التقارب المصري والسوداني .. عروبة وادي النيل / فارس الحباشنة




فارس الحباشنة ( الأردن ) – السبت 13/3/2021 م …

مصر والسودان وعروبة وادي النيل. ليست صدفة ان تجتمع وتتوحد المصالح الاستراتجية والجيوسياسية للقاهرة والخرطوم. البلدان العربيان الافريقيان اليوم في مواجهة مشروع سد النهضة الاثيوبي.

اثيوبيا شرعت في تنفيذ المرحلة الاولى من ملء السد من طرف واحد، ونيتها تتجه الان الى تنفيذ المرحلة الثانية لملء السد في شهر حزيران المقبل ومن طرف واحد ايضا ، وتجاهل اي اتفاق وتنسيق وتفاوض مع دولتي المصب السودان ومصر.

السيناريوهات مفتوحة، وما بين التفاوض والحل السلمي وبرميل البارود « حرب عسكرية «. في التطورات الاخيرة لازمة سد النهضة يبدو ان السودان ادرك خطورة السد على امنه الوطني المائي والغذائي والاقتصادي. وان نحو 20 مليون سوادني في الارياف والترع يواجهون مصيرا مجهولا.

الحكومة السوادنية كانت غير قابضة ازمة سد النهضة بجدية كبيرة، وتراهن على على ان للسد فوائد في تجنب وقوع فيضانات، تصورات قديمة وغير عقلانية تبددت في العقل الرسمي السوداني الذي يبدي اليوم خوفا لا يقل عن نطيره المصري.

التقارب والاتفاق المصري -السوادني وضع ازمة سد النهضة امام مسارات وحسابات اقليمية جديدة. وكما بدا فان معادلة علاقة المحور المصري -السوداني والتقارب بين البلدين بعد عقود من التباعد والجفاء فيسكون امام اختبار حقيقي في ازمة سد النهضة.

سد النهضة بالنسبة لمصر ازمة وجودية : حياة او موت. واذا ما ذهبت اثيوبيا الى خيارها الثاني في ملء خزانات سد النهضة، فان القاهرة ستقع حتما تحت ضغط الابتزاز المائي الممنهج، وتعريض اكبر سد في افريقيا «السد العالي « الى اخطار شح المياه، وضرب الامن المائي والغذائي المصري في عرض الحائط.

بلا شك ان استدارة مصر نحو السودان، وتشكيل وحدة موقف افريقي -عربي، يرسم تحالفات جديدة، ويفتح المجال امام سيناريوهات مفتوحة حول تطورات الصراع -المصري -الاثيوبي، وازمة سد النهضة.

فهل مشهد النهاية لازمة السد الاثيوبي سيكون سياسيا ام عسكريا ؟ التقارب المصري -السوداني وبناء محور وحلف افريقي -عربي، والحديث بصوت ومطلب واحد حول مصير السد الاثيوبي، وفرض قوة سياسية على الارض يدفع في تغيير ادوات اللعبة، ويفرض على الاثيوبيين التريث قليلا، وكما يفرض على الية الدولية ضرورة التدخل لحسم الصراع سياسيا وسلميا.

اي حرب عسكرية ستقع بين مصر واثيوبيا فانها ستضرب في السلم والامن الدوليين والسلم والامن الافريقي لوادي النيل والقرن الافريقي، والبحر الاحمر.

في ضوء تطورات الصراع، لا يستبعد وقوع مواجهة عسكرية. واذا ما وصلت المفاوضات والدعوات الدولية والرعاة الدوليين لاحتواء الصارع الى طريق مسدود.

اثيوبيا لم تبد استعدادا لتقبل ما يقترحه الرعاة الدوليون الامم المتحدة والاتحاد الافريقي، ولا تحترم الوثائق الدولية واعلان المبادئ 2015 الذي رفضت التوقيع عليه والالتزام به.

وما بين السياسي والدبلوماسي والخيار العسكري. ثمة قوى دولية واقليمية تراقب وتتابع ملف سد النهضة وتطوراته بحذر وعناية شديدة.

الاتحاد الافريقي ودول حوض النيل لديها رغبة وعناية خاصة في ملف الازمة ليتم التوصل الى اتفاق قانوني ملزم لدول المنبع والمصب.

و واشنطن كما يبدو انها ليست معنية بنشوب حرب قريبة من البحر الاحمر ومصالحها الاستراتجية وحلفائها المفترضين مصر واثيوبيا والسودان.

والاتحاد الاوروبي مشغول بالملف النووي الايراني.

الورقة الضاغطة في ازمة سد النهضة التقارب المصري -السوداني. وبناء تفاهمات وتوحيد موقف البلدين واجب ملزم لكليهما، لا?ن الازمة وجودية وحياة وموت. وكلا البلدين مشدود بمصالحه الاستراتجية والتاريخية والجغرافية الى الاخر.

و التقارب المصري -السوادني افشل سياسة اثيوبيا ببناء الطرف الثالث، وكانت ترسم اثيوبيا على السودان المحايد في الازمة والمطاوع للقرار الاثيوبي، ومضيها في مشروع سد النهضة بكل مراحله.

صدى ازمة سد النهضة ليس افريقيا. واقرب الدول المتضررة من تغول اثيوبي على مياه النيل، وانتهاك الحق المصري والسوداني دول المصب في حصتها من المياه، وتعريض اقتصادها وامنها المائي والغذائي للخطر فارتداده على المجال العربي والامن القومي العربي، ومزيد من الاستباحة الى البلاد العربية .

تذكروا ماذا اصاب الامة العربية بعد احتلال العراق في 2003 ؟ وكيف بدا مشروع التفكيك للمشرق العربي بالاحتلال والارهاب والفوضى التي مازالت دول عربية تدفع ثمنها.

مصر بوابة العروبة حقيقة وليس خيال. ومهما حاولت قوى وتيارات بان تنزع مصر عن مجالها العربي وتضعها في مربع الحياد وتقذف بها نحو ازماتها الداخلية. فذلك كلام هراء وهذا ما فضحته ازمة سد النهضة، وكيف يتآمر العالم الخفي على روح مصر الحضارية ووزنها التاريخي، ويفكر ويخطط لابادة ومحو استراتجية وعبقرية الجغرافيا، وتجفيف منابع بلاد « هبة النيل».

في التاريخ وحتمية الجغرافيا حقائق صعب محوها والانقلاب عليها. في تطورات ازمة سد النهضة وما يحتمل من مخاطر سياسية وعسكرية، فلو ان الحكومات العربية تقذف خلافاتها للوراء وتقف الى جانب القاهرة والخرطوم في صراع مصيري ووجودي.

قد يعجبك ايضا