تساؤلات “بين الوهم العربي القديم والحلم الحقيقي للراحل أنيس النقّاش” / موسى عباس

موسى عباس ( لبنان ) – السبت 27/2/2021 م …




منذ أشهر قليلة حاضر المناضل الراحل “أنيس النقاش” في ندوة افتراضيّة دعت إليها “جبهة العمل الإسلامي “في لبنان ، وكان متفائلا جدّا بمستقبل الصراع مع الصهاينة حيث قال في ختام محاضرته:
 “في أي معركة عسكرية قادمة مع العدو الصهيوني فإن الانتصار الكبير هو لهذا المحور، وتحرير فلسطين هو قاب قوسين أو أدنى، وأنا أعدّهُ اليوم بالشهور وليس بالسنين، وأنا لأول مرة ألتزم بزمن معيّن ومتأكد من ذلك”. انتهى.
ونقول ليس تشاؤماً ولكن تساؤلات :
من المؤكد أننا لا ندّعي معرفتنا بكامل تفاصيل ما يجري في كواليس الإجتماعات العلنيّة والسرّية التي تجري بين المعنيين في الشأن العربي عموماً  والشأن السوري والعراقي واليمني والخليجي والفلسطيني خصوصاً ، والمقصود بالمعنيين تحديداً  (القيادة الروسيّة من جهّة والقيادات الإيرانيّة والسورية والمقاومة في العراق ولبنان من جهّة ثانية).
لكن من حق أيّ مراقب لما يحدث بين الحين والآخر  من عمليّات تفجير واغتيال وهجمات يقوم بها الأتراك والإرهابيّون والموساد وال CIA ، من حقّه أن يسأل ما الذي يحدث ولماذا السكوت وعدم القيام برُدود حاسمة موضعية أو شاملة على المعتدين ؟!!
بالطبع القيادات المعنيّة أعلم وأدرى وهي التي تقرّر وتُنفّذ ، لكنّ شعوب ما يُسمّى “محور المقاومة” سئمت من ترداد مقولة:
” سنرُد في الوقت المناسب وفي المكان المناسب”، منذ أوّل إعتداء صهيوني على الأراضي السورية وتتابعاً حتى آخر إعتداء نسمع صدى تلك السمفونيّة التي تُذكّرنا بما كان يجري منذ عقود قبل هزيمة الصهاينة في جنوب لبنان، ليس لأنّ تلك الشعوب قصيرة النظر  لا تُدرك أهميّة الإعداد للحرب التي لا بُدّ لها أن تكون حاسمة ونهائية ينتج عنها تحرير كامل فلسطين، وليس لأنّ تلك الشعوب ترغب في الحرب ، ولكن لأنّها تشعر أنّ  محور المقاومة يدفع الثمن غالياً جدّاً كلّما تلَقى ضربة هنا واغتيال لقادته هناك، ويشعر في الوقت عينه أنّ حجم الردود التي تحدث ومهما كان مستواها حتى ولوكانت في مستوى تدمير قاعدة (عين الأسد) ليست على القدر المتوقّع لا سيّما وأنّ الوعود كانت كبيرة جدّاً .
-في سوريّا الأتراك وحلفاؤهم الأمريكان والإرهابيّون بمختلف مكوّناتهم يسرحون ويمرحون  ويطلقون تسمية المناطق الآمنة
حيث يُسيطرون.
-أمّا العراق ،ففي 22/9/2014  كان الرئيس الأمريكي الحالي (جو بايدن )حينها نائباً للرئيس ونشر  في صحيفة( الواشنطن بوست)مقالاً  قال فيه “إنّ الولايات المتحدة تدعم فكرة انشاء نظام فيدرالي في العراق” علماً أنّه كان قد قدّم هذا المشروع إلى الكونغرس الأمريكي في العام 2007 وحاز حينها على الموافقة.
وفي داخل العراق حدّث ولا حرج، هجمات داعشيّة تتجدّد حسب الظروف وبناءً للطلب واغتيال لأهم القادة ، ويوجَِّه الإتّهام بالتخطيط والمراقبة والتخطيط لشخصيّات قياديّة في جهاز الإستخبارات الرسمي وفجأةً وبقُدرة المخابرات الأمريكيّة تتبوأ تلك القيادات أعلى مراكز السلطة.
وفي لبنان حصار وتجويع عمالة مكشوفة ومناشدة للأمم المتحدة ولمجلس الأمن للتدخّل لوضع لبنان تحت الوصاية والهدف المطلوب تجريد المقاومة من السلاح، يعني تحقيق حُلُم الصهاينة ثأراً لهزائمهم.
