الكاتب والباحث موسى عباس يكتب: الخونة “عابرون في كلام عابر” والأحرار “خالدون على صدر التاريخ”

موسى عباس ( لبنان ) – الأربعاء 6/1/2021 م …




عامٌ مضى على استشهاد اثنين من أبرز  قادة انتصارات محور المقاومة على طريق مطار بغداد ، وقبل اثنا عشر عاماً استشهد عماد المقاومة قائد النصرين في دمشق ، المنفذون هم أنفسهم المخابرات الأمريكية الصهيونية الأعرابية .
اذا كان الصهاينة والأمريكيون يقاتلون من هم أعداءهم ولأنّهم من المستكبرين الذين ورثوا عنجهية بريطانيا خاصّةً وأوروبا عامّةً واستخفافهم بباقي الشعوب لا سيّما فيما أطلقوا عليه تسمية (العالم الثالث)فاحتلوا ارضهم وسلبوا ثرواتهم واستعبدوهم واذلّوهم.
واذا كان الصهاينة مدعومين من بريطانيا وفي غفلةٍ من الزمن وفي لحظةٍ تاريخية استغلوا ضعف العرب والمسلمين وتواطئوا مع بعض الخونة واستولوا على فلسطين وجعلوا منها وطناً قومياً لهم ولم يكتفوا بذلك بل شنوا الحروب المتتالية والغاية  تحقيق حلم تلمودي مزوّر (حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل)، ولكنّ حُلمَ  “روتشيلد وبن غوريون “الذين اعتقدوا أنّ العرب لن تقوم لهم قيامة ولن يجرؤ أحدٌ منهم على الوقوف في وجه مطامعهم رحلوا مزهوّين بانتصاراتهم على العرب في حروب 1948 و 1967 وماتوا قبل أن يروا أنّ ليس جميع العرب من ذات الطينة وأنّ هناك من ركلَ الهزائم وواجه جبروتهم وتصدى لعنجهيتهم وكسر شوكتهم وجعلهم أذلاّء يختبؤن خلف جدران العزل والمهانة.
لكن ما الذي أجبر ويجبر قيادات عربية على إذلال نفسها وهي في موقع القوّة ،كما حدث في حرب تشرين الأوّل 1973 وبعدها التي أجبرت خلالها  “غولدامائير” رئيسة وزراء الكيان الصهيوني على التفكير باستعمال القنبلة النووية لإيقاف هزيمة جيشها أمام الجيوش العربية في سيناء والجولان ، لولا أن حوّل (أنور السادات) نصر تشرين على الجبهتين المصرية والسوريّة إلى هزيمة بخيانته وانبطاحه ونرجسيته.
لم يكن أنور السادات الأوّل الذي باع القضيّة الفلسطينية فقد سبقه عبد العزيز بن سعود وتلاه العديد من القيادات الفلسطينية التي هَوَت إلى الحضيض ولم تتورّع عن التآمر  مع الصهاينة ضد بلدهم وضد المناضلين من أبناء جلدتهم الذين كانوا من قادة الإنتفاضة  فاستغلّوها وامتطوا ظهرها للعودة إلى فلسطين ليتبوَؤا  مناصبَ جعلتهم يرتمون أكثر في أوحال العمالة، فها هم قادة فلسطينيون مقاومون وقعوا ضحيّة عملاء خونة سلّموهم للإحتلال من أمثال “مروان البرغوثي أحد قادة فتح البارزين  وكذلك أمين عام الجبهة الشعبية “أحمد سعدات” وغيرهم الكثيرين ممن أرّقوا الصهاينة ولولا جواسيس التنسيق الأمني لما وقعوا في قبضة الإحتلال فاستشهدوا أو أعتقلوا.
