث حروب، وقدمت تكلفة مالية باهظة، لأجل تقويض إمكانية قيام أي كيان كردي شمال سوريا وشمال العراق(كردستان الغربية وكردستان الشرقية).

ويبدو أنّ واشنطن ستجد صعوبة بالغة في إقناع تركيا بهذا الاتفاق، مقابل التنازل حيال ملفات خلافية أخرى، هذا وسوف تفعّل تركيا، وستلّوح بكل أوراقها لدى حليفتها واشنطن، للحيلولة دون المضي قدمًا في اتفاق يسبغ(شرعية سياسية أمريكية)على(الإدارة الذاتية)الكردية التي أبرمت الاتفاق دون المرور عبر الحكومة المركزية في دمشق، الجهة الشرعية الوحيدة، إلى الآن، المخولة بترتيب اتفاقات سيادية من هذا النوع.

وأعتقد أنّ هذا الاتفاق سيقوي موقف(الإدارة الذاتية)التفاوضي خلال أي حوارات مستقبلية، باعتبار إلى أنّ(الإدارة الذاتية)قد ترفع سقف المطالب، الأمر الذي سيعرقل احتمال التوصل إلى صيغة سياسية بين الطرفين.

وسوف تحاول ادارة جو بايدن، بما تبقى لها من قيد زمني في الحكم، الى جعل الموارد النفطية ورقة تفاوضية، في الملف السوري، مع أوراق أخرى كالعقوبات، والعزلة، والغارات الإسرائيلية، وادلب، للضغط على دمشق وموسكو، للقبول بتسوية سياسية وفق الشروط الأمريكية، فهل تنجح؟.

وها هي موسكو بكارتلات حكمها وكارتلات الطاقة لديها تتحفظ بدورها، على هذا الاتفاق الى درجة الرفض، ذلك أن السياسة الروسية قائمة، فيما يتعلق بهذه الجزئية، على تحقيق تقارب بين الإدارة الذاتية، وبين دمشق، عبر حث الأخيرة، على منح بعض الامتيازات للأكراد، في مقابل بسط سيطرتها على مناطق شمال شرق سوريا.

وأعتقد أنّ هذا الفهم الروسي للمسألة، بات يصطدم، الآن وبقوّة، بالاتفاق النفطي، الذي سيدفع موسكو إلى إبداء المزيد من المرونة إزاء تركيا، من أجل التنسيق معها لتعطيل الاتفاق، أو تحسين شروطه، بحيث لا ينتقص من النفوذ الروسي الذي امتد، منذ أوكتوبر عام  2019 م، إلى شرق الفرات.

هناك ابتهاج وفرح اسرائيلي الى حد ما بهذا الاتفاق، بين عميلها اللص الميليشيا  قسد على الارض، والشركة الأمريكية اللص الآخر، ورغم أن الكيان الاسرائيلي يظهر حذرًا بالغًا في التعبير، رسميًا، عن موقفه حيال الإدارة الذاتية، شمال سوريا، لئلا تؤلّب غالبية السوريين ضد هذه التجربة، إلا أن محلليين إسرائيليين بخلفيات أمنية موسادية، غالباً ما يظهرون عبر قنوات فضائية، ويعربون عن تأييدهم لتلك التجربة، وقد قمت برصد ذلك منذ البدء.

وأشاع الاتفاق ارتياحًا لدى الأكراد، الذين يعتقدون أن هذا الاتفاق مؤشر على وجود أمريكي طويل الأمد، ما يعني أن خشيتهم من انسحاب أمريكي مفاجئ لم تعد مبررة، كما حدث في أكتوبر من عام 2019 م، عندما أعلن الرئيس السابق ترامب عن عزمه سحب قواته، كاملًا، من شمال سوريا، وهو ما أتاح لتركيا التوغل في الشمال السوري عبر عملية ما تسمى: بنبع السلام، قبل أن تتراجع الإدارة الأمريكية، عن قرار الانسحاب الكامل.

وفي ابحاري الكترونيّاً في موقع(نورث برث)، المقرب من الإدارة الذاتية الكردية المرتزقة، يفيد التالي: من المقرر أن تبدأ الشركة الأمريكية عملها قريبًا على معظم حقول النفط الواقعة في المناطق الخاضعة لسيطرة(قسد)لإعادة تأهيلها واستثمارها بطاقتها الكاملة، وهو ما سيتيح للإدارة الذاتية بيع النفط بشكل(قانوني)لأي أطراف تختارها دون الحاجة الى تصريفه عبر تجار.

