قراءة في الأبعاد والنتائج الأولية للهجوم الاستراتيجي للجيش السوري في جبهة الجنوب / عليان عليان

 

 

عليان عليان ( الأردن ) الأربعاء 18/2/2015 م …

 

في تحول دراماتيكي أربك كل أطراف المؤامرة على سورية ، بدأ الجيش العربي السوري بشن هجوم استراتيجي على جبهة الجنوب ( درعا والقنيطرة ) تحت عنوان ” شهداء القنيطرة ” بغية إلحاق الهزيمة النهائية بمجاميع الإرهاب من جبهة النصرة وأخواتها، وبالفيلق الجديد الذي تسهر على إقامته قوى إقليمية بدعم وتوجيه أمريكي.

والملفت للنظر هو اختيار النظام العروبي في سورية للحظة السياسية المركبة والمناسبة للبدء في هجومه الاستراتيجي ، واختيار تلك اللحظة يكشف عن إدارة ذكية ومحترفة لهذا النظام في إدارة الصراع ، وبؤس وقصر نظر أطراف المؤامرة القابعة في غرفة العمليات الإقليمية في الجوار السوري ، إذ أن اختيار اللحظة المناسبة كما البرق إذا لم يجر استغلالها، فقد يحتاج هذا الطرف أو ذاك إلى دورة زمنية طويلة لعودة لحظة شبيهة بها، كي ينجح في استثمارها ، وغالباً لا ينجح بحكم حدوث العديد من المتغيرات.

لقد انطوت اللحظة السياسية التي بدأ فيها الجيش العربي السوري على العوامل والمعطيات التالية:

أولاً : انشغال الكيان الصهيوني في مقدمات الحملة الانتخابية التي لا يستطيع خلالها العدو الصهيوني الدخول في مواجهات مع الجيش السوري ، كونه لا يضمن نتائجها وبما يؤثر سلباً على إمكانية فوز حزب الليكود بزعامة نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية القادمة.

ثانياً : أن هذا الهجوم الاستراتيجي للجيش العربي السوري جاء بعد عملية شبعا البطولية، كرد على اغتيال العدو الصهيوني لكوادر المقاومة بمزارع الأمل في القنيطرة ، تلك العملية التي نجم عنها إعلان حلف المقاومة عن إلغاء قواعد الاشتباك السابقة ، وتوحيد جبهة المقاومة شمال فلسطين المحتلة في إطار جبهة واحدة تمتد من رأس الناقورة وحتى القنيطرة السورية المحررة في الجولان .

ثالثاً : أن هذا الهجوم الاستراتيجي جاء بعد إقدام تنظيم داعش الإرهابي على حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة ، ما وفر بيئة أردنية مجتمعية ومناخاً رافضاً للإرهاب بمكوناته المختلفة سواء من داعش ، أو من جبهة النصرة التي باتت دول الإقليم بقيادتها الأمريكية تستثنيها من لائحة الإرهاب، وترى فيها حليفاً موضوعياً لها رغم أنها جزء لا يتجزأ من تنظيم القاعدة الموضوع على لائحة الإرهاب الدولي بهدف توظيفها لإسقاط الجغرافيا السياسية لسورية من ناحية، ومن ناحية أخرى لاستثمارها في مواجهة تنظيم داعش الذي بات يتمرد جزئياً على الخطوط الحمر الأمريكية. .

رابعاً :القراءة الاستخبارية السورية الدقيقة لما يجول في عقول القائمين على غرفة العمليات الإقليمية ومخططاتهم بقيادتها الأمريكية- والتي تلعب (إسرائيل) دوراً مركزياً فيها- ، حين توهم القائمون على هذه الغرفة بأن الجيش السوري ليس بوضع يمكنه من الإقدام على هجوم إستراتيجي، في جبهة الجنوب بهذا الحجم جراء انشغاله في معارك الغوطة ودير الزور ، ومعارك إحكام الحصار على الارهابيين في حلب، وأن اللحظة باتت ملائمة ليشن الفيلق الأول التابع لهذه الغرفة والمكون من 37 تشكيل عسكري إرهابي هجومه الاستراتيجي على دمشق العاصمة، فكان أن أسقط في أيدي المتآمرين الكثر على سورية .

