الأردن … متعاطو مخدرات يروون مأساتهم بين التجربة والإدمان .. والمساعيد يوضح مراحل العلاج

الأربعاء 3/10/2018 م …
الأردن العربي – حنين الزيناتي –



* 300 دينار يوميا تكلفة علاج الادمان للشخص الواحد
* المساعيد: تجار ومروجو المخدرات يستهدفون الشباب بين 18 – 27 عاما
* بني يونس: المتعاطي مريض نفسيا
* مركز علاج الإدمان استقبل 1620 حالة منذ بداية العام

* رفاق السوء ابرز مسببات التعاطي والادمان
خلف اسوار شاهقة يقبع 92 مدمنا على المخدرات في مركز لعلاج الادمان يخضعون للعلاج تحت إشراف طبيب مختص للعلاج ويتلقون برامج تثقيفية ومهنية ورياضية لغايات تعديل سلوكهم.
بين ممرات وغرف المركز تشهد دموع امهات وآهات اباء يتلوعون حزنا وخوفا على ابناء قادهم رفاق السوء الى طريق المخدرات.
يحظى هؤلاء بزيارة ذويهم الذين يحضرون للاطمئنان عليهم وتجمعهم لحظات من الفرح الممزوج بالدموع وسط امهاتهم وابائهم واخوانهم.
يتلقى المريض العلاج مجانا وبسرية تامة مدة تترواح ما بين شهر الى شهرين وفق ما اكد رئيس المركز المقدم فواز المساعيد وبتكلفة يومية 300 دينارا.
المقدم المساعيد أكد في مقابلة لـ عمون أن المركز الذي تأسس عام 1993 كمركز دولي لتخفيف عبء المعاناة على المدمن واسرته، ولتطبيق المادة القانونية 23 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية لعام 2016 التي تنص على ان الشخص المدمن الذي يتقدم الى السلطات بطلب العلاج تسقط عنه دعوى الحق العام وهو غير مسؤول قانونيا.
عمون التقت عدد من متلقي العلاج في المركز والذين اجمعوا على ان رفاق السوء والانصياع وراء التجربة من أهم مسببات التعاطي والادمان، مشيرين الى ان التعاطي لا يفرق بين فئات المجتمع.
تجربة تعاطي مادة الحشيش:
(احمد) اسم مستعار لثلاثيني واحد نزلاء المركز اعترف ان رفاق السوء هم من حوله من طالب جامعي يدرس الطب خارج الاردن الى متعاط.
ويقول احمد ‘تعاطيت مادة المارجوانا من خلال اصدقائي بعد ان نصحوني بتعاطيها باعتبارها تمنح راحة نفسية الا انها اثرت سلبا علي جسدي وحالتي النفسية’.
وبعد عودتي للاردن لجأت للمركز للعلاج املا ان اعود الى نفسي واهلي، ناصحا الشباب بالابتعاد عن المخدرات ورفاق السوء.
وبحسب المساعيد يستقبل المركز جميع الجنسيات مجانا كخدمة يقدمها جهاز الامن العام وهو الوحيد في العالم الذي يتبع للامن العام، وهو ملاذ آمن لمن يتعاطى المخدرات نتيجة جهله بمضارها، او تجربة وحب فضول، وحتى لا يكون باب السجن هو الوحيد للمتعاطي تم فتح باب (المركز) كي يتعالج ويعود لدمجه مع المجتمع سليم العقل والجسم.
وتزايد الاقبال على العلاج في المركز العام الحالي اذ استقبل منذ بداية العام 1620 حالة، بينما استقبل 1426 حالة عام 2016 و(1321 حالة) عام 2017.
وكشف المساعيد عن تزايد تعاطي مادة الجوكر المخدرة، لافتا الى ان الجوكر عرف في الاردن منذ عام 2002 الا انه اخذ بالانتشار بين فئات الشباب عام 2015 لرخص ثمنه، رغم انها مادة سامة سريعة الادمان وتؤثر على عقل المتعاطي.