ومع ذلك ورغم خياناتهم للدولة الوطنية السورية(أتحدث عن ميليشيا قسد والادارة الذاتية الكردية كمرتزقة أمريكية)فانّ مناطق الكرد تعاني من تلوثات نفطية، بآثار على صحة مناطق عيش الكرد السوريين في الشمال والشمال الشرقي، وأفصّل على الشكل التالي:

الى حد ما، قد يكون الكرد قد حققوا في شمال شرقي سوريا شهرةً عالمية تم هندستها أمريكياً، لغايات التوظيف المستقبلي والآني لهم كتروتسك صهيوني، عبر محاربة تنظيم الفضيحة الامريكية داعش، لكنهم اليوم يواجهون كارثةً مُدمِّرة قد تضع حياة ملايين السكان في خطر.

 حيث تتمثل هذه الكارثة بالتلوث النفطي والبيئي، الذي يسببه النفط الخام المتسرب من الأنابيب المتهالكة وكذلك النفايات النفطية، التي تسبب مرض السرطان، الملوثة لمياه الأنهار والجداول في منطقة الإدارة الكردية، والتي يقطنها حوالي أربعة ملايين شخص، ويتواجد فيها معظم النفط المتنازع عليه في سوريا.

وعندما تفيض الأنهار، كما حصل في شهر نيسان الماضي، فإنها تنشر تلك السموم على المحاصيل الزراعية، كما أنّ آلاف مصافي تكرير النفط البدائية، تطلق أدخنتها السامة في الهواء فتلوّثه، وقد أخفقت الصور البائسة للأراضي المحترقة والمياه الملوّثة بالسواد، في إحداث أي تأثيرات، حيث أغلقت بعض المصافي المؤقتة، نتيجة للاحتجاجات المتفرقة  لتعمل في أماكن أخرى.

 السكّان المحليون في المناطق المتضررة هناك، صار يشكون ويتحدثون على أنّ الأمراض في تزايد، بما في ذلك السرطانات، وما هذا إلا إشارة واضحة عن مدى كون المشكلة عصيّة.

وحيث تنتشر مصافي تكرير النفط البدائية: بدأت الأمراض، التي اختفت من قبل، بالانتشار مجدداً في مناطق الكرد، من العيوب الخلقية، والتهاب السحايا والالتهابات الجلدية، والأمراض التنفسية الحادة، تنتشر في جميع أرجاء اقليم ايجا روفا الكردي الانفصالي، إلا أنها أكثر شيوعاً في المناطق التي تحتوي على آبار النفط.

وكون محاصيلهم الزراعية التي يحصدوها اليوم فظيعة، بالمقارنة مع ما كانت عليه قبل عشرة أعوام، لقد تقلصت المساحات الخضراء، وماتت معظم الأشجار بسبب تلوث التربة والهواء.

وبسبب عمليات تكرير النفط البدائية: تنبعث روائه كريهة من مصافي تكرير النفط البدائية، التي تتسبب بحدوث أمراض وإلحاق أضرار بالبيئة وصحة البشر والحيوانات والنباتات، حتّى أنّ الأهالي يملؤون خزّانات الماء الخاص بمنازلهم، وأحياناً لا يغطونها بالغطاء الخاص، وعندما يستيقظون صباحاً يجدون سطح الماء كله ديزل.

وهذا يعني: أنّه في بعض الأحيان توجد سحابة سوداء، خلال النهار تغطي سماء دير الزور بالكامل مثلاً، إنّها أشبه بالسحب السوداء، وإن كان بالإمكان معالجة مسألة مصافي التكرير المتفرقة، من خلال الرقابة المُحكمة، فإن التلوث الناتج عن  الأنابيب المتهالكة، وبقع النفط والنفايات المُلقاة في الأنهار، سوف تؤثّر على صحة الإنسان والحيوان لعقود قادمة.

