وفاة جياني فاتيمو – خسارة للشعب الفلسطيني / الطاهر المعز

الطاهر المعز ( تونس ) – الأحد 24/9/2023 م …

وُلِدَ جياني فاتيمو ( جيانتيريزو فاتّيمو – Gianteresio Vattimo)‏ يوم الرابع كانون الثاني/يناير 1936 وتوفي يوم 19 أيلول/سبتمبر 2023)، هو من أشهر الفلاسفة الإيطاليين، واشتهر كواحد من أَهَمِّ دُعاة “الفلسفة التّأوِيليّة” (الهيرمينوطيقا الفلسفية) ومن دُعاة “ما بعد الحداثة”، وكان عَميدًا لكلية الآداب في جامعة “توريتو”، حيث درَّسَ الفلسفة النّظرية، كما عُرِفَ باهتمامه بتاريخ ومستقبل المسيحية، ومن أهم مؤلفاته: “مدخل إلى هايدغر” (1984)، حيث استفاد فاتيمو من نقد نيتشه وهيدغر للميتافيزيقيا الأُروبية عند إعداد كتابه “نهاية الحداثة”( نُشِرَ 1991 ولم يُتَرْجَم إلى العربية سوى سنة 2014) وتطوير نظرية الإنتقال من الحداثة إلى ما بعدها، كما أصْدَرَ كتاب “تفكيك الصهيونية: نقد ميتافيزيقيات السياسة” (2014)، ولم يسلم من تهمة “معاداة السامية” لأنه دعم الحقوق الوطنية والإنسانية للشعب الفلسطيني، قبل أن يرحل عن عمر يناهز 87 عامًا، يوم 19 أيلول 2023.




يُعتبر كتابه “نهاية الحداثة” إضافةً هامّة إلى فلسفة العدمية ل”فريدريش نيتشه – ألمانيا 1844 – 1900) وفلسفة التعافي ل”مارتن هايدغر” ( ألمانيا 1889 – 1976 ) واستخدم فلسفتهما في نقد الميتافيزيقيا (الماورائية) المسيحية “الغربية”، ويظهر ذلك في كتابه “المسيحية والحقيقة والإيمان الضعيف”،  لجعل الحداثة أساسًا لحضارة جديدة اصطلح على تسميتها “ما بعد الحداثة”، بدل اعتبارها مرحلة تاريخية وطور جياني فاتيمو  دراسة نظريات التأويل واستخدمها في علم الألسُنية وفي النقد الأدبي، كما اهتم بتطوير تحليل التحولات الفكرية والثقافية في عصر ما بعد الحداثة…

كان “جياني فاتيمو”، إلى جانب تَدْرِيس الفلسفة، منذ سنة 1964، ونَشْر الكتب (19 كتابًا) ومئات الدّراسات والبحوث الأكاديمية، مناضلا (بل زعيمًا) سياسيا يساريا، وكان نائبًا بالبرلمان الأوروبي خلال دَوْرَتَين سنة 1999 ثم سنة 2009، واشتهر بمداخلاته وتعليقاته وكتاباته النّاقدة سياسيا للكيان الصّهيوني وفلسفيا للإيديولوجية الصهيونية، وبدعمه لحقوق الشعب الفلسطيني، كما يظهر في كتابه “تفكيك الصهيونية.. نقد الميتافيزيقا السياسية” (صدرت النسخة الإنغليزية عن دار بلومزبري البريطانية للنشر، ضمن سلسلة النظرية السياسية والفلسفة المعاصرة، سنة 2013)، واعتبر المنظمات الفلسطينية بمختلف اتجاهاتها وأساليب نضالها، “صوتًا مشروعًا للشعب الفلسطيني”، كما يتضح من نقاش اللائحة التي وقّعها مع مثقفين آخرين، من بينهم صديقه ورفيقه “أومبرتو إيكو” (1932 – 2016)  ونُشِرت يوم 28 شباط/فبراير 2009، وصرّح يوم 22 تموز/يوليو 2014، خلال العدوان الصهيوني على فلسطينيِّي قطاع غزة: “يجب الرد على هؤلاء الصهاينة، لو كان الأمر بيدي لدعوت إلى اكتتاب عالمي لشراء أسلحة للفلسطينيين لردع الإسرائيليين الذين يُنفّذون مجازر جماعية”، ولما تم توجيه سؤال استفزازي له “هل تَوَدُّ رؤية المزيد من الإسرائيليين القتلى؟”، لم يتردّد في الإجابة: “بالطبع”، وأضاف أن إسرائيل “أسوأ قليلاً من النازيين”، وعمومًا يُعتَبَرُ  “جياني فاتيمو” مُناهضًا للظلم والتهميش وفيلسوفَ المُضْطَهَدِين والمقهورينَ، ويُعرّف نفسه بذي التوجُّهِ الإشتراكي الديمقراطي، لكنه كان يحظى بشعبية واسعة بين الطلبة وأوساط الثقافة والفن… 

قد يعجبك ايضا