لقد نجم عن الهجوم الاستراتيجي للجيش حتى اللحظة ما يلي :

أولاً : أصاب مجاميع الإرهاب بالشلل ونجم عنه تحرير مساحات واسعة من ريفي درعا والقنيطرة ، وأوصل المسلحين من المنشقين عن الجيش السوري إلى حالة من الإحباط واليأس ، وباتوا يتوسلون وجهاء الريف التدخل لدى الحكومة السرية من أجل العفو عنهم مقابل تسليم أسلحتهم وتسليم المناطق التي يتواجدون فيها.

وثانياً : خلق حالة من الإرباك والاضطراب في صفوف العدو الصهيوني الذي راهن على بقاء الشريط العازل بيد جبهة النصرة ، لأن زوال هذا الشريط يجعل حلف المقاومة وجهاً بوجه مع العدو الصهيوني.

فالقناة الثانية لتلفزيون العدو ، ومختلف المستويات الأمنية الإسرائيلية ، دقت ناقوس الخطر جراء هجوم الجيش الاستراتيجي المفاجئ- بإسناد من أطراف حلف المقاومة – الذي أدى إلى تحرير المناطق المتاخمة لجبهة النصرة ، على طريق هزيمة ودحر هذا التنظيم نهائياً ، ما سيؤدي إلى حرمان الكيان الصهيوني من حليف لها تراهن عليه في العبث بسوريا.

وقالت القناة الثانية في تلفزيون العدو أن ( إسرائيل ) تنظر باهتمام كبير إلى معركة الجيش السوري في الجنوب ، مشيرةً إلى أن الهجوم في ريف القنيطرة ” له هدف أكثر طموحاً وهو إعادة السيطرة على الحدود.. وما إذا كان أطراف حلف المقاومة سيحولون الحدود في الجولان إلى جبهة مفتوحة “.

وثالثاً : نزل الهجوم الإستراتيجي للجيش السوري نزول الصاعقة على القائمين على غرفة العمليات الإقليمية الدولية ، التي تسهر على تدريب الإرهابيين وإرسالهم لسورية ، وبالتالي فإن الجيش السوري بهذا الهجوم الاستراتيجي المفاجئ حطم كل خططهم ودفعهم إلى اليأس ، وأصاب في مقتل الخطة المعدة للفيلق الإرهاب الذي يحمل أسم ” الأول” للهجوم على العاصمة دمشق .

لقد استهدف الجيش من هجومه الاستراتيجي في جبهة الجنوب ” محور درعا –القنيطرة- الغوطة الغربية ” تأمين الدفاع عن العاصمة دمشق من ناحية الغوطة الغربية ( وثانياً ) قطع أية إمكانية للاتصال بين مجاميع الإرهاب جنوب شرق درعا وبين القنيطرة وبين القنيطرة والغوطة الغربية ، وبما يمكن الجيش السوري من تعزيز قدراته وحسم المعركة نهائياً في درعا ( وثالثاً ) تحقيق أولوية محور المقاومة في إلحاق الهزيمة بذراع الكيان الصهيوني في الجنوب ( ورابعاً) فضح ازدواجية المعايير لأولئك الذين يحاربون ” داعش ” بذريعة أنه تنظيم إرهابي ويقدمون في ذات الوقت الدعم والإسناد ” لجبهة النصرة – فرع القاعدة ” متجاهلين حقيقته الإرهابية الفاقعة.

كما شكل هذا الهجوم، رسالة تحذير للإدارة الأمريكية وأدواتها الإقليمية التي أعلنت أنها بصدد الإعداد لهجمات برية ضد داعش في كل مكان ، في محاولة مكشوفة للتغطية على خطط تدخلها البري ضد النظام والدولة السورية ، ومضمون هذه الرسالة أن حلف المقاومة جاهز لصد أي عدوان أمريكي إقليمي على سورية وهزيمته شر هزيمة .

وأخيراً لا نبالغ إذ نقول ، أنه بات من المؤكد في ضوء الهجوم الإستراتيجي المدروس للجيش السوري الذي دخل يومه الثامن، اقتراب تحرير محافظتي درعا والقنيطرة وعودتهما لحضن النظام السوري ، وبات مؤكداً أن شريط لحد الجديد الذي تعسكر فيه جبهة النصرة بدعم وإسناد إسرائيلي في طريقه للزوال والتدمير.

وإذا كان حزب الله أصدر بيان العمليات رقم (1) إثر تنفيذ عملية شبعا البطولية فإن الجيش العربي السوري أصدر البيان رقم (2) وغدا ( البيان رقم (3) بشأن تدمير الإرهاب وقواعده، فالمعركة ضد العدو الصهيوني والإرهاب معركة واحدة لا تتجزأ .

 

قد يعجبك ايضا