المحامي محمد احمد الروسان يكتب: أوكرانيا رئة العالم الإرهابية ومولدافيا أوكرانيا 2 ضد موسكو … بيرنز: يحاول فتح قناة أمنية جادة تفاوضية مع الروس برعاية صينية … الولايات المتحدة واستراتيجية الإرهاق النازي بكل اللغات

 

المحامي محمد احمد الروسان* ( الأردن ) – السبت 3/6/2023 م …




*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية … 

أنتوني بلينكن وزير خارجية اليانكي يقول: “من هلسنكي العاصمة الفلنندية: انّ غزو بوتين لأوكرانيا، بمثابة دراسة حالة في الفشل الاستراتيجي، بما يتعلّق بالمعدّات والتكنولوجيا والقيادة والمعنويات الروسية”. 

ونحن بدورنا نقول: للسيد بلينكين، وبكل لهجات لغات العالم: أمّا غزوكم للعراق، هو نجاح استراتيجي باهر سيد بلينكن؟؟!! أي صفاقة هذه تتصف بها يا سيد بلينكين؟! الروسي يقاتل على عتبة بيته، ويدافع عن أمنه القومي، وكل عمليته العسكرية الخاصة والمشروعة(والتي تسميها أنت بالغزو)هي قصة نجاح استراتيجي على كافة المستويات، وستدرّس لاحقاً في جلّ كليات العلوم العسكرية في الجامعات في العالم، وزميلك وليام بيرنز رئيس السي أي ايه، يزور الصين سراً، والهدف العميق غير الظاهر هو: البحث عن قناة أمنية جادة، برعاية صينية مع الروس للبحث في المسألة الأوكرانية، بجانب ما تم تسريبه من معلومات مظلّلة، كانت لغايات حرف أسباب الزيارة الحقيقية، وهي البحث عن قناة جادة مع موسكو، برعاية خصمكم و\ أو منافسكم الصيني. 

أنتم اليانكي الأمريكي، فشلتم في العراق وفي أفغانستان، وفي سوريا وفي ليبيا، وفي الجزائر وفي الصومال، وفي لبنان وفلسطين المحتلة، وفي أمريكا اللاتينية، وفي كلّ مكان وساح ومساح، فقط أنتم مبدعون، في القتل والسلخ، والاغتيالات وقطع الرؤوس، وفي استراتيجيات صناعة الإرهاب وتوجيه ورعايته.  

وما زالت النازيّة الأمريكية وبكل اللغات، وأدوارها التخريبية تتعمّق وتتخلّق، في عميق وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، حيث الاستثمار في دم الجغرافيا ودم الأيديولوجيا، وحروب الوكالة والادارة من الخلف، لإنتاج الإرهاب وتفريخاته وحواضنه، وانّ مؤسسات الحكم، ومفاصلها وتمفصلاتها المختلفة، في العاصمة واشنطن دي سي، تستخدم الحروب لتحصد دماءَ الأمريكيين والضحايا لأدواتها من الشعوب الأخرى، لتشنَ حروباً خارجية للهيمنة على الموارد والسيطرة السيكولوجية الداخلية، بحيث يتم تطبيق إجراءات حربية، بشكل روتيني، بهدف خداع الجماهير وتركها في حالة من الصدمة والتحرك الدائم، باتجاه الاستعمار الخارجي ضد مجموعات مستهدَفة، ترغب واشنطن وشركات النفط الغربية في الاستيلاء على مواردها الطبيعية، وسرقة أراضي شعوب العالم الثالث، لتمرير خطوط الأنابيب الاستراتيجية عبر آسيا الوسطى.  

