من “اليوم إيران وغداً فلسطين” الى “والله ما انتو مطوّلين” .. من “الامام الخميني” الى “المقدسية الشريفة”! / ديانا فاخوري




ديانا فاخوري ( الأردن ) – الخميس 28/4/2022 م …
قالها الامام الخميني لحظة شٓرُف مطار طهران بعودته، ورمتها المقدسية الشريفة بوجوه جنود الاحتلال على أبواب المسجد الأقصى يوم منعوها من الصلاة في رحابه .. أعلن الامام الخميني  للقدس جمعة ليصبح لفلسطين “عزوة” وسيف مسلول بصبر استراتيجي .. قالها الامام فعلا فخٓلٓعت طهران النجمة السداسية لتٓرفٓع محلها العلم الفلسطيني .. ورمتها المناضلة المقدسية صرخةً معززةً بسيفٍ اصدقُ إنباءً من كتب التطبيع وهدايا “اليهود المساكين” لتتصدر مشهد المقاومة ..
“والله ما انتو مطوّلين” تدفع بالصهاينة وأذنابهم لاستعادة مكمن مأزقهم الوجودي وموعد مٓهْلِكِهِم فيهرعوا بكل هلع وارتياع للنص التوراتي من سفر إشعياء النبي: “ولولي ايتها الأبواب، اصرخي أيتها المدينة” .. فمن آيات الله ورجاله في الميدان – من دمشق ولبنان الى القدس وغزة ويافا – ان تولول الأبواب  وتصرخ المدينة: انه المأزق الوجودي ذاته من أينشتاين الى نتنياهو الى عامي أيالون مثلا (ضع عشرات الخطوط تحت كلمة “مثلاً” – أضف جدعون ليفي، يوڤال ديسكين، مئير دوغان، أمنون ابراموڤيتش، افراييم هليفي، كارمي غيلو، روني دانييل، بيتي موريس – مثلاً أيضاً)، كما بيّنتُ في عدد من مقالاتي السابقة. ثم ماذا عن إفيغدور ليبرمان الذي يُصر على طرح السؤال: إذا كان هذا هو حالنا في مُواجهة “حركة حماس” فكيف سنستطيع خوض حرب ضدّ إيران و”حزب الله”؟! وكنت قد تطرقت في مقالاتٍ سابقة الى مخاوف آباء الكيان المحتل الثلاثة (حاييم وايزمن وناحوم غولدمان وديفيد بن غوريون)، وكيف وثّق غولدمان – في كتابه “المفارقة اليهودية” – تفاصيل لقاء “البوح السري/المكتوم والخطير” مع بن غوريون في منزل الأخير سنة 1956.
 ولطالما تساءلت وأكرر التساؤل  هل كان قايين ليقتل هابيل لو تعلم حياكة السجاد العجمي, و خبر ليالي الأنس في فيينا (التي أثمرت انتصارآ نوويآ ايرانيآ)، وآمن أن الناس اثنان: أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق .. أما حاكة السجاد العجمي و لاعبو الشطرنج فهم من توج العشق بين التاريخ و الآيدولوجيا بزواج أثمر اللحظة التكنولوجية النووية .. هم الشعب الأول وهم بناة الحضارة الأولى في التاريخ منذ حوالي 9 آلاف سنة .. هل تذكرون كيف خاطب وزير خارجية بريطانيا، منذ نيف و10 سنوات، الايرانيين بصلف وتكبر مؤكدآ أنهم لن يسمحوا لهم باستخدام جهاز طرد مركزي واحد تماماً كما فعل ترامب بالأمس! أما اليوم فتملك ايران، وباعتراف العالم، آلاف أجهزة الطرد المركزي .. وفي اليوم الذي أقرت به ايران الاتفاق النووي، أعلنت عن تجربة “عماد” الذي يبلغ مداه 1750كلم تأكيدآ لحفاظها على البرنامج الصاروخي الذي أرادت أمريكا منع ايران من امتلاكه .. والى القدرات الصاروخية الباليستية وغيرها التي تستمر ايران في الكشف عنها حتى بعد توقيع اتفاقها النووي مع الغرب، فانها باتت – حسب تقرير طومسون رويترز – في المركز 17 عالميآ في انتاج العلوم منذ عام 2013. وقد أنتجت 2925 مقالآ علميآ متخصصآ وازداد انتاجها العلمي 20 ضعفآ منذ عام 1996. كما أنفقت 3.6 مليار دولار فقط عام 2011 على البحث العلمي. وهي تنتج سنويآ نحو 40 الف كتاب وتطبع حوالي 250 مليون نسخة، ناهيك عن الأقمار الصناعية وتكنولوجيا النانو وانتاج السيارات (نحو مليون سيارة حتى وقف الحصار ) .. وها هي تدخل عصر القنبلة الاقتصادية وسوق الذهب الأسود والأسواق العالمية .. قلناها سابقآ، أيآ كانت السيناريوهات، أن الاتفاق النووي مع ايران – ودخولها عصر القنبلة الاقتصادية و سوق الذهب الأسود والأسواق العالمية عامة – يأتي ضمن السياق الأمريكي الصيني حيث تقود الصين الهجمة الاقتصادية الى جانب المنافسة السياسية والعسكرية المتنامية التي يخوضها بوتين ورفاقه رفضآ للتفرد الأمريكي يردفها تكتل البريكس في تصديه للاحتكارات الأمريكية وهيمنتها على الأسواق والأسعار والثروات!
يريدون لنا أن نلاقي دينيس روس بكل حمولته اليهودية، و جاريد كوشنر و صحبه مبعوثي هيرتزل الی المنطقة .. يدعوننا الی عدم القلق من “الشقيقة اسرائيل” .. ويرون أنه يحق لنا أن نقلق من ايران صاحبة البعد الاري الذي يتقاطع مع البعد الاري في الشخصية الجرمانية ويشيرون الی أن الصليب المعقوف مستوحی من شعار ايراني قديم متصل بطائر الهوما .. ثم يستفيضون بتحذيرنا من ظهور “هتلر الايراني” الذي سيغزو الشرق الأوسط بعربه ويهوده! من هنا تمخضت عبقريتهم البراجماتية عن ضرورة التحالف بين العرب وأشقائهم اليهود ضد الأعداء الغزاة الايرانيين، الفرس، المجوس، الصفوبين، الرافضة والعجم .. ولتسقط او تُذبح أو تُشتت منظومة المقاومة والممانعة!
لا تخرجوا من النور الى الظلمات .. ولا تلعبوا بين يدي برنارد لويس لتشظية وتفتيت المقسم .. وتعالوا ليوم مرحمة ولكلمة سواء! يا قوم اعقلوا وثبتوا البوصلة باتجاه فلسطين وكُفوا عن مراقصة الغيب في مهرجان وثني قد لا يتوقف عند الأبد كما يرى بيرنارد لويس .. أم هل ترانا أرهقنا الله بما فيه الكفاية فتركنا وشأننا كما يرى روجر كوهين؟ اوقفوا “الكوميديا الجاهلية”، لقد شبعنا لعبا بين يدي بيرنارد لويس وصحبه اصحاب بدع وخطط و خدع تفتيت المنطقة طائفيا وعرقيا كي لا تبقی فيها دولة سوی اسرائيل .. من زئيف جابوتينسكي الی موشی هالبيرتال وحتی أوباما – وترامب وبايدن بالتاكيد .. الا تذكرون ملجأ 11 ايلول 2001 الاستراتيجي السري الذي جمع بوش الابن وديك تشيني بالبروفيسور الصهيوامريكي برنارد لويس؟ عندها عرض لويس خرائطه طارحآ التحالف ضد “الخطر الايراني” كتكتيك لتسهيل تفكيك الدول العربية والاسلامية خدمة لاسرائيل وحماية لها من الخطر المصيري! وهذا يعيدنا إلى يوم أوقعنا “الخب” في الفخ بشن الحرب على ايران عام 1980.. اما بريجنسكي، فقد بدأ يفكر بتنشيط حرب خليجية ثانية لتفتيت المفتت و“تصحيح اتفاقية سايكس بيكو”.. و عليه قامت وزارة الدفاع الأميركية بتكليف برنارد لويس بوضع مشروع عملي لتفكيك المنطقة على أسس دينية, طائفية, مذهبية, عرقية, ثقافية .. وتمت المصادقة على مشروع لويس هذا في جلسة سرية للكونجريس الامريكي عام 1983!
هل تكون المتاهة اليمنية و هيروشيما البسوس مصداقآ لما زعمه وزير خارجية ترومان Dean Acheson عن اقتراب العقل العربي بحمولته الدينية من العقل الوثني فنتعاطى مع العالم على انه مهرجان للعدم؟ لعل هذا ما يفسر استدعاء “فارسية” ايران و”مجوسيتها” و”شيعيتها” يوم خلعت النجمة السداسية ورفعت محلها العلم الفلسطيني في طهران!!

وها هي المقدسية الشريفة تعلن بصرختها “والله ما انتو مطوّلين” ان فلسطين هي خط التماس بين الأرض والسماء .. ووجود اسرائيل يرتكز الى وعلى سرقة ومصادرة الأرضِ الفلسطينية وطرد الشعب الفلسطيني وهذه هي النكبة .. وجود اسرائيل هو المرادف الطبيعي للنكبة العربية الفلسطينية .. وعليه فان ازالة النكبة ومحو اثارها يعني بالضرورة ازالة اسرائيل ومحوها من الوجود – لا تعايش، نقطة على السطر .. كما تهيبُ المناضلة الفلسطينية بِنَا الا تقرأوا الفاتحة على “عبدان الاعتلال والاحتلال” وموتى فاتحة التطبيع الرسمي الشامل وفتح الكنيس اليهودي في بعض ديارنا .. لا تقرأوا الفاتحة على هؤلاء الموتى ولا سورة يس، أو الفجر، أو تبارك!

الا تُذٓكِرُكم هذه المقدسية الشريفة بقول الجنرال وليم ويستمورلاند (قائد القوات الأميركية في فيتنام): “ان قدمي هوشي منه العاريتين كانت تثير قلقي أكثر مما تثيره خوذة الماريشال جوكوف”؟!

الدائم هو الله، ودائمة هي فلسطين

ديانا فاخوري
كاتبة عربية اردنية

قد يعجبك ايضا