ماذا تعني استقالة الحريري من الرياض .. وما تداعياتها اللاحقة ؟

الثلاثاء 7/11/2017 م …




محمد شريف الجيوسي

تذكر استقالة الحريري بزعماء وملوك أضطروا لمغادرة مناصبهم (إختياراً) او قسرا ،وانتهى مستقبلهم السياسي بمغادرتها أو نكل بهم بعد مغادرتها، أذكرعلى سبيل المثال لا الحصر، الرئيس التونسي زين الدين بن علي الذي غادر كرسيه وهو (لا يعلم) تماماً أنه لن يعود إليه.. والرئيس الأوكراني فيكتور بانوكوفيتش الذي فر بجلده.. أو رئيس وزراء سورية الفار د. رياض حجاب الذي هرب بلباس إمرأة وبقي الطيران الأمريكي يبحث عنه لوقت غير يسير لضمان تهريبه سالماً، فيما كان أمير قطر يوقظ الرئيس الأمريكي أوباما من نومه مبلّغاً مباركاً !؟ انه تم (تحرير سورية ) من السوريين.

وممن غادروا الحكم مضطرين شاه ايران محمد رضا بهلوي ؛ صديق أمريكا وهراوة الخليج ؛ الذي لبى نصيحة أمريكية بمغادرة طهران (مؤقتاً) فإذا به لا يجد دولة تستضيفه سوى مصر في عهد السادات .

وحسني مبارك اضطر لمغادرة موقعه تحت ضغط الشارع المصري، وواشنطن الذي رأت أنه بات عبئاً على ربيعها في المنطقة العربية وما توصلت إليه من اتفاقات مع الإخونيين .

والملك فاروق الذي عزلته حركة الضباط الأحرار البيضاء في مصر وثورة 23 يوليو ، على أن يولَّى ابنه عند بلوغه السن القانونية فلا عاد هو ولا وُلّي ابنه .

واضطر الرئيس الأمريكي إلى الإستقالة تحت ضغط فضيحة ووترغيت ومن بعد نائبه ، ليتولى فورد الذي عين نائبا لنائب للرئيس ؛ منصب الرئاسة بعد استقالتهما على التوالي .

وهناك آخرين مثلهم .. ما يعني أن سعد الحريري الذي تخلى عن منصبه الرئاسي ( طوعاً وكرها) لن يعود إليه يوماً بخاصة انه قدم الإستقالة من بلد ليس صديقاً لقوى لبنانية نافذة بالمعنيين السياسي والطائفي، مشكلاً بذلك إهانة قصوى للبنان ، من أن رئيس حكومته لا يملك من امره شيئاً ،بخاصة بعد أن بدا الحريري ( الثاني ) على وشك أن يخطو خطوات أكثر استقلالية تجاه قضايا المنطقة وما تفرضه التطورات الحاصلة على الأرض، حيث التقى مستشار المرشد الإيراني في بيروت علي أكبر ولايتي ؛ الذي قال بعد اللقاء أن بلاده تدعم وتحمي لبنان وقوته وحكومته ، وقبل ذلك بأيام وقّع مع رئيس الجمهورية العماد عون قراراً بتعيين سفير للبنان في سورية بعد سنوات من قطيعة .

إن إستقالة الحريري ( المفاجئة ) تضع بين احتمالاتها أنه كان على علاقات طيبة وتجارة ، مع من باتوا ليسوا على علاقة جيدة مع القيادة السعودية الراهنة، وقد اتهموا بالفساد وتبييض الأموال والرشى وغير ذلك، وإن صح هذا الاحتمال، فهذا يعني أن الحريري الثاني بات أسيراً ممنوعاً من مغادرة السعودية وهو ما قد يفسر إستقالته من الرياض وليس من بيروت، وبعد ما أشرنا إليه من تطورات .

ومهما يكن من أمر الإستقالة وخلفياتها،فإنها ستضع لبنان على صفيح صراعات ساخنة مجدداً، وهذا يعني أن أمريكا ومعسكرها الإقليمي تريد تمديد امد الحرب في سورية والعراق،وإعادة ترتيب أوراق الهزيمة، والتقليل من حجم ونوعية خسائرها وتحقيق مكاسب، قبل فتح جبهتيْ صراعٍ جديدتين في مينامار وأمريكا الجنوبية.. وبدء تنفيذ ما أطلق عليه صفقة القرن من جيبوتي حتى قطر.. وضمان مزيد من الإشتعال في وسط إفريقيا في حرب تختلط فيها الطائفية المذهبية المقيتة باحتكارات الماس الصهيونية وبالأطماع الأمريكية الغربية .

وستضمن جبهات الصراع الجديدة عدم تحول أفراد العصابات الإرهابية إلى الولايات المتحدة واوروبا الغربية والكيان الصهيوني ودول تابعة، فيما َستُشغلُ دول منافسة في صراعات إقليمية مجاورة، كونها أسهمت في تخريب المشاريع الإمبريالية في العالم كروسيا والصين وكوريا الديمقراطية وإيران وفنزويلا.. كما أسهمت في إسقاط ربيع أمريكا الغربي الصهيوني الرجعي.

وتريد أمريكا وتابعيها بفتح جبهات صراع جديدة ، تعويض خسائرها من خلال مشروع صفقة القرن الذي بدأت تفاصيله تظهر للعيان، وسيعمل فيه تابعون متخاصمون فيما بينهم ولكن لكلٍ دوره سينفذه بإتقان وتفان!؟ وهو مشروع يهدف فيما يهدف دمل القضية الفلسطينية.

الحريري الثاني الذي قال أنه مستهدف بالقتل، ليس مستهدفاً من محور المقاومة فهو محور أذكى وأشد قوة من أن يلجأ إلى أساليب دنيئة ورخيصة، والحريري أدنى من أن يكون هدفاً لا للقتل ولا لسواه ،فهو مجرد بيدق لا يملك من أمره شيئاً واستمراره حياً أو ميتا لن يغير من موازين لبنان والمنطقة شيئاً، لكن من سيستهدفه بالإسقاط أو الإغتيال السياسي أو المعنوي أو الإفلاس التجاري والمالي أو التصفية الجسدية ، من هو محسوب عليهم من حلفاء في الداخل أو متبوعين في الخارج، لغايات من ضمنها استخدامه كورقة ابتزاز واتهام لتيار المقاومة أو حلفاءها، وقد سبق ان ضحوا بوالده ( يرحمه الله ) في حربِ خلطِ الأوراق وابتزاز سورية والمقاومة فيما تحالفوا مع قتلة المرحوم رشيد كرامي، وهو ما كشف عنه السناتور الأمريكي تشاك غراسلي ممثل ولاية ايوا رئيس المجلس القضائي في مجلس الشيوخ الأمريكي في مقابلة مع مجلة بولوتيكو،عن أن إسرائيل هي من قتلت الحريري بمساعدة سعودية ، لكن الحريري الثاني لا يريد أن يسمع الحقيقة او أنه أصبح عاجزا عن سماعها .

بكلمات، استقالة الحريري صفحة جديدة صعبة بغض النظرعن أهمية شخص الحريري أو عدم أهميته ، ذلك انه سيستخدم كورقة بشكل قذر ومعيق لكل ما هو إيجابي في المنطقة ، وقد يأتي الوقت لأن يكشف الحريري نفسه إن أبقوه حيّا عن دوره (الشريف) في المسرحية الجديدة ، وسابقاتها، كما سبق وان اعلن نائب رئيس الوزراء؛ وزير خارجية قطر الأسبق عن دور (بلاده ) ومن كانت معهم في المؤامرة الكونية على سورية .

[email protected]

قد يعجبك ايضا