مستجدات القضية الفلسطينية بعد معركة سيف القدس / أسعد العزوني

أسعد العزوني ( الأردن ) – الثلاثاء 14/9/2021 م …  

بدأ الحديث عن حل للقضية الفلسطينية”الضفة الفلسطينية وقطاع غزة” بعد سيطرة الإحتلال على الضفة الفلسطينية،وكان هذا الحل يتمحور بالكامل حول “الخيار الأردني” أي عودة الضفة للأردن ، وكذلك عودة غزة لمصر،ولم يتحدث أحد عن “الفقوس الفلسطيني”،رغم أن الشعب الفلسطيني كان يقدم خيرة أبنائه  وقودا للثورة وقرابين للتحرير ولكن……




ذات يوم وكنت يافعا جرى حوار بيني وبين أحد المستدمرين،وقال لي بالنص:”يا خبيبي إخنا طالعين من هالبلاد إذا مش اليوم بكرة وإذا مش السنة السنة الجاي” ،فقلت له ياخواجا طيب وهاي المستدمرات لمين رح تتركوها؟فأجابني بكل أريحية إن الملك السعودي وعدهم بدفع عشرة دولارات مقابل كل دولار دفعوه في بناء المستدمرات!!!!لكنه إستدرك :بس إسمع خبيبي رخ نسلّم هاي البلاد للأردن مش إلكم،فسألته لماذا ؟فرد عليّ:لا نثق فيكم…..وهذا برأيي تكريس للخيار الأردني الذي تكرس  بعودة أشلاء من الضفة الفلسطينية للأردن ،وليس لحكم فلسطيني،وحتى لا يقول أحد أن السلطة موجودة ،أقول له إن هذه السلطة جاءت ضد طموحات الشعب الفلسطيني وهي في طريقها لتصبح تاريخا في الأرشيف.

ويعني الخيار الأردني الكونفدرالية ضم أشلاء من الضفة الفلسطينية التي تضم مجمعات سكانية كبيرة لا تستطيع مستدمرة الخزر تهجيرها إلى الأردن،وكذلك مناطق لا يستفيد الإحتلال منها،وسيتم فتح ممرات خاصة للتجمعات السكانية تربطها بالأردن،وسنشهد حسب المخطط مشروع مارشال كبير تموله أمريكا وأوروبا واليابان وكوريا الجنوبية ودول الخليج العربية،من أجل خلق واقع إقتصادي  جديد يلهي الناس عما جرى فيهم…والسؤال هنا هو:كم ستطول فترة الكونفدرالية التي ستصهر الهويتين الأردنية والفلسطينية معا؟

بعد العبث الأخير في القدس وما نجم عنه بدون تخطيط معركة سيف القدس،ظهر إتجاه آخر للحل وهو التدويل ،أي إحضار قوات دولية إلى القدس وأشلاء الضفة وغزة ،وإشتغل على ذلك الرئيس التركي أردوغان ومعه موسكو،ولاحظنا أن قطعات من الجيش الأردني تحركت علانية إلى الأغوار وتم توزيع فيديوهات  توثق هذا التحرك،مع أننا نعلم أن إعادة تموضع القوات عادة يتم ليلا وبدون معرفة أحد.

لكن الأمور لم تسر على هوى  المخططين للمرحلة ،إذ تدخلت المقاومة الفلسطينية بعد ثلاثة أيام من العبث الإسرائيلي في القدس،وبالمناسبة فإن حركة حماس لم تكن ترغب بالتدخل العسكري ،لكن حركة الجهاد هي التي بدأت بإطلاق الصواريخ على القدس،بعد أن أطلقت حماس صاروخين قيل إنهما وقعا في أرض خلاء،وعندما توسعت العملية العسكرية بشمول كافة مناطق فلسطين المحتلة بصواريخ المقاومة ،والقصف الإسرائيلي لغزة،فشل المخطط ودخلنا في مرحلة ثانية ،ولم يتمكن الجيش الإسرائيلي من إقتحام غزة برا بسبب تحذيرات من مغبة ذلك،وفي اليوم الأول من بدء المعركة إتصل محمد بن سلمان برئيس السلطة وقال له إن ما تقومون به يضر بالمصالح السعودية ،ولذلك يجب وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل ،وإلا قطعنا عنكم المساعدات السعودية،فرد عليه عباس أنه لا يمون على أحد في غزة ،وعندها باشرت أطراف خليجية أخرى بالإتصال مع حركة حماس لوقف إطلاق النار،وتم لهم ذلك وكانت إستجابة حماس مجانية وبدون شروط بدليل إن الإحتلال ما يزال يعبث بالقدس والأقصى.

بعد وقف إطلاق النار المجاني وإنهاء عملية سيف القدس التي أعادت القضية الفلسطينية إلى الإهتمام الدولي مجددا ،غادر النتن ياهو المشهد السياسي وربما مؤقتا،وجاءت حكومة الرأسين بينيت –لابيد،بعد إنحياز المنشق عن الحركة الإسلامية في فلسطين منصور عباس إليهما بعد إن كان في حضن النتن ياهو،وحدث حراك مصري في غزة وقيل إن الإمارات تبرعت للسيسي ب 500 مليون دولار لإعادة إعمار غزة ،وقيل أيضا إن الخطة الإماراتية –السيساوية كانت الدخول إلى غزة وزرع أجهزة التنصت والتجسس،ورأينا حراكا مصريا –فلسطينيا لعقد مباحثات مصالحة فلسطينية-فلسطينية في القاهرة ووصلت الوفود جميعا،لكن تحويلة ما ظهرت فجأة وغيرت المسار.

توجه زعيم حركة حماس إسماعيل هوية إلى المغرب ،وكانت المفاجأة ،إذ كان أولى  به أن يزور الجزائر أو الأردن  أو تونس أوالكويت او العراق لتقديم الشكر إلى شعوبها ،في حال رغب بتقديم الشكر للشعب المغربي على مواقفه،لأن هذه الدول وقفت مع المقاومة وإستنفرت القبائل الأردنية ووصل أبناء العشائر العراقية إلى حدود الأردن للتعبير عن دعمهم للقضية الفلسطينية ،ولا ننسى أن الشعب المغربي قد نجح في طرد السفير الصهيوني من المغرب،ووجدنا أنفسنا في حيرة ما بعدها حيرة ،لأن موقف حماس لن يكشفه إلا إئتلاف سحري مغربي يهودي هندي،خاصة وإن ملك المغرب أولم لهنية ،وأسبغ عليه هنية صفات  عليّة في علاقته بفلسطين وما قدمه للقدس.

قرأت منشورا فيسبوكيا لباحث إسمه الشيخ بسمان الخازن عماري، وتبين لاحقا أنه إسم دولي يصف رحلة هنية إلى المغرب بالتفصيل الممل،وبعد قراءتي المتمعنة له وجدت إنه عبارة عن تقرير إستخباري وليس تحليلا سياسيا لأنه يعج بالمعلومات وبأدق التفاصيل،ولن ينجز مثل ذلك إلا جهاز مخابرات مطلع أو مشارك في الحدث.

النقطة المثيرة في التقرير أنه يكشف أسرار تحول منصور عباس  من حضن نتن ياهو إلى حكومة الرأسين،ووقف محادثات المصالحة الفلسطينية في القاهرة قبل أن تبدأ ،ووقف طموح السيسي في دخول غزة ،وإن كل ذلك جاء بأوامر من تنظيم الإخوان المسلمين العالمي ،حيث أمروا منصور عباس بالتحول إلى حكومة الرأسين وكان بيضة القبان 60-59،وكذلك توجه هنية إلى المغرب وإنهم أوجدوا له قناة إتصال جديدة مع مستدمرة الخزر وهو رئيس وزراء المغرب الإخواني د.سعد الدين العثماني،بمباركة الملك محمد السادس.

ويروي التقرير أيضا أن طائرة هنية التي أقلته للمغرب هبطت في مطار إستانبول ليلا وسارت في ممر معتم لأقصى المطار ،ليجد سيارة  مظللة  ويصعد فيها وتقله إلى إحدى ضواحي إستانبول ،ليجد في إنتظاره بإحدى الشقق وفدا من حكومة الرأسين ،تباحثوا معه حول خطة الحل النهائي وهو الدولة الواحدة التي تضم الضفة الفلسطينية نهائيا لمستدمرة الخزر،وكان إتفاق سابق بينهما على  فصل غزة نهائيا وأن يصبح هنية أميرا لها ،لكنهم غيروا من رأيهم ،ورأوا أن يكافئوا عصفورهم الذي تحول نسرا الجاسوس محمد دحلان رئاسة جمهورية غزة ،وأن يكون هنية رئيسا للوزراء،وقد إقترح عليهم هنية إضافة 20 نائبا في الكنيست من الضفة الفلسطينية لإرضاء أهلها…ووعد الباحث بنشر الجزء الثاني من التقرير لكنه لما يصلنا بعد،وبمتابعة ما تكتبه أذرع حماس الإعلامية،فإن حماس باتت  تجهّز نفسها للمفاوضات المباشرة مع الإحتلال بحجة إن الوسطاء غير أمينين،وهكذا تكون حماس قد نسخت  تجربة منظمة التحرير وسارت على خطاها من القاهرة إلى المغرب فالسعودية .

واضح إن المخططين يميلون لتدويل غزة  وتكرار ما حدث بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956،وقد فرضوا قوات الطواريء الدولية على غزة بعد حرب السويس وإنتعشت الأوضاع وشاع الهدوء في غزة ولكن مؤقتا بطبيعة الحال،وها هم اليوم يجهزون القوات الدولية مجددا لدخول غزة التي فشل الصهاينة وعملائهم من إجتياحها، وستكون غزة تحت إدارة مشتركة من قبل مصر وقطر والأردن  وتركيا،علما ان المقاومة ترفض التدويل ،وسيتم كما سبق وأسلفت إغراق غزة بدولارات مارشال لإنعاش إقتصادها وطرد الفقر عنها ،ولكن ذلك كما أسلفت سيكون مؤقتا.

سبق وإن نوهنا إلى أن الرئيس أردوغان طلب من الرئيس الروسي بوتين إرسال قوات دولية إلى القدس لحماية اهلها ،ويؤيد الأردن هذا المشروع  وسعى لذلك في مجلس الأمن لضمان الوصاية الهاشمية  التي بدأت الإمارات والسعودية تضغطان عليه للتنازل عنها ،وساعد الأردن في ذلك علاقاته الممتازة مع دولة قطر الشقيقة.

وكان أردوغان قد دعا إلى تشكيل لجنة دينية ثلاثية من الأديان الثلاثة لإدارة القدس وهذا هو صلب حل الدولتين ،وإستمر أردوغان في الدعوة لتدويل القدس والأقصى ، علما أن الصهاينة رفضوا كافة الحلول منذ العام 1947،ويبدو أن مشروع تدويل غزة يتم طبخه على نار هادئة ،بدليل تدفق الزوار الدوليين على غزة للتباحث مع حماس ،وأختم  بقرار من الرئيس بايدن يلغي فيه قرار صندوق التطبيع الإبراهيمي ويعني ذلك ما يعني……

 

قد يعجبك ايضا