انّها حرب الطاقة نفطاً وغازاً ونتاجاتها، دبلوماسيات الطاقة بهياكل ومفاهيم جديدة، حيث تمارس واشنطن فن الأقناع بالإرهاب، وتدفع بعضنا العربي بسلال تيهنا، للعمل على تمذهب مسارات خطوط الغاز في المنطقة، وواضح أنّ ما يجري في شرقنا الأوسط والعالم، هو حرب السيطرة على هذه المنطقة الحيوية، حيث الغاز ومسارات خطوط أنابيبه عصبها ومحركها، والأطراف الرئيسيّة المشاركة في هذه الحرب، بجانب إيران وتركيا والسعودية وقطر والكيان، الكثير من الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا، والأخيرة لا تملك حقول غاز في منطقتنا، وان كانت تملك محميات أمريكية، لكنها تريد امتلاك الفيتو، على تحديد مساراتها إزاء شمال أوروبا وجنوبها، كون واشنطن استراتيجياً تعمل على إضعاف كل دول القارة الأوروبية، وعلى رأسها ألمانيا وحصتها من العوائد، ومن المحتمل أن تدخل مصر إلى ساحة الصراع في المستقبل، من هنا يجب تفهم الوضع الحسّاس لإيران، حيث تقف بكل وضوح وقوّة، في وجه تغيير النسق السياسي في سورية وعنوانه الرئيس الدكتور بشّار الأسد، لأنها تعتبر أنه إذا ما سقطت الحكومة السورية، فهذا يعني تعاظم في قوّة منافسيها في المنطقة، وأنّ استراتيجيات إدارات التوحش الأمريكية، سوف تستهدفها وتستهدف من خلفها وورائها الفدرالية الروسية والصين وعبر تركيا ذاتها، حيث إيران نفسها الخاصرة الروسية الضعيفة، وهذا ثابت  وغيره متحرك. 

 اذاً: ما يجري في المنطقة والعالم، هو حصيلة جمع نتائج التصادم الدولي، حول المصالح الجيوسياسية، واستراتيجية المصالح الاقتصادية ذاتها، وأوثق استثماراتها وعلاقاتها، بجانب صناعة الأزمات والإرهاب، والاستثمار في العلاقات العسكرية، والسيطرة على الموارد الطبيعية، وعلى منابع الطاقة ومسارات عبورها ووصولها، بأقل تكلفة ممكنة، وبأسرع وقت، إلى مصانع ومجتمعات منظومات الدول المتصارعة.  

يعمل قادة أمريكا بشكل بيروقراطي، على استحضار فكرة وجود مخاطر خارجية تهدد الأمة، في محاولة ساخرة لبناء عقيدة لدى الجمهور الأمريكي، يتم من خلالها تفحص موارد الأمم الأخرى( من قبل العقائد التنفيذية)بصفتها ملكاً للأمريكيين.

تعمل أرباح شركات الأسلحة على نقل الثروة من القطاع العام إلى القطاع الخاص، وتفرض الضرائب على غالبية الطبقة العاملة والوسطى، وتعمل ومعها كارتلات المال، على زيادات عالية في أسعار الفائدة، بحجة كبح جماح التضخم، بسبب تداعيات المواجهة الروسية الأطلسية، والحقيقة هي لإبقاء الدولار كعملة أممية جاذبة – المعركة هي معركة الدولار وعملية الدولارة، ولامتصاص الأموال والاستثمارات، من كل بقاع وساحات ومساحات الكوكب الأرضي، للحفاظ على رفاهية الشعب الأمريكي، بينما يعاني الفقراء والمحرومون من البطالة لغياب فرص العمل. 

إنّ قتل واغتيالَ المدنيين، حدث روتيني في عقيدة الحرب على التمرد المضاد، فقد اغتالت “سي آي إيه”، أو خططت لاغتيال، أكثر من 50 زعيماً أجنبياً، في تشيلي، والعراق، وليبيا، وبَنما، والسلفادور، وسوريا، وفلسطين المحتلة، ولبنان، وروسيا، وايران.

ويمكن للاغتيالات، أو مؤامرات اغتيال القادة والكوادر، أن تأخذ أشكالاً مثل أساليب تفجير الطائرات التي تتواجد على متنها شخصيات مستهدفة من قبل “سي آي إيه”، أو دعم الفصائل العسكرية التي يدفعها كرهها للجنرالات الذين يتمتعون بشعبية كبيرة إلى محاولة اغتيالهم، كما تستخدم “سي آي إيه” فرق الموت لقتل المعارضين السياسيين والقادة الدينيين الداعمين للفقه التحرري من أمثال الأسقف روميرو، لكنها تشارك أيضاً في عمليات اغتيال وحشية لسياسيين وجنرالات يقاومون، أو لا يتماشون مع، أهداف السياسة الخارجية للمجمع العسكري- الصناعي أو الشبكة النقابية الإجرامية لمافيا “سي آي إيه”، من أمثال رافايلو تروجيللو (جمهورية الدومينيكان)، ونغو دينه دييم (فيتنام).  إنّ “سي آي إيه” تعمل كملحق آلة للحرب الإجرامية الجماعية وتقوم بحماية ثروات النخب المهيمنة على “وول ستريت”، ويتم قتل المدنيين الأبرياء مع استهتار كبير بحقوق الإنسان والسيادة، إذ يتم ذبح النساء والأطفال من قبل الجيش الأمريكي و “سي آي إيه” التي تعمل على اغتيالهم من خلال أساليب على غرار “عملية فينيكس” التي تقوم على برامج معسكرات الاعتقال ومكافحة التمرد، كما تعمل عبر البنتاغون على الأبادة الجماعية بحجة محاربة داعش، كما جرى في الرقّة السورية، والتي شهدت سقوط داعش عام 2017 م، ودمرتها أمريكا عبر البنتاغون عن بكرة أبيها، ويجري الآن في محيط دير الزور وفي قريتي الشعفة وهجين السوريتين. 

