مفاوضات قد تفضي الى تكريس الاحتلال الامريكي للعراق / كاظم نوري

الأمن النيابية تكشف محاور المفاوضات بين العراق وأمريكا اهمها جدول ...

كاظم نوري ( العراق ) – الأربعاء 10/6/2020 م …




اقترحت الولايات المتحدة  الامريكية ذرا للرماد في العيون اجراء مفاوضات مع العراق بشان وجودها العسكري في البلاد بعد” قرار البرلمان” المطالب بسحب القوات الامريكية من العراق . لقد عرف عن الولايات المتحدة انها اذا احتلت بلدا لن تخرج منه الا بالقوة ذليلة وقد حصل ذلك في بلدان عديدة وحتى العراق الذي غادرته عام 2011 مرغمة  من الباب جراء الخسائر البشرية التي لحقت بقواتها  لتدخل من الشباك  مرة اخرى ولتكرس وجودها في قواعد عسكرية لاتعرف سلطات بغداد ما تحتويه من معدات وافراد.

 وحتى المسؤولين الامريكيين باتوا يستخدمون تلك القواعد في رحلاتهم وكانها ولايات امريكية وليس ارض عراقية  في استهانة معهودة من قبل ” واشنطن” بالاخرين دون علم السلطات  الحاكمة  وقد حصل ان وصل الرئيس الامريكي  ترامب وغيره من المسؤولين الامريكيين  الى احدى القواعد العسكرية الامريكية غرب العراق وغادروها  دون علم بغداد.

بعد كل هذا ياتي الحديث عن مفاوضات عراقية امريكية” متكافئة”  حول العلاقات بين البلدين والوجود العسكري الاجنبي على ارض العراق .

اين هي القوة في العراق” بوضعه الحالي المهدد دوما من ” داعش” واخواتها وهي صنيعة امريكية اصلا فضلا عن  سيطرة القوات الامريكية على اجوائه  وتدخل سفارتها في بغداد بالصغيرة والكبيرة  والتي تعد وكرا للتجسس والتحكم  بالقرار العراقي؟؟

 هل ننسى كيف استفز قرار عادل عبدالمهدي الولايات المتحدة عندما كان رئيسا للحكومة بالتوجه الى الصين لسد بعض احتياجات العراق عسكريا واقتصاديا وان اطاحته والمجيئ بالبديل كان مجرد لعبة امريكية لان نهج واشنطن  هو تبعية الحكومات والانظمة لها خلاف ذلك تسعى للتخلص منها .

العراق  يتفاوض وهو بلا سيادة اصلا.

 المفاوضات عديمة الجدوى  والحالة هذه ستصبح مضيعة للوقت بين طرفين غير متكافئين لاسيما وان واشنطن هددت اكثر من مرة باتخاذ اجراءات اقتصادية ومالية ضد العراق مستبقة اي  اجراء يتعلق بوجودها العسكري على ارض العراق وقد اعرب بعض المسؤولين  الموالين للولايات المتحدة عن خشيتهم من ذلك خاصة اولئك الذين يبحثون عن ذريعة لاستمرار الوجود العسكري الامريكي .

  ان مفاوضات من هذا النمط  قد تكرس الوجود العسكري الامريكي في قواعد ثابتة اقامتها في  مناطق اختارتها واشنطن لاغراض ستراتيجية وصرفت عليها الملايين من الدولارات ولا يمكن التخلي عنها بعد ان زودتها حتى ” بمنظومات باتريوت”  وهاهي واشنطن تحرك قواتها بين العراق وسورية خلافا لكل  الاعراف دون ان يتحدث مسؤول عراقي عن ذلك.

 واصبح من غير الممكن اخراج هذه القوات الا بقوة السلاح. اما الحديث عن ” قرار برلماني” او دعوات اعلامية فلا قيمة لها من وجهة نظر امريكية طالما ان مثل هذه القرارات لاتخدم مصالحها لانها  لاتكترث بها ولاتفهم  سوى المقاومة العسكرية المسلحة .

