المحامي محمد احمد الروسان يكتب: صناديق الشر في شبه القارة الهندية والعبث اليانكي فيها … التوظيف الأمريكي للهند وتفعيل النموذج الإسرائيلي … وليام بيرنز وديفيد بن مرياع يزوران شبه القارة الهندية سراً

 

المحامي محمد احمد الروسان* ( الأردن ) – السبت 2/9/2023 م …




*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية …

تشهد منطقة القارة الهندية، التي تمثل القطاع الجنوبي من القارة الآسيوية، محاولة إعادة ترتيب هياكل أمنها الجزئية، بما يؤدي في نهاية الأمر، إلى الهندسة في ترتيب هياكل أمنها الكلية الإقليمية، وجلّ المعلومات الاستخبارية وغير الاستخبارية، تظهر وتؤشّر، على دخول الأطراف الثالثة، التي من شأنها، أن تلعب دوراً كبيراً في هذه المحاولة.

والتساؤل هنا: من هم اللاعبون في شبه القارة الهندية؟ والجواب: حالياً، توجد أربعة أنواع من اللاعبين في منطقة شبه القارة الهندية، وفي الفضاء الحيوي لغلافها، ويمكن تحديدهم على النحو الآتي:

أولاً: دول المنطقة: الهند – باكستان – أفغانستان – بوتان – نيبال – بنغلاديش – سيريلانكا – جزر المالديف.

ثانياً: القوى المحلية: الأحزاب والمليشيات، والحركات السياسية والاجتماعية، التي يتجاوز عددها المئات.

ثالثاً: القوى الإقليمية: التكتلات والمنظمات الإقليمية الموجودة في المنطقة.

رابعاً: الأطراف الثالثة: القوى الكبرى: كأمريكا وروسيا والصين، ودول الجوار الإقليمي: كإيران ودول آسيا الوسطى ودول جنوب شرق وشرق آسيا.

وبرغم تفاوت أدوار اللاعبين، فإنّ الأكثر تأثيراً من بين الأطراف الثالثة، هو الولايات المتحدة والصين، وبدرجة أقل روسيّا، أما الأكثر تأثيراً من بين القوى الموجودة في المنطقة، فيتمثل في الهند وباكستان، والحركات المسلحة الهندية والباكستانية والأفغانية.

واشنطن تمارس استراتيجية ما، عبر لعبة إعادة ترتيب شبه القارة الهندية: حيث يشير الأداء السلوكي السياسي، للأوضاع الجارية حالياً ضمن مناطق شبه القارة الهندية، إلى أنّ احتمالات صعود نفوذ وقوّة، التحالف الثنائي الهندي – الأمريكي، أصبحت أقرب إلى التحقق، وتشير التسريبات إلى التطورات الآتية على خط واشنطن – نيودلهي: تفعيل الاتفاقيات المتعلقة بالتعاون التجاري والاقتصادي، وتفعيل اتفاقيات التعاون النووي والعسكري، وتزايد الارتباطات الهندية – الإسرائيلية، وتزايد الارتباطات الأمنية – الاستخبارية – العسكرية على خط نيودلهي – واشنطن – تل أبيب.

وبجانب ذلك، تشير تحليلات مراكز الدراسات الهندية والباكستانية، إضافة إلى المراكز الأمريكية، بأنّ التحالف الأمريكي – الهندي يسعى إلى الآتي: إضعاف التجارة الخارجية الصينية، عن طريق قيام الولايات المتحدة بشراء السلع الهندية بدلاً عن الصينية، مع ملاحظة أنّ الإنتاج الصناعي الهندي، يتشابه في كثير من جوانبه، مع الإنتاج الصيني، وخصوصاً الصناعات النسيجية والإلكترونية.

كذلك: استخدام القدرات النووية الهندية، في ردع القدرات النووية الصينية، بما يؤدي إلى تغيير الإدراك الاستراتيجي الأمني الصيني، لجهة اعتبار الهند مصدر الخطر الرئيسي وأمريكا مصدر الخطر الثانوي، وهذا معناه أن الصين ستجد نفسها مضطرة، لإعادة ترتيب مذهبية قدراتها العسكرية والأمنية، للتعامل أولاً وقبل كل شيء مع الخطر الهندي.

