من 1897 الى 1907 وحتى 2018: البطاطا و سايكس بيكو – رائحة النفط من المؤتمر الصهيوني الاول الى مؤتمر بنرمان الإمبريالي وحتى خِطابِ الأمس لترامب في الجَمعيّةِ العامّة! / ديانا فاخوري




نتيجة بحث الصور عن ديانا فاخوري

ديانا فاخوري ( الأردن ) الثلاثاء 2/10/2018 م … 

لو كانت البطاطا هي المنتج الرئيسي في المنطقة والأرض تعبق برائحة الفل (لا النفط)، هل كان الكيان المحتل لينشأ في فلسطين؟!
ما سر هذا التزامن وما هذه العلاقة الدياليكتيكية بين المؤتمر الصهيوني الاول ورائحة النفط من ناحية، ومؤتمر كامبل بنرمان – وهو المؤتمر الإمبريالي الذي انبثقت وثيقته السرية عام 1907 – وسايكس بيكو، ووعد بلفور، ومؤتمر فرساي، ومؤتمر سان ريمو، ومعاهدة سيفر، ومعاهدة لوزان واكتشاف النفط في المنطقة من الناحية الاخرى؟! اعقب ذلك اختراع “الاسلام التكفيري” منذ “اخوان من طاع الله”، و”قبلة حسن البنا علی يد ابن سعود”، و اجتماع الاخير مع “روزفيلت” علی متن الباخرة “كوينزي” و ماكتب بخط اليد الرديء مرورا “بالهجانا و الاريغون و البيلماخ” فالاخوين “دالاس” (ابان عهد الرئيس”ايزينهاور” الذي استقبل الملك سعود عام 57 لانشاء حلف اسلامي ضد العروبة و الناصرية و الاشتراكية بما في ذلك شن حملات دعائية بلبوس اسلاموي) وصولا الی القاعدة و داعش و النصرة و اخواتهم وكافة المشتقات و الملاحق الاخری .. قاموا بتصنيع هذه الأدوات و استخدموها في تفكيك العراق (3000 سيارة مفخخة في العام) و في تحطيم اليمن (أكثر من 20 ضعف ما ألقي على هيروشيما) و في تدمير سوريا حيث تجاوزت فيها كلفة الأسلحة و المرتزقة مئات مليارات الدولارات.
واليوم ماذا بعد مصادقة الكنيست الصهيونيّ على “قانون القوميّة”؟ أليس في هذا محاكاة لنموذج أميركا الشماليّة، الذي تأسّس على إبادة السكّان الأصليين؟! أبادوا 20 مليون من السكان الاصليين المعروفين بالهنود الحمر، ثم اعتذروا! فالولايات المتحدة الامريكية انما قامت علی ما غرسه البيوريتانز (الطهرانيون) الانجليز، وقد تمثلوا التوراة، في اللاوعي الامريكي من ثقافة الغاء الاخر علی طريقة داعش وابن تيمية .. فأين ذهب أصحاب الارض الأصليون بعد ان تم طردهم من الاقتصاد والتاريخ؟! الا يتماهی اغتصاب البيض لامريكا الشمالية مع اغتصاب الصهاينة لفلسطين نفيا لانسانية الفلسطيني وتغريبا لهوية العربي تمهيدا لإلغائه وتفريغ فلسطين من الفلسطينيين و من كل اخر؟ وهنا لا بد من استدعاء:
اولا- شعار كان قد رفعه قائدِ مقاومةِ شعبِ شكتاو في أميركا الشماليّة، “تكومسة”: “إما المقاومة و اما انتظار الإبادة”!
ثانيا- صرخاتي المتكررة المتواصلة ل “ابو مازن”: [ماذا تنتظر (هل تنتظر الإبادة!؟) وترامب ماض يعمه في غيه و طغيانه، وقراراته تترى وتتزاحم!؟ اتخذ موقفا “براغماتيا”: طلق أوسلو وأعلن قيام “الجمهورية العربية الفلسطينية” المستقلة بعاصمتها القدس، وبلاءاتها الثلاثة!
نعم قرارات ترامب ما فتئت تترى وتتزاحم:
١- الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل – 6 ديسمبر/كانون أول ٠2017
٢- تقليص المساعدات لـ أونروا – 16 يناير/ كانون الثاني الماضي٠
٣- نقل السفارة للقدس – 14 مايو/ أيار الماضي.
