شل طرفتك! / احمد الشاوش

 - يروى أن أحد الاتراك الذين غزو اليمن وسيطروا على العاصمة صنعاء كان جباراً وميت القلب ومنعدم الضمير ومُجرد من الإنسانية ، يهاجم الناس وينهب التجار ويسطوا على البيوت ويدمر بعضها ويزج بالشرفاء في السجون

 




 

 

 

 

احمد الشاوش ( اليمن ) الخميس 10/5/2018 م …

يروى أن أحد الاتراك الذين غزو اليمن وسيطروا على العاصمة صنعاء كان جباراً وميت القلب ومنعدم الضمير ومُجرد من الإنسانية ، يهاجم الناس وينهب التجار ويسطوا على البيوت ويدمر بعضها ويزج بالشرفاء في السجون بقلم / أحمد عبدالله الشاوش –

يروى أن أحد الاتراك الذين غزو اليمن وسيطروا على العاصمة صنعاء كان جباراً وميت القلب ومنعدم الضمير ومُجرد من الإنسانية ، يهاجم الناس وينهب التجار ويسطوا على البيوت ويدمر بعضها ويزج بالشرفاء في السجون وبمعيته عدد من الجنود وبعض المأجورين من أبناء القبائل ، فدخل محل أحد أبناء صنعاء وواصل عبثه ونهب الكثير من الأشياء الثمينة وكان صاحب المحل يتفرج عليه بهدوء وتأمل وحكمة ، ويقول كل ما سرق التركي شيء ” شل طرفتك” أي واصل عبثك وسطوتك فلابد من يوم ، وزاد الظلم والقتل وملاحقة الناس وقطع ارزاقهم بـإنـعدام الاعمال وفرض الإتاوات و الضرائب بغير وجه حق ، وجاع الناس وضجوا وحملوا في قلوبهم مشاعر الحقد والكراهية والانتقام ، وماهي إلا سنوات حتى سقط الطاغية وأعوانه وأقبلت السكاكين من كل جانب على الثور الهائج حتى الجبان تحول الى رمز للبطولة في ذلك اليوم ومن بين ذلك المشهد الفظيع نطق صاحب صنعاء المغلوب على امره “شليت طرفتك” وزيادة هذا جزاء كل جبار ظالم وواصل ثأره دون رحمة.

وبعد ذلك المشهد المريع والظلم الفادح والانتقام الإلهي تتكرر الحادثة ويثأر اليمنيون من قائد تركي آخر يدعى ” الطواشي” والذي لايزال أسمه على أحد أحياء صنعاء ، وتهدم داره ويتم الإطاحة به وجنوده ويصيح أبناء صنعاء رجالاً واطفالاً “مامنها شي ” دار ” الطواشي” ..” مامنها شي ” طار” الطواشي ” أي أصبحت داره أنقاض وفر محاولاً النجاة من المظلومين لكن الاقدار كانت له بالمرصاد ، بينما تحول دار” الزوقبي” الذي بجوار جامع البكيرية الى سجن للنساء وهكذا هي مصائب الدهر.

وتشل بريطانيا طرفتها حيناً من الدهر في جنوب اليمن وتضحي بجنودها وأدواتها وهيبتها ويفشل الغزو البريطاني ويسقط التاج وتفقد أحلامها الوردية وتغيب شمسها القاتلة بعد ان أطفأها الثوار.

ويواصل الائمة طرفتهم في اليمن وتزكيتهم وتنصيبهم عبر ضخ المال لمشايخ حاشد وبكيل جناحي اليمن ، ويستمر صراع الائمة على كراسي الحكم ونشر ثقافة تقديس الجهل ، امام يدكم امام .. يصعد امام ويسقط امام ، ويغتال امام ويفر آخر، وتهدم قصوره ومنجزاته وتقتل شيعته ويطمس تاريخه ويدمر مذهبه وثقافته ، وتمر الأيام والسنون وتأتي عدالة السماء بثورة على الطغيان وتسقط الملكية بحلوها ومرها وتصعد على انقاصها الجمهورية اليمنية بأهدافها الستة .

ويواصل الجمهوريون طرفتهم وسطوتهم والثوار فرحتهم بنجاح ثورة السادس والعشرين من سبتمبر بعد حرب ضروس مع الملكيين المدعومين من السعودية وامريكا وبريطانيا في كافة الميادين ، وتنجح مسيرة الثورة ويشرع جميع اليمنيين في البناء والتنمية والمساواة والعدالة ، ورغم ذلك الانتصار العظيم استغل بعض القادة والمشايخ والعملاء من بقايا الملكيين وحثالة الجمهوريين مناصبهم ومسؤولياتهم من وراء الكواليس لبث سموم الفتنة واغتيال الثوار والوطنيين والشرفاء الرافضين للفساد والتبعية مواصلين النخر في جسد الثورة والجمهورية الفتية وتوزيع جرذانها في المراكز الحساسة كالسرطان للاستحواذ على السلطة والثروة والقفز على الأهداف النبيلة لثورة سبتمبر العظيمة كل تلك المؤامرات أرقت الدولة وشلت المؤسسات بدءاً بالتآمر على أول رئيس للجمهورية العربية اليمنية المشير عبدالله السلال الذي أطاح به القاضي الارياني وآخرين بعد ترتيب زياره له الى مصر ومن ثم تلقيه اتصال هاتفي بالبقاء في القاهرة دون العودة الى بلدة ، وتدور الدوائر ويقوم ابراهيم الحمدي وبعض مراكز القوى بـ إنقلاب أبيض على ثاني رئيس لليمن القاضي عبدالرحمن الارياني وتوديعه رسمياً الى مطار صنعاء والاستقرار في سوريا بعد ان فلتت الأمور في عهد القاضي