أيضاً: استخدام الهوية الهندوسية الهندية، في ردع الهوية الإسلامية الباكستانية والأفغانية، واستخدام المزايا الجيو-ستراتيجية الهندية، بما يعزز قدرة البحرية الأمريكية في السيطرة على المحيط الهندي، واستخدام المزايا الجيوبوليتيكية الهندية، في تهديد الصين، عن طريق تصدير الاضطرابات العابرة للحدود، من إقليم التبت الهندي، إلى إقليم التبت الصيني المجاور له.

ويسعى الخبراء الاستراتيجيون الأمريكيون، إلى محاولة استخدام الهند كنقطة ارتكاز جيوبوليتيكي، وربطها مع نقاط الارتكاز الجيو- بوليتيكة الآسيوية الأخرى، وعلى سبيل المثال لا الحصر: تسعى واشنطن حالياً إلى ربط الهند بتحالفات استراتيجية، مع حلفائها الرئيسيين الآخرين في المنطقة، وعلى وجه الخصوص: اليابان واستراليا وكوريا الجنوبية وتايوان والفلبين وأندونيسيا.

وإضافة لذلك: تقول المعلومات، أنّ واشنطن تضغط حالياً على دول مجلس التعاون الخليجي، من أجل استبدال ملفات العلاقات التجارية الخليجية – الصينية، بملف العلاقات الخليجيةالهندية، على النحو الذي يلحق المزيد من الأضرار بالاقتصاد الصيني، وإضافة لذلك تسعى واشنطن لإرغام حلفائها الخليجيين، لدعم الاقتصاد الهندي، بتقديم التسهيلات النفطية له مع الأسعار التفضيلية، بما يتيح للاقتصاد الهندي، الحصول على مدخلات الطاقة النفطية، بأسعار أقل من تلك التي يحصل من خلالها الاقتصاد الصيني، على مدخلاته من الطاقة، وهو ما سيؤثر كثيراً في أسعار الصادرات الصينية والهندية، وسيزيد من تنافسية المنتجات الهندية أمام الصينية.

انّ حالة حسم التمرد الأخير في سيريلانكا، قد يكون هو أول خيوط اللعبة: فقد ظلت سيريلانكا، تشهد حرباً أهلية شعواء، بين الحكومة الهندوسية والمتمردين البوذيين، وبكلمات أخرى: ظلت تتقاسم النفوذ على الجزيرة، قوى بوذية تدعمها الصين، وقوى هندوسية تدعمها الهند، بما أدى إلى تحويل الصراع الأهلي – الداخلي إلى صراع بالوكالة – بل صراع بروكسي.

تقول التسريبات والمعلومات: بأنّ واشنطن تدخلت عن طريق تقديم الدعم، من عتاد ومعلومات استخبارية، للقوى الهندوسية في سيريلانكا، بموجب صفقة أمريكية – هندية، فتمكنت من محاصرة القوى البوذية في منطقة صغيرة، تقع أقصى الركن الشمالي للجزيرة، وبالمقابل كما تقول التسريبات: فإنّ الهند ستقوم بدعم قوات الناتو والقوات الأمريكية التي اعادت انتشارها في أفغانستان، عبر خدعة الانسحابات.

وتقول المعلومات: أنّ “إسرائيل” ستلعب دوراً في نقل خبرة حروبها ضد التنظيمات الفلسطينية، وحزب الله اللبناني إلى القوات الهندية، للقيام بأنشطة مكافحة التمرد الماوي في شرق الهند، ومكافحة الحركات الإسلامية في شمال الهند وكشمير.

