جميع قادة جيش الاحتلال منذ النكبة الفلسطينيّة في العام 1948 وحتى اليوم ارتكبوا أفظع الجرائم بحقّ العرب والفلسطينيين، فرئيس جهاز الشاباك الاسرائيليّ الاسبق والقيادي في حزب العمل عامي ايالون اعترف بارتكابه جرائم قتل بحق مواطنين عرب، وأقّر ايالون بأنّه قتل اكثر ممّا قتل نشطاء حماس يهودًا، وفي كتابه الجديد (نيران صديقة) يكشِف أيالون عن جرائم جديدةٍ وأعمالٍ يندى لها الجبين قام بها رئيس هيئة الأركان العامّة في جيش الاحتلال خلال حرب لبنان الأولى 1981، رفائيل إيتان، المعروف أيضًا بلقب جزّار صبرا وشاتيلا، لمُشاركته بتنفيذ المجزرة في أيلول (سبتمبر) من العام 1982.

 وزعم ايالون بأنّه كان طوال 38 عامًا جزءًا من جهاز الامن الاسرائيلي، وقتل عربًا كما سقط رفاقه قتلى من حوله، ولذلك فإنّه من ناحيته إذا قتل أحد اشخاصًا من ابناء شعبه فهذا ليس سببًا لعدم التفاوض معه لكني لن افاوض من يقولون إنّهم سيواصلون اعمال القتل على حد قوله.

 يشار إلى أنّ ايالون الذي صاغ وثيقة سياسية مع رئيس جامعة القدس الفلسطينية البروفيسور سري نسيبة وعرفت باسم “وثيقة ايالون – نسيبة” لإحلال السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وللتدليل على عمق الأزمات الداخليّة في منظومة الحكم بإسرائيل، أشار المحلل للشؤون الأمنيّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، أمير أورن، إلى كتاب أصدره مؤخرًا رئيس (الشاباك) الأسبق، أيالون، (نيران صديقة)، والذي تناول فيه فيما تناول تأثير طبع الحكام السياسيين على علاقاته مع المستوى المهنيّ مثل (الشاباك)، وأورد أيالون نماذج من مواجهاته مع نتنياهو عندما كان الأخير رئيسًا للوزراء بين الأعوام 1996-1999 حيثُ طلب رئيس الوزراء من رئيس (الشاباك) أنْ يُعّد وثيقة رسمية تؤكّد أنّ المُستوطنات الإسرائيليّة في الضفّة الغربيّة المُحتلّة “مُهّمة جدًا لأمن إسرائيل”، ولكنّ أيالون، كما يُشير في كتابه، رفض تلبية طلب نتنياهو وقال له إنّ “القرار بإقامة المستوطنات هو سياسيّ، وأنّ (الشاباك) لا يؤمن بأنّ المُستوطنات تُحافِظ على أمن إسرائيل، بلْ  تُشجّع أعمال العنف”، وترك غرفة الاجتماعات احتجاجًا لرفضه إقحام الشاباك في قضايا سياسيّة، وفق ما جاء في كتابه.

 المحلل أكّد في استعراضه للكتاب أنّه خلال حرب لبنان الأولى عام 1982 قام رئيس هيئة الأركان العامّة، رفائيل إيتان، بتضليل رئيس الوزراء مناحيم بيغن، والقيام بأعمالٍ يندى لها الجبين، بما في ذلك دعم (الجبهة لتحرير لبنان من الأجانب) التي نفذّت أعمال قتلٍ بحقّ المدنيين الفلسطينيين.

 وأضاف: “الآن يتبيّن من كتاب أيالون الجديد، الرجل الذي كان آنذاك رجل الظلال، أنّه بسبب معارضة عددٍ من قادة الجيش، بمن فيهم أيالون نفسه، الذي كان قائد الوحدة النخبويّة (سريّة 13) بجيش الاحتلال، تمّ منع وزير قائد الأركان إيتان من ارتكاب جرائم حربٍ، ولو تمّ الكشف عن هذا الأمر في حينه، لكانت إسرائيل لم تخُضْ من الأساس حرب لبنان الأولى على جميع المآسي التي تسببت بها للكيان”.

 

ويكشف أيالون في كتابه عن أنّ رئيس الأركان إيتان بادر لعملية تصفية قادة حركة (فتح) في منطقة صور، وقتل المدنيين، وألقى المهمة على (سرية13) لتنفيذها، وبسبب معارضة أيالون لقتل المدنيين، اندلع بين الاثنين نقاشًا حادًا، وجاء في الكتاب على لسان أيالون: “إيتان واصل إصراره على قتل المدنيين الفلسطينيين، وأكثر ما أثار حفيظتي كانت نبرة السخرية خلال حديث إيتان، وكأنّنا نتكلّم عن إبادة حشراتٍ. إيتان لم يعرِف التفريق بين عملية عسكريّةٍ محددة وبين مجزرة ضدّ المدنيين العُزّل، عندها قلت له (أيّها القائد إذا كانت رغبتك هي أنْ يموتوا جميعًا، فأنتَ لست بحاجةٍ إلينا، قُمْ بإرسال سلاح الجوّ لإلقاء قنبلةٍ بزنة طُنٍّ عليهم)”.

 المُحلّل أورن أشار إلى أنّ الجنرال إيتان، المُتعطّش للدماء، بقي في قيادة الأركان لمدة خمس سنواتٍ، وهو أحد أخطر القادة الذي وصف العرب بالصراصير داخل الزجاجات وشارك بشكلٍ فعّالٍ جدًا في مجزرة صبرا وشاتيلا، وانتقل بعد ذلك إلى السياسة وتمّ تعيينه وزيرًا في حكومة يتسحاق شامير وبعد ذلك في حكومة نتنياهو الأولى، وأضاف: “الجيش الإسرائيليّ يُرّبي الجنود والضباط على الإعجاب بالضابط إيتان، ولكن لا توجد أيّ كلمةٍ عن الجرائم التي ارتكبها، والتي يكشِف عنها أيالون في كتابه الجديد”، على حدّ تعبيره.

 من المُفيد الإشارة إلى أنّه بعد مرور 40 عامًا على العدوان الإسرائيليّ ضدّ منظمة التحرير الفلسطينيّة في لبنان، ما زال المخفي أعظم في كلّ ما يتعلّق بالجرائم التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيليّ، الذي بقي محتلاً لجنوب لبنان حتى أيّار (مايو) من العام 2000، عندما تمكّن حزب الله من كنسه وإعادته هربًا إلى داخل ما يُطلَق عليه الخّط الأخضر.