٤- قطع كامل المساعدات للسلطة الفلسطينية – 2 أغسطس/ آب الماضي.
٥- قطع كامل المساعدات عن أونروا – 3 أغسطس/آب الماضي.
٦- وقف دعم مستشفيات القدس – 7 سبتمبر/ أيلول الجاري٠
٧- إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن – 10 سبتمبر/أيلول الجاري٠
٨- تهديد المحكمة الجنائية الدولية – 10 سبتمبر/أيلول الجاري٠
٩- العمل الجدي على ادخال “اليهودية” كعرق في المناهج الأميركية – ١٢ سبتمبر/أيلول الجاري:
The Department of Education defining Judaism as an ethnicity
١٠- تصريح بولتون بخصوص توطين الفلسطينيين في الأردن ولبنان – ١٣ سبتمبر/أيلول الجاري.]
و ها هو ترامب بالامس ومن على منبر الامم المتحدة يجَدَّد تهديداته لمُنظَّمة “أوبك” ويحَمَّلها مسؤوليّة زِيادَة الأسعار، ويشَدَّد على ضَرورَة القِيام بدَورٍ كَبيرٍ لخَفْضِها لِما يُمكِن أن تُلحِقُه مِن أضرارٍ بالغةٍ بالاقتصاد الأمريكيّ، مؤكدا أنّه لن يتسامَح في ذلك .. كما جدد إعلان الحَرب على المُنظَّمات الدوليّة مِثل محكمة الجِنايات الدوليّة، والمجلس العالميّ لحُقوق الإنسان ومُنظَّمة اليونسكو، بسبب مَواقِف هَذهِ المنظمات الرَّافِضة للانتهاكات الإسرائيليّة، واتِّهامِها لإسرائيل بارتكابِ جرائِم حرب في فِلسطين المُحتَلَّة وجَنوب لبنان! ومن جهتها، هاجمت السلطة الفلسطينية خطاب الرئيس الأمريكي، أمام الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 73 في نيويورك. وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية وفا “إن خطاب ترامب يعمق الخلافات، ويبعد فرص تحقيق السلام .. أن القدس ستبقى عاصمة دولة فلسطين على حدود 1967 شاء من شاء، وأبى من أبى” .. كما اعتبر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات “أن إدارة ترامب تصر على إغلاق الأبواب أمام السلام، ولا تستطيع لعب أي دور في صناعته بين الفلسطينيين والإسرائيليين” مضيفا “إن قرار الإدارة الأمريكية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس يعتبر مخالفة للقانون الدولي وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 478”.
و بالعودة الى مؤتمر كامبل بنرمان .. هو مؤتمر امبريالي انعقد في لندن بدعوة سرية من حزب المحافظين البريطاني بعد ان زكمت ألانوف رائحة النفط في المنطقة! هدف المؤتمر إلى إيجاد آلية تحافظ على تفوق الدول الاستعمارية ومكاسبها إلى أطول أمد ممكن. وقدم المحافظون فكرة المشروع لحزب الأحرار البريطاني الحاكم في ذلك الوقت. وضم المؤتمر الدول الاستعمارية حينها وهي: بريطانيا، فرنسا،هولندا، بلجيكا، إسبانيا، إيطاليا. وفي نهاية المؤتمر عام 1907، خرجوا بوثيقة سرية سموها “وثيقة كامبل” نسبة إلى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك هنري كامبل بانرمان. خلص المؤتمرون إلى نتيجة مؤداها: “إن البحر الأبيض المتوسط هو الشريان الحيوي للاستعمار لأنه الجسر الذي يصل الشرق بالغرب والممر الطبيعي إلى القارتين الآسيوية والأفريقية وملتقى طرق العالم، ومهد الأديان والحضارات، أيضاً”. اما إشكالية هذا الشريان فتلخصها الوثيقة: “ان شواطئه الجنوبية والشرقية بوجه خاص تضم شعبا واحدا تتوفر له وحدة التاريخ والدين واللسان” .. و أسترسل المؤتمرون ان خطورة الشعب العربي تكمن في وحدة التاريخ واللغة والثقافة والهدف والآمال وتزايد السكان .. ولم ينس المؤتمر أيضاً، عوامل التقدم العلمي والفني والثقافي، ورأى ضرورة العمل على ابقاء وضع المنطقة العربية متأخرا، وعلى ايجاد التفكك والتجزئة والانقسام وإنشاء دويلات مصطنعة تابعة للدول الأوروبية وخاضعة لسيطرتها. ولذا دعوا الى فصل الجزء الأفريقي من المنطقة العربية عن جزئها الآسيوي بإقامة الدولة العازلة Buffer State لتكون بمثابة حاجز بشري قوي وغريب ومعاد لشعب المنطقة ومصادق للدول الأوروبية. وهكذا قامت إسرائيل بهدف تفكيك وتشظية وتفتيت وتجهيل شعوب هذه المنطقة وحرمانها من الدعم ومن اكتساب العلوم والمعارف التقنية ومحاربة أي توجه وحدوي فيها (الشريف حسين في مطلع القرن العشرين، وعبد الناصر في نصفه الثاني، والاسدان بعدهما- مثلا)!