-في فلسطين حصار وتجويع واغتيالات وهجمات في غزّة واعتقالات وتدمير منازل واستيطان وتهويد في الضفّة الغربيّة ومراهنة على انتخابات ليس من المعلوم اذا كان المقصود منها  قيام سُلطة جديدة وهذه المرّة موّحدة لتمرير مشروع انبطاحي جديد تشارك فيه بعض الفصائل المقاوِمة أو العكس مشروع مقاوم على الساحتين الفلسطينيتين من وجهة النظر المعاكسة.
– في اليمن تتكالب وتتحالف دول الإستكبار العالمي مع اعتى رجعيات العمالة في قتال وحصار وتجويع لملايين البشر ومواجهات باللحم الحيّ واستشهاد وجرح  عشرات الآلاف ، وكأنّ ما يحدث هو في كوكبٍ آخر .
– في العام  1907 وبعد سنتين من انعقاده خرج مؤتمر كامبل بقرارات شخّص فيها حينها مشكلة أوروبا والصهاينة :
“اإنّ الخطر الذي يتهدّد أوروبا يأتي من هذه المنطقة الممتدة من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، فهذه الأرض يسكنها شعبٌ واحد له دين واحد ولغة واحدة وتقاليد واحدة وتمتلك ثروات طائلة وهي دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية ويوجد تصادم حضاري معها.
 وطرح الحلّ وبدأ منذ ذلك الوقت بالتنفيذ:
” والواجب تجاه تلك الدول هو حرمانها من الدعم ومن اكتساب العلوم والمعارف التقنية وعدم دعمها في هذا المجال ومحاربة أي اتجاه من هذه الدول لامتلاك العلوم التقنية محاربة أي توجه وحدوي فيها:
ولتحقيق ذلك دعا المؤتمر إلى :
إقامة دولة في فلسطين تكون بمثابة حاجز بشري قوي وغريب ومعادي يفصل الجزء الأفريقي من هذه المنطقة عن القسم الآسيوي والذي يحول دون تحقيق وحدة هذه الشعوب “دولة الكيان الصهيوني”.
وبدأ التنفيذ في إتفاقيّة “سايكس بيكو”1916 ولاحقاً “وعد بلفور 2 تشرين الثاني 1917 وإنشاء دولة الكيان الصهيوني 15  أيّار 1948 .
في العام 1978 نجحوا في إخراج مصر من الصراع العربي الصهيوني وبعد أربعة عقود ونيّف توسّع حاجز الفصل بين العالم العربي الأفريقي والآسيوي ليشمل لاحقاً السودان والمغرب 2020 كما نجحوا في دفع  بعض دول الخليج إلى الإعلان عن توطيد العلاقات مع الكيان الصهيوني بعد أن كانت قائمة في السرّ، وأصبحت بلادهم قواعد للموساد الصهيوني .
يعني ذلك أنّ مشروعهم التفتيتي والتمزيقي يتقدّم ، وفي المقابل المشروع المقاوم وبالرغم من الإنتصارات التي حققها على جبهات القتال في لبنان وغزّة والعراق واليمن وسوريا إلاّ أنّ جسد ذلك المحور  يُعاني من أورام وأدران سرطانية تسعى لتمزيقه من الداخل  في جميع مفاصله الأساسية لا تنفع معها العلاجات بالأشعة والكيماويات وإنّما علاجها البَتْرْ فكلّما طال الزمن تغلغلت أكثر .
والسؤال الذي يتبادر دائماً إلى الذهن كلمّا تقدّم  الزمن وكلّما وقع حادثٌ جلَلْ :
” ما حقيقة  الدور الروسي في كلّما يجري خاصّةً على جبهة “سوريا وحلفاؤها  وتركيّا وحلفاؤها الأمريكان والصهاينة وأدواتهم الإرهابيّة ؟!
وفي جميع الأحوال تحرير فلسطين هو الهدف والأمنية ، وأنيس النقّاش أفنى عمره مقاوماً للإحتلال ومقاتلاً صلباً لا يلين ضد الصهيونية والإستعمار عاملاً فاعلاً لأجل تحرير فلسطين  وكان واثقاً من ذلك ،ومن البديهي أنّ ذلك اليوم قادمٌ لا محالة .

 

 

قد يعجبك ايضا