أخطر استبيان اجراه مركز الدراسات الإستراتيجية بالجامعة الأردنية

 

محمد شريف الجيوسي  ( الأربعاء ) 10/2/2016 م …

*الحملة الوطنية الأردنية من أجل حقوق الطلبة  ” ذبحتونا ” تبرز ثغرات استبيان الطلبة في الجامعة الأردنية وإيجابياته وتؤكد أنه القى حجرا في المياه الراكدة وتطالب بتعميم التجربة في الجامعات الأخرى مع تلافي السلبيات

*فرض كتابة الرقم الجامعي على الإستبيان نفى سريته .. وتجاهل العنف الجامعي وأسس القبول .. أضعف دقته

*نتائج الإستبيان تعطي مؤشرات خطيرة حول واقع الوعي السياسي لدى الطلبة، وسياسة التجهيل التي تمارسها الحكومة وإدارات الجامعات الأردنية

*أظهرت الدراسة عدم قناعة الطلبة بوجود ديمقراطية حقيقية في الأردن ، وأن نسبة من يعتبرون الليبرالية أو الفكر الاشتراكي يمثلهم، مساوية لمن يعتبرون أن داعش وجبهة النصرة تمثلهم

*تغييب ومنع العمل السياسي والحزبي في الجامعات يؤدي إلى غياب الوعي السياسي والفكري، وتعزيز النعرات الإقليمية والمناطقية والإرهابية والتطرف

رأت الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة  (ذبحتونا )، أن الدراسة التي أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية التابع للجامعة الأردنية ، شابها بعض الخلل ، مما كان له أثر كبير في مصداقية نتائج بعض الأسئلة، إضافة إلى قيام واضعي الدراسة بتجاهل طرح عدد من الأسئلة ، ما يعكس خضوع واضعي الأسئلة لتوجهات إدارة الجامعة ، وبالتالي التأثير على المصداقية العلمية للنتائج .

وقالت الحملة أن  ورقة الاستبيان الموزعة على الطلبة تضمنت كتابة الرقم الجامعي، الأمر الذي يلغي المبدأ الأهم في الدراسة وهو سرية الإجابات. وقد أثرت كتابة الطلبة لأرقامهم الجامعية على طريقة إجابتهم على الأسئلة.

وتسايت الحملة ، كيف يمكن للطلبة الإجابة بمصداقية على سؤال حول تعاطي المخدرات أو تناول الكحول؟!! وحول أساتذتهم والمستوى الأكاديمي لهم أو سؤال حول تقييمهم وهم يعلمون أن أسماءهم معروفة لدى إدارة الجامعة.

وبينت الحملة أن تراجع مركز الدراسات، عن إلزامية تعبئة الرقم الجامعي  جاء بعد أن عباً ثلاثة أرباع الطلبة الاستبيان مكتوباً عليه رقمهم الجامعي.

والملاحظة الثانية التي أبدتها الحملة،عدم وضع أسئلة تتعلق بالعنف الجامعي وأسبابه ومدى مشاركة الطلبة وانخراطهم فيه، رغم ان هذا الملف يعتبر الأهم  الذي ينبغي  الإطلاع على رأي الطلبة حوله، بخاصة وأننا أمام ظاهرة حقيقية تغزو جامعاتنا وتضرب العملية التعليمية برمتها.

كما غاب عن الاستبيان أي ذكر لعملية رفع الرسوم الجامعية ومدى تأثيرها على الطلبة وخياراتهم الجامعية. إضافة إلى عدم ذكر الدراسة لتصنيف الطلبة وفقاً لآلية قبولهم، حيث يسهم هذا التصنيف في فهم عدد من الأسئلة التي تم طرحها من مثل السؤال حول القدرة المالية لتغطية نفقات التعليم. كما يساعد ذلك على رؤية حجم الانعكاسات السلبية لأسس القبول المشوهة في جامعاتنا بعامة وفي الجامعة الأردنية بخاصة.

وأظهرت الإستبيان أن 59% من طلبة الجامعة الأردنية يرون أن النظام التدريسي في الجامعة لا يشجع على الابداع، ويوافق 56% على أن العملية التعليمية تركز على تنمية الجانب المعرفي على حساب الجوانب الاخرى في شخصية الطالب.

وتدلل النتيجة على أن النظام التدريسي في الجامعة لم يستطع الارتقاء بالطالب وتشجيعه على الإبداع وهو الدور الأهم للتعليم الجامعي، ما يستوجب إعادة النظر في هذا النظام التدريسي والوقوف أمام الأسباب التي أوصلت الطالب إلى هذه القناعة.

كما أطهر الإستبيان ، أن ثلث طلبة الجامعة الأردنية (33%) لم يختاروا التخصص الذي يدرسونه وإنما إما بناءً على رغبة الأهل أو أن معدلهم في الثانوية العامة ألزمهم بذلك. وتعكس هذه النتيجة غياب التوعية الكافية لطلبة المدارس وخاصة في المرحلة الثانوية في التعريف بالتخصصات الجامعية وآليات اختيارها.

وأوضح الإستبيان ، وجود نسبة كبيرة من عدم الرضا عن البنية التحتية من مرافق صحية ومختبرات وقاعات وغيرها (45% غيرر راضيين عن القاعات فيما 40% غير راضين عن المختبرات، و50% غير راضين عن المرافق الصحية و38% غير راضين عن الخدمات الصحية). ويعود ذلك للارتفاع الكبير في أعداد الطلبة داخل الحرم الجامعي في مقابل عدم قيام إدارة الجامعة بإجراء توسيعات كبيرة في البنية التحتية لاستيعاب هذه الأعداد المتزايدة من الطلبة.

