أمريكا … أزمة انتخابات ام أزمة الرأسمالية؟! / عماد المالحي

عماد المالحي * ( الأردن ) – الجمعة 8/1/2021 م …




* عضو المكتب السياسي في حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني

الكاتب عماد المالحي

الأحداث الأخيرة التي عاشتها  الولايات المتحدة اخيرا، والمتمثلة في موضوع انتقال السلطة، وتحريض قطاعات واسعة من الأمريكيين لاقتحام  مبنى الكونغرس “الكابيتول” وهو أحد رموز السيادة الأمريكية، وبحجة تزوير الانتخابات، والتي تمت بطلب من الرئيس الأكثر “جدلا” في تاريخ أمريكا، والمعبر بكل إخلاص عن الذهنية الأمريكية “ذهنية الكابوي”.

إن ماجرى يجب قراءته بطريقة مختلفة، وعدم تبسيط الأمور، سواء من حيث التحولات العميقة التي تعيشها الولايات المتحدة والتي تستحوذ على مانسبته أكثر من23٪من مجمل انتاج العالم، وبالتالي إنعكاسات هذه التحولات على العالم بشكل أو باخر.

ان المسألة يجب أن تقرأ بانها ليست مجرد قيام مجموعة من “الرعاع” كما تصفهم بعض وسائل الإعلام العربية المسكونة بعقلية المؤامرة والغارقة كما “أنظمة الحكم التي توجهها” في التبعية. وبعيدا عن تشغيل العقل وتقديم قراءة موضوعية عن ما تم وصفهم، بأنهم اوباش. هؤلاء الاوباش يمثلون 45٪ أو 75مليون، من الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات الأمريكية.

وللعلم معظمهم من فقراء العمال والفلاحين والعاطلين عن العمل.

ان الازمة أكثر عمقا من التفاصيل التي يسعى البعض تسويقها مستندا لرواية الطغم الحاكمة في الولايات المتحدة، بأن هناك غرور واستئثار بالقرار من قبل الرئيس، وحتى وصفه بالجنون.

ان ما جرى  بتقديري هو تعبير عن أزمة الرأسمالية كنظام اقتصادي اجتماعي.

فخلافا لما بشر به منظرو الرأسمالية بعد إنهيار الاتحاد السوفياتي،ورغم كل محاولات تشويه  صورة “الاشتراكية” عبر ماكينة إعلامية ضخمة ومحاولات تصوير أن النظام الرأسمالي بأنه “المخلص” والنظام الأكثر ضمانة للبشرية.

الا ان الرأسمالية في دولها المركزية، وكذلك الدول التي إنتقلت من الاشتراكية إلى اقتصاد السوق، رأينا تطورا في التناقضات الطبقية واحتداما للصراعات الاجتماعية بين القوى العاملة وبين رأسمال، وقد تجلى ذلك في ظل جائحة كورونا.

بتقديري ان الأحداث التي تمت في الولايات المتحدة، سيكون لها انعكاسات على مستوى العالم،  تتمثل في تصاعد النضال العمالي وإتساع نشاط الحركة الاضرابية لفئات العمال وان قوى اجتماعية متعددة من الشباب والنساء والأقليات الاثنية والثقافية، والعمالة المهاجرة والمشردين في دول متعددة ومن بينها الدول العربية والتي  يستغلها رأس المال.

عليها أن توقف ترددها والالتحاق بالقوى التي يستغلها رأس المال لتأسيس أكبر جبهة عالمية للنضال الطبقي وإعلان رفضهم للقيم المنحطة للحضارة الرأسمالية الافلة.

اقول الافلة، رغم ما نراه حاليا، من قدرة الرأسمالية حتى الآن  على التغلب على مقاومة الطبقات الكادحة والمسحوقة، و مجابهة حركات التحرر الوطني والثورات ذات النزعة الاشتراكية (فنزويلا، بوليفيا… الخ.

فهذه القوى رغم كل التضييق التي تقوم به الراسمالية عليها، الا انها تمتلك مقومات وعناصر سياسية وايدلوجية فعالة تستطيع من خلالها  إن استطاعت أن تنفذ من هجمات الثورات البرجوازية المضادة،وإن استطاعت إبراز التناقضات الرأسمالية المستعصية وتجلياتها المعروفة، والتي تتمثل اليوم في تهديد الحياة البشرية وإنحيازها إلى سلطات  ديكتاتورية تجاوزها الزمن، وتدمير منهجي للبيئة وكشف زيف الديمقراطية الزائفة وعجزها عن الاقتراب من حل أي من المشكلات والمآسي التي تقع على كاهل الطبقات المسحوقة وهم الأغلبية.

عندما كنت اقرأ شعارات مثل (ان الرأسمالية تحمل بذور فنائها، أو اما الاشتراكية وأما الدمار) كنت اقول بيني وبين نفسي ان من كتب تلك الشعارات شخص حالم أو واهم أو…….

لكنني اليوم  أرى “مصداقية” هذه الشعارات، التي مازالت صالحة وحقيقية، فبرغم أن الاشتراكية راوحت مكانها حتى الآن وهزمت في الجولات السابقة التي استهدفت بنائها، فهي مقبلة على مرحلة جديدة، تكمن في التناقض بين مراكز الرأسمالية المسيطرة في عدد من الدول تبلغ 15٪من سكان العالم وبين دول الأطراف المتخلفة والتابعة، هذا التناقض الذي نشأ مع قيام الرأسمالية الأوروبية باخضاع العديد من الدول في اسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية، قد بات تناقض بين الرأسمالية العالمية الرئيسي بعد ظهور الإمبريالية في الربع الأخير من القرن 19 وغدت بعدها الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية.

اخلص إلى القول إن الحالة الأمريكية هي تعبير عن أزمة حقيقية تعيشها الإمبريالية وان المسألة أكثر من أزمة في قانون الانتخاب الأمريكي

انها محطة لاستشراف مرحلة جديدة مرحلة أن هذا النظام الرأسمالي وصل للحائط وان على القوى الحية والمتضررة من السياسات الأمريكية والغربية  في العالم عليها إعادة ترتيب أوراقها وإعادة اصطفافاتها لبناء أكبر جبهة عالمية مناهضة للإمبريالية.

اني لا أرى في هذا العالم نظام إقتصادي إجتماعي أفضل من الاشتراكية، التي تمثل العدالة الاجتماعية بأعلى تجلياتها.

(الاشتراكية ا والدمار) .

قد يعجبك ايضا