ففي كلّ عملية عسكرية نازية فاشية، نفذتها وتنفذها وستنفذها “إسرائيل”، ضد قطاع غزة المحاصر، وضد المقاومة في الضفة الغربية المحتلة، والتي تشتعل بشكل متفجّر، وبرغم أن التحليلات والتقارير والتقديرات المخابراتية، ركّزت فيما مضى، وتركز حالياً وستركز مستقبلاً، على الجوانب المتعلقة بالتطورات الميدانية في فلسطين المحتلة، على الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، والتداعيات والفظائع، التي ارتكبها ويرتكبها الإسرائيليون بحق الفلسطينيين العزّل، فقد كان هناك جانب آخر مواز لأي عملية عسكرية، جرت وتجري الان وستجري في المستقبل، لم يتم التعرف والتطرق اليه، وإن كانت بعض التسريبات لمّحت إليه بشكل جانبي، وهو متابعة الخبراء العسكريين الأمنيين الأمريكيين والهنود، لهذه العمليات العسكرية، منذ لحظة البدء في التخطيط وحتى التنفيذ، هذا، وقد برزت بعض التسريبات الأخيرة، التي تقول: أنّ ما هو هام بالنسبة للأمريكيين والهنود، لا يكمن في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وإنما في تعميمات هذه العمليات العسكرية، وتحديداً مدى إمكانية تفعيل نماذجها في مناطق شبه القارة الهندية؟

وفي مشهد خلفيات مثلث واشنطن – تل أبيب – نيودلهي: فقد أسفرت تطورات الصراع في شبه القارة الهندية، إلى نشوء حالة من التعاون العسكري – الأمني المتزايد على خط واشنطن – نيودلهي، والذي ترافق معه كما جرت العادة، إلى أن تقوم واشنطن باستصحاب تل أبيب معها إلى نيودلهي، وظلت تل أبيب تحاول تعزيز تعاونها مع باكستان، في مجالات مكافحة الجماعات المسلحة، وذلك لجهة رغبة واشنطن في نقل نموذج التعاون الإسرائيلي – الأمريكي العسكري في مجال مكافحة المقاومة المسلحة العراقية، إلى الساحة الباكستانية والأفغانية، ولكن رغبة تل أبيب في التركيز على الهند كحليف حصري لمحور واشنطن – تل أبيب، كانت لا تقاوم ولا يمكن تفويتها، وبالفعل فقد استطاعت إسرائيل إقناع الولايات المتحدة بمدى أفضلية المزايا النسبية السياسية – الأمنية – العسكرية والاستراتيجية، التي يمكن أن تحصل عليها واشنطن من تعاونها مع نيودلهي استراتيجياً، ومع إسلام آباد تكتيكياً.

وهنا سوف نشتبك بشكل موضوعي، مع منظور الإسقاطات الجديدة للعمليات العسكرية الإسرائيلية السابقة والأخيرة في غزة، وكذلك العملية العسكرية الحالية والمستمرة في الضفة الغربية المحتلة إلى أين؟.

وتقول المعلومات والتسريبات، بأنّ العديد من السمنارات وورش العمل، وتبادل الخبرات، تمت بواسطة الأمريكيين والإسرائيليين والهنود، وقد شملت: تبادل المعلومات حول الخلايا والحركات المسلحة المقاومة، وتبادل الخبرات في مجال مكافحة الحركات المسلحة، وتنسيق الجهود في تنفيذ بعض العمليات السرية المشتركة، والتعاون في استخدامات تكنولوجيا المعلومات، والتكنولوجيا المتطورة في مجالات مكافحة الحركات المسلحة، والتعاون في استخدامات البرنامج الفضائي الهندي – الأمريكي – الإسرائيلي، وبناء شراكة في مجال الحرب ضد الإرهاب.

وأشارت التسريبات، إلى قيام الكثير من الخبراء الإسرائيليين بالتمركز في المنشآت العسكرية والأمنية الهندية، وبالقدر نفسه فقد ظل الكثير من الخبراء الهنود، يتواتر حضورهم إلى إسرائيل، كما أشارت بعض الأوراق والبحوث العسكرية – الأمنية الهندية، إلى ضرورة أن تسعى الهند للاستفادة من تجربة وخبرة الإسرائيليين، في مكافحة الحركات المسلحة المقاومة، لأنّ الأوضاع في شبه القارة الهندية، أصبحت تشهد تطوراً دراماتيكياً، في تصاعد عمليات الجماعات المسلحة، التي أصبح عددها يقدر، بما يزيد عن ألف وأكثر في تلك المنطقة.

