نصائح للحكومة ( الأردنية ) لضبط الأمن المجتمعي / أسعد العزّوني




كورونا..الأمن المجتمعي هو الأساس / أسعد العزوني – الأردن العربي | عربي الهوى , أردني الهوية 

أسعد العزّوني ( الأردن ) – السبت 17/10/2020 م …

لا شك أن الأمن السياسي عندنا مضبوط وتحت السيطرة،وتظهر خارطة الأردن السياسية للعيان ،متضمنة حتى النوايا وما لا يقال في العلن،لكننا  نعاني من ظاهرة لم يتنبه لها أحد من المسؤولين لأسباب نجهلها ،وهي التهتك الحاصل في الأمن المجتمعي الذي ينعكس علينا جميعا في هذا الوطن، المستهدف من كافة القوى المطبعة التي تتبنى الرواية الصهيونية،ويكمن الخلل في الأمن المجتمعي الأردني في الفوضى الإعلامية وتفشي الإعلام الأسود بعد الأصفر.

سابقا كنا نعاني من الإعلام الأصفر المتمثل بالصحف الصفراء الأسبوعية ،التي كان أصحابها المشبوهين يحصلون على تراخيص رسمية ،فتحت لهم أبواب النادي الإعلامي على مصراعية ،وهيأت لهم مجالات السبق ليسرحوا ويمرحوا في كافة أرجاء هذا الوطن،لممارسة نواياهم من فضائح وتضليل وإستغلال وإغتيال شخصية،وكم عانينا من هذه الظاهرة إجتماعيا وإقتصاديا.

إتسمت تلك الصحف الصفراء بالفضائحية وعدم مراعاة القيم المجتمعية ،حتى أنهم كانوا ينشرون خبرا من إحدى دول أمريكا اللاتينية ،ويجترحون له عنوانا خبيثا يوحي بأن الحادثة المشينة وقعت في الأردن،وكما كنا نخجل إبان إقامتنا في الخليج عند رؤية أي  من تلك الصحف التي كانت تصوّر الأردن إجتماعيا  على غير حقيقته  ،ولا أدري هل كانت السفارات الأردنية تعرف عن تلك الصحف أم أن الأمر لا يعني العاملين فيها ،الذين تم تعيين غالبيتهم بالواسطة وللتنفيع على حساب الوطن؟

تطورت الأمور ودخلنا تحت مظلة المواقع الإليكترونية التي خلقت زحاما أعاق الحركة بل وعطلها،وكانت التراخيص تمنح لمن هب ودب ويتم تعيين أشباه صحفيين رؤساء تحرير إسميين على الورق فقط وبراتب رمزي ،ليمارس الناشر أمراضه الإجتماعية ،ويحقق أربحا من خلال التزوير وإغتيال الشخصية ونشر الأكاذيب،علما أنني شخصيا وقبل ثماني سنوات حاولت الحصول على ترخيص لموقع إليكتروني ،لكنني اكتشفت أن ملفي بكامله تم إخفاؤه ولم أحصل على الترخيص، رغم خبرتي الإعلامية في الداخل والخارج التي تنوف عن أربعين عاما.

بعد ذلك إنزلقنا إلى حالة مرضية أخرى وهي سيل الإذاعات والفضائيات الحاراتية، التي تسلخ على الحامي دون التقيد بالقيم الإعلامية والمجتمعية بحجة الرأي والرأي الآخر وحرية الإعلام،ولو دققنا في هوية معظم العاملين فيها وخاصة المالكين لوجدنا العجب العجاب ،ومع ذلك تفتح لهم الأبواب ،وبمارسون أمراضهم المجتمعية بدون قيد أو شرط ،إلا في حال التخوف سياسيا من البعض فإنهم يحاسبون.

الظاهرة الأسخم التي أغرقتنا بسوادها هي مقولة “كل مواطن صحفي” وخاصة بعد إنتشار الهواتف الذكية المزودة بالكاميرات،حيث أصبح بمقدور أي مواطن أو مقيم بغض النظر عن هويته ونواياه ، أن يقوم بتصوير أي حادث ونشره بكبسة زر في كافة انحاء العالم ،دون علم منه ربما أن ذلك خطيئة تعارض عمل الجهات المعنية،ناهيك عن قيام الإعلام الأسود بنشر الروايات على عواهنها ،دون التوقف عند الدور الأمني لها،ومدى إعاقتها للمحققين الذين يعملونوفق نظريات محددة لا يعلمها رواد الأسود ،او ربما يعلمون عنها ويضربونها عن قصد،ولا ننسى فوضى  وسائل التواصل المجتمعي القاتلة.

أما الظاهرة الأخيرة فهي ظاهرة الفيديو واليوتيوب التي تبيح لكل من هب ودب أن يسجل وهو بيته أو سيارته أو مزرعته أو مخبئه أو منفاه  الإختياري وراء البحار ،ويرسل الرسائل اللاأخلاقية بحجة انه إما محلل سياسي أومعارض ،مع أنه في حقيقة الأمر يعاني من مرض نفسي ليس إلا.

إنفجر الدمّل عند وقوع جريمة فتى الزرقاء ،إذ أشبعنا معلومات ووقائع حتى قبل وصول المحققين إلى ساحة الجريمة،وإتصل أحدهم بالضحية اليافع وتلا عليه بيانا سياسيا مفاده أن الشعب الأردني يقف معك،ولا أدري كيف سيستوعب مثل ذلك اليافع المقطوعة يديه والمفقوءة عينيه مثل تلك الكلمات ذات المفهوم السياسي الكاذب.

ما نستطيع قوله من باب النصيحة للحكومة وهي حرة في الأخذ بها أو رميها في سلة “الإهمال” ،أن تعيد النظر في التراخيص الإعلامية وهوية طالبي الترخيص ورؤساء التحرير وتغليظ العقوبات على المخلين بالأمن المجتمعي،وتفعيل القوانين والنظم المعمول بها والتقيد بالتعليمات الأمنية ،لأن مصلحة الوطن هي الأهم.


قد يعجبك ايضا