العطارات والخبر العاجل للحكومة الأردنية / د. عدنان سعد الزعبي




د. عدنان سعد الزعبي ( الأردن ) – الأحد 20/12/2020 م …

في خبر عاجل على وسائل الاعلام الحكومة تلجأ إلى التحكيم في مشروع العطارات ووزيرة الطاقة تعلن قبلها بيوم ان بئر 53 في الريشة يرفع الانتاج اليومي من الغاز الى 19 مليون قدم من اصل 350 مليون حاجتنا اليومية, وخبراء يبشرون الاردنيين بان النفط والغاز موجود ويحتاج الى استخراج وما هي الا مسألة وقت ونكون قد اكتفينا ذاتيا من الطاقة بفعل الغاز.

وكغيري من الاردنيين تفاجأنا بالامس الاول من تصريح الوزيرة والخبراء رغم انه ليس بالجديد، فلطالما اخبرنا الخبراء عبر مختلف وسائل الاعلام ان الثروات الظاهرة والمدفونة كثيرة وان الاردن ليس فقيرا بل غني بهذه الثروات وان المشكلة تكمن في الارادة والادارة!

ايدنا بشدة امس خبر قرار الحكومة التوجه نحو التحكيم واي اجراءات ايجابية للتعامل مع ائتلاف شركات مشروع العطارات الصينية الماليزية الاستونية. لكن ما هي حقيقة القصة؟ وما هي الاشكالية التي تقوم عليها هذه القصة؟ وما هي الاسئلة الرئيسية التي تدور حولها وبماذا ستتقدم الحكومة امام القضاء وما هي فرضياتها التي ستحاور بها خصمها وتستعرضها امام المحكمة الدولية؟. وهل للحكومة هدف استراتيجي في حال فشل جهودها بالتحكيم؟ اي هل هناك بدائل ستقوم بها, وهل فكرت بعمق في ابعاد هذه البدائل وما هو الهدف الاستراتيجي من وراء ذلك؟ ,وكيف سترد على مقولة: ان الحكومة ستتنصل من الماضي واخطاءه واخطأء مرتكبيه والتغطية عليهم بالهروب الى الامام والى المستقبل؟ خاصة وان شركة الكهرباء الوطنية تسعى بكل جهدها للوصول لحالة التوازن بين الكلف والمبيع والتخلص من الخسارات المترتبة عليها جراء هذه الاتفاقيات وخروج الكثير من الزبائن الكبار جراء مشاريع الطاقة المتجددة الخاصة بها؟

بداية العقد الحالي وقعت الحكومة مع هذا الائتلاف اتفاقية لتزويد الشركة الوطنية ب15% من احتياجاته من الطاقة ضمن خليط الطاقة من الصخر الزيتي وبسعر بلغ 12 قرش للكيلوات الواحد لنجدها اليوم تطالب بتخفيض هذا المبلغ الذي اصبح عبء ثقيلا على شركة الكهرباء الوطنية التي اصبحت ملزمة بدفع ما يزيد عن 120 مليون دينار سنوي مقابل ما تزوده لها الشركة من طاقة ومهما كانت الكمية.

الحكومات تسابقت في توقيع اتفاقيات مصادر الطاقة وخاصة االغازالذي اصبح يصلنا من مصادر مختلفة وبسعر كلفة للكيلوات لا يتجاوز ال7 قروش .

والسؤال الاهم وقبل ان يفهمنا المبصرون على اهوائهم نقر بان السعر المقدم من شركة العطارات عالي جدا وان موافقة الشركة الصينة والاستونية التي تملكا 55% من الشركة على تخفيض السعر التعاقدي ، يحتم على الشركة الماليزية تفهم الوضع والسير بنفس المنطق الذي سارت عليه شركات الائتلاف الاخرى ولكننا لا زلنا نجهل سبب هذا التعنت ؟

ولدى الحكومة خيارا واحد لا ثاني له اذا اصرت الشركة على العقد وبنوده , الا وهو اللجوء للشراء المباشر لحصة الماليزيين وهو الاحتمال الاكبر وتوجه الحكومة الاكثر الحاحا ولكن هل في موازنتنا ما يمكننا باتخاذ هذا القرار ولماذا هذه الخسارة منذ البداية . .

السؤال الاكثر الحاحا في ملف الطاقة كغيره من الملفات ؟ الى متى سنبقى بهذا السلوك غير المنضبط ؟ ماذا جرى ويجري في ملف الطاقة ، ولماذا وصلنا الى هذا المستوى، من التراجع واحراج انفسنا والضرب في مصداقيتنا , فهل هو قصر النظر ام غياب اصحاب القرار الصادقين , ام وراء المسألة ما وراءها ؟؟!! فهل تعرض هذا الملف للعبث ولا نعرف هل هو مقصود ام هو الجهل ام هو غاية في نفس يعقوب , اسئلة محيرة وتحتاج من رئيس الحكومة الى توضيح مباشر ! لماذا نتورط باتفاقيات مجحفة ثم نكتشف بعد فترة باننا مخطئون واننا الطرف الاضعف (الحيط الواطي) . ملف الطاقة شاهد على التخبط وغياب البعد الاستراتيجي ووجود اشارات لا بد وان يتم الكشف عنها والكشف عن اؤلئك الذين عبثوا به بغض النظر عن مستوياتهم ؟ وما هي اسباب قفز السعر من 7 قروش الى 12 قرش للكيوات الواحد , والتوقيع على ذلك بكل سهولة . ولماذا تراجعت الحكومات عن مشاريع الطاقة المتجددة وهي الاهم لنا والافضل والايمن . لماذا عادت الحكومات الى تنويع مصادر الطاقة باستيراد النفط السائل بما فيه المنحة العراقية او شبه المنحة , كذلك تجديد الاتفاقية الغاز رغم التجارب المريرة مع هذا الغاز الذي كبد موازنتنا مليارات حسب تصريحات رئيس الوزراء آنذاك ووزير الطاقة . ونستمر بتوقيع اتفاقية الغاز الاخيرة مع اسرائيل .

اليوم نعود عن الاتفاقية الموقعة مع الائتلاف وتلجأ الحكومة للتحكيم بقصد الضغط على الشركة وخيار الشراء بيدها الاخرى , ليذكرنا هذا الموقف المحرج بموقف الحكومة عندما تورطت مع شركة ليما التركية منفذت مشروع الديسي بالاخطاء الكبيرة المرتكبة والذي دفع بالشركة بالمطالبة ب400 مليون دولار .

مجلس النواب الان مسؤول وبكل المسؤولية الوطنية والشعبية ان يفتح ملف الطاقة وان يظهر للناس وبالحقائق من وراء هذا التخبط وهذا العبث باموال الوطن وتحميله التبعات والتبعات والتي يتحملها المواطن المسكين .

النواب ولجنة الطاقة معنية الان بفتح ملف العطارات وعدم ترك الحكومة تتخبط والخروج بافضل الحلول وعقلنة القرار الحكومي باقل الخسائر الممكنه ، فقد مللنا القرارات المصيبة التي اردت بنا قتلى نرمق النجاه .

قد يعجبك ايضا