في كل حروب الكيان مع قطاع غزة ومع الفصائل المسلّحة المقاومة، أعدت إسرائيل قبل ذلك بفترات زمنية طويلة لمخططاتها، في العمليات العسكرية ضد قطاع غزة والضفة الغربية، وفي كل مرحلة من مراحل الإعداد تلك، كان يتواجد الخبراء الهنود المعنيون بالأمر، وبكلمات أخرى فقد شارك الخبراء الهنود، في متابعة كافة مراحل العمليات العسكرية الإسرائيلية، بدءاً من لحظة التخطيط، حتى اللحظات الأخيرة التي أخذت وتأخذ فيها العمليات العسكرية شكلاً متقطعاً، أو تستمر كالتي تجري في الضفة الغربية المحتلة المتفجّرة الان.

المطلوب هندياً: هو القيام بتنفيذ مثل هذه العمليات العسكرية في مناطق شبه القارة الهندية، وعلى وجه الخصوص في اعتبارات المواجهات الهندية – الهندية الداخلية، المتعلقة باستهداف القوات الهندية للجماعات المسلحة الموجودة، في مناطق شمال غرب الهند ومنطقة كشمير، وضد الجماعات الشيوعية الماوية الناشطة في شرق وشمال شرق الهند.

وانّ ذروة التعاون الهندي – الإسرائيلي – الأمريكي: كانت سيرلانكا نقطة البداية وكما أسلفنا سابقاً: فبعد سنوات طويلة من الصراع السيرلانكي الداخلي، بين الحكومة السيرلانكية الهندوسية الحليف للهند، والمتمردين البوذيين حلفاء الصين، نجحت القوات الحكومية في شن عملية عسكرية واسعة النطاق، أدت إلى حصر المتمردين في الركن الشمالي الشرقي من الجزيرة، وفي الوقت الذي كان العالم يتابع قيام القوات الإسرائيلية بعدوانها الوحشي ضد قطاع غزة، في الاعتداءات الأخيرة، كانت قوات الحكومة السيرلانكية تشن واحدة من أكبر العمليات العسكرية الوحشية ضد قوات التمرد، في المدن الشمالية الشرقية، التي ظل سكانها يشكلون القوام المساند للتمرد.

وتقول المعلومات: أن نجاح القوات الحكومية كان بفضل التعاون الهندي – الإسرائيلي – الأمريكي، فقد كان التمويل أمريكياً، والعتاد هندياً، والتخطيط إسرائيلياً، أما التنفيذ فقد كان سيرلانكياً، وشاركت فيه بطريقة أو أخرى الهند وإسرائيل.

ولقد امتلأت الكيانات العسكرية الهندية، بالخبراء الإسرائيليين والأمريكان، إضافة إلى التواجد الكبير لهؤلاء الخبراء في الوحدات العسكرية الهندية، المعنية بشؤون مكافحة الحركات المسلحة، وتقول المعلومات: بأنّ الهند تحضر حالياً لتنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق ستشمل المسارح الآتية: المسرح الكشميري – الهندي، حيث تتمركز الحركات الإسلامية المسلحة، ومسرح تواجد أنصار الشيوعية – الهندي، حيث تتمركز الحركات الشيوعية، والمسرح الباكستاني وتحديداً مناطق الحدود مع باكستان، والمسرح الأفغاني أي مناطق جنوب أفغانستان.

وتقول المعلومات: أنّ الولايات المتحدة تمارس ضغوطاً على باكستان، لتتعاون مع الهند، في تنفيذ العمليات، بتنظيف القبائل الباكستانية المتاخمة للحدود، وتقول المعلومات والتسريبات بأنّ إسلام آباد، أصبحت تواجه واحداً من أخطر المواقف الدبلوماسية ابتزازاً لجهة وقوعها أمام خيار التعاون مع الهند، وبالتالي الحصول على الدعم الأمريكي، أو رفض التعاون وخسارة الدعم.

