بـ”الفزعة”.. الفلسطيني يتحدى المستوطنين ويقطف زيتون الضفة- (صور)




الأردن العربي – الأربعاء 16/10/2024 م …

لم يجد المزارع الفلسطيني إسماعيل عودة وسيلة لمواجهة اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين التي عكرت موسم الزيتون هذا العام في الضفة الغربية المحتلة، سوى لجوئه إلى حملة “فزعة” التي أطلقت لحشد ناشطين ومتضامنين في الحقول بهدف منع الاعتداءات على جناة الزيتون.

و”فزعة” هي حملة وطنية أطلقها وزير الزراعة الفلسطيني رزق سليمية، في 25 سبتمبر/ أيلول الماضي، بالتعاون مع جهات حكومية ومؤسسات المجتمع المحلي ولجان المتطوعين المحليين والدوليين، وترجمت فعليا مع بدء موسم قطف الزيتون مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، عبر تنفيذ حملات قطف جماعي في عدة مواقع بالضفة الغربية بحضور ناشطين ومتضامنين عرب وأجانب.

الفلسطيني عودة (72 عاما) الذي ارتسمت التجاعيد على وجهه يصر على الوصول إلى أرضه التي منعه عنها المستوطنون أكثر من مرة، فهو يرى أن الأرض “هوية وانتماء”.

ويقع حقل عودة بالقرب من شارع استيطاني يمر عبر أراضي بلدة قصرة إلى الجنوب من مدينة نابلس شمالي الضفة، والتي تعرضت لعدة اعتداءات من قبل المستوطنين منذ بدء موسم جني الزيتون لهذا العام، كما تتواجد في محيط بلدة قصرة عدة مستوطنات وبؤر استيطانية.

وعادة ما يشن مستوطنون إسرائيليون هجمات على المزارعين الفلسطينيين وحقولهم، وتتزايد الهجمات مع موسم قطف ثمار الزيتون خلال أكتوبر/ تشرين الأول، ونوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام.

والاثنين، أصيب 4 فلسطينيين، خلال مواجهات مع مستوطنين إسرائيليين هاجموا قاطفي ثمار الزيتون في بلدة قُصرة، وفق بيان الهلال الأحمر الفلسطيني.

وكان الناشط في مقاومة الاستيطان ببلدة قصرة، فؤاد حسن، قال، إن مستوطنين مسلحين هاجموا مزارعين فلسطينيين خلال قطفهم الزيتون في المنطقة الشرقية من قصرة.

الأرض شرف

بدوره، يقول عودة: “يستغل المستوطنون الإسرائيليون وجود المزارعين فرادى ليهاجموهم، ويسرقون الثمار ويعتدون على المزارعين بالضرب”.

ويؤكد المزارع الفلسطيني أن “تلك الاعتداءات تنفذ تحت قوة سلاحهم، وتهديد البنادق، وبحماية وإشراف مباشر من الجيش الإسرائيلي”.

وبشأن الحملة التي ساعدته للوصول إلى حقله، يقول عودة: “وجود حملة (فزعة) وهذا العدد الكبير من النشطاء الفلسطينيين والأجانب يشكل حماية للمزارع الفلسطيني من هجمات المستوطنين، بالإضافة إلى قطف الثمار في وقت قصير”.

ويتجمع في حقل عودة عشرات الناشطين الفلسطينيين وموظفون من هيئة مقاومة الجدار والاستيطان التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، ونشطاء من حملة “فزعة” والتي تضم أجانب.

وفيما يتعلق باعتداءات المستوطنين، يقول عودة إن البعض منهم شنوا هجمات الاثنين الماضي على مزارعي البلدة بمن فيهم عائلته.

ويضيف: “أصيب ابني وحفيدي بحجارة المستوطنين الذين رشقوا السكان، وأطلقوا الرصاص الحي تجاههم بحماية الجيش الإسرائيلي”.

وبيده المملوءة بالقطاف، يشير المزارع الفلسطيني إلى حقل مجاور، وقال بنبرة غاضبة: “طردنا من الأرض عدة مرات تحت تهديد السلاح، ثم قطعت نحو 80 شجرة يزيد عمرها عن 50 عاما”.

ويوضح أن “المستوطنين لا يريدون أن نصل إلى الحقول والبساتين، لكي يسيطروا عليها، ونحن نعتبر أن الأرض شرف لنا، لا سيما أشجار الزيتون”.