العديد من الدول التي تعرضت للغزو او الاحتلال الامريكي بقيت قراراتها رهينة رغبات واشنطن فالمانيا مثلا التي خسرت الحرب العالمية الثانية كانت ولاتزال تخضع ” لاتفاقيات” ابرمتها واشنطن مع برلين منها ما يتعلق  بالوضع العسكري الداخلي في المانيا حيث القواعد الامريكية التي تخزن اسلحة وصواريخ نووية امريكية فضلا عن عدم السماح لالمانيا بتطوير قدراتها العسكرية العلمية الا بعد استشارة الولايات المتحدة.

 كما تم تحديد  عدد افراد الجيش الالماني وطبيعة معداته وقدراته على ان يتم ذلك  بمشاورة واشنطن التي تفرض بين فترة واخرى على المانيا زيادة مشاركاتها المالية في دعم ” حلف ناتو العدواني ” ومنها ما له صلة بالوضع الاقتصادي والسياسي بصرف النظر عن ” مشروع مارشال” الذي تبنته الدول التي انتصرت بالحرب ضد المانيا  النازية من اجل تعمير  البلاد التي دمرتها الحرب وهو ما لم تفعله  الولايات المتحدة  مع العراق  عندما دمرت خلال غزوها له البنية التحتية  والجسور والمعالم الثقافية والمصانع ومحطات الطاقة ومياه الصرف لم تسلم من صواريخ طائرت ” البنتاغون” وقواته الغازية.

وبقيت الولايات المتحدة وحتى الان رغم مضي اكثر من 70 عاما على انتهاء الحرب تستفز فرنسا وحتى بريطانيا وتبتزهم بايراد اعداد القتلى من العسكريين الامريكيين الذي شاركوا في الحرب دفاعا عن هذين البلدين مثلما تفعل الشيئ نفسه مع اليابان.

هكذا تتعامل الولايات المتحدة حتى مع حلفائها الغربيين ما بالكم بالعراق الذي غزته واحتلته ليات من يتحدث عن “مفاوضات متكافئة” مع دولة مستهترة  لاتقيم وزنا للعلاقات الدولية ولا لحسن الجوار ولايمتلك قادتها قيما واخلاقا في التعامل مع الاخرين؟؟

والشيئ المثير للسخرية ان بعض وسائل الاعلام اشارت الى وجود تكافؤ بين الجانبين عندما اوردت ان 20 امريكيا من مختلف الاختصاصات يمثلون الجانب الامريكي وان 20″ عراقيا يمثلون الجانب العراقي.

هكذا يحسبون التكافؤ دون ان يعودوا الى دليل على ان هذا الامر لاعلاقة له  بشيئ اسمه ” تكافؤ” فسفارة الولايات المتحدة في  بغداد تعد دولة داخل دولة بحجمها وبعدد العاملين فيها وهو عدد هائل لايقابله بالمثل عدد العاملين في سفارة العراق بواشنطن او حجم السفارة العراقية.

وقبل ان تبدا المفاوضات توجهت اصابع الاتهام الى وجود عدد من العراقيين في الوفد المفاوض هم اقرب في طروحاتهم الى واشنطن من بغداد وفي  تفكيرهم بالتعامل مع المحتل الامريكي.

فهل تريدون منا ان نتوسم خيرا بهذا المفاوضات غير المتكافئة اصلا وان نتائجها  ربما سوف تكون اكثر ضررا بالعراق  وتكبيله بقيود اضافية  جديدة ؟؟

لاخيار للعراق سوى المقاومة لطرد هؤلاء الاوباش من البلاد هذا فقط السبيل الوحيد لاعادة الكرامة العراقية والسيادة المغيبة منذ عام 2003 وحتى الان.

فهل وصلت الرسالة ام ان هناك من لايزال يراهن على اسلوب ” جبر الخواطر”؟؟؟

قد يعجبك ايضا