وهذا، وبرغم أن المواجهة الهندية – الباكستانية، أصبحت أقل احتمالاً، بسبب امتلاكهما للقدرات النووية، فإنّ ما هو أكثر احتمالاً، يتمثل في قيام الهند، بشن هجوم عسكري واسع النطاق ضد الحركات الإسلامية الكشميرية، بشكل تستخدم فيه الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، وهو أمر لو تحقق، فإنّ باكستان ستخسر حلفاءها في كشمير، إضافة إلى أنّ إسلام آباد ستواجه السخط الشعبي، بواسطة سكان وسط وجنوب باكستان.

أمّا بالنسبة لدخول القوات الهندية المسرح الأفغاني، فهو أمر أصبحت كل ترتيباته واضحة المعالم، وتهدف أمريكا ومعها إسرائيل إلى دفع الهند إلى: توقيع شراكة عسكرية – أمنية مع حلف الناتو، والدخول في حلف عسكري واسع يقيمه، كلّ حلفاء أمريكا في جنوب وجنوب شرقي آسيا، ليعمل على غرار الناتو الآسيوي، الذي ستستضيف الهند قياداته الغربية، وتستضيف الفلبين قياداته الوسطى، وتستضيف كوريا الجنوبية قياداته الشرقية، أما الرئاسة ففي أستراليا.

إضافة لذلك، فسيدخل هذا الحلف العسكري الآسيوي الجديد شراكة مع حلف الناتو، وسيكون الهدف الرئيسي لهذا الحلف الجديد متمثلاً في الآتي: احتواء منظمة تعاون شنغهاي من التوسع جنوباً، وردع القدرات الصينية، والسيطرة على مناطق المحيط الهندي، والممرات البحرية الهامة، في جنوب شرق آسيا، وعلى وجه الخصوص ممر ملقة الاستراتيجي.

هذا: وتسعى واشنطن حالياً، إلى دفع الهند للدخول في شراكة استراتيجية مع كازاخستان، حيث تمثل الهند الدولة الرئيسية في منظومة دول شبه القارة الهندية(باكستان – سيرلانكا – نيبال – بوتان – بنغلاديش – جزر المالديف)وتمثل كازاخستان الدولة الرئيسية في دول آسيا الوسطى(كازاخستان – أوزبكستان – تركمانستان – طاجيكستان – قيرغيزستان)، وبالتالي فإنّ منظومة دول شبه القارة الهندية، سترتبط مع منظومة دول آسيا الوسطى، عبر أفغانستان التي ستمثل الممر الاستراتيجي، والذي ما زال واقعاً تحت سيطرة النفوذ الأمريكي، رغم خدعة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان.

وتجدر الإشارة، إلى أن هذا التكتل الرأسي، يمضي بشكل متواز، مع تكتل رأس آخر يبدأ من خليج عمان ويشمل بلدان الخليج العربي والعراق وتركيا وجورجيا، وحتى الآن ما تزال توجد المزيد من الشكوك، حول مدى قدرة ومصداقية الإدارة الأمريكية الحالية، على الاضطلاع بتنفيذ مثل هذا المشروع الاستراتيجي، والذي سيؤدي إلى فرض واشنطن لسيطرة جيو-سياسية غير مسبوقة على خارطة العالم، عموماً، برغم ذكاء الخطط وبراعة المخططين، فإنّ الواقع سيظل عصياً إن لم يكن مستحيلاً على سيطرة واشنطن، وبكلمات أخرى: مهما أفلح الزعماء الأمريكيون، في الجلوس على كراسي المكتب البيضاوي، في البيت الأبيض الأمريكي، فإنّهم لن يفلحوا في ترويض العالم، الذي أصبحت شعوبه أكثر وعياً وجموحاً وعدم قابلية للترويض، خاصة وبعد عقابيل وتداعيات، المواجهة الروسية الأطلسية، عبر المسألة الأوكرانية، وما يجري في أفريقيا من ربيع أفريقي، للتحرر والانعتاق من الهيمنة الغربية والفرنسية – ربيع أفريقي وطني عسكري نقي، غير الربيع العربي المسموم، والذي بذرت بذوره كونداليزا رايس، ونفذته هيلاري كلنتون وباراك حسين أوباما.