تجربة تعاطي مادة الجوكر:
علي (اسم مستعار) لشاب عمره 21 عاما، ابدى ندمه بعد تعاطيه الجوكر مدة ثلاث سنوات وقال ‘المخدرات ابعدتني عن امي وابي وحولتني من منتج وعامل الى مدين بشكل دائم للعديد من الاشخاص، اذ كان همي الوحيد تأمين ثمن المادة المخدرة، حتى وانا اتعاطى كنت افكر في ثمن الجرعة الي تليها’.
ويضيف علي ‘اصدقائي عرضوا علي تناول الجوكر فرفضت في البداية وامام الحاحهم واصرارهم على تجربتها انصعت لاهوائهم وجربتها لاول مرة وكانت هذه بداية مرحلة مأساوية في حياتي، اذ اصبحت اتعاطى يوميا المادة ولم اعد اقوى على عدم تعاطيها’.
الجوكر مادة سامة وخطيرة لكنني مع الاسف لم اعي ذلك الا بعد تعاطيها لسنوات، عندما قررت اللجوء لابي لينقذني ويأتي بي الى المركز للعلاج.
المقدم المساعيد بين لـ عمون ان الاردن من اوائل الدول التي ادرجت الجوكر كمادة مخدرة على درجة من الخطورة، ومع ذلك فان اغلب حالات الادمان بسبب هذه المادة ويليها الحشيش والكبتاجون وجميعها يؤدي الى ضعف الخلايا الدماغية والعصبية، والضعف الجنسي، واصابة المتعاطي بحالة من الذهال، وكثير من الحالات تم تحويلها لمستشفى الامراض النفسية.
واشار المساعيد الى ان فئة الشباب الذين تترواح اعمارهم ما بين 18- 27 الاكثر استهدافا من قبل تجار ومروجي المخدرات، لافتا الى ان غالبية حالات التعاطي سببها ضعف الوازع الديني ورفاق السوء، اضافة الى الوضع الاسري فبعض الامهات تميز بين ابن واخر، مشددا على اهمية دور الامهات في تلمس حاجاتهم وتنشئتهم تنشئة سليمة.
تجربة تعاطي حبوب الكبتاجون:
مصطفى (اسم مستعار) لمتعاط أخر أكد لـ عمون أنه نادم، وقال ‘رفيق السوء هو الاكثر ضررا في حياة الشخص’.
واضاف (مصطفى) ‘رفاق السوء هم من دفعني الى تجربتي مع تعاطي مادة الكبتاجون مدة 8 شهور بعد ان اقنعوني انها تنشط الدورة الدموية رغم انها مادة سامة وهي دمار للجسد والصحة والنفس’.
وتابع ‘كنت اغرق دون ان اشعر وهم من حولوني الى متعاطي للمخدرات’.
المخدرات كانت السبب في فقداني شهيتي عن الطعام وعدم القدرة على النوم، ولم اشعر بذلك الا بعد اشهر.
العلاج:
وتحدث المساعيد عن الالية التي ينتهجها المركز في علاج المدمنين والتي تمر بثلاثة مراحل الاولى بازالة السمية والتي يشعر خلالها المتعاطي بالتعب والصداع والم في المفاصل جراء انقطاع المادة المخدرة، ويتم صرف ادوية في البداية للسيطرة على الحاله بسهولة.
اما المرحلة الثانية فهي إعادة تأهيل الحالة وتعد من اصعب المراحل وتدخل في اكثر من مرحلة اولها الجانب الديني لتقوية النوازع الدينية عند الشباب لانه بفتره التعاطي يكون الشاب بعيدا عن الدين والاهل وصلة الارحام، ومن ثم الجانب الاجتماعي ويكشف فيها السبب الرئيسي الذي دفعه للتعاطي وهناك جوانب اخرى منها الرياضي، والثقافي، فضلا عن تعليمهم بعض المهن التي يستطيع العمل بها اثناء وجوده في المركز وهي الخياطة ومشغل الصلصال.
والمرحلة الثالثة من خلالها يطلب من الحالة مراجعة المركز اسبوعيا ليخضع للفحص المخبري وللارشاد لمنع حدوث انتكاسة مرة اخرى.
ونوه المساعيد الى تعاطي بعض الصيادلة لانواع من الادوية التي تعتبر من انواع المخدرات وقال ان بعضهم يصرف ادوية تعد من انواع المخدرات دون وصفه طبية وبعض الاطباء يقوم بكتابة وصفة طبية دون حاجة المريض لذلك.

احصائيات:
واظهرت احصائيات ادارة المعلومات الجنائية ارتفاع جرائم المخدرات خلال الاعوام الخمسة الماضية اذ بلغت اعداد الجرائم عام 2013 (6113 جريمة) ارتفعت الى 10592 جريمة وواصلت ارتفاعها عام 2015 الى 11062 جريمة بينما بلغت عام 2016 (13621 جريمة) وارتفعت في العام الماضي الى 13950 جريمة.
ونظرت محكمة امن الدولة منذ بدية العام الحالي حتى آب الماضي 11143 قضية، وتوقعت مصادر في محكمة امن الدولة ان ترتفع الاعداد مع نهاية العام لما يزيد عن 15 الف قضية.
علم الاجتماع:
من جهتها اكدت اخصائية علم الاجتماع في الجامعة الاردنية الدكتورة ميساء الرواشدة ان المخدرات كظاهرة خطيرة على المجتمع تؤدي الى هدر طاقات الشباب فضلا عن اثرها الاقتصادي على المتعاطي واسرته وقد تحوله الى مروج.
وقالت د.الرواشدة ان محاربة المخدرات ليس بالانظمة والقوانين بل بالتنشئة الاجتماعية والتربية والمراقبة والتعاون بين المجتمعات والاسرة.
واشارت الى ضرورة دعم وتعاطف واحتواء المتعاطين بسبب النظرة السلبية التي تسبب وصمة عار لهم مما يشعره برفضه مجتمعيا.
وحملت الرواشدة الدولة مسؤولية استثمار طاقات الشباب.
علم النفس:
واعتبر استاذ علم النفس الفيسيولوجي الدكتور محمد بني يونس المتعاطي مريض نفسي، اذ انه يلجأ اليه للهروب من مواجهة مشاكله، مشددا على حاجته للعلاج لتقديم الدعم النفسي جراء النظرة السلبية التي يعانيها من المجتمع.
ودعا بني يونس الشباب لمواجهة المشكلات وحلها وطلب المساعدة من الاهل وذوي الخبرة بدلا من الاقبال على المخدرات كحل لمشاكلهم.

 

 

قد يعجبك ايضا