الأردن … تقرير صحفي: المدارس الخاصة .. انتهاكات تبدد حقوق العاملين

المرصد العمالي الأردني 

 المرصد العمّالي ( الأردن ) – الأحد 7/6/2020 م …




ما زالت تداعيات أزمة فيروس “كورونا المستجد” تصب بثقلها على العاملين في المملكة، والتي تنامت بعد صدور البلاغ الحكومي الأخير يوم الأحد الماضي، والذي تضمن تعديلات على أمر الدفاع رقم (6)، وأتاح للمنشآت في القطاع الخاص “فرصة” أكبر لانتهاك حقوق العاملين فيها، وتحديدًا؛ العاملون والعاملات في المدارس الخاصة، حيث تجددت المعاناة على خلفية السماح للمدارس الخاصة “بخصم” يصل إلى 60% من رواتب المعلمين والمعلمات غير المكلفين بعمل دون الرجوع إلى وزارة العمل.

“كيف يخصموا نص راتبي وأنا داومت كل الأيام، وبشتغل بجهد إضافي كمان”، هكذا يقول “محمد” المعلّم في أحد المدارس الخاصة خلال حديثه لـ”المرصد العمّالي الأردني”، إذ أنّ المدرسة خصمت 50% من راتبه الشهري.

يستهجن “محمد” القرار الذي اتخذته إدارة المدرسة التي يعمل فيها، بعد أن قررت إلحاق موظفيها ببرنامج تضامن (1)؛ الصندوق المخصص لدفع بدل تعطل مؤقت عن العمل، والذي يهدف إلى حماية مشتركي الضمان المتوقفين كليًا أو جزئيًا عن عملهم، عكس “محمد” الذي ظل يعمل رغم كل الظروف.

أطلق المعلمون والمعلمات في المدارس الخاصة حملةً على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان #جزاء_التعليم_150 اعتراضًا على خصم رواتب بعض المعلمين والمعلمات وفصل آخرين من العمل؛ بحجة الظروف الصعبة التي تعاني منها المدراس الخاصة، بحسب شكاوى بالمئات تابعها المرصد العمالي الأردني،  مما دفع إلى تأزيم المشكلة بين الطرفين.

ويرى العديد من الخبراء أن الحكومة أدارت ظهرها للعاملين والعاملات في القطاع الخاص ومنهم قطاع التعليم الخاص، حيث اعتبر من القطاعات “الأكثر تضررا”، وبالتالي إمكانية صاحب المدرسة الخاصة خصم يصل إلى 60% من أجور المعلمين والمعلمات دون إبلاغ وزارة العمل، وبما لا يقل عن (150) ديناراً؛ أي أقل من الحد الأدنى للأجور (220) ديناراً بذريعة الحفاظ على ديمومة العمل.

يبلغ عدد العاملين في المدارس الخاصة في الأردن ما يقارب 57 الف عامل وعاملة، موزعين على 3600 مدرسةً. وفي ظل مواجهة تداعيات أزمة فيروس “كورونا المستجد”؛ صرح رئيس الوزراء في العديد من المرّات؛ بأن هدف الحكومة هو حماية القطاع الخاص.

“أمل” معلمة في مدرسة خاصة. لا تختلف معاناتها عن غيرها من المعلمين فما زالت تعمل إلى الآن من المنزل، لكنها غير قادرة على عمل إضراب كما اتفقت مع زميلاتها احتجاجا على سوء الأحوال  في مدرستها أثر أزمة كورونا؛ فبعد التواصل مع وزارة العمل، التي يجب إخبارها بموعد الإضراب ومكانه، ردت الوزارة ب ” اصبروا، كل البلد بتمر بأزمة، رح تنحل قريبا”، “نفس الكلام اللي على التلفزيون” تقول أمل.

ورغم التزام العديد من المدراس في الحفاظ على حقوق العاملين، يتساءل المغردون على مواقع التواصل الاجتماعي هل ستدفع المدارس (250) دينارا أم ستوفر على نفسها وتدفع (150) ديناراً للمعلمين الذين لم يسلمو بعد الشهادات لطلابهم؟ “حفاظا على البزنس” يقول المغردون.

بينما تتلقى “سناء” كل نهاية عام دراسي تنبيه استغناء عن خدمات، إلا أنها تحصل على راتب 170 ديناراً، أي أقل من الحد الأدنى لأجور العمل، فيما إدارة المدرسة الخاصة التي تعمل فيها ترى أنه مبلغ كبير فتُجبر “سناء” شهرياً على رد مبلغ 50 ديناراً، “كشكل من أشكال التحايل على القانون”.

“الوضع بأزمة كورونا صار أصعب” تقول “منى” التي أعادت للمدرسة نسبة ال 20% من بدل التعطل عن العمل الذي استحقته من الضمان الاجتماعي وهو المبلغ الذي يجب أن تدفعه إدارة المدرسة وفق أمر الدفاع (9)، وتقول “منى”، بعرف أنه غلط أعمل هيك بس بديش أخسر شغلي وسأظل اعترف أني بأخذ 220 مش أقل”، على حد قولها “أنا تعودت” فعندما تزورهن وزارة العمل للرقابة على حالهن تسألهن أمام مديرة المدرسة “قديه بتاخذوا راتب”؟! 

منسقة حملة “قم مع المعلم” هديل الكسواني أوضحت للمرصد العمالي الأردني؛ أن الحكومة فعلًا ساعدت في الحفاظ على وظيفة بعض المعلمين والمعلمات في القطاع الخاص من خلال اشتراط تجديد العقود محدودة المدة والتي وُقِعَت سابقاً ثلاث مرات، لكن “دايما بطلعوا قانون يحمي البعض وقانون ثاني ينسى الآخر” بحسب الكسواني.