اما إسرائيل فكان من الممكن أن تنشيء كيانها المحتل (وطنها القومى كما تقول) في أوغندا أو الأرجنتين كما كان مطروحا قبل فلسطين لولا صدفة النفط في منطقتنا! وها هو المؤرخ اللبناني الراحل، د. كمال الصليبي، يطرح في كتابه “التوراة جاءت من جزيرة العرب”، الذي صدر في العام 1985نظرية “خطأ تحديد جغرافية الحدث التوراتي”، التي تتلخص بوجوب إعادة النظر في “الجغرافيا التاريخية للتوراة”، حيث يثبت أن أحداث “العهد القديم” لم تكن ساحتها فلسطين بل أنها وقعت في جنوب غربي الجزيرة العربية .. كما حاول د. الصليبي، في كتابه “خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل”، الذي صدر في العام 1988 التأكد من صحة الجغرافيا التاريخية للتوراة، وتصحيح ما ورد من تفاصيل في كتابه السابق “التوراة جاءت من جزيرة العرب”، وهو، هنا ، يعيد النظر في عدد من قصص التوراة المألوفة على ضوء جغرافيا الجزيرة العربية إذ يلحظ أن الأكثرية الساحقة من أسماء الأماكن التوراتية لا وجود لها في فلسطين والقليل الموجود هناك لا يتطابق من ناحية الحدث مع تلك المذكورة بالأسماء ذاتها في التوراة .. ويقدم الصليبي، في كتابه “حروب داوود: الأجزاء الملحمية من سفر صموئيل الثاني مترجمة عن الأصل العبري”، الذي صدر في العام 1990ترجمة جديدة لأخبار الحروب التي خاضها داوود حين كان ملكا على “جميع إسرائيل” (1002 _ 962 ق م تقريبا)، كما هي مروية في الأصل العبري لسفر صموئيل الثاني من التوراة .. ولم يتخل الصليبي في كتابه الأخير [عودة إلى “التوراة جاءت من جزيرة العرب” – أورشليم والهيكل وإحصاء داود… في عسير] الذي صدر في العام 2008 عن اطروحته مصححاً قراءات واجتهادات سابقة عن هذه المواضيع مستندا في ذلك كله إلى أدلة اكتشفها في مجالي اللغة والآثار، وقام بمقارنتها بالمألوف والسائد من “الجغرافيا التاريخية للتوراة”!
اما بنو اسرائيل فمن شعوب العرب البائدة، اي من شعوب الجاهلية الاولى، الذين كان لهم بين القرن الحادي عشر والقرن السادس قبل الميلاد، ملك في بلاد السراة. وقد زال هذا الشعب من الوجود بزوال ملكه، ولم يعد له اثر بعد ان انحلت عناصره وامتزجت بشعوب اخرى في شبه الجزيرة العربية وغيرها .. اما اليهودية فديانة توحيدية وضعت أسسها أصلا على أيدي أنبياء من بني اسرائيل (وهم عرب من شعوب الجاهلية الاولى) وانتشرت على أيديهم اول الامر ثم استمرت في الانتشار بعد زوالهم وانقراضهم كشعب!
وبعد، لو كانت البطاطا إذن هي المنتج الرئيسي في المنطقة والأرض تعبق برائحة الفل (لا النفط)، هل كان للكيان المحتل ان ينشأ في فلسطين؟!
اما نحن فمحكومون بالنصر – نحن امام احد خيارين لا ثالث لهما: فأما النصر وأما النصر!
ديانا فاخوري
كاتبة عربية أردنية

قد يعجبك ايضا