من صَنع “الجوع” في العالم؟ / يوسف عبدالله محمود




يوسف عبدالله محمود ( الأردن ) – الإثنين 10/8/2020 م …

ظَلموا الرعية، واستجازوا كيدهم وَعَدوا مصالها وَهُم أُجَراؤها “المعرّي”
سؤال يترد كثيراً على الألسنة: من صنع الجوع في العالم؟
تختلف الإجابات، منها من يعزوه إلى تزايد سكان العالم وشحّ الموارد الاقتصادية، ومنهم من يعزوه إلى جشع المستغلين من النُّخب الفوقية التي تتمتع بالسلطة واحتكار الموارد.
هل “الجوع” – والحالة هذه – قَدَرٌ لا فكاك منه؟ وهل سببه عجز الفقراء من تحسين ظروفهم لِهِمَمِهم المتدنّية التي لا تحاول الطموح كما يروّج أنصار “الداروينية”؟
يُجيب عن هذه التساؤلات وغيرها الكاتبان العالميان فرانسيس مورلاييه وجوزيف كولسنيز في كتابهما المترجمة “صناعة الجوع” ترجمة: أحمد حسان. (سلسلة عالم المعرفة- الكويت) في كتابهما يدحض المؤلفان أن يكون “الجوع” قَدَراً على البشرية أن تقبله.
ففي رأيهما “أن الصادرات الزراعية من بلد يجوع فيه الكثيرون هي بدرجة كبيرة انعكاس للمشكلة وليست المشكلة نفسها. فحتى لو توقفت كل الصادرات الزراعية سيظل هناك جَوعى، أولئك الذين يظلّون مُستبعدين من السيطرة الفعلية على موارد بلدهم المنتجة للغذاء”. المرجع السابق ص251.
يعزو الكاتبان أن جوع البشر في أي بلد سَببه سيطرة قِلّة على “الأصول الإنتاجية” وتسخيرها لمصالحهم ومقاومتها لأية محاولات لإعادة توزيع السيطرة على الأصول الإنتاجية.
أليس هذا هو الذي يحصل في عالم اليوم وبخاصة في البلدان النامية التي تُعاني التخلّف؟. وللتوضيح أكثر يعقد المؤلفان مقابلة بين بلدين من بلدان الكاريبي هما كوبا وجمهورية الدومنيكان. كلتاهما تنتجان “السُّكر” وتعتمدان على الصادرات الزراعية في الحصول على العملة الأجنبية.
أما المفارقة- وكما يشير الكاتبان – “فإن 75 في المائة على الأقل من السكان في جمهورية الدومنيكان اليوم يُعانون من سوء التغذية، بينما لا يوجد في كوبا سوء تغذية على الإطلاق”.
المرجع السابق ص252.
وفي شرحهما للسبب يقولان: “ففي كوبا، كل العملة الأجنبية ملك للجمهور، وتوظف في تنفيذ خطط التنمية في البلاد. أما في الدومنيكان، فإن قسماً كبيراً من العملة الأجنبية الناتجة عن صادرات السكر تعامل باعتبارها ربحاً لشركات خاصة، ويعاد جزء كبير منها إلى الولايات المتحدة”. المرجع السابق ص252.
نخلص من كل ما تقدم أن “الجوع” ليس قدراً محتوماً أو نتيجة تزايد سكان العالم واستنزاف الموارد، لكنه يعود إلى الاستغلال.

قد يعجبك ايضا