أين تتموقع وتتموضع صناديق الشر هنا؟.

 انّ الخيط الواصل، بين منطقة القبائل ومنطقة كشمير في شبه القارة الهندية، والعبث الأمريكي فيها، تشكل صناديق الشر، وأفصّل وأشرّح التالي:

تقع منطقة القبائل، على الحدود الباكستانية – الهندية، وتقع منطقة كشمير على الحدود ذاتها، وبالنسبة لمنطقة القبائل فقد اشتعلت فيها التوترات والنزاعات، بسبب تداعيات عدوى الحروب الأمريكية في أفغانستان، أما منطقة كشمير فقد ظلت بالأساس متوترة، بسب الصراع عليها بين الهند وباكستان.

وبرغم المسافة الجغرافية الفاصلة بين المنطقتين، فإنّ حسابات الصراع في شبه القارة الهندية، قد جعلت من المنطقتين، أشبه بالبركان الجيو – سياسي الواحد، وهو أمر تعكسه بكل وضوح، كافة معدلات حسابات الصراع في المنطقة، وبهذا الخصوص  يمكن الإشارة إلى الآتي: تنتشر الحركات الأصولية الإسلامية المسلحة وغير المسلحة في المنطقتين، ويتميز سكان المنطقتين بالنزعة الأصولية الإسلامية المتشددة، إضافة إلى العداء الشديد للنظامين الهندي والباكستاني الحليفين لأمريكا، وتتميز المنطقتان بالطبيعة الجبلية الوعرة، على النحو الذي جعل منها منطقة صالحة للاستخدام، كمسرح ملائم لشن حرب العصابات، وتتميز المنطقتان بظاهرة فراغ السلطة أو القوة، وذلك لجهة عدم قدرة الدولة الباكستانية، على فرض سيطرتها على منطقة القبائل، وعدم قدرة النظامين الباكستاني والهندي، فرض سيطرتهما على إقليم كشمير، وتقول التسريبات والمعلومات بأن منطقة القبائل الباكستانية، ومنطقة كشمير، ستلعبان دور صناديق الشر، التي تحوي مختلف أنواع الشرور والمخاطر، وقد خاطرت الولايات المتحدة كثيراً، عندما أقدمت على فتح هذين الصندوقين والعبث بهما.

فمن ظاهرة فراغ القوّة، إلى ظاهرة فراغ الأمن السياسي: قد أدّى تعاظم ظاهرة فراغ السلطة في كشمير ومنطقة القبائل، إلى تعاظم ظاهرة فراغ الأمن السياسي في المنطقتين، بما أدّى إلى إدماجهما، ضمن فراغ أمن سياسي موحد، ترتب عليه بالضرورة: تعزيز الروابط الشديدة بين الحركات الأصولية الإسلامية المسلحة وغير المسلحة المنتشرة بكثافة في المنطقتين، وتنسيق الحركات الأصولية الإسلامية المسلحة وغير المسلحة تحركاتها ضمن إطار موحد كلي، وتقديم الحركات الأصولية الإسلامية المسلحة وغير المسلحة الدعم الاستراتيجي والتعبوي، بمختلف الوسائل في المسرحين سواء في منطقة القبائل أو في كشمير.

وعلى خلفية هذه الخصائص والمزايا، فقد برز دور الأطراف الثالثة الناشطة، في محاولة إدارة الصراعات الجزئية في المنطقتين، بما يترتب عليه تعزيز قدرتها في إدارة الصراع الكلي في المنطقة، ومن أبرز هذه الأطراف نشير إلى:

أولاً: جهاز المخابرات الباكستانية(isi): ويعمل ضمن محورين، يركز الأول على استخدام الحركات الأصولية الإسلامية الكشميرية ضد الهند، ويركز الثاني على استخدام الحركات الإسلامية الأصولية في منطقة القبائل، لتعزيز نفوذ باكستان، في حلبة الصراع الأفغاني، ويعزز قدرة إسلام آباد على ابتزاز واشنطن.