 وبينما يجتمع المانحون الغربيون في بروكسل، لمناقشة المساعدات المقدمة إلى سوريا قريباً، من غير المحتمل أن تجد الأزمة البيئية المرتقبة في شمال شرقي سوريا، مكاناً لها على جدول الأعمال.

 ولم يستجيب السيد عبد الكريم ملك، وزير الطاقة في الإدارة الذاتية، للطلبات المتكررة للمتابعين للوضع هناك، كما لم يرد زميله الاخر جوزيف لحدو، وزير البيئة في الإدارة المذكورة، على طلب الباحثين والذين يقومون بعمليات الاستقصاء، للمشاكل هناك، وتداعيات التلوثات البيئية.

وأعتقد أنّ الضغط، من أجل الحفاظ على الاقتصاد الهش للإدارة الذاتية، والذي يعتمد إلى حدٍّ كبير على العائدات النفطية المتضائلة بشكل مستمر، إلى جانب الطبيعة المشحونة لعلاقات هذه الإدارة مع دمشق، يتسبب في أن يتم التعامل بشكل فوضوي مع النفط الخام وتكريره بطرقٍ بدائية.

والمعطيات والوقائع والمعلومات والأدلة وبدون ظلم، تتحدث وتقر أنّ الولايات المتحدة الأمريكية، تحكمها عصابة مافيويّة مغرقة في الاجرام، فصارت دولة بلا أخلاق مع كل أسف، والأخلاق تسبق القانون، والقانون وسيلة، بينما الأخلاق وسيلة وغاية.

نعم سورية في المنطقة الرمادية، والجيش الأمريكي يسيطر على ثلث الأراضي السورية مع شريكه المحلي: ما تسمّى قوّات سورية الديمقراطية – الكرد التروتسك الصهيوني العميل المعولم، بما في ذلك القوة الاقتصادية الناعمة – نفط وغاز وسيلكون، وقمح بملايين الأطنان في الصحراء، وحيث تكمن تموضعات الهيدروكربونات، وكذلك القوة الزراعية.

وثمة استراتيجية ساديّة مركبة وقادحة، لمنع إعادة اعمار سوريا التي دمرتها الحرب، على مدار عشرية النار، أكلن الأخضر واليابس والحجر والانسان، وما زالت الحرب على سورية مستمرة بالحصار وبقانون قيصر، والأمريكي أبو الديمقراطيات وحقوق الانسان، يسرق النفط والغاز والقمح السوري، وما تزال المؤامرة لتغيير النظام والنسق السياسي، واسقاط الحكومة في سورية قائمة، وبعمق وبشكل واضح، فالمرحلة الجديدة(الفصل الثاني)من الحرب على سورية، والتي لها الكثير من التأثيرات المحتملة التي ستترتب على المدنيين، صارت تتموضع في: الاحتلال العسكري الأمريكيّ للقوّة الاقتصادية الغنية بالموارد في سورية، والعزلة الدبلوماسية للحكومة السورية(تعرقل مشروعها لواشنطن هنا في هذه الجزئية، وعاد العرب الى سورية، وبقيت دمشق في مكانها، ولم تغير موقفها ولا محورها)، والعقوبات الاقتصادية ضد دمشق وحلفائها، ومنع وصول المساعدة من أجل إعادة الاعمار، ومنع عودة اللاجئين والنازحين، والخبرات الفنية إليها، وهذا سيقود إلى معاناة واسعه النطاق، وإلى حرمان، وحتى موت الكثير من السوريين، وثمة شهية محدودة محلياً في الداخل الامريكي لمزيد من التدخل في سورية، وأنّ حرب تغيير النظام السياسي والنسق السوري: أمريكيّاً لم تنته بعد.

وأنَّ الاحتلال العسكري، يجب أن يكمّله حصار سياسي للحكومة السورية، على الطراز الاستعماري الجديد، وإلى استمرار فرض العزلة السياسية، والدبلوماسية على النظام السوري، وعلى مواصلة التمسك بالخط الفاصل للعزلة الدبلوماسية، ومنع السفارات من العودة إلى دمشق(تم عرقلة المشروع الأمريكي هنا، لكن واشنطن تعمل وتحاول على شطب ما تم مؤخراً، وهي ترسل الرسائل الى جلّ سلة حلفائها في المنطقة)، مع تكثيف فرض العقوبات الاقتصادية، والاستفادة من مساعدات إعادة الإعمار، كأداة ضد الحكومة السورية والنظام والنسق السياسي.