وبين الاستبيان ، رفض الطلبة لتوزيع الجدول الدراسي على 4 أيام بدلاً من 5. حيث أفاد 46% بأنهم ضد توزيع الجدول الدراسي على 4  أيام، مقابل 41% أفادوا بأنهم مع توزيع الجدول الدراسي على4 أيام ؛ الأمر الذي يتناقض مع التوجهات السابقة لإدارة الجامعة التي كانت تدفع باتجاه جعل الدوام الجامعي 4 أيام وليس5 .

وأظهرت اإستبيان حجم انتشار ثقافة الواسطة والفساد، فقد وافق 43% من الطلبة على أن تحقيق التقدم في الحياة لا يعتمد على الجهد الشخصي بل على مكانة الأسرة في المجتمع الأردني.

وان نصف طلبة الجامعة الأردنية غير مهتمين بالسياسة ،  حيث اعتبر 31% أنفسهم ليسوا مهتمين و19% غير مهتمين على الاطلاق. وتدلل هذه الأرقام الكارثية على غياب الوعي الطلابي بأهمية المعرفة السياسية ومدى ارتباط واقع ومستقبل الطالب والوطن بما يحدث في الأردن وخارجه.

وأشار ثلثا الطلبة (66%) إلى أن أياً من الاتجاهات والتيارات الفكرية القومية أو اليسارية أو الإسلامية أو الوطنية أو الليبرالية لا تمثل وجهة نظرهم، بينما أفاد 12% من الطلبة أن الاتجاه الفكري القومي العربي هو الأقرب الى آرائهم وأفكارهم. فيما أفاد 11% أن الاتجاه الفكري الإسلامي هو الأقرب الى آرائهم وأفكارهم، فيما أفاد 7% بأن الاتجاه الفكري القومي الأردني هو الأقرب الى آرائهم وأفكارهم، بينما حظيت الاتجاهات الاشتراكية والليبرالية على نسبة لم تتجاوز ال2%، وهي ذات النسبة التي حصل عليها تنظيم داعش وجبهة النصرة!!

واعتبرت لحملة “ذبحتونا” أن هذه الأرقام تعطينا مؤشرات خطيرة حول واقع الوعي السياسي لدى الطلبة، وسياسة التجهيل التي تمارسها الحكومة وإدارات الجامعات الأردنية، فلدينا نصف طلبة الجامعة الأردنية غير مهتمين بالعمل السياسي، وثلثي الطلبة لا يرون في كافة الاتجاهات السياسية والفكرية ما يمثلهم!!.

وترى حملة ذبحتونا أن منع العمل السياسي داخل الحرم الجامعي، وعدم السماح للأحزاب بالعمل في الجامعات إضافة إلى الذهنية العرفية السائدة في مجتمعنا. كل هذه العوامل ساهمت بظهور هذه النتيجة في الدراسة.

وأظهرت الدراسة عدم قناعة الطلبة بوجود ديمقراطية حقيقية في الأردن، حيث يعتبر الطلبة أن مستوى الديموقراطية في الأردن هو (5.3) على مقياس متدرج من 0-10. إلا أن الأسوأ كان في عدم قناعة الطلبة بأن الديمقراطية ملائمة للأردن!! حيث لم تتجاوز  درجة ملائمة الديموقراطية للأردن في قناعة الطلبة ال (5.7) على مقياس متدرج من 0-10.

وعبرت الحملة عن تمنياتها على واضعي الدراسة  الاستفاضة في هذا البند للإطلاع على الأسباب التي تجعل الطالب يضع هكذا نتيجة صادمة تجعله يؤمن بعدم ملاءمة الديمقراطية للأردن.

ورأت الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة “ذبحتونا” انه رغم ما اعتور الإستبيان من ثغرات ونواقص، والتحفظات على بعض نتائج ما توصلت إليه الدراسة، إلا أنها رمت حجراً في المياه الراكدة، وأكدت ضرورة إجراء دراسات مشابهة في باقي الجامعات  على أن تتلافي الأخطاء التي وقعت بها هذه الدراسة وعلى رأسها ، عدم مطالبة الطلبة بكتابة أرقامهم الجامعية، وعدم تغييب قضية العنف الجامعي وأسس القبول الجامعي في الإستبيانات الأخرى.

وطالبت الحملة بإقامة ورشة عمل لدراسة نتائج هذه الدراسة وبخاصة ما يتعلق بغياب الوعي السياسي والانتماء الفكري، حيث أظهرت مدى خطورة الوضع الذي وصل إليه طلبتنا في هذا الجانب والذي جعل نسبة من يعتبرون الليبرالية أو الفكر الاشتراكي يمثلهم ، مساوية لمن يعتبر أن داعش وجبهة النصرة تمثلهم.

إن تغييب ومنع العمل السياسي والحزبي في الجامعات يؤدي بالضرورة إلى غياب الوعي السياسي والفكري، وتعزيز النعرات الإقليمية والمناطقية، كما أن غياب الوعي السياسي والفكري يجعل من الطالب صيداً سهلاً لأصحاب الأفكار الإرهابية والمتطرفة. لذلك فإن على الحكومة الأردنية والمؤسسات التعليمية جميعها إعادة النظر بكافة القرارات والتشريعات المتعلقة بتقييد حرية العمل السياسي والحزبي داخل الحرم الجامعي.

قد يعجبك ايضا