ثانياً: جهاز المخابرات الهندي(RAW): ويعمل ضمن أربعة محاور، يركز الأول على محاربة الحركات الأصولية الإسلامية داخل الهند، لمنع حدوث الصراع بين المسلمين والهندوس، ويركز الثاني على محاربة الحركات الإسلامية الأصولية الناشطة داخل كشمير، بما يضعف كاحتمالات ضم المنطقة إلى باكستان، ويركز الثالث على أفغانستان لضمان إضعاف الدور الباكستاني فيها، ويركز الرابع على إضعاف الصين، وتعزيز دور المتمردين البوذيين التبتيين بقيادة الدالاي لاما انطلاقاً من الهملايا الهندية.

ثالثاً: جهاز المخابرات الصيني(LAOGAI): ويركز على خمسة محاور، الأول إدارة الصراع البوذي – الهندوسي في نيبال وسيرلانكا، والثاني إدارة الصراع في مناطق شرق الهند عن طريق دعم الحركات الشيوعية الماوية المسلحة الناشطة، والثالث يركز على رصد وضبط الصراع في منطقة كشمير، لأن الصين تعتبر طرفاً في الصراع على المنطقة، بسبب مطالبها: بضم الأجزاء الشرقية من كشمير منذ الحرب الهندية – الصينية التي اندلعت منذ أكثر من 70 عاماً، والمحور الرابع هو رصد الصراع الأفغاني، لجهة منع انتقال عدوى الجماعات الإسلامية، إلى إقليم سينغ يانغ الصيني بأغلبيته الإسلامية السنية، والمحور الخامس هو رصد وضبط تحركات واشنطن في المنطقة، ورصد وضبط الصراع الهندي – الباكستاني، بما قد يؤدي إلى مواجهة شاملة، تؤثر سلباً على معادلات الأمن الإقليمي الصيني.

رابعاً: جهاز المخابرات الإيرانية(VEVAK): يعمل ضمن ثلاثة محاور، يركز الأول على رصد الصراع الأفغاني بما يؤدي إلى إضعاف الولايات المتحدة – حلف الناتو، والثاني ضبط توازنات الصراع بين إسلام آباد والحركات الأصولية الإسلامية الموجودة في بلوشستان الباكستانية، من التغلغل إلى بلوشستان الإيرانية، والثالث إضعاف النفوذ الهندي في أفغانستان وكشمير.

خامساً: وكالة المخابرات المركزية الأمريكية(CIA): وتتمثل في الطرف الثالث، الذي يقوم بدور القاسم المشترك الأعظم في كل هذه الصراعات، التي تحاول حالياً إدارتها بما يحقق الآتي: القضاء على الحركات الأصولية الإسلامية في المنطقة، سواء عن طريق توظيفها للقيام بعمليات المواجهة المباشرة معها، أو محاولة توظيفها للقيام بعمليات الوكالة في ملف المواجهات الفرعية داخل المنطقة، بما يدعم الموقف الأمريكي، وكذلك إضعاف صعود الصين كقوة عظمى، وضبط قدرات الهند ضمن حدود وجودها كقوة إقليمية، يكون دورها مشروطاً بالقيام بتهديد الصين، وردع باكستان، ومحاولة استغلالها وتوظيف قدراتها في الساحة الأفغانية، وبجانب ضبط قدرات باكستان ضمن حدودها الحالية، وعدم السماح بصعود الحركات الإسلامية إلى السلطة في إسلام آباد، مع استخدامها بقدر الإمكان في ردع الهند.

سادساً: جهاز المخابرات الإسرائيلية(MOSAD): وهو الطرف الثالث الأخطر في المنطقة، بسبب استخدامه للغطاء الأمريكي المصحوب، باستخدام هذا الغطاء ضد أمريكا نفسها ونشير هنا إلى الآتي: تغلغل الموساد في مسارح الصراع الرئيسية الثلاثة: الهندي – الباكستاني – الأفغاني، وتركيز الموساد على استخدام لعبة البروكسيات، التي تقوم بتنفيذ العمليات السرية بالوكالة في المسارح الثلاثة، وتمتع الموساد بمختلف وسائل حرية الحركة، لجهة تنويع الاستهدافات، بحيث يقوم بعمليات ضد الحركات الإسلامية، لتأليبها ضد القوات الأمريكية، وعمليات ضد القوات الأمريكية، لتأليبها على الحركات الإسلامية.