وأن المساعدات الإنسانية الأمريكية، والمساعدة في تحقيق الاستقرار في سورية، ذهبت إلى حليفها قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها الأكراد في الشمال الشرقي(هم أول وآخر الأوراق الأمريكية في الداخل السوري)، وعلى أمريكا إبقاء حالة الخراب في بقية البلاد السورية، حتى تحقق هدفها المتمثل في تغيير النظام السياسي، واسقاط الحكومة السورية(هكذا تفكر وتسعى كوادر عصابة جو بايدن الديمقراطية في السلطة، وبالتشارك مع الجمهوريين السفلة، بل الأسفل من الديمقراطيين).

 وتقبع سورية في خراب، وما يريده الروس والايرانيون والصينيون والأسد، هو إعادة البناء الاقتصادي – هكذا تقول أمريكا، ويمكن للولايات المتحدة اللعب بهذه الورقة، عن طريق المؤسسات المالية الدولية، وتعاونها مع الأوروبيين.

وهدف واشنطن هو عرقلة دمشق ومنعها من إعادة الإعمار: ينبغي لنا كأمريكا، أن نشكل سداً لمنع إعادة الإعمار، وعودة الخبرة التقنية إلى سورية، حيث الصراعُ مستمر، ولم ينتهي ولن ينتهي، ونعمل على وجوده، وادامته باستمرار وادارته، وتعكس سياسة جو بايدن تجاه سورية، إلى حدٍّ كبير الاستراتيجية الساديّة.

وبدأ الفصل الثاني من المؤامرة على سورية، عبر حروب الغاز والنفط في شرق نهر الفرات، شمال شرق سورية، والصحراء السورية حيث القمح، والتغيير الديمغرافي للشمال السوري، وجلّ المؤامرة على سورية بدأت عندما وافقت الدولة السورية الوطنية، على مد خط أنابيب نفط وغاز ايراني يصل الى المتوسط، وهذا يعني عدم حصر الصادرات النفطية والغازية الايرانية عبر مضيق هرمز.

وكما أوضحت في تحليل سابق لي: ظهر التدخل الأمريكي فجّاً طامعاً متحديّاً، بإعلان الرئيس الحالي جو بايدن، والسابق دونالد ترامب، في توسيع مهمه بهائمه العسكرية في شرق دير الزور(أرسل 800 جندي وهناك 2000 جندي في التنف السوري المحتل)لحماية النفط والغاز السوري من داعش، كما يزعم هذا الصفق الامريكي، وتساوق معه مؤيداً السيناتور ليندسي غراهام، والذي أعلن بكل وقاحة أيضاً، أنّه يعمل وآخرون معه، مع شركات نفط أمريكية عملاقة: كأكسون موبيل وغيرها، عبر عرّابين الطاقة في الدولة العميقة الأمريكية، كوزير الخارجية السابق مايك بومبيو، وهو المحامي وخبير الطاقة، لدفعها للذهاب الى شمال شرق سورية، لإقامة بنى تحتية نفطية ومصافي تكرير، وللسماح للكرد(تروتسك صهيوني عميل معولم الجميع يستثمر بهم وفيهم)بتصدير نفطهم وغازهم، وكسب المزيد من المال، والهدف من فوق الطاولة: النفط والغاز، ومن تحت الطاولة: دعم كيان كردي انفصالي عميل في شرق الفرات، كيان قاطع شبه دولة، اسرائيل ثالثة هناك، لقطع التواصل بين مكونات، محور المقاومة، من ايران الى العراق الى سورية فلبنان.

الامريكي، سيخرج خروجاً كارثيّاً من سورية، وعبر مقاومته عسكريّاً، ان بصورة مباشرة عبر الجيش السوري وحلفائه، وان بصورة غير مباشرة عبر حرب العصابات، حيث هناك قرار في محور المقاومة متخذ ومعلوم وتوقيته مجهول، لضرب الامريكي، وليس في سورية فقط، وهذا موقف سياسي ومخابراتي وعسكري، حيث التركي في الشمال السوري يسعى الى تغيير ديمغرافي، عبر احلال سكّاني للإرهابين من ادلب، مكان العرب والكرد في الشمال السوري، عبر عنوان انساني مخادع وكاذب: اعادة وعودة ثلاثة ملايين من اللاجئين السوريين، وهم في الحقيقة إرهابيين، من مكب النفايات الارهابية في ادلب، لإنشاء مجتمعاً راديكالياً متطرفاً، يتسق ورؤية حزب العدالة والتنمية التركي بزعامة الرئيس أردوغان(وها نحن ننتظر التطورات على مسار العلاقات التركية السورية ما بعد انتخابات الرئاسة التركية).

