القمع‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وإعلان‭ ‬نتنياهو‭ ‬بأن‭ ‬لا‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬ستقوم‭ ‬/ فايز رشيد




فايز رشيد ( الأردن ) الخميس 21/3/2019 م …

‭ ‬مؤسفة‭ ‬هذه‭ ‬المناظر‭ ‬البشعة‭ ‬والمؤلمة،‭ ‬التي‭ ‬نشاهدها‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬عن‭ ‬قمع‭ ‬حركة‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬لشعبنا‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬القطاع،‭ ‬وقد‭ ‬نظّم‭ ‬شبابه‭ ‬مظاهرات‭ ‬سلمية‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬بدنا‭ ‬نعيش‮»‬،‭ ‬رفضاً‭ ‬للغلاء‭ ‬وفرض‭ ‬ضرائب‭ ‬جديدة،‭ ‬كما‭ ‬التدهور‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الحصار‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الذي‭ ‬يعيشه‭ ‬القطاع،‭ ‬منذ‭ ‬استلام‭ ‬الحركة‭ ‬دفة‭ ‬الحكم‭ ‬عام‭ ‬2007،‭ ‬وما‭ ‬تبعه‭ ‬من‭ ‬انقسام‭ ‬فلسطيني‭. ‬
تواصلت‭ ‬المظاهرات‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬عدة‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬لتتصاعد‭ ‬باعتداء‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬لحماس‭ ‬على‭ ‬شبان‭ ‬الحراك‭. ‬لم‭ ‬يرفع‭ ‬المحتجون‭ ‬مطالب‭ ‬تعجيزية،‭ ‬بل‭ ‬طالبوا‭ ‬بوقف‭ ‬العمل‭ ‬بقرار‭ ‬جمع‭ ‬الضرائب‭ ‬والمكوس‭ ‬عن‭ ‬جميع‭ ‬السلع‭ ‬والخدمات،‭ ‬التي‭ ‬ترهق‭ ‬المواطن‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭. ‬كما‭ ‬طالب‭ ‬المحتجون‭ ‬بتوفير‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬دائمة‭ ‬للعمال‭ ‬والخريجين،‭ ‬وإنشاء‭ ‬مكتب‭ ‬عمل‭ ‬يحمي‭ ‬حقوق‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭. ‬
وعقب‭ ‬التطورات‭ ‬التي‭ ‬شهدها‭ ‬القطاع‭ ‬منذ‭ ‬يوم‭ ‬الخميس‭ ‬الماضي،‭ ‬أصدرت‭ ‬فصائل‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير،‭ ‬بيانات‭ ‬أعلنت‭ ‬فيها‭ ‬دعمها‭ ‬لمطالب‭ ‬المسيرات‭ ‬الشعبية‭ ‬ضد‭ ‬الغلاء،‭ ‬وتردي‭ ‬الأوضاع‭ ‬المعيشية‭ ‬في‭ ‬القطاع‭. ‬وقالت‭ ‬الفصائل‭ ‬في‭ ‬بيانها‭ ‬إن‭ ‬‮«‬الأزمة‭ ‬الكارثية‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬القطاع‭ ‬سببها‭ ‬الاحتلال‭ ‬والحصار‭ ‬والانقسام،‭ ‬وقد‭ ‬عظّمتها‭ ‬الإجراءات‭ ‬العقابية،‭ ‬وقرارات‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬بفرض‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الضرائب‭ ‬وابتكار‭ ‬أشكال‭ ‬جديدة‭ ‬للجباية‮»‬‭. ‬وطالبت‭ ‬الفصائل‭ ‬بضرورة‭ ‬‮«‬محاسبة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬تورط‭ ‬بالاعتداء‭ ‬على‭ ‬المتظاهرين،‭ ‬وأكدت‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬حماية‭ ‬الحراك‭ ‬الشعبي‭ ‬من‭ ‬محاولات‭ ‬الاستخدام‭ ‬والشيطنة‮»‬‭. ‬بدورها‭ ‬استنكرت‭ ‬حركة‭ ‬الجهاد‭ ‬الإسلامي‭ (‬حليفة‭ ‬حماس‭) ‬سلوك‭ ‬أجهزتها‭ ‬الأمنية‭ ‬تجاه‭ ‬المتظاهرين،‭ ‬واستخدامها‭ ‬للعنف‭ ‬والأساليب‭ ‬القمعية‭ ‬تجاه‭ ‬المتظاهرين‭. ‬مظاهر‭ ‬القمع‭ ‬واحدة،‭ ‬أيّا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬يرتكبها‭ ‬ضد‭ ‬أبناء‭ ‬شعبه،‭ ‬كما‭ ‬ممارسات‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭. ‬لذا،‭ ‬فإننا‭ ‬نستنكره‭ ‬بكافة‭ ‬أشكاله،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭. ‬نعم،‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭ ‬التبريرات‭ ‬التي‭ ‬سيقت‭ ‬من‭ ‬حماس،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬وصف‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬بـ»الخطأ‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬مارسته‭ ‬عناصر‭ ‬منها‭ ‬كانوا‭ ‬يعملون‭ ‬على‭ ‬صيانة‭ ‬الصواريخ‭ ‬الموجّهة،‭ ‬أو‭ ‬اتهام‭ ‬المتظاهرين‭ ‬بالتبعية‭ ‬للسلطة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬والتنسيق‭ ‬مع‭ ‬أجهزتها‭ ‬الأمنية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬جرى‭ ‬اعتقال‭ ‬العديدين‭ ‬منهم،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬سوء‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والمعيشية،‭ ‬وفرض‭ ‬الضرائب‭ ‬الجديدة‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬السلع‭ ‬الغذائية‭ ‬الرئيسية‭! ‬فإن‭ ‬قمع‭ ‬المظاهرات‭ ‬السلمية،‭ ‬هو‭ ‬أسلوب‭ ‬بائس‭ ‬يعبّر‭ ‬عن‭ ‬أزمة‭ ‬ومأزق‭ ‬كبير‭ ‬يعيشه‭ ‬الطرف‭ ‬الذي‭ ‬يتولى‭ ‬السلطة،‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬التوفيق‭ ‬بين‭ ‬مبدأ‭ ‬المقاومة‭ ‬والتهدئة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬بندا‭ ‬من‭ ‬بنود‭ ‬صفقة‭ ‬القرن،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كشفها‭ ‬التلفزيون‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬أي‭ .‬بي‭. ‬سي‮»‬،‭ ‬عبر‭ ‬المحلل‭ ‬السياسي‭ ‬فيه‭ ‬ستيفن‭ ‬كيوورد،‭ ‬يقضي‭ ‬بفصل‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬عن‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬فصلا‭ ‬جغرافيا‭ ‬وسياسيا،‭ ‬لذلك‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬المناداة‭ ‬بمبدأ‭ ‬المقاومة،‭ ‬وإبرام‭ ‬تهدئات‭ ‬مع‭ ‬العدو،‭ ‬فهذا‭ ‬التوافق‭ ‬في‭ ‬حقيقته‭ ‬ليس‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مناورة‭ ‬مكشوفة‭ ‬للمراقبين‭. ‬الناطق‭ ‬الرسمي‭ ‬باسم‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬أفيخاي‭ ‬درعي‭ ‬قبل‭ ‬بالرواية‭ ‬حول‭ ‬صيانة‭ ‬الصواريخ،‭ ‬التي‭ ‬تؤشر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ثمة‭ ‬صفقة‭ ‬يجري‭ ‬ترتيبها،‭ ‬خاصة‭ ‬بوجود‭ ‬وفد‭ ‬مصري‭ ‬في‭ ‬غزة‭ (‬غادر‭ ‬القطاع‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬طلبت‭ ‬منه‭ ‬إسرائيل‭ ‬ذلك‭) ‬قبيل‭ ‬قيامها‭ ‬بسلسلة‭ ‬من‭ ‬الغارات‭ ‬على‭ ‬القطاع‭. ‬مهمة‭ ‬الوفد‭ ‬المصري‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬وتعزيز‭ ‬التهدئة‭ ‬المبرمة‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬والحركة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الجهود‭ ‬المصرية‭ .‬