وأضافت الكسواني: وصلت إلى حملة “قم مع المعلم” أكثر من 700 شكوى على مدارس خاصة تعسفت في حق المعلمين والمعلمات منذ بداية الأزمة، “أغلبها مدارس كبيرة ولها فروع”.

وتساءلت الكسواني “كيف يمكن السماح للمدارس الخاصة بالاقتطاع من رواتب المعلمين الذين ظلوا يعملون أثناء فترة الحجر؟ وكيف يمكن لتعديلات أمر الدفاع رقم (6) الذي صدر يوم الأحد 31 أيار/ مايو أن يناقض الأمر نفسه الذي صدر يوم 8 نيسان/ أبريل  ويسمح بالخصم على العاملين أثناء الأزمة؟ “خاصة أن الكثير من الأهالي دفعوا أقساط للمدارس الخاصة من أول السنة”.

وكانت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي قد صرحت؛ بأن المعلمين والمعلمات العاملين عن بعد يستحقون أجرهم كاملًا، وذلك بعد يومين من الأخذ والرد حول إمكانية الخصم على المعلمين والمعلمات القائمين على رأس عملهم في المدارس الخاصة.

في المقابل، عارض نقيب أصحاب المدارس الخاصة منذر الصوراني “الكسواني” قائلاً: “أن أغلب الأقساط غير مدفوعة كما تم إشاعته سابقاً، بالإضافة إلى أن الكثير من المدارس تستلم اقساطها شهرياً وليس دفعةً واحدةً، خاصة؛  في المحافظات”.

وشدد الصوراني على أنّ المشكلة التي تواجه المدارس الخاصة اليوم؛ إجبارها على دفع رواتب المعلمين، وتمديد عقودهم دون مقابل في حين أن الحكومة تتنصل من مسؤولياتها تجاه الأزمة.

ويؤكد الصوراني مضيفاً: “نحن في ظرف غير طبيعي،  والأفضل من الحكومة أن تجد بدائل، لا  أن تخطط للقطاع الخاص وهو جالس في بيته”.

“هي قللت من نفقاتها وتركت القطاع الخاص تنظر عليه”، بهذه العبارة ختم الصوراني حديثه.

يعاني العاملون والعاملات بالمدارس الخاصة منذ زمن، حيث الأجور المتدنية، والفصل التعسفي، وأنهاء عقود العمل كل نهاية فصل حتى لا تتكلف إدارة المدارس الخاصة برواتب العاملين والعاملات خلال فترة العطلة، ومع أزمة “كورونا” ازدادت الانتهاكات الواقعة بحقهم وأصبح الالتفاف على القانون أكثر سهولة بعد إصدار أمر الدفاع (6) وتعديلاته.

ويذكر أنّ وزارة العمل بدأت حملة تفتيشية واسعة ومكثفة على المدارس الخاصة بمختلف أنحاء المملكة. واتى هذا التوجيه بعد صدور تعديل أمر الدفاع رقم (6) الذي وصفه مختصون “تكريس لسياسة تخلي الحكومة عن مسؤولياتها”.

الناطق الإعلامي باسم نقابة المعلمين نور الدين نديم قال في تصريح للمرصد العمالي: أن موقف نقابة المعلمين ما زال قيد الدراسة،  ويقوم بتسجيل الملاحظات حول بلاغ رئيس الوزراء لتكوين موقف شمولي.

وأشار الى أنه منذ صدور القرار وصلت العديد من الشكاوى بالاستغناء عن العديد من المعلمين والمعلمات في المدارس الخاصة.

وأضاف نديم، “الحكومة تتخذ قرارات بشكل منفرد وهذا يظهر بشكل جلي في انعكاس قرارتها على الشارع الأردني، وتخبطها أصبح مخيفاً ومربكاً”، الأمر الذي جعله يشك في اعتبار الحكومة أن العاملين في القطاعات “الأكثر تضررا”، لا يأكلون ولا يشربون، وليس لديهم أي التزامات.

ويأتي هذا الرد، في ظل غياب تام ل “النقابة العامة للعاملين في التعليم الخاص” المعنية برعاية مصالح العاملين في التعليم الخاص والدفاع عن حقوقهم، والعمل على رفع المستوى الاقتصادي والمهني والثقافي للعاملين في المدراس الخاصة، والحضانات، ورياض الأطفال، والجامعات، والمعاهد، ومراكز التعليم، وكليات المجتمع.

وفي ذات السياق، أطلق مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية دراسة على المجتمع الأردني أفادت أن 34.2 بالمئة من المستجيبين غير مشمولين بالحمايات الاجتماعية المتوفرة في الأردن، والتي تتمثل في (الضمان الاجتماعي، التقاعد المدني، التقاعد العسكري) الى جانب ذلك أشارت النتائج أن 36 بالمئة من المستجيبين المشتغلين في القطاع الخاص أفادو أن أعمالهم أو وظائفهم توقفت بالكامل، و45 بالمئة منهم أشاروا الى توقف أعمالهم أو وظائفهم بشكل جزئي، فيما تم خصم نسبة 30% على 19.7 بالمئة من المشاركين في الدراسة، في حين أن 10.3 بالمئة من المستجيبين تم خصم 50 بالمئة من اجورهم الشه

قد يعجبك ايضا