هذا، وتقول المعلومات والتسريبات، أنّ الموساد أصبح يلعب دوراً رئيسياً، في إدارة العمليات السرية في المنطقة، ويتمثل هدفه في: تعزيز تحالف واشنطن – نيودلهي بما يؤدي إلى إبعاد أمريكا عن باكستان، واستخدام تحالف واشنطن – نيودلهي، في استهداف باكستان ومحاولة نزع قدراتها النووية، وإضافة إلى استهداف إيران إن أمكن، واستخدام الحركات الأصولية الإسلامية في بلوشستان الباكستانية، لإثارة الاضطرابات في إيران عن طريق بلوشستان الإيرانية، ومنع حدوث أي ارتباط بين الحركات الأصولية الإسلامية في منطقة شبه القارة الهندية، وتلك الموجودة في الشرق الأوسط كحماس وحزب الله.

ونلاحظ: أنّ تعدد الأطراف الثالثة، وتدخلها المتزايد في إدارة الصراعات، لن يتوقف ضمن هذه الحدود، طالما أن تداعياته قد دخلت مرحلة عدم القابلية للاحتواء أو الردع.

ولكن السؤال الجوهري هنا: فراغ الأمن السياسي في شبه القارة الهندية: إلى أين؟. ويمكن القول بأن منطقة شبه القارة الهندية تشهد حالياً: مواجهات عسكرية منخفضة الشدة في الساحة الأفغانية، ومنطقة القبائل الباكستانية، ومنطقة كشمير، إضافة إلى بعض المناطق الأخرى، ومواجهات استخبارية قذرة ومتفاقمة، وفقاً لنموذج الحرب السرية المرتفعة الشدة بين مختلف الأطراف، وتدور هذه المواجهات في كافة أنحاء منطقة شبه القارة الهندية، والمناطق المجاورة لها.

وتقول المعلومات المخابراتية، وقد قاطعتها(أنا كاتب هذه السطور)مع أكثر من مصدر كباحث، بأنّ عميق الدولة في أمريكا وعبر جو بايدن، أرسلوا مدير المخابرات المركزية الامريكية وليام بيرنز – بيلي ويرافقه رئيس الموساد ديفيد بن مرياع، الى شبه القارة الهندية، وفي زيارة سريّة غير معلنة، لاحتواء التوتر المتزايد والصامت على خط نيو دلهي – إسلام آباد، التي نشأت عن تداعيات مركبة وعديدة وقديمة، وتقول التحليلات: أنّ جولة بيلي – بن مرياع الاستخبارية غير المعلنة، تهدف إلى محاولة تثبيت حالة اللاحرب – اللاسلم على الحدود بين باكستان والهند، بما يتيح لواشنطن توظيف حسابات ردع الهند باستخدام الورقة الباكستانية، وردع باكستان باستخدام الورقة الهندية، بما يعزز قدرة واشنطن على احتواء القوة الهندية والباكستانية أولاً، وثانياً محاولة استخدام القوة الهندية والباكستانية معاً، في احتواء القوة الصينية الصاعدة.

*عنوان قناتي على اليوتيوب – طالباً الاشتراك بها حيث البث المباشر اسبوعيّا عبرها لشرح اشتباكاتي السياسية، وآخر التطورات المحلية والإقليمية والدولية – ضع على محرك البحث على اليوتيوب التالي: طلقات تنويرية.

* عنوان قناتي على اليوتيوب حيث البث أسبوعياً عبرها:

https://www.youtube.com/channel/UCq_0WD18Y5SH-HZywLfAy-A

[email protected]

منزل – عمّان : 5674111    

خلوي: 0795615721

 

 

قد يعجبك ايضا