40 يومًا من القتال الشرس في جباليا.. المقاومة تقهر الاحتلال رغم بشاعة الإبادة




منذ 40 يومًا تشن إسرائيل هجمة إرهابية شعواء ضد سكان شمالي قطاع غزة لا سيما مخيم جباليا، شملت عمليات إبادة وتطهير عرقي وتدمير ممنهج للمنازل والأحياء السكنية، وإجبار السكان على النزوح القسري تحت تهديد القتل.

الأيام الأربعون التي مضت كانت كفيلة بإنهاء دول كبرى، نظرًا لحجم القنابل والصواريخ التي أسقطتها إسرائيل على الأحياء السكنية، إلا أن مصادر محلية أفادت لمراسلنا أن مخيم جباليا ورغم بشاعة ما يتعرض له إلا أن آلاف المواطنين صامدون في المخيم، ولا تزال المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب الشهيد عز الدين القسام تقاتل بلا هوادة، وتخوض اشتباكات عنيفة من نقطة صفر، وسط قتال ضار وتسقط فيه المقاومة الجنود قتلى وجرحى.

وخلال الساعات الأربع وعشرين الماضية فقط نفذت كتائب القسام 10 كمائن وهجمات على قوات الاحتلال الإسرائيلي معظمها في جباليا، في مؤشر واضح على شراسة المقاومة وقوتها في مناطق شمال قطاع غزة.

وعمليات القسام تنوعت بين استهداف دبابات ميركافا وجرافات عسكرية من طراز دي 9، بعبوات ناسفة وقذيفة التاندوم وقذائف الياسين 105، إضافة إلى قنص جندي، واستهداف قوة راجلة بقذيفتين مضادتين للأفراد، وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح.

كما استهدفت قوة إسرائيلية من 7 جنود داخل أحد المنازل بقذيفة “تي بي جي” مضادة للتحصينات، وتم “الإجهاز عليها من مسافة صفر بالأسلحة الرشاشة والقنابل اليدوية” قرب مسجد أولي العزم في بيت لاهيا شمالي قطاع غزة.

لكن أبرز هذه العمليات كان استهداف مقاتلي القسام دبابة ميركافا بقذيفة “الياسين 105″، ومن ثم اعتلوها وأجهزوا على طاقمها وغنِموا رشاشا منها، قرب مدرسة الفاخورة غرب مخيم جباليا، وفقا لما أعلنته الكتائب عبر تليغرام.

العمليات هذه جاءت بعد مرور 40 يومًا على العملية العسكرية الإسرائيلية شمال قطاع غزة، والتي حشدت لها إسرائيل قرابة 50 ألف جندي، بإسناد جوي ومدفعي وطائرات الاستطلاع والمسيرات، والتقارير الصحفية أكدت أنه لم يمر يوم واحد على بداية المعركة دون أن تنفذ المقاومة الفلسطينية عدة هجمات على قوات الاحتلال في مختلف مناطق شمالي قطاع غزة.

الأرض المحروقة

جيش الاحتلال الإسرائيلي اعتمد في عمليته العسكرية الثالثة والمستمرة على جباليا، أسلوب الأرض المحروقة من القصف العشوائي، والأحزمة النارية وتدمير المنازل، وحصار السكان، وتجويعهم للضغط على السكان، عبر تحويل شمال قطاع غزة إلى منطقة أمنية عازلة لتحقيق خطة الجنرالات.

التقارير الصادرة عن الإعلام الحكومي بغزة أكدت أن إسرائيل قتلت ألفي فلسطيني وأصابت المئات، ودمرت آلاف المنازل والأحياء السكنية، وأجبرت الآلاف من المواطنين على النزوح إلى مدينة غزة، علاوة على قيامها بفرض حصار مشدد على مناطق شمالي قطاع غزة، في مخيم جباليا وبلدتي بيت حانون وبيت لاهيا.

ورغم كل هذا، تواصل المقاومة الفلسطينية تسديد الضربات المؤلمة للجيش الإسرائيلي في مختلف مناطق القتال في شمالي قطاع غزة، وتتبع سياسة القتال من المسافة صفر، حتى وصل بالمحللين الإسرائيليين التأكيد على صعوبة هزيمة كتائب القسام في مناطق شمالي قطاع غزة.

ووفق ما ذكرت الجزيرة فإن مقاتلي القسام نفذوا خلال الفترة من 5 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلى 10 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، 121 هجومًا عسكريا على قوات الاحتلال، رغم الحصار الخانق والقصف العنيف الذي لا يكاد أن يتوقف ليلا أو نهارًا، وانتشار أسراب من الطائرات المسيرة في سماء المنطقة.