بعض الدول العربية تمتلك من الأسلحة مالم تمتلكه بعض دول حلف الناتو وتمتلك من الثروات ما لم تمتلكه عشرات من الدول مجتمعةً في الشرق والغرب ، ولكن بدلاً من استخدام الأسلحة لتحرير المقدّسات في فلسطين والثروات لتطوير المجتمعات والقضاء على الفقر والأمّية والتخلّف، بدلاً من ذلك تعتدي على جيرانها وترتكب المجازر التي يندى جبين التاريخ بحق الفقراء، وتسخّر الأموال للتآمر وللتحريض على المقاومين في فلسطين ولبنان  وتموِّل الإرهاب لإسقاط الأنظمة الرافضة للخضوع للهيمنة الصهيو- امريكية،وبدلاً من أن تعتمد على الشرفاء من شعبها لحماية أمنها فإنّها ترسل العسس لمطاردة الأحرار الخارجين عن طاعة النظام وتزجّ بهم في المعتقلات وتعدمهم بتهمة الخروج عن طاعة “ولِيّ الأمر” وعمالتهم لإيران ،كما وتدفع مئات المليارات لعُتاة المجرمين لحماية عروش الحكّام ، وتموّل وسائل إعلام وجمعيّات وشخصيات سياسية وإعلامية فقط لتشويه صورة كل من يقاوم الكيان الصهيوني ، أحد أؤلئك كان رئيساً لجهاز  إستخبارات إحدى الدول العربيّة كافأه الأمريكيون وعيّنوه رئيساً للوزراء ، كافئوه على عمالته وتآمره في عملية إغتيال أحد أهم القادة الأمميّين الذي كان له الدور الأكبر في حفظ تلك الدولة من السقوط تحت سيطرة الإرهاب والذي حمل روحه على كفّه لأربعين عاماً يقاتل الأمريكيين والصهاينة وعملاءهم من أفغانستان إلى لبنان إلى سوريا إلى العراق إلى إيران، فائد تميّز بتواضعه وإنسانيته ،جمع في شخصه مهارات عسكرية واستخباريّة  إضافةً للقدرات الحربيّة فضلا عن مهاراته في إدارة الجيوش المتعدّدة الجنسيات في أرض المعركة .
تآمروا مع الصهاينة والأمريكيين وحلفائهم في الخفاء لعقود من الزمن وموّلوا حروبهم ضد الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين ،
ومن ثمّ نزعوا أقنعتهم وتسابقوا لإعلان الولاء للكيان الصهيوني ولم يكتفوا بذلك بل زوّروا تاريخ فلسطين لمصلحة إدّعاءات الصهاينة ليُبرّروا خيانتهم،ولم يتورّعوا عن تهديد دول عربية واسلامية لإخضاعها وإجبارها للّحاق في ركب الخونة والمُطبّعين كما يحدث مع الجزائر والباكستان وغيرهم،
كلّ ذلك يحدث في زمن هزائم متتالية تلحق بالأمريكيين والصهاينة .
وفي الجهّة المقابلة شرفاء من أحرار العرب والمسلمين يحملون قضايا العرب وقضيّة فلسطين على عاتقهم وبإمكانياتهم المتواضعة يصمدون ويقاتلون لعشرات السنين وينتصرون ويُستشهدون دفاعا عن أرضهم وعن كرامتهم ولم يخضعوا لا لتهديد ولا لترغيب على الرّغم من تحالف وتكالب قوى تفوقهم عُدّةً وعدداً ملحقين الهزيمة تلوَ الهزيمة بالأمريكيين والصهاينة في العراق ولبنان وفلسطين .
استشهدوا بعد أن حفروا اسماءهم بدمائهم على صفحات تاريخ الأحرار ، وستبقى ذكراهم أنشودة كرامةٍ تتجدّد كلّما طال الزمن،فهم:
“خالدون نقشوا اسماءهم على صفحات العزّ”.
بينما الخونة تتسِع لهم مزابل التاريخ ، ولن يتذكرّهم أحد إلاّ ليُضرب بهم مثالاً للخيانة كما يُضرب المثال ب “أبي رِغال” الذي هدى “أبرهة الحبشي”الذي جاء لتدمير الكعبة إلى طريق “مكّة”، فهم:
“عابرون في كلامٍ عابِر “.
وفي الختام “النصرُ سيكون إلى جانب المناضلين وليس إلى جانب الأنذال”.

قد يعجبك ايضا