إنّ معاداة الاشتراكية والشيوعية هي المحرك الرئيس للسياسات الأمريكية في العالم، وهذا ما تدركه نواة الدولة الروسية والصينية، حيث تعمل السياسات الامريكية، على قتل بلدان العالم الثالث الأصلية، هذا فضلاً عن التدخل في عملياتها الانتخابية و تدمير بناها التحتية.

إنّ صفقات الأسلحة عامل روتيني في شرح هذه العملية، حيث تتم التضحية بحقوق السكان الأصليين لصالح الأرباح المتأتية من بيع الأسلحة، والغزو الأوروبي العرقي، والحرب الدائمة تحت الراية الوطنية التي ترفرف فوق فرق القتل التي تذبح المدنيين من أجل الدولارات الملوثة بالدماء التي يجنيها المساهمون.  

كما يطال القبح الذي يميز الحرب الإمبريالية الأمريكية التعذيب في نظام سري في القواعد، حيث يتم تعذيب الرجال بلا أية محاكمات أو إجراءات قانونية في ظل الدستور الأمريكي، كما أن القنابل الأمريكية عامل روتيني آخر في زهق الأرواح البريئة، وتبين كيف يعمل دافع الربح على تقويض أي قيمة للأعراق الأخرى بصفتها زائدة عن الحاجة.

أمّا المحتجون الذين يتجمعون بالقرب من مواقع قواعد الطائرات الآلية، حيث تعمل أنظمة القيادة والسيطرة على القتل الروتيني للمدنيين في باكستان واليمن والصومال وأفغانستان والعراق والفيليبين والنيجر وسورية، فيتم التعاطي معهم بصفتهم مجرمين حيث يواجهون أحكاماً بالسجن، بينما يبقى المجرمون المرضى الذين ينفذون أوامر مجرمي الحرب في الدولة، طلقاءَ يقتلون المدنيين الذين لم يروا وجوههم أبداً.

تستخدم الدولة البوليسية الحجج العقلانية في إبادتها للمجموعات الأخرى بناءً على أعراقها، وتعمل على تعميم الفكرة القائلة إن الهجمات موجهة ضد عرق أشبه بالحيوانات أو الحشرات بحيث يتم تقنين التفكير العقلاني في دوائر ضيقة تتوجه نحو القتل ونهب الثروات أو احتجاز تلك المجموعات في معسكرات الاعتقال. 

فقد أنفق البنتاغون ملايين الدولارات على إطلاق عملية مكافحة الإرهاب الداخلي في الولايات المتحدة على شكل فرق شبه عسكرية تشمل عدة وكالات فدرالية وحكومية ومحلية، ويمكن أن تهدف الخطة، إلى معالجة الاضطرابات الداخلية لقمع الشعب الأمريكي في حرب إبادة على غرار الحالة التاريخية في بلدان العالم الثالث بإشراف الدولة البوليسية الأمريكية الإمبريالية.  

وقد عمل “مكتب السلامة العامة” بمثابة واجهة لوكالة الاستخبارات الأمريكية وهو فرع من “يو إس إيد” – أي مكتب السلامة العامة الأمريكي، التي تدير برامج النشاطات المدنية التي تشكل غطاءً لاختراق “سي آي إيه” للمجموعات المستهدَفة التي تقاوم الإبادة الإمبريالية الأمريكية.  

ويتم إعطاء الأوامر لشبكات المخبرين باستهداف واغتيال القادة الثوريين بشكل عام، والعبودية والحرب متشابهان، كما في حالة معتقلي غوانتانامو، حيث تم بيع الكثير من هؤلاء الرجال إلى الولايات المتحدة والناتو، من قبل أمراء الحرب التابعين لحلف شمال الأطلسي.  