ويستمر مسلسل التآمر وتآكل الثورة والثوار بقتل الرئيس إبراهيم الحمدي ، رجل الدولة المدنية والشخصية الأكثر حباً الى قلوب اليمنيين في أسوأ عملية اغتيال خططت لها ومولتها السعودية ونفذتها مجموعة من المرتزقة بعد ان تم استدراجه الى دعوة غداء وتم تصفيته واخيه عبدالله وعدد من قيادته لقتل الحلم اليمني وتدمير كل منجزاته ، وتأتي الاقدار المبرمجة بالمقدم أحمد الغشمي أحد مخالب السعودية الى رئاسة اليمن فاتحاً باب العنف والصراعات الدموية والاغتيالات السياسية وتراجع الحياة الثقافية والتنموية والاقتصادية ، ورغم القبضة الحديدية كانت نهايته فظيعة على يد شخص انتحاري تم ارساله من عدن الى الغشمي برسالة هامة أنهت حياته بتفجير انتحاري بمكتبه في القيادة العامة بصنعاء .

وتستمر الحكاية وتتداخل الاقدار ويصعد علي عبدالله صالح الى الرئاسة في ظروف حالكة السواد واضعاً كفنه على يده وراقصاً مع الثعابين بعد ان أستفاد من دروس من سبقوه وخبر عادات وتقاليد واعراف وتوازنات ونفسيات المجتمع اليمني ، ونجح بذكاء فطري ودهاء سياسي في الكثير من المحطات المحلية والإقليمية والدولية وحقق الكثير من الإنجازات ، رغم بعض المآخذ والسلبيات التي صارت حديث الناس بتوغل مراكز القوى الفاسدة ، وانفجار أزمة الربيع وتخندق الإصلاح وبيت الأحمر والجنرال محسن واللقاء المشترك ضد ” صالح” الذي كسب المعركة وفرار خصومة الى الخارج بعد شراكته مع الحوثين وتمكينهم مفاتيح كل شيء للانتقام من جميع القوى السياسية رغم علمه بإن الحوثيين ينتضرون بفارق الصبر فرصة تصفيته ثأراً للسيد حسين بدر الدين الحوثي وهو ما تحقق بإعلانه الحرب عليهم ومهاجمته في عقر دارة بصنعاء بعد ان” شل طرفته” حيناً من الدهر.

وتشل الأحزاب والنخب والوجاهات الاجتماعية طرفتها ، ويتطاير الناصري ويطعفر الاشتراكي ويموت البعث ويسقط الإصلاح ويتشتت المؤتمر، وتستحضر الشرعية ويستعرض المجلس الانتقالي ويصبح قبائل طوق صنعاء أرخص سلعة في سوق النخاسة في حين تسجل المرأة اليمنية انصع درجات الوفاء

وتتوالى الاحداث عاصفة ويخلى الجو لجماعة أنصار الله ” ويشل الحوثيين طرفتهم ويتفردوا بالسلطة والثروة والقبضة الحديدة رغم التضحيات الكبيرة في مواجهة العدوان ، ولكنها لم تستطع أن تتخلص من ثقافة الماضي وهواجس الحاضر ومخاوف المستقبل وحالات الظلم وما طرحة الزميل محمد عايش خير شاهد على بعض الممارسات السلبية ، ومازال الانسان آخر اهتماماتها فلا رواتب ولاصحة ولاتعليم ولاتنمية رغم ان العدوان مساهم في الفوضى ، بينما يتسابق بعض قياداتها ومشرفيها وآخرين في حكومة الشرعية على التجارة وشراء الفلل والأراضي والصرافة واحتكار المشتقات النفطية في حين يواصل الشرفاء صمودهم وبطولاتهم في جبهات الكرامة لتحرير اليمن ضد عدوان التحالف .

لا أستطيع ان اتخيل القدر المجهول لهؤلاء اذا استمر صقور أنصار الله في مغامرتهم دون الاحتكام الى منطق العقل والحكمة وتبني خطاب واقعي وأكثر مصداقية يراجع كل الأخطاء والتجاوزات والمظالم ويشرع في تأمين لقمة الجياع وتطبيق قيم التسامح والتعايش والحوار للوصول الى تسوية سياسية لاعادة بناء الدولة وتفعيل المؤسسات وصرف الرواتب ، مالم فإن الواقع يستدعي من الصقور ان يتصوروا المشهد الدرامي والنهاية التي يريدونها ولنا في التسلسل التاريخي والسياسي العبرة ، فهل يعي أولوا الالباب.. والله من وراء القصد.

[email protected]

قد يعجبك ايضا