مع مكسيم غوركي في ذكرى وفاة لينين

 

الأردن العربي ( السبت ) 23/1/2016 م …


في ذكرى وفاة فلاديمير لينين، القائد الفذ لثورة أكتوبر الاشتراكية، والذي كان له دور خلّاق وعظيم في تطوير الماركسية وربطها عضوياً بالتنظيم، نضع مقتطف من كتاب “أيام مع لينين” للروائي الروسي مكسيم غوركي، الذي عاش مع لينين فترات مختلفة:

“كان فلاديمير ايليتش ذلك الشخص الذي غيّر السير المعتاد لحياة الناس، كما لم يغير شخص آخر من قبل.

والكراهية التي تكنّها له البرجوازية العالمية واضحة ظاهرة، وهي تبدو في كل بشاعتها، ولطختها الزرقاء الوبائية تلمع في كل مكان لمعاناً شديداً. هذه الكراهية،… المقرفة بحد ذاتها، تدلنا كم هو مرعب وعظيم في عينيها، فلاديمير لينين، هذا الزعيم والملهم لبروليتاريا جميع البلدان.

لقد مات جسده، ولكن صوته ما يزال مسموعاً، بقوة أشد وانتصار أعظم دائماً، بين شغيلة العالم كله. وليس ثمة من زواية على وجه البسيطة لم يدع هذا الصوت فيها للعمال إلى الثورة، إلى حياة جديدة، إلى خلق عالم يكون فيه الناس متساوين. ويقوم تلاميذ لينين، وورثة قوته، بتحقيق عمله، بقوة أعظم أبداً، وبإطمئنان ونجاح..

كنت أعجب بإرادته العظيمة للحياة، وبحقده الضاري على النواحي السلبية من الحياة. كنت أدهش للحرارة التي يحملها إلى كل شيء. وكانت تذهلني منه قدرته على العمل الذي يفوق طافة البشر. كانت حركاته رشيقة مليئة بالحياة، وكانت إشارته التي هي بخيلة ولكنها قوية، تنسجم تمام الانسجام مع خطابه الذي كان بخيلاً، هو الاخر، بالكلمات، ولكنه غني بالافكار. وفي وجهه ذي الطابع المنغولي، كانت تلمع وتبرق العينان الثاقبتان، عينا مجاهد لا يكل ضد الكذب وآلام الحياة، كانتا تلمحان وتطرفان وتبرقان، وتبتسمان بسخرية وترسلان شرر الغضب. وكان برقيهما يعطي خطابه مزيداً من الحيوية والوضوح.

وكان يبدو، أحياناً، أن حيويته التي لا يمكن كبحها، تنبثق من عينيه شرراً، وان كلماته المليئة بالحيوية تلمع في الهواء. وكان خطابه يثير دائماً إحساساً ملموساً بالحقيقة التي لا تدحض.

كان من المستغرب ومن الخارق للعادة أن يرى المرء لينين يتنزه في حديقة غوركي، إذ أن المرء كان معتاداً ان يتخيله جالساً في طرف إحدى الطاولات الطوال، وهو يدير أحاديث الرفاق، بإبتسامته وعينيه المشعتين والذكيتين المعهودتين كربّان وراه دفته، أو يتخيله واقفاً على مصطبة، ملقياً برأسه إلى وراء رامياً إلى الجمهور المحتبس النفس الظامئ للحقيقة، كانت واضحة بـيّـنـة.

كانت هذه الكلمات تذكرني بالسنى البارد المنتشر من قطع الحديد. وببساطة مدهشة كانت تنبثق من هذه الكلمات صورة الحقيقة، المنحوتة نحتاً فنياً.”

 

قد يعجبك ايضا