ولا يزال هؤلاء الرجال في معسكرات الاعتقال في “باغرام” و “غوانتانامو” ومواقع سرية في الصومال، حيث يتم تعذيبهم بالإغراق بالماء والإطعام القسري، وإنّ الدولة المهددة بالحرب على الدوام لا تتماشى مع الحكم الدستوري، كما أنها لا تنسجم مع المجتمع الديمقراطي. 

إنّ خلق الأعداء الدائمين وتحريك الشعب ضدهم بشكل متواصل يولد الخوف والكراهية والتسلح، حيث يتم اختبار الأسلحة الجديدة على المجموعات المستهدفة سواء في العراق، أو بنما، أو فيتنام، أو أفغانستان أو في سورية أو في لبنان حالياً ولاحقاً.  

على خلاف ما يعتقد الكثيرون حول الغزو الأمريكي لأفغانستان، لم يكن الغزو يستهدف أولئك الذين نفذوا هجمات أيلول، بل لبناء خط أنابيب لنقل نفط بحر قزوين من تركمستان، عبر أفغانستان، وإلى الموانىء الباكستانية بالقرب من المحيط الهندي. 

وتزعم واشنطن التي شكلت ما يسمى بالتحالف الدولي من خارج الشرعية الدولية ودون موافقة مجلس الأمن منذ آب 2014م، بأنها تحارب الإرهاب الدولي في سورية، على حين تؤكد الوقائع أنها تعتدي على البنية التحتية لتدميرها وترتكب المجازر بحق المدنيين، وعملت على ابادة الرقة وريف دير الزور.  

أمريكا تربط إعادة اعمار سورية بالانتقال السياسي بشرط اصلاحات دستورية محددة، وترسل مجموعات دبلوماسية للعمل بجانب العسكريين الأمريكيين في مناطق في الرقّة وفي مناطق شرق نهر الفرات لتأسيس اقليم شرق نهر الفرات بحكم ذاتي موسّع، لذا تعمل على زيادة تسليح ميليشيا قسد ورفع عددها من 25 ألف الى 35 ألف عنصر وتدريبها، لتغيير دورها ووظيفتها، لتتحول الى جيش نظامي.  

كما تعمل على تقوية المجالس المحلية المدنية التي تحكم المناطق المحررة من داعش كما تزعم واشنطن، فكان مجلس الطبقة ومجلس الرقّة ضمن التصور الأمريكي والغربي المستقبلي لهذه المناطق، وتدعوا حلفائها الأغنياء من العرب(السعودي والاماراتي)ومعهم بعض الغربي لإعادة اعمار الرقة عبر التحالف الذي تقوده من جديد، بعد أن آبادة الرقّة عن بكرة أبيها عبر تحالفها غير المشروع، ولغايات التغطية على جرائمها هناك، لتحويلها الى لاس فيغاس الشرق. 

ونلحظ تحذيرات روسية متصاعدة للغرب من التعمية والتظليل على ما جرى من حرب ابادة بحق الرقة وبحق دير الزور وريفها وشعبها هناك بحجة محاربة داعش، كما وتعمل واشنطن على تعزيز الخدمات والبنية التحتية والإفادة من الموارد الطبيعية الموجودة في الرقّة وفي مناطق شرق نهر الفرات، وتتمثل في مصادر النفط والغاز والزراعة والمياه، حيث ميليشيا قوّات قسد كمرتزقة تسيطر على أهم حقول النفط والغاز وأكبر السدود السورية المائية، كما تعمل على تدريب الأجهزة الحكومية والقضائية السورية هناك.  

