روسيا تخترق الصوت / د. حسام العتوم




د. حسام العتوم ( الأردن ) – الأحد 11/10/2020 م …

ليست ألمرة الاولى , و لا ألاخيرة ألتي تعلن فيها الفيدرالية ألروسية ( ألدولة , و ألقطب ألعملاقة) , اختراق سلاحها ألصاروخي ألنووي ألجديد ” تسيركون ” للصوت بتاريخ 7 اكتوبر ألجاري من هذا العام 2020 , وعبر إعلان رسمي من رئيسها فلاديمير فلاديميورفيج بوتين , وبطريقة مدهشة لحلف ( الناتو ) الغربي بقيادة ألولايات ألمتحدة ألامريكية , أو أنها ستعلن ذلك في عمق الزمن ألقادم كل عشر سنوات . وستبقى أسرارها ألعسكرية عميقة كما دول ألعالم العظمى , وحتى الكبيرة , و ألصغيرة . لذلك أنا شخصيا لا أومن بأرقام ألانترنت ألعسكرية , وألارقام ألصحيحة باقية في ألسراديب عبر ألانفاق تحت ألارض .

وبالمناسبة روسيا اليوم هي الدولة الوحيدة العظمى في العالم القادرة عسكريا على التوازن مع امريكا على مستوى قوة النار , ومساحتها ألاكبر في ألعالم , وتحتل سدسه , أي ( أكثر من 17 مليون كلم2 ), وتعدادها ألسكان يفوق أل 42 مليون نسمة , و امكانتها ألاقتصادية عملاقة على مستوى ألمخزون و ألصادرات ( سابع أكبر اقتصاد في ألعالم حسب ألنتاج ألاجمالي , و 75 تريليون أمريكي مواردها ألطبيعية حسب البنك ألدولي ,و أكثر من 7 مليارات دولار صادرتها من ألسلاح حسب RT . و قادرة على مواجهة ألحرب ألباردة التي ترفضها منذ اندلاعها رسميا بعد األحرب العالمي الثانية ” ألعظمى ” 1945 . وقدرة لها على ألتصدي لأية حرب ساخنة متوقعة مهما بلغت قوتها و حجمها . وتوجه قوتها , وفي مقدمتها تراسانتها النووية العملاقة للمحافظة على أمن ألعالم ,ولن تلجأ يوما الى هوريشيما , و ناكازكي جديدة على الطريقة ألامريكية مثلا , ولم تعد ترعبها تلك ألرسالة ألامريكية ألنووية لليابان ألموجهة لها , و لعمقها األسوفييتي ذات ألوقت .

خطأ كبير أن يتداول انساننا نحن ألعرب مقولة أن أمريكا هي أقوى دولة في ألعالم في ألمقابل , لكننا نعترف لأمريكا بأنها من أقوى دول ألعالم عسكريا و اقتصاديا ذات ألوقت , و ألسبب هنا هو صعود نجم روسيا في ألمجال العسكري ألتقليدي , وغير ألتقليدي , ومنه ألفضائي , و على مستوى ألاقتصاد , رغم تواضع ميزانيتها ألعسكرية بالمقارنة مع أمريكا من جهة , ومع دول ( ألناتو ) بقيادة أمريكا من جانب أخر . و تصريح لوزير ألدفاع ألروسي سيرجي شايغو عام 2019 يقارن فيه بين ميزانية أمريكا , و روسيا عسكريا , و يظهر فيها تفوق أمريكا لوحدها على روسيا 16 مرة , حيث تبلغ ميزانية أمريكا ألعسكرية حوالي 750 مليار دولار . وتصريح لنائب وزير ألمالية ألروسي ليونيد غورنين عام 2017 يشير فيه إلى أن ميزانية روسيا تقترب من 116,8 مليار دولار . ومن سياسة وزارة ألدفاع ألروسية ألعلنية عدم ألتسابق على مستوى ألتسلح مع أمريكا , و لا حتى مع ( ألناتو) ,و تحتفظ لذاتها بحق ألتطوير ألعسكري , جيشا أحمرا , و بحرية , و فضاء . و تراقب لوجيستيا و تحركات ألجهات ألمنافسة و ألمعادية لها على مدار ألساعة . و ينس ستولتنبرغ أمين عام حلف ) ألناتو NATO ( ألعسكري تحدث للإعلام عام 2019 , بأن ميزانيته ستصل عام 2024 الى 400 مليار دولار . وحسب معهد ستوكهولم لبحوث ألسلام ( سيبري) عام 2017 ,فأن روسيا تتخطى بريطانيا في تجارة ألسلاح , وتحتل ألمركز ألثاني بعد ألولايات ألمتحدة ألامريكية بنفس ألمجال. وصعود بياني اقتصادي صيني ملاحظ وغير مسبوق , وسجلت ميزانية ألدفاع 145 مليار دولار عام 2016 , حسب ألمعهد ألدولي للدراسات ألاستراتيجية , و انضمام للصين لمنظمة ألتجارة ألعالمية , و أحتلال للمرتبة ألثانية في ألاقتصاد بعد ألولايات ألمتحدة ألامريكية , ووصول ألناتج ألمحلي ألصيني الى 13,6 تريليون دولا .

