عندما يطبع العربان ويطالب يهود بإعادة فلسطين لأهلها / أسعد العزّوني

 

أسعد العزّوني ( الأردن ) – الجمعة 1/1/2021 م …




مفارقة عجيبة وتناقض صارخ بين أتباع طائفة ناطوري كارتا اليهودية ،المناهضة لمستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية الإرهابية التلمودية وللصهيونية،وبين العربان بغض النظر عن “مقايلهم” الذين إنسحقوا أمام الكيان الصهيوني في عملية تطبيع تهويدي فاقت الوصف ،وأذهلت حتى الصهاينة أنفسهم،لأنهم فوجئوا بمستوى الإنسحاق العربي أمامهم ،بحجة معلنة وهي الخوف والهلع من إيران وتركيا.

قبل الغوص في تفاصيل الإنسحاق العربي أمام مستدمرة الخزر ، نستعرض مظاهرة  نظمها أتباع حركة ناطوري كارتا “حراس المدينة”اليهود في القدس في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان الماضي بمناسبة يوم القدس،وضمت 150 ألف يهودي ،طالبوا بإعادة فلسطين لأهلها الفلسطينيين ،وأحرقوا الأعلام الإسرائيلية وهتفوا ضد الكيان الصهيوني متمنين زواله،وكان حاخاماتهم يضعون الكوفية الفلسطينية على أكتافهم ويلفون بها أعناقهم تعبيرا عن ولائهم وانتمائهم لفلسطين،ويذكر ان الرئيس الفلسطيني الراحل بالسم ياسر عرفات إئتمن حاخامهم الراحل موشيه هيرش في منصب وزير بالسلطة كرسالة لها مغزى.

هذه الطائفة تتواجد في القدس وفي لندن  ونيويورك ،وينشط أتباعها على الدوام لتأييد الحق الفلسطيني ومناهضة إسرائيل ،ويقيني لو أن العرب تحالفوا معهم لتغيرت المعادلة بكلفة قليلة،فهم مشهورون ولغتهم الإنجليزية قوية ومظهرهم اليهودي معبر ،ولكن العرب يبتعدون عن كل من يساندهم في قضاياهم ،ولا تمر مناسبة فلسطينية إلا ويتصدرها في لندن أو نيويورك هؤلاء الحاخامات الذين يهتفون بإسم فلسطين، ويرفعون علمها ويحرقون علم “إسرائيل “ويهتفون ضدها ،مستغلين حرية الرأي المعمول بها في الغرب.

جاءت مظاهرة ناطوري كارتا الرمضانية الحاشدة ردا مبكرا على موقف العربات التهويدي مع  مستدمرة إسرائيل،بأن العربان الذين يتبنون الرواية الكاذبة بخصوص ملكية فلسطين ،وقولهم أن فلسطين لليهود،وأن الفلسطينيين باعوا أراضيهم لليهود ،في تناقض سافر لم يتنبهوا لهم ويوقعهم في شرك الغباء والهبل،وكان الرد اليهودي الحقيقي للعربان أنكم كاذبون مثل الصهاينة ،وبالتالي فإن مصيركم  يشبه مصيرهم إلى زوال.

وحقيقة الأمر أن صهاينة العرب لم يكتفوا بالعدوان الغاشم على فلسطين بل تعدوها إلى الظهير وهو الأردن بالضغط عليه لإجبار قيادته على التنازل لهم عن الوصاية الهاشمية ،ليهيمنوا على المقدسات العربية في القدس المحتلة ،كي يمنحوا الأقصى هدية للصهاينة ،وهاهم الإماراتيون والسعوديون يزحفون بإتجاه الأقصى من خلال مؤامراتهم القذرة .

ما يندى له الجبين هو أن الإعلام الغربي والعربي  يتجاهل مثل هذه المظاهرات النوعية الحاشدة،ويفرض تعتيما عليها ،علما أن الإعلام العربي يستنفر في حال أشيع أن راقصة ما أصيبت بالإنفلونزا ،ويفرد لها المساحات الفضائية والبرامج ومساحات الورق ومساحات الأثير ،كي يرضيها ويطمئن جمهورها عليها،لكنه  أجبن من أن يغطي مثل تلك المظاهرات الحاشدة المعبرة والداعمة للموقف العربي .

أن يمارس هؤلاء اليهود الدور المناط بنا ،دلالة على انحطاطنا وتنازلنا عن قضايانا وأبرزها قضية فلسطين ،وأن يقوم هؤلاء بمطالبة الصهاينة بإعادة فلسطين لأهلها الفلسطينيي ،دليل على أصالتهم ومستواهم الأخلاقي،ومجمل القول أن ما فعله المطبعون العرب التهويديون قلب المعادلة رأسا على عقب،لكن جذوة الحق ستبقى مشتعلة ما دام هؤلاء اليهود موجودين على الساحة ،ويوقومون بدورهم تعويضا عن غيابنا نحن أهل الحق عن الساحة.

لا أدري ما هي ردة فعل المطبعين العرب حد التهويد على مثل هذه المظاهرة ،وما هو موقف شعوبهم عندما يروا يهود يثورون نيابة عنّا ،ويتخذون مواقف ثورية عوضا عنّا نحن المستسلمين حد الإنسحاق،ويقيني أن تلك المظاهرة عبّرت عن لب الصراع المحتدم منذ أكثر من قرن من الزمن في فلسطين،ولو أن الفلسطينيين هم الذين نظموا تلك المظاهرة لوجدنا المطبعين يستنفرون ،ويوظفون كافة وسائل إعلامهم القذرة لمهاجمة الفلسطينيين وكيل التهم لهم بأنهم إرهابيون يعملون على زعزعة امن إسرائيل،اليس هذا الإعلام الذي كتب أن إسرائيليا إستشهد على يد إرهابي فلسطيني؟

مجمل القول أن الدعارة السياسية التي يمارسها صهاينة العرب في الخليج وفي إفريقيا ،يقابلها موقف جذري وحاسم  يمثله أتباع ناطوري كارتا دفاعا عن فلسطين ،وإن دل هذا على شيء فإِنما يدل على ثبات هؤلاء اليهود على الحق الفلسطيني ،بمعنى أن دعارة البترودولار العربي لن تنتقص من قداسة القضية شيئا.

قد يعجبك ايضا