وفي تقديرات أجهزة استخباراتية إقليمية ودولية، أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تجهد بقوّة، الى استثمار عودة العرب وجامعتهم الى سورية، الى تواجد عربي عسكري: عبر السعودي والإماراتي، في شرق نهر الفرات، ولذلك دلالات ذات عمق: حيث الحكومة السورية اليوم أقوى من أي وقت مضى وهي قادرة مع حلفائها القضاء على التنظيم الإرهابي الداعشي شرق الفرات، ولكن الواضح أن واشنطن لا تريد أن يتحقق ذلك، فتخرج أمريكا من سوريا ذليلة وكأنها لم تفعل شيئاً، وفي الوقت نفسه لا تريد واشنطن المزيد من الخسائر هناك على المستوى المادي وعلى مستوى الأرواح، لذلك من زاويتها لواشنطن: قد تجد في القوات العربية(السعودية والإماراتية)ملاذاً آمناً، لإكمال خطتها في زعزعة الاستقرار داخل سوريا، فهي من ناحية توفر تمويل القوات هناك، وتخلق حالة فوضى جديدة في الجسد العربي، وتأجج الخلافات بين الدول العربية، خاصة وأن هذه القوات تتواجد على الأراضي السورية حتى دون أخذ الإذن من دمشق لدخول أراضيها، وهذه هي الاستراتيجية الامريكية الان: عودة العلاقات العربية السورية، وخاصة السورية الإماراتية، والسورية السعودية، وتحت عنوان العمل العربي المشترك، وعودة سورية الى حاضنتها العربية، وعبر هذه المسميات الجوفاء والخرقاء: يصار الى الاستمرار في العبث في جفرافية سورية.  

والقوات المختلفة كميليشيات، التي تسيطر عليها كل من الإمارات والسعودية، أدركت أن الأمور لم تعد في مصلحتها، وأن كل المال الذي قدمته للجماعات المسلحة في سوريا، ذهب هباءً منثوراً واختفى أثر هذه الجماعات تقريباً، وفي نفس الوقت علاقتها مع دمشق لم تعد كسابق عهدها وأصبحت معدومة تقريباً في وقته وحينه، لذلك أقدمت كل من الإمارات والسعودية على أمرين: الأول: التواصل مع دمشق عبر قنوات سرية في البداية ثم علنا، والأمر تطور لمستوى فتح سفارات وزيارات علنية وسرية، مع زيارة الرئيس الأسد الى جدة ورئاسته وفد بلاده، والعمل جاري على تعميق خطوط العلاقات السعودية السورية، فإنه بعد اثنا عشر عاماً على إقصاء سوريا من المشهد، تستعيد دمشق بهدوء وضعها السابق بصفتها مُحَكِّماً أساسياً في الصراع الإقليمي للسيطرة على الممرات الاستراتيجية في الشرق الأوسط. 

الأمريكي وعبر حلفائه يعمل على توفير حماية حيوية لهذه المناطق شرق نهر الفرات في مواجهة الخطر الإيراني عليها، مع ابقاء القواعد العسكرية هناك، خمس قواعد بعدد 3000 بين جندي وخبير، مع مجموعات دبلوماسية تزيد عن 200 دبلوماسي مخابراتي، وتأسيس غرف عمليات مشتركة مع ميليشيا قسد، كل ذلك لتوفير الاعتراف العسكري والسياسي والدبلوماسي والقضائي لهذه المناطق مع تطويرات لمطار اميلان العسكري، حيث لا مركزية لهذه المناطق مع دمشق والهدف اضعاف المركز في العاصمة.

كما تدفع واشنطن باتجاه مشاركة ميليشيا قسد، والجسم السياسي لإقليم شرق نهر الفرات في العملية السياسية في جنيف وتحت اشراف الأمم المتحدة، وهذا ما تعارضه تركيا بعمق، حيث لا تقبل أي مشاركة لقوّات الحماية الكردية وذراعها السياسي حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في أي دور سياسي، والولايات المتحدة بجانب توفير الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي لأقليم شرق نهر الفرات وسيطرة ميليشيا قسد عليه، تعمل على توفير حماية لأقليم عفرين ومنبج لتحقيق سلّة أهدافها من تأسيس اقليم شرق نهر الفرات، والتي تتموضع في التالي: التأكيد لإيران أنّ واشنطن لن تقبل تسليمها سورية وشرقها، وتحسين الموقف التفاوضي مع دمشق وموسكو حول العملية السياسية الجارية، وتقوية الموقف التفاوضي للكرد كتروتسك صهيوني خوزمتجي مع دمشق بقبول روسي لهذا الأمر، مما يؤشّر على اقامة علاقات تخادم مصالح بين ميليشيا قسد والجيش الأمريكي والجيش الروسي، حيث العلاقات طيبة بين ميليشيا قسد والجيشين الأمريكي والروسي.  

الإرهابيون، والمسلّحون الإرهابيون في ادلب هم جيش العاصمة الأمريكية واشنطن الجديد والآداة المتجددة للبلدربيرغ الأمريكي، عمودهم الفقري كل من جبهة النصرة ونور الدين زنكي وأشرار الشام(اخوان الصفا السوري وكