مصير الإمبرطورية الأمريكية إلى الزوال / د. غازي حسين

  د. غازي حسين ( فلسطين ) الأحد 15/10/2017 م …




أعلنت الأمم المتحدة عام 1961 انتهاء الاستعمار الأوروبي لبلدان آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية. وتركت الدول الأوروبية وعلى رأسها بريطانيا تركيبات جغرافية وديمغرافية حدودية وقبلية وعشائرية وعرقية لتوليد الصراعات والنزاعات والحروب الأهلية كي تتدخل في شؤون هذه الدول الداخلية في المستقبل لاستغلال ثرواتها الطبيعية وإضعاف مقاومتها للتدخل الخارجي والحيلولة دون تطورها.

ولعبت الحدود التي رسمتها دوراً أساسياً في الصراعات بين الدول المستقلة وداخلها تستغلها الدول الأوروبية والولايات المتحدة والصهوينية العالمية  للتدخل فيها مجدداً بما فيها النزاع بين قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة أخرى.

ونصَّبت حكاماً محليين لا يمثلون شعوبهم وإنما لضمان ولائهم لانتماءاتهم الطائفية والعرقية و لخدمة الاستراتيجيات والمصالح الغربية.

وتبلور الوضع العالمي بعد القضاء على النازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا والعسكرية اليابانية ببروز المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي والمعسكر الغربي الرأسمالي بزعامة الولايات المتحدة وحلف الناتو وتأسيس حلف وارسو كرد فعل على إقامة حلف الناتو وتدخلاته العسكرية في معظم بلدان العالم.

وطرح الرئيس إيزنهاور في عام 1957 نظرية الفراغ بعد حرب السويس العدوانية التي أشعلتها إسرائيل بالتنسيق والتعاون الكاملين مع بريطانيا وفرنسا الاستعماريتين لتثبيت إسرائيل في قلب الوطن العربي وعودة الاستعمار إلى مصر والمحافظة عليه في الجزائر ، وذلك لحلول أمريكا محل الاستعمارين البريطاني والفرنسي في بلدان الشرق الأوسط.

انتهت الحرب الباردة بانهيار الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي، ولكنها لم تقض على التنافس بين الدول الاستعمارية للحصول على مصادر الثروات الطبيعية في البلدان النامية وفي طليعتها النفط والغاز والأسواق الاستهلاكية في البلدان العربية والاسلامية وامريكا اللاتينية

وشنت إسرائيل مجدداً حرب حزيران العدوانية عام 1967 لتحقيق الاستعمار الاستيطاني اليهودي في فلسطين والانتقال منه إلى الإمبريالية الإسرائيلية في البلدان العربية لإقامة إسرائيل العظمى الاقتصادية من النيل إلى الفرات من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد والتحالف مع السعودية وبقية دول الخليج ضد إيران ولإشعال الحروب الطائفية والعرقية مئة عام على غرار الحروب بين الكاثوليك والبروتستانت التي دامت في أوروبا مئتي عام لتفتيت وتقسيم بلدان الشرق الأوسط وإعادة تركيبها للهيمنة عليها وتخليد وجود اسرائيل وجعلها المركز والقائد والحكم للدويلات الطائفية والعرقية .

قامت الطائرات الإسرائيلية بدعم أمريكي في الخامس من حزيران بمهاجمة المطارات المصرية وتدمير الطائرات وهي جاثمة على الأرض. وزعمت إسرائيل والإعلام الأوروبي والامريكي. أن مصر هاجمت إسرائيل كعادة اليهود بالكذب وهي ترد العدوان العربي عليها دفاعاً عن المساكين اليهود. ثم تحولت القوات الإسرائيلية المعتدية في السابع من حزيران واحتلت القدس وبقية الضفة الغربية. وهاجمت سورية واحتلت القنيطرة والجولان.

وتمكنت إسرائيل خلال ستة أيام من صناعة شرق أوسط جديد وإخضاع معظم الدول العربية وكسر إرادتها. وكان قادتها يعرفون أن جمال عبد الناصر كان يدرك أن الحرب مع إسرائيل آنذاك هزيمة مؤكدة، كما تعرف إسرائيل تفوق جيشها وعدم قدرة الجيوش العربية على الحرب معها والتأييد الأمريكي والأوروبي غير المحدود لحروبها العدوانية مع الدول العربية. وكان القائد العربي جمال عبد الناصر قد أكد في القمة العربية بالاسكندرية ذلك قائلاً: «لا نستطيع استخدام القوة اليوم. إنني أقودكم إلى كارثة إذا ادعيت بأنني سأحارب في وقت أنا عاجز عن خوض الحرب. لن أقود بلدي إلى كارثة ولن أقامر بمصيرها)

لذلك شن العدو الإسرائيلي بالتواطؤ مع الولايات المتحدة واستجابة للطلب السعودي من واشنطن القيام بحرب حزيران العدوانية واتهمت مصر ببدء الحرب وزعمت أنها في حالة الدفاع المشروع عن النفس.

وكان القائد جمال عبد الناصر يريد الخروج من اليمن وتجنب الحرب مع إسرائيل لأن جيشه كان غارقاً في اليمن فحرب اليمن كانت لا تزال مستمرة ولم يفكر القادة العرب بمهاجمة إسرائيل لضعف جيوشهم وعدم استعدادها. وبالتالي لم تتشكل جبهة عربية موحدة لمواجهة العدو الإسرائيلي. وجاءت الحرب بناءً على طلب الملك السعودي من الرئيس ليندون جوتسون بالإيعاز لإسرائيل لشن الحرب لتخفيف الضغط العسكري المصري على السعودية في اليمن ولإضعاف عبد الناصر وإحراجه وتوجيه ضربة عسكرية مؤلمة له تماماً كما طالبت السعودية من إدارة أوباما شن الحرب الأمريكية على سورية واستعدادها لدفع الفاتورة التي تقدمها واشنطن مهما كان ثمنها الا ان الرئيس اوباما رفض الطلب السعودي بشن الحرب على سوريا

تميّزت فترة بوش الابن بتدخل كبير في قضية فلسطين وبقية البلدان العربية حيث كثرت الحروب والفوضى «الخلاقة» في أفغانستان والصومال وفلسطين والعراق.

ويعمل المتصهين ترامب على التسلل داخل المنطقة لحل أزمات أمريكا الاقتصادية وخدمة المصالح الإسرائيلية والهيمنة على النفط والغاز والأسواق وزيادة القواعد العسكرية في بلدان الخليج وتكوين أحلاف جديدة على أسس طائفية ومذهبية وعرقية وأضعاف حركات المقاومة وإيران وتصفية قضية فلسطين بتمرير الحل الصهويني للقضية بمساعدة دول الخليج العربية .

ونجح ترامب في تعزيز العلاقة مع أتباع أمريكا في الخليج وتبني موقف الاستعماري والفاشي والكذاب نتنياهو لفرض الحل الإسرائيلي لقضية فلسطين بمساعدة السعودية والإمارات العربية. وأثبت ترامب يوماً بعد يوم انحيازه الحقير لإسرائيل. فأكدت جيروزاليم بوست في استطلاع الرأي في بداية تموز 2017 «أن الإسرائيليين مسرورون منه وراضون عنه ويثبت لهم يوماً بعد يوم انحيازه لهم» ويسود رضى شعبي وحكومي في إسرائيل عنه وعن طاقمة اليهودي المتزمت لتمرير التسوية الأمريكية لقضية فلسطين.

ثبت بجلاء لجميع الشعوب في العالم منذ اغتصاب المستوطنين الأوروبيين أراضي الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين وأصحابها الشرعيين واغتصاب أراضي تكساس وكاليفورنيا من المكسيك واستعباد مواطنيها السود وتدمير المدن الألمانية ومنها برلين ودرسدن ونورنبيرغ وإلقاء قنبلتين نوويتين على نيكازاكا وهيروشيما بعد استسلام ألمانيا النازية والحرب الصليبية التي شنها مجرم الحرب بوش بسلسلة من الأكاذيب التي زوّده بها الموساد وقادة إسرائيل ودعمها يهود إدارته على أفغانستان والعراق وسورية والانحياز الأمريكي الوحشي والهمجي لإسرائيل ودعم حروبها العدوانية واحتلالها لفلسطين والأراضي السورية واللبنانية، داخل مجلس الأمن وخارجه أن الإمبريالية الأمريكية التي تقود البلدان الغربية وتقودها الصهيونية العالمية تشكل أفظع الكوارث والمصائب والنكبات على كوكب الأرض لجميع الشعوب والحكومات في العالم.

أثبت تاريخ البشرية وكبار المؤرخين والمفكرين ومنهم بن خلدون والفيلسوف البريطاني ارنولدتوينبي  أن الإمبراطوريات كالبشر تنمو وتشب ثم تشيخ وتنهار وتزول ومصير الإمبريالية الأمريكية والإمبراطورية التي تقيمها حالياً إلى الزوال والانكفاء داخل الولايات المتحدة الأميركية

قد يعجبك ايضا