وخلال قطف الثمار حضر جيش الاحتلال الإسرائيلي للموقع، وأبلغ بعدم السماح للقاطفين من الاقتراب من الشارع العام الذي يسلكه المستوطنون، كما اعتقل 2 من المتضامنين.

تضامن أجنبي

من جانبها، تقول متضامنة أمريكية، فضلت التعريف عن نفسها بـ”لولو” خشية ملاحقتها من قبل الجهات الإسرائيلية، إن “الفلسطيني يتعرض للتضييق والاعتداء من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، وخاصة في موسم قطف ثمار الزيتون.

وتضيف على هامش المشاركة في جني الثمار: “أنا هنا منذ عدة أشهر ضمن حملة فزعة للوقوف إلى جانب الفلسطينيين، لا نفعل شيء سوى مشاركتهم في الثبات على الأرض، ونوثق الاعتداءات الإسرائيلية عليهم وننشرها للعالم”.

وتتابع: “نعمل على فضح الانتهاكات وفضح كذب الاحتلال الإسرائيلي، ونحن هنا في قصرة لنساعد المزارعين على جني الثمار”.

وبشأن مخاطر عملها، تقول: “اليوم كل من يساعد ويقف مع الفلسطيني يستهدف، ولكن لا نخاف وسنبقى معهم ونوثق الاعتداءات الإسرائيلية”.

فلسطينيا، يقول مراد اشتيوي مدير مكتب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في شمال الضفة الغربية، إن “الجيش الإسرائيلي ومستوطنيه يعلمون قدسية موسم قطف ثمار الزيتون وأهميته للفلسطيني، لذلك يشنون سلسلة اعتداءات مكثفة تستهدف طرد المزارع والحيلولة دون وصوله لحقله”.

ويضيف اشتيوي: “نحن في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وضعنا خطة وحملة منذ بدء الموسم لمساعدة المزارعين في جني الثمار في المناطق التي تستهدف من قبل المستوطنين وفيها مخاطر عالية”.

وأشار إلى أن الحملة تتركز في وسط وشمال الضفة، حيث تتصاعد اعتداءات المستوطنين المسلحين، “وهناك تنسيق مع متطوعين ونشطاء أجانب.

وعن نتائج إطلاق الحملة، يقول المسؤول الفلسطيني: “استطعنا بعزيمة الناشطين قطف ثمار الزيتون في حقول منع أصحابها من الوصول إليها منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على شعبنا في قطاع غزة (في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023”.

موسم استثنائي

وسبق أن قال وزير الزراعة الفلسطيني رزق سليمية، في تصريحات صحافية، إن فلسطين تشهد موسم زيتون “استثنائيا وصعبا”، وسط تصاعد اعتداءات المستوطنين وحرب الإبادة الإسرائيلية.

وأضاف: “نواجه هذا العام خطر تكرار منع المزارعين من جني أكثر من 100 ألف دونم العام الماضي، بسبب اعتداءات المستوطنين، إضافة إلى منعهم من دخول أراضيهم الواقعة خلف جدار الفصل والتي تستوجب استصدار تصاريح، وتعذر وصولهم إلى الأراضي في مناطق مصنفة ج”.

وتمنع سلطات الاحتلال الإسرائيلية البناء أو استصلاح الأراضي في المناطق المصنفة “ج”، دون تراخيص منها، والتي من شبه المستحيل الحصول عليها، وفق تقارير حقوقية.

وصنفت اتفاقية أوسلو (1993) أراضي الضفة 3 مناطق وهي “أ” تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و”ب” تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و”ج” تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية، وتقدر بنحو 60 بالمئة من مساحة الضفة.

وأكد الوزير أن “العام الماضي سجل رسميا منع قطف ثمار نحو 100 ألف دونم مزروعة من أشجار الزيتون، وتقديري هناك نحو 50 ألف دونم مُنع المزارعون أيضا من قطف الثمار فيها غير أنها لم تسجل رسميا”.

وتوقع وزير الزراعة أن تنتج الضفة الغربية العام الحالي نحو 20 ألف طن من زيت الزيتون، ووصف الموسم بـ”أكثر من جيد”.

وبالتزامن مع حرب الإبادة التي تشنها تل أبيب على قطاع غزة، وسع جيش الاحتلال الإسرائيلي عملياته، كما صعد المستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية بما فيها شرقي القدس، ما أسفر إجمالا عن استشهاد 756 فلسطينيا وإصابة نحو 6 آلاف و250.

وبدعم أمريكي، أسفرت حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المتواصلة في غزة عن أكثر من 140 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

خمسة − 2 =