قوة روسيا و تفوقها ليس في سلاحها ألنوعي ألفتاك فقط , والذي يتوازن مع ألغرب ألامريكي مجتمعا تحت مظلة حلف (ألناتو ) ألعسكري , و انما بقوة تمسكها بالقانون ألدولي ومنه ألانساني , و بأوراق ألامم ألمتحدة , و مجلس ألامن, و ألمحكمة ألدولية في لاهاي . وأكبر مثال لي هنا هو أن ألامم ألمتحدة عام 1945 نهاية ألحرب ألعالمية ألثانية من صنيعتها , و أمريكا , و بريطانيا . وفي أتون ألحرب ألوطنية ألعظمى ( ألثانية ) دفعت و ألسوفييت فاتورة من ألشهداء مقدارها 27 مليون شهيد دفاعا عن ألانسانية , و ألبشرية . وطردوا ألنازية ألمانية بقيادة أدولف هتلر الى عمق برلين , و قارعو أللإرهاب في بلادهم و ألسوفييت في أكثر من مكان و نجحو بذلك ,وواصلوا مقارعته في سوريا عام 2015 و حققوا نجاحات مرتفعة . وواجهوا ألحرب ألباردة بصرامة ألتي وجهها ألغرب ضدهم , ومن زاوية ألند للند , و ألامثلة هنا كثيرة منها في أفغانستان عام 1979 لمواجهة ألهبوط ألامريكي ألمبرمج هناك , و دفعو ثمنا بشريا باهظا , و سياسيا , و استراتيجيا أيضا , بأنهيار أكبر منظمومة مواجهة للحرب ألباردة مثل ألاتحاد ألسوفييتي عام 1991 . ,واعترضت روسيا على انسحاب أمريكا احادي ألجانب من معاهدة ألصواريخ قصيرة و متوسطة ألمدى عام 2019, بعد إعلان روسيا عن انتاج ألصاروخ ألنووي ( اس. اس. سي 8 , ويذكر بأن المعاهدة وقعت بينهما عام 1987 و نجحت روسيا بعد ذلك في اعادة بنائها بجهد رئيسها ألحالي بوتين , وليس على طريقة ميخائيل غورباتشوف( بيريسترويكا) بطبيعة ألحال ,أو على طريقة بوريس يلتسين مثلا . ولم تعد ألشيوعية فقط هي ألتي تواجه ألحرب ألباردة ,وهي ألتي فقدت سلطتها مع ألانهيار ألسوفييتي وبقيت في ألاحزاب , و انما روسيا ألحالية بثوبها ألفيدرالي ألاتحادي ألديمقراطي ألمتماسك .

ولم ينجح ألغرب ألامريكي بتوجيه عقوبات اقتصادية على روسيا عدة مرات , تارة بسبب أزمة أوكرانيا , واندلاع قضية ألقرم عام 2014 , وأخرى بسبب قضية ألجاسوس ألروسي – ألبريطاني ألمزدوج سيرجي سكريبال عام 2018 في سالزبوري في انجلترا , و حول قضية ألمعارض ألسياسي ألروسي ألكسي نافالني في ألمانيا عام 2020 . وحتى بسبب اتهام روسيا بالتدخل في ألانتخابات ألرئاسية ألامريكية ألسابقة ألتي فاز بها دونالد ترمب رئيسا للبيت ألابيض و لأمريكا عام 2016 . وهو ألرئيس ألذي لم يستطع زيارة موسكو طيلة فترته ألرئاسية ألتي شارفت على ألانتهاء ولو لمرة واحدة حتى لا يتهم بالعمالة لروسيا .و ألسبب هنا يكمن في ضغط أللوبي ألمعادي لروسيا داخل أهم ألمؤسسات ألامريكية مثل ( ألبيت ألابيض ,و ألبنتاغون , و ألايباك ) , و تحت تأثير ألاستخبارات ألامريكية( CIA) بكل تأكيد .و لم ينجح ألغرب ألامريكي مجتمعا بأثبات أي تهمة سابقة وجهت لروسيا سابقا , وحرب اقتصادية غربية على ألعملة ألوطنية ألروسية ( ألروبل ) لكي تبقى متضخمة و منفلتة عالجتها روسيا بالاعتماد عليها في عقودها ألتجارية مع ألعالم وعبر ألاعتماد على ألذات وطنيا و قوميا , و بربطها بالدولار ألامريكي , و باليورو ألاوروبي أيضا.

في موضوع جائحة كورونا COVID19 تحركت روسيا مبكرا لمد يد ألعون ألطبي لأيطاليا , و أمريكا أولا هذا العام 2020 رغم ألعقوبات ألاقتصادية من طرفهم و مجمل ألغرب عليها. وواجهت بعد ذلك موجة من الفوبيا ألإعلامية ألمبرمجة ضدها بعد إعلانها عن انتاجها ألاول من ألمضادات ألمكافحة لكورونا ( سبوتنيك5 ) , ألخادم للبشرية كلها , وهو الذي طورته روسيا الى أصناف جديدة. و ألنهج ألسياسي ألروسي ألمعارض لسياسات ألغرب استرتيجي , يبرز توجهات روسيا وسط كافة محطات ألعالم ألسياسية , و ألاقتصادية , و ألعسكرية , و يتمتع بمرونة كبيرة في ألحالات ألانسانية مثل ” كورونا ” ألفيروس ألخطير وواسع ألانتشار, و ألفاتك بالبشرية . وفي حالة ألخط ألساخن بين روسيا , و أمريكا , و ألغرب , و دول ألعالم ألكبيرة لتفادي وقوع صدامات عسكرية كبيرة , و في مقدمتها تفادي وقوع حرب عالمية ثالثة مدمرة للحضارات , و للأنسانية لاسمح ألله و قدر .

قد يعجبك ايضا