سنتان على بدء تنفيذ صفقة القرن فعليّاً منذ نقل سفارة أمريكا إلى القدس: فلسطين بين التخاذل العربي والعنجهية الصهيو – أمريكية / موسى عباس

موسى عباس ( لبنان ) – السبت 9 / أيار ( مايو ) / 2020 م …
موسى عباس . إضاءات



في14 أيّار 2018  أقدمت الولايات المتحدة الامريكية على بدأ تنفيذ خطوتها  الأولى من صفقة القرن قبل أن يتم الإعلان عنها رسميّا حيث عمدت إلى نقل سفارتها لدي الكيان الصهيوني من تلّ أبيب إلى مدينة القدس وذلك بالتزامن مع ما يعتبره الصهاينة الذكرى السبعين لإستقلالهم عن بريطانيا .
 
وتلتها الخطوة التمهيدية الثانية حيث دعت مجموعة من الدول إلى عقد مؤتمر في البحرين  تحت عنوان “السلام من أجل الازدهار” في 25 حزيران 2019، وقد حضر المؤتمر إضافةً إلى الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، السعودية والإمارات  العربية المتحدة ومصر والأردن  والمغرب.
 
 في هذا المؤتمر أعلن  مستشار الرئيس الأمريكي وصهره “جاريد كوشنير”  عن أنّ الولايات المتحدة الاميركية ستقدم خطة للسلام  بين الفلسطينيين “والإسرائيليين” والتي سميّت بعدها “صفقة القرن “.
 
وبتاريخ 28 كانون الثاني 2020 كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، وبحضور رئيس وزراء الصهاينة بنيامين نتنياهو، عن خطته المنتظرة لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني والتي عُرِفت بصفقة القرن  وأعتبرها الفرصة الأخيرة أمام الفلسطينيين،، وتعهّد بأن تبقى مدينة القدس موحّدةً وعاصمة للكيان الغاصب.

قال ترامب للمسؤولين والمراسلين في البيت الأبيض: “تتخذ “إسرائيل” اليوم خطوة كبيرة نحو السلام”.

وأدّعى أن : الفلسطينين يعانون من فقر وعنف، ويستغلهم أولئك الذين يسعون إلى استخدامهم كبيادق لتعزيز الإرهاب والتطرف. إنهم يستحقون حياة أفضل بكثير”.

وقال إنها المرة الأولى التي سمحت فيها “إسرائيل “بطرح خارطة نظرية توضح التسويات الإقليمية التي ترغب في تقديمها من أجل قضية السلام”.

وأضاف ترامب: “قطعوا شوطا طويلا. وسنشكل لجنة مشتركة مع إسرائيل لترجمة الخارطة النظرية بشكل مفصل ومحكم، حتى يكون الاعتراف فوريا”.

وأشار ترامب إلى أن الضفة الغربية التي تحتلها “إسرائيل” لن تُقسم بموجب الخطة.

وتضمن الخطة استمرار السيطرة الصهيونية على معظم الضفة الغربية التي احتلّها الصهاينة عام 1967، وضم الكتل الاستيطانية الضخمة في الضفة الغربية إلى دولة الكيان الغاصب .

من واشنطن، أعلن نتن ياهو أنه سيقدم على ضمّ منطقة وادي الأردن الاستراتيجية ومستوطنات الضفة  الغربية إلى دولة الكيان من جانب واحد، وتعهد الصهاينة بالحد من النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية لمدة أربع سنوات وهي الفترة الممنوحة للجانب الفلسطيني كي يقر الدخول في مفاوضات مع الجانب الصهيوني.

وأعلن نتنياهو بعد توقيع ترامب على بنودالصفقة عبر مقال نشرته صحيفة “إسرائيل اليوم” الإسرائيلية :

“قدمت صفقة القرن التي طرحها صديقي، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لدولة إسرائيل فرصة تاريخية لن تتكرر: لحماية بلادنا والدفاع عنها، وتحديد حدودنا، وضمان مستقبلنا. يجب أن نبذل قصارى جهدنا للاستفادة من هذه الفرصة وليس تبديدها”.

وأضاف: “سويا مع الرئيس ترامب، سأطبّق القانون الإسرائيلي على جميع مجتمعاتنا في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، وغور الأردن وشمال البحر الميت، ومساحات كبيرة إضافية”.

وأضاف: “هناك شروط مسبقة يجب على الفلسطينيين الوفاء بها فقط للدخول في محادثات دبلوماسية”.

“ولإتمام هذه المفاوضات، يجب أن يلبوا كل من الشروط التالية: الاعتراف بدولة إسرائيل كدولة يهودية، الاعتراف بالقدس الموحدة كعاصمة لإسرائيل، الموافقة على السيطرة الأمنية الإسرائيلية على كامل الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن – على الأرض وفي البحر وفي الجو.

ومن الشروط تجريد المقاومة الفلسطينية في غزّة من سلاحها.

كيف كانت ردود الفعل العربية؟

عندما تم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس اكتفت غالبية الدول العربية بالإدانة الشكلية بينما لم يُخفِ بعضها تأييده وموافقته ودعا الفلسطينيين إلى القبول ب “أبي ديس” عاصمةً لدولة فلسطين المستقبلية ، حتى السلطة الفلسطينية كرّرت مقولة أنّها تقبل بالقدس الشرقية  عاصمة .

كما أعلنت السلطة الفلسطينية على لسان رئيسها محمود عبّاس رفضها للخطّة وأنه لن يقبل بدولة بدون القدس ،وأعلن أنّ خطّة ترامب لن تُنفّذ وأنّا ستذهب إلى مزبلة التاريخ ، لكنّه لم يعلن ما هي خطّته لمواجهة تنفيذها.

وحدثت مواجهات بين الفلسطينيين في القدس والضفة والأمن الصهيوني أدّت إلى إستشهاد العشرات من الفلسطينيين وجرح الآلاف منهم ، ولكن السلطة الفلسطينية لم تواكب ولم تساند المنتفضين بل على العكس فقد ضيّقت عليهم مما أدّى إلى إنحسار المواجهات وتراجعها حتى توقفت.

وكانت السلطة الفلسطينية قد قطعت الاتصالات مع إدارة ترامب في /كانون الأول 2017، بعد أن قرر ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني  ونقل سفارة بلادة  إلى المدينة من تل أبيب. 

وأعلنت الفصائل الفلسطينية رفضها للصفقة وكذلك أعلنت حركة حماس أنّها تتعهّد بإسقاطها.

بينما باركت  مملكة آل سعود الخطّة وشجّعت في بيان على دخول الفلسطينيين والصهاينة في مفاوضات مباشرة برعاية أمريكية، ومعالجة أي خلافات حول خطة ترامب. علماً أنّ وليّ العهد السعودي كان قد وافق على الصفقة عندما عرضها عليه كوشنير صهر الرئيس الأمريكي ترامب ومستشاره.

وتوافق الموقف المصري مع السعودي من حيث دعوة الفلسطينيين إلى استئناف المفاوضات برعاية أمريكية، بعد دراسة “متأنية” للخطة كما أعلن البيان المصري.وقالت الخارجية المصرية إن القاهرة تنظر بأهمية وتقدير للجهد التي تبذله الإدارة الأمريكية  اتسوية القضية الفلسطينية .

كذلك  رحّبت الإمارات بدورها بالصفقة كأساس للعودة إلى المفاوضات  برعاية واشنطن.

بالمقابل، حذر الأردن من “التبعات الخطيرة لأي إجراءات أحادية من جانب الصهاينة تستهدف فرض حقائق جديدة على الأرض”، وأكد التمسك بحل الدولتين على أساس حدود 1967.

وكذلك أعلن لبنان رفضه للصفقة إنطلاقاً من خشيته من أن ينعكس تطبيقها على وضع اللاجئين الفلسطينين في لبنان لناحية فرض توطينهم.

ورفضت الجزائر الخطّة وطالبت بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.

وأعلنت دمشق رفضها الخطّة  معتبرةً إيّاها إستسلاماً كاملاً للصهاينة.

– بعد سنتين ماذا تحقق على طريق استكمال تنفيذ صفقة العُهر وسرقة القرن؟

انشغل نتنياهو رئيس وزراء الصهاينة على مدى السنتين الماضيتين بالصراع على السلطة وكان همّه إعادة توليته منصب رئاسة الوزراء ،وبالرغم من ذلك إلا أنّه  تصرّف على أساس أنّ الصفقة أمرٌ واقع وأعلن عن خطّة لضم على غور الأردن بالكامل وبدأ باتخاذ الإجراءات الفعلية لأجل ذلك ، كما إزدادت  وتيرة بناء الكتل الإستيطانية في محيط القدس وغيرها من أراضي الضفة الغربية.

كذلك أقدمت سلطات الكيان على إعتقال أكثر من 600 فلسطيني من القدس لوحدها منذ إعلان ترامب للصفقة وحتى تاريخه وهذا ما لم يحدث سابقاً بهذه الوتيرة ، والسبب أنّه في السابق كانت ردّة الفعل الفلسطينية على الإعتقالات أعنف وكانت المواجهة أشد مع الصهاينة، ويبدو أنّ وتيرة المواجهات تدنّت كثيراً بسبب مواقف السلطة الفلسطينية المتخاذلة اتجاه ما يجري.

كما أقدمت السلطات الصهيونية على دعوة المصارف الفلسطينية إلى تجميد حسابات عائلات الأسرى المعتقلين في سجونها بهدف اذلالهم وفي محاولة لتخويف  من يُفكّر في أيّ عمل مناهض للإحتلال.

أمّا الدول العربية الخليجية فقد سرّعت من وتيرة التطبيع مع الكيان الصهيوني في جميع المجالات السياسية والإقتصادية وحتى الفنيّة، وكذلك بات عدد كبير من الخليجيين يزرون الكيان الصهيوني ويعلنون جهاراً تأييدهم للصهاينة ويهاجمون الفلسطينيين، ووصل البعض من كتّّاب وصحفيي وسياسيي الخليج يعلنون بكل وقاحة أنّ لا حقّ للفلسطينيين في أراضي فلسطين وأنّهم معتدون .

وفي المغرب العربي ازدادت وتيرة التطبيع مع الكيان الصهيوني لا سيّما في المغرب وتونس حيث لم يتورّع رجل دين مسلم فرنسي من أصول تونسيّة عن زيارة الكيان الصهيوني ولقاء جنرالات في الجيش الصهيوني والدّعاء لهم بالنّصر على أعدائهم .

لكن الأمل يبقى دائماً بالمقاومين الشرفاء في فلسطين ولبنان وفي كلّ مكان من الأراضي العربية يوجد فيه أحرار يرفضون الذلّ والإنصياع  ويجهدون ليل نهار للوصول إلى اليوم الذي يعملون فيه على تحرير وتطهير الأرض السليبة  فلسطين كامل فلسطين من رجس الإحتلال  .

قد يعجبك ايضا