سنحاول في هذه العجالة، أن نفكّك ما يمكن تفكيكه من المركّب، ونركّب ما يمكن تركيبه من المفكّك، في سياقات ومنحنيات وتضاريس وكواليس، مشروع الغاز الإيراني العراقي السوري، والذي جمّد لجهة شقه العراقي السوري فقط، ما قبل الحدث الاحتجاجي السياسي الدمشقي بمناخاته المتعددة، والتصعيد في الساحة السياسية السورية كساحة خصم، من قبل الطرف الثالث الأخر المعلوم للجميع عبر ذيول أدواته، بفترة من الزمن(بعبارة أخرى ما قبل المؤامرة على الدولة الوطنية السورية ودورها، حيث بدأ الفصل الثاني من هذه الحرب على سورية التاريخ والدولة والشعب والمؤسسات والدور والقيادة والجغرافيا والديمغرافيا – حروب النفط والغاز والسيلكون والقمح)، وقّع فيما مضى وزراء النفط في ايران والعراق وسوريا، اتفاقية بقيمة تزيد عن عشر مليارات من الدولارات، لنقل الغاز الإيراني إلى القارة الأوروبية، عن طريق العراق وسوريا ولبنان، ليصار الى نقله عن طريق البحر الأبيض المتوسط، إلى الغرب وتحديداً القارة الأوروبية العجوز والتي تتصابى من جديد، وكل ذلك عبر مشروع خط عملاق، يربط ايران والعراق وسورية ولبنان لتصدير الغاز الى وجهته وحسب اتفاق الأطراف، مما يجسّد الربط الاستراتيجي في تكتل سياسي اقتصادي فريد وعظيم من نوعه.

لكن وبسبب ما جرى ويجري في المنطقة الشرق الأوسطية، من أحداث بفعل عوامل داخلية، وخارجية أكثر من الداخلي، وخاصة عبر انعكاسات المؤامرة على سورية عبر الحدث الاحتجاجي السياسي السوري، فانّ هذا الخط الاستراتيجي العملاق بات يعاني من تحولات طارئة، ذات بعد حربي استعماري، مع تحديات في محطات انشائه وأهميته لدول وشعوب محطات خط أنابيب الغاز هذا.

وهذا الخط: حظي خلال فترة ما قبل الربيع العربي وما زال، باهتمام طهران وبغداد ودمشق، وبعض الدول الأخرى مثل لبنان، والغريب أنّه وحتّى اللحظة لا يثير اهتمام الأردن الدولة والساحة، كما أثار أيضاً اهتمام مسؤولي السياسة والطاقة في أوروبا قاطبةً، لكن خلال عشرة أعوام وأكثر وما زال، اصطدم هذا المشروع بتحديات جديدة بعد التغيرات الحاصلة في المنطقة خاصة في سوريا وعبر حدثها، حالياً هناك ثلاث دول لها رأي أخر في هذا الموضوع، واستمرت بإجراء محادثات في سياق تنفيذ هذا المشروع خطوة بخطوة رغم التحديات، وبعيداً عن التنسيق الموحد بين الدول الثلاث، يبذل العراق وإيران، مساعي كبيرة في سبيل تنفيذ هذا المشروع الاستراتيجي، رغم الرفض القطري – السعودي – الغربي – الإسرائيلي، وفي المضمون دور اماراتي خفي غامض(الجميع يأمل: بعد الاتفاق السعودي الإيراني، وحدوث حالة من الاسترخاء، وسمت المنطقة، أن يتم التفاهم حوله).