‭ ‬للأسف،‭ ‬جاء‭ ‬قرار‭ ‬حماس‭ ‬بتأجيل‭ ‬مسيرة‭ ‬العودة‭ ‬الكبرى‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬الماضي،‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬مضيّ‭ ‬قرابة‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المسيرات،‭ ‬التي‭ ‬شاركت‭ ‬فيها‭ ‬جماهير‭ ‬غزة‭ ‬بتصميم‭ ‬وإرادة‭ ‬كبيرتين،‭ ‬رغم‭ ‬محاولة‭ ‬الحركة‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الحراك‭ ‬بتوظيفه‭ ‬في‭ ‬المساومات‭ ‬التي‭ ‬تجري،‭ ‬سواء‭ ‬لمناكفة‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينة،‭ ‬أو‭ ‬الوصول‭ ‬لتفاهمات‭ ‬مع‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني،‭ ‬بعد‭ ‬إقراره‭ ‬بأن‭ ‬الصاروخين‭ ‬على‭ ‬تل‭ ‬ابيب‭ ‬أُطلقا‭ ‬خطأ،‭ ‬كما‭ ‬تبريرات‭ ‬حماس‭ ‬بأن‭ ‬التأجيل‭ ‬انما‭ ‬هو‭ ‬‮«‬استعداد‭ ‬لمليونية‭ ‬الارض‭ ‬والعودة،‭ ‬في‭ ‬الثلاثين‭ ‬من‭ ‬مارس‭ ‬الجاري‮»‬‭. ‬التأجيل‭ ‬جاء‭ ‬بضغوط‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬وفد‭ ‬المخابرات‭ ‬المصرية،‭ ‬الذي‭ ‬زار‭ ‬غزة‭ ‬مؤخرا،‭ ‬وهو‭ ‬طلب‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الصهيوني،‭ ‬ذلك‭ ‬مقابل‭ ‬تسهيلات‭ ‬اقتصادية‭ ‬ولوجستية‭ ‬وخدماتية‭ ‬لسكان‭ ‬القطاع،‭ ‬وليس‭ ‬إلغاءً‭ ‬للحصار،‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬تدهور‭ ‬الأوضاع‭ ‬المعيشية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والخدماتية‭ ‬فيه،‭ ‬والمترافِقة‭ ‬مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬نِسَب‭ ‬الفقر‭ ‬والبطالة‭ ‬والمواد‭ ‬الحياتية‭ ‬الرئيسية‭ ‬منذ‭ ‬سيطرة‭ ‬حماس‭ ‬على‭ ‬القطاع،‭ ‬وفشلها‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬أدنى‭ ‬الخدمات‭ ‬لمواطنيها‭. ‬أيضا،‭ ‬يأتي‭ ‬قمع‭ ‬مظاهرات‭ ‬‮«‬بدنا‭ ‬نعيش‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬تصريحات‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الصهيوني،‭ ‬بأن‭ ‬لا‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬ستقوم،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬22‭ ‬دولة‭ ‬عربية،‭ ‬يستطع‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬أن‭ ‬يذهبوا‭ ‬إليها،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬قيام‭ ‬قطعان‭ ‬المستوطنين‭ ‬باقتحامات‭ ‬يومية‭ ‬للمسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬المبارك‭. ‬وقرار‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ببناء‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الوحدات‭ ‬السكنية‭ ‬في‭ ‬المستوطات،‭ ‬والنيّة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ببناء‭ ‬كنيس‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الرحمة‭ ‬للمسجد‭ ‬الأقصى،‭ ‬كذلك‭ ‬بعد‭ ‬قرار‭ ‬واشنطن‭ ‬بإسقاط‭ ‬صفة‭ ‬الاحتلال‭ ‬عن‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والقدس‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة‭ ‬وهضبة‭ ‬الجولان‭ ‬العربية‭ ‬السورية،‭ ‬وقد‭ ‬استعملت‭ ‬أمريكا‭ ‬التعبير‭ ‬الذي‭ ‬ينفي‭ ‬صفة‭ ‬الاحتلال‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬في‭ ‬تقريرها‭ ‬السنوي‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬لعام‭ ‬2018‭. ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬منذ‭ ‬أسبوعين‭. ‬كذلك،‭ ‬بعد‭ ‬التطور‭ ‬الخطير‭ ‬على‭ ‬قضية‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وحق‭ ‬العودة،‭ ‬بنزع‭ ‬المقرر‭ ‬الخاص‭ ‬المعني‭ ‬بالأقليات‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬بإطلاق‭ ‬صفة‭ ‬‮«‬عديمي‭ ‬الجنسية‮»‬‭ ‬على‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬في‭ ‬تقريره‭ ‬المقدم‭ ‬للدورة‭ ‬الأربعين‭ ‬لمجلس‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬المنعقدة‭ ‬في‭ ‬جنيف،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬الحل‭ ‬الذي‭ ‬يطرحه،‭ ‬هو‭ ‬بالتجنيس‭ ‬وليس‭ ‬بالعودة،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يتنافى‭ ‬مع‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وأوضاعهم‭ ‬التي‭ ‬حددتها‭ ‬القرارات‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬المنعقدة‭ ‬في‭ ‬جنيف‭. ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬التوصيف‭ ‬يندرج‭ ‬تحت‭ ‬بند‭ ‬تصفية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ونزع‭ ‬الحق‭ ‬القانوني‭ ‬عن‭ ‬اللاجئين‭ ‬بالعودة‭ ‬إلى‭ ‬فلسطين‭. ‬نعم،‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬لا‭ ‬يعانون‭ ‬مشكلة‭ ‬انعدام،‭ ‬اما‭ ‬حق‭ ‬العودة‭ ‬بحد‭ ‬ذاته‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يتأثر‭ ‬بالتجنيس،‭ ‬لان‭ ‬الخروج‭ ‬واللجوء‭ ‬الفلسطيني‭ ‬كان‭ ‬قسريا‭ ‬وليس‭ ‬طوعيا‭. ‬الفلسطيني‭ ‬لاجئ،‭ ‬وهكذا‭ ‬تعامله‭ ‬المفوضية‭ ‬أيضا،‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬عديم‭ ‬الجنسية‭ ‬لكان‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الأونروا‭ ‬خاضع‭ ‬لولاية‭ ‬المفوضية‭. ‬لأن‭ ‬الفلسطيني‭ ‬يستثنى‭ ‬من‭ ‬ولاية‭ ‬المفوضية‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬عمليات‭ ‬الأونروا،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬العودة‭ ‬مكفول‭ ‬بالقرار‭ ‬194‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬في‭ ‬دورتها‭ ‬الثالثة‭. ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬زيارته‭ ‬لأستراليا‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬أعلن‭ ‬صراحة،‭ ‬بأنه‭ ‬يرفض‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬رفضا‭ ‬مطلقا،‭ ‬وطرح‭ ‬حكما‭ ‬ذاتيا‭ ‬مكانها،‭ ‬متجنبا‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬سرقة‭ ‬معظم‭ ‬مناطق‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وكرر‭ ‬مزاعمه‭ ‬حيال‭ ‬الصراع‭ ‬العربي‭ ‬ـ‭ ‬الصهيوني‭ ‬وشروطه‭ ‬التعجيزية‭ ‬لحله‭. ‬كما‭ ‬اعتبر‭ ‬خلال‭ ‬مؤتمر‭ ‬صحافي‭ ‬مشترك‭ ‬مع‭ ‬نظيره‭ ‬الأسترالي‭ ‬ملكوم‭ ‬تورنبول،‭ ‬في‭ ‬رده‭ ‬على‭ ‬سؤال‭ ‬حول‭ ‬إقامة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬بأن‭ ‬لا‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬ستقوم‭ ‬لأن‭ ‬من‭ ‬الأفضل‭ ‬عدم‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الشعارات،‭ ‬بل‭ ‬مع‭ ‬المضمون‭. ‬وتساءل‭ ‬حينها،‭ ‬ماذا‭ ‬سيكون‭ ‬طابع‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقبلية؟‭ ‬هل‭ ‬هذه‭ ‬ستكون‭ ‬دولة‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬تدمير‭ ‬إسرائيل؟‭ ‬هل‭ ‬هذه‭ ‬ستكون‭ ‬دولة‭ ‬ستستولي‭ ‬قوى‭ ‬الإسلام‭ ‬المتطرف‭ ‬فورا‭ ‬على‭ ‬أراضيها؟‭ ‬وتجاهل‭ ‬الحصار‭ ‬غير‭ ‬الإنساني‭ ‬الذي‭ ‬تفرضه‭ ‬دولة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬والحروب‭ ‬العدوانية‭ ‬التي‭ ‬شنتها‭ ‬ضده،‭ ‬والدمار‭ ‬الرهيب‭ ‬الذي‭ ‬خلفته‭ ‬فيه‭. ‬
نتنياهو‭ ‬يزعم‭ ‬دوما،‭ ‬‮«‬بأن‭ ‬جوهر‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬والفلسطينيين،‭ ‬هو‭ ‬الرفض‭ ‬الفلسطيني‭ ‬المستمر‭ ‬للاعتراف‭ ‬بالدولة‭ ‬اليهودية‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬حدودها‭. ‬وحينما‭ ‬يعترف‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬بالدولة‭ ‬اليهودية‭ ‬وببقائها،‭ ‬وبحق‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الوجود‭ ‬وبأنها‭ ‬الدولة‭ ‬‮«‬القومية‮»‬‭ ‬للشعب‭ ‬اليهودي‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬أجداده،‭ ‬ستقع‭ ‬سائر‭ ‬القضايا‭ ‬في‭ ‬محلها‮»‬‭. ‬بُثت‭ ‬تصريحات‭ ‬نتنياهو‭ ‬هذه‭ ‬ضمن‭ ‬فيديو‭ ‬بثه‭ ‬حزب‭ ‬الليكود‭ ‬على‭ ‬شبكات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬خلال‭ ‬حملته‭ ‬لانتخابات‭ ‬الكنيست‭ ‬المقبلة‭ ‬في‭ ‬التاسع‭ ‬من‭ ‬إبريل‭ ‬المقبل،‭ ‬حيث‭ ‬تطرق‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬قانون‭ ‬القومية‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬هي‭ ‬الوطن‭ ‬القومي‭ ‬للشعب‭ ‬اليهودي،‭ ‬وأن‭ ‬حق‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬اليهود‭ ‬فقط‭ ‬وأضاف‭: ‬‮«‬أن‭ ‬قانون‭ ‬القومية،‭ ‬يعني‭ ‬لمن‭ ‬يتبع‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬قومية،‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬هي‭ ‬دولة‭ ‬تتبع‭ ‬للشعب‭ ‬اليهودي،‭ ‬تضم‭ ‬العلم‭ ‬باللونين‭ ‬الأزرق‭ ‬والأبيض،‭ ‬والنشيد‭ ‬الوطني‭ ‬هتكفا،‭ ‬وما‭ ‬شابه‭ ‬من‭ ‬رموز‮»‬‭. ‬وأيضا‭ ‬كتهيئة‭ ‬لإمكانية‭ ‬طرد‭ ‬فلسطينيي‭ ‬48،‭ ‬الذين‭ ‬اعتبرهم‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬هرتسيليا‭ ‬الرابع،‭ ‬الذي‭ ‬عقد‭ ‬عام‭ ‬2003،‭ ‬‮«‬قنبلة‭ ‬ديموغرافية‮»‬‭. ‬للأسف،‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬كاشتراط‭ ‬ضروري‭ ‬لأي‭ ‬حركة‭ ‬تحرر‭ ‬وطني،‭ ‬يجري‭ ‬اتباع‭ ‬الأساليب‭ ‬التي‭ ‬تعزز‭ ‬الانقسام‭ ‬الفلسطيني‭ ‬المدمّر‭.‬

قد يعجبك ايضا