ورغم تكتم جيش الاحتلال عن الأرقام الحقيقية لخسائره، فإن وسائل الإعلام الإسرائيلية رصدت قتل 24 ضابطا وجنديا إسرائيليا في جباليا منذ بدء العملية العسكرية الحالية، ومع تصاعد هجمات المقاومة، اضطرت قوات الاحتلال بعد 25 يوما من القتال شمال القطاع إلى سحب اللواء المدرع 460 من جباليا.

كما أعادت نشر قوات في شمال غزة، حيث سحبت قواتها من الأحياء السكنية، واكتفت بحصار المنطقة من جميع الجهات مع تكثيف قصفها الجوي والمدفعي على جباليا، وفقا لإذاعة الجيش الإسرائيلي.

وبعد مرور شهر من المعارك، دفعت قوات الاحتلال بلواء كفير، وهو أحد أكبر ألوية المشاة في الجيش الإسرائيلي، ويضم عدة كتائب ووحدات من النخبة العسكرية توصف بأنها مختصة في الحرب داخل المناطق الحضرية والمناطق المعقدة.

صحيفة هآرتس العبرية، أكدت أن استمرار القتال في مناطق شمال قطاع غزة يظهر كذب الادعاءات الإسرائيلية بالانتصار على حماس، وأشارت الصحيفة إلى أن حماس “عادت وأمسكت بالأرض في المناطق التي ينسحب منها الجيش الإسرائيلي”، مشيرة إلى أن الحركة “لا تزال تدير مئات المقاتلين في منطقة المخيم”.

عقيدتان في صورة واحدة: عقيدة القسام، التي ترتكز على بناء الإنسان المقاتل، وعقيدة (معالوت) التي وضعها رئيس أركان العدو هرتسي هليفي، والتي ترتكز على التفوق التكنولوجي، وتنص على أن التفوق على الأعداء يكون عبر امتلاك أسلحة ووسائل قتالية حديثة.

الصحفي والكاتب عبد الرحمن يونس أكد لمراسلنا أن استمرار القتال في مناطق شمالي قطاع غزة، يدلل على كذب الادعاء الإسرائيلي بالقضاء على المقاومة الفلسطينية، وأضاف يونس أن المعركة في جباليا هي من أهم المعارك التي تخوضها المقاومة منذ بدء الحرب، نظرًا للمكانة التي تتميز بها جباليا في الذهن الغزي، كعاصمة للمقاومة الفلسطينية، وهي بكل تأكيد معركة حياة أو موت للمقاومة الفلسطينية.

وأشار إلى أن بسالة المقاومة الفلسطينية ستسجل بمداد من ذهب في التاريخ، وما يجري في شمال قطاع غزة سيدرس في أعرق الكليات العسكرية حول العالم.

عبقرية لافتة

اللواء الركن محمد الصمادي علق على كمائن القسام شمالي غزة، وعدّ نجاحها في مواجهة جيش الاحتلال رغم فارق الإمكانات العسكرية، انتصارًا تكتيكيا استثنائيا، وقال: “ما تقوم به المقاومة الفلسطينية في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة يعدّ إعجازا عملياتيا وعبقرية لافتة”.

وأوضح الصمادي، في تحليله للمشهد العسكري على قناة الجزيرة، أن معركة جباليا تتم في ظروف قاسية، إذ يواجه المقاتلون الفلسطينيون ألوية مدرعة مثل اللواء 401 و460، ولواء غفعاتي المدعوم بمساندة جوية ومدفعية مكثفة وطائرات استطلاع حديثة.

كتائب القسام كبدت جيش العدو الصهيوني خسائر كبيرة في الارواح والعتاد خلال اليومين الماضين في جباليا ومناطق اخرى شمال غزة، وأضاف أن المخيم محاصر بالكامل ومنفصل عن مدينة جباليا، ورغم ذلك تواصل المقاومة عملياتها الناجحة في ظل صمود الحاضنة الشعبية التي تواجه إبادة من جيش الاحتلال.

ويقول الصمادي إنه رغم ذلك، لا تزال المقاومة الفلسطينية قادرة على التكيف مع هذه التكتيكات عبر القتال بأسلوب المجموعات الصغيرة التي تستخدم الفرص المتاحة لقنص جنود الاحتلال وشنّ الهجمات المفاجئة، وأشار الصمادي إلى أن مخيم جباليا الذي تبلغ مساحته 1.4 كيلومتر مربع يُعدّ نموذجا للصمود الفلسطيني في وجه القوة العسكرية الإسرائيلية.

 

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

ستة عشر + تسعة =