مؤخراً أعلن العراق عن موافقته لنقل الغاز الطبيعي الإيراني عن طريق أراضيه إلى سورية، لكن بالرغم من وجود مسافة طويلة تفصل عن تنفيذ هذا المشروع بشكل واقعي، يتوجب القول أن خط أنابيب الصداقة يمنح كل الدول المشاركة فيه، ميزات وقدرات متعددة، الأمر الذي سيجعل هذه الدول لا تغمض عينيها، عن النفع الذي ستحققه من وراء هذا المشروع.

بلا شك أنّ لطهران أهداف عميقة واستراتيجية من وراء اتمام ما تم الاتفاق عليه، في انفاذ واتمام خط الأنابيب الغازي الاستراتيجي هذا، حيث تعتبر ايران، بعد روسيا الفدرالية، ثاني أكبر دولة في العالم من حيث امتلاك منابع الغاز، ولديها قدرة على تأمين جزء كبير من احتياجات القارة الأوروبية من الطاقة، عن طريق خط أنابيب غاز يصل إلى أوروبا مثل خط “ناباكو”، لكن معارضة الولايات المتحدة الأمريكية(وعبر المؤسسة الأمنية والرئاسية العميقة فيها، وعبر مفهوم الدولة العميقة – البلدربيرغ الامريكي جنين الحكومة الدولية)وإلى حد ما أوروبا الغربية، حرمت الجمهورية الإسلامية الإيرانية من التحول إلى قوة من نوع مختلف، من خلال تصدير الغاز، فتم التصعيد في الساحة السورية، وعبر حرب كونية بالوكالة، عبر بعض العرب، وبعض الساحات والدول الاخرى تجاوزاً وكرهاً، وتسعى طهران التي تستحوذ على حصة صغيرة من تجارة الغاز العالمية، من خلال خطة استراتيجية، تعنى بالتنمية الداخلية في الداخل الايراني، وان لجهة بعض ساحات مجالها الحيوي لرفع حصتها من هذه التجارة، رغم العقوبات الامريكية الاحادية على ايران، والتي من شأنها أن تعجّل وتعمّق أزمة اقتصادية عالمية عام2023 م، وبسبب تداعيات المواجهة الروسية الأطلسية، وبجانب الرفض الجمهوري، لرفع سقف الدين الأمريكي الى 33 ترليون دولار أمريكي، حتّى تستطيع واشنطن سداد ديونها، الاّ اذا وافق الحزب الديمقراطي، على خفض معدلات الانفاق.

وحيث كل دول العالم مديونة بأكثر من 320 تريليون دولار أمريكي، أي حجم الانتاج العالمي تقريباً ثلاث مرات – الان زاد أكثر، بسبب العملية الروسية الخاصة المشروعة في الداخل الاوكراني، والبنوك والمصارف قد تفقد السيولة في العام 2024 م اذا استمرت المواجهة الروسية الأطلسية، لذا صار الناس في المجتمعات الواعية والحريصة، يحتفظون ويتحصّلون على سيولة نقدية في منازلهم، تحوطاً للقادم من الكوارث، بسبب العصابات التي تحكم الولايات المتحدة الامريكية وخاصةً عصابات الطاقة التي تتقاسم الأرباح، فصارت واشنطن دي سي تنطلق من منطق القوّة لا قوّة المنطق.

بالرغم من الظروف السياسية والاقتصادية والعقوبات المفروضة على طهران، من قبل المجتمع الدولي(أعني به: بريطانيا وفرنسا وأمريكا والكيان الصهيوني)التي أدّت إلى عدم تمكن طهران من لعب دور بارز وخلّاق في سوق الغاز العالمي، إلا أن خط غاز الصداقة الذي سيصل إلى القارة الأوروبية العجوز، يمكن أن يضاعف من حصة ايران في التصدير، ونظراً لوجود تحديات وعقبات أمام “خط ناباكو” – تأمل طهران أن يصل خط الغاز الإيراني العراقي السوري، في المستقبل إلى اليونان وايطاليا.

الخشية والخوف من الدور التركي المتعاظم:-

في سياق أخر، بالرغم من أن لتركيا دور هام في ترانزيت الغاز إلى القارة الأوروبية، إلا أن الدول المنتجة(إيران)والمستهلكة للغاز(دول الاتحاد الأوروبي)تخشى من الدور المتعاظم لتركيا في الأسواق العالمية(نلحظ أنّ العلاقات التركية الايرانية من فوق السرير، تعاون عميق بوضعيات الكاماسوترا في فيلم الحب، بالمعنى العامودي والعرضي، ومن تحت السرير، صراع عميق وضرب من تحت الحزام)، في ضوء هذا تستطيع ايران التواجد بقوة في الأسواق الإقليمية والأوروبية، من خلال مد خط الأنابيب هذا، وبصرف النظر عن فائدته الاقتصادية، يحاول الإيرانيون زيادة نفوذهم السياسي.  

تعي طهران جيداً الظروف الأمنية في الغرب وسوريا، وتداعيات ذلك على العراق ولبنان والأردن والمنطقة ككل، لكن كخطوة أولى تفكر بتنفيذ سريع لخط الأنابيب ليصل إلى العراق، وعلاوةً على اتفاقية الغاز الأخيرة التي وقعت بين بغداد وطهران، فإن صادرات الطاقة الإيرانية إلى جانب التطورات الحاصلة، في خط أنابيب غاز ايراني آخر مع الباكستان، تزيد نوعاً ما من قوة وقدرة دبلوماسية الغاز الإيراني، مقابل المنافسين الإقليميين، كما تساهم في تحسين موقع ايران، في كسب أسواق غاز جديدة في المنطقة والعالم.

*العراق وأهدافه من هذا الخط الغازي:-          

وللجمهورية العراقية أهداف استراتيجية جمّة عبر هذا الخط الاستراتيجي، وكونه يحتل العراق المرتبة الثالثة عشر، بين الدول التي تعتبر منبع لاحتياطي الغاز في العالم، إلا أن هذه المنابع ما زالت إلى حد كبير دون استثمار، وخلال السنوات الأخيرة، خطت الحكومة العراقية خطوات في مجال انتاج وتصدير الغاز، عبر إجراء مناقصات لتسليم حقول الغاز إلى شركات دولية، ومع ذلك ما تزال تواجه أزمة مع تصاعد الطلب الداخلي على الغاز، كما تتطلع بغداد إلى قضايا أخرى كحقها في عبور الغاز الإيراني من خلال أراضيها إلى غرب آسيا حتى أوروبا، كما تتطلع في المستقبل للمنافسة مع تركيا للعب دور في ترانزيت الغاز وتصديره عن طريق هذا الخط، إلى غرب آسيا ومنها إلى أوروبا أيضاً، هذا وقد طبق برنامج حُدد مسبقاً، من المقرر في المرحلة الأولى، أن يتم تعميق وتشغيل خط أنابيب الصداقة، ليصل إلى العاصمة بغداد، وسيتحصل العراق على 30 الى 35 مليون متر مكعب من الغاز، وهي كمية   يمكن أن تؤمن جزء من احتياجات العراق، وخاصة احتياجات المحطات في هذا البلد. 

*سورية وأهدافها من هذا الخط:-

السوريون قياساً بالعراقيين، ليس لديهم كميات غاز مكتشفة مثيرة للاهتمام(ما يوجد في باطن الجغرافيا السورية من غاز ونفط وسيلكون يثير العالم كله)، لكنهم بالإضافة إلى تأمين احتياجاتهم من الغاز من خلال مشروع خط الأنابيب ذاك، يفكرون بنقل الغاز لاحقاً، وبعد أن تترسّم مسارات الحرب عليها، بالعبور إلى الأردن ولبنان وكذلك يفكرون بتصديره عبر موانئهم إلى جنوب أوروبا.

لكن مع ظهور تحديات أمنية، تركز دمشق على حضورها في هذا المشروع، لأنه في حال إحلال الاستقرار وتأمين الأمن في سوريا، سيكون لدمشق مشاكل حادة و متصاعدة مع تركيا، مما سيصعب أي شكل من أشكال تبادل الطاقة بين البلدين، لذا تنظر دمشق بجدية كبيرة لخط الغاز الإيراني العراقي السوري.

وعلى الرغم من أن العلاقات السياسية المتميزة بين ايران والعراق وسوريا، تستطيع أن تسّرع من إنهاء خط أنابيب الصداقة، لكن ما تزال هناك تحديات كبيرة متعددة تلقي بظلالها على هذا المشروع الاستراتيجي، وفي سياق أخر يجب بحث الشروط القانونية، ودراسة كيفية التنفيذ، وتأمين رأس المال اللازم للتمويل وقضايا أخرى، مثل الأمور المالية، وقيمة الترانزيت، وضمان تصدير النفط والغاز، وبالرغم من المسافة البعيدة، التي تفصل عن تنفيذ خط أنابيب غاز الـعشرين مليار دولار الإيراني العراقي السوري، إلا أن أهم تحدي يواجه هذا المشروع هو التعقيدات الأمنية في العراق، والمحافظات الغربية المضطربة، والمشكلات الأمنية على الحدود العراقية السورية، وعدم توضّح صورة الحرب الاممية على وفي سوريا، ومستقبل النظام والنسق السياسي فيها، بعبارة أخرى سيكون أهم تحدي أمام إنشاء خط أنابيب الصداقة، هو كيفية تأمين أمن هذا الخط، لذلك تسعى الأطراف الثالثة في صلب المؤامرة على سورية، وانعكاساتها في الحدث الاحتجاجي السياسي السوري، وكعنوان وهدف فرعي، لكنه على مستوى عالي من البعد الاقتصادي الاستراتيجي، الى التصعيد تلو التصعيد، وعبر سورية كساحة خصوم، الى افشال هذا المشروع الاستراتيجي – وهذا ما تسعى له أمريكا وبريطانيا وفرنسا واسرائيل.

*لرؤية ايران الغازية أفاق واسعة شاسعة:-

انّ لهذه الرؤية الفوق استراتيجية لإيران، أفاق واسعة وشاسعة ومفيدة حول مشروع هذا الخط، حيث يبدأ مشروع هذا الخط الغازي الاستراتيجي، من مدينة “عسلوية” في ايران ويعبر الأراضي العراقية، ليصل إلى سوريا، وهناك إمكانية ليصل إلى لبنان والبحر المتوسط، لينتهي في القارة الأوروبية، ويبلغ طوله وحسب ما نشر في وسائل الميديا الدولية تقريباً: أكثر من ستة وخمسين ألف كيلو متر، لكن بوجود التحديات الحالية وخاصة الأمنية، سيكون من الصعب التنبؤ بتنفيذ هذا المشروع بشكل كامل في مدة زمنية قصيرة، حالياً في المرحلة الأولى نظراً لنوع التعاون الإيراني العراقي في مجال الغاز سيجري مد خط الأنابيب ليصل إلى العراق، وليصل لاحقاً إلى سوريا، بعد توضّح مجرى الظروف الأمنية في سوريا وتحديد المستقبل السياسي فيها، لكن يجب الانتباه إلى أنه نظراً لقدرة استيعاب خط الأنابيب هذا(ينقل يومياً 110 مليون متر مكعب من الغاز)سيكون هناك إمكانية لزيادة الاستيعاب لتصدير الغاز إلى الدول الأخرى مثل: الأردن(مشكلته انّه مشلول بسبب اتفاقية وادي عربة، وعدم لعبه بالهوامش الممنوحة له من قبل الامريكي، وبالتالي عدم قدرته على تنويع خياراته)ومثل لبنان، المراد تفجيره من جديد، عبر مشاريع الأنجزه من خلال كهنتها وأدواتها، لنزع سلاح المقاومة، وسينخرط العراق أيضاً في تصدير غازه باستخدام هذا الخط(يعملون على تفجيره ومن جديد أيضاً، لشطب فوائد هذا الخط وغيره)، وفي حال إشاعة الاستقرار في سوريا يستطيع مشروع خط الأنابيب هذا أن يزيد من قدرة دبلوماسية الغاز الإيراني، في مواجهة المنافسين الإقليميين ومجارات الدوليين، بحيث ستكون الخطوة اللاحقة، جعل الأماني الإيرانية في تصدير الغاز إلى دول الاتحاد الأوربي حقيقة واقعية.  

*عنوان قناتي على اليوتيوب حيث البث أسبوعياً عبرها:

https://www.youtube.com/channel/UCq_0WD18Y5SH-HZywLfAy-A

[email protected]

هاتف منزل – عمّان : 5674111     

خلوي : 0795615721

سما الروسان في 14 – 5 – 2023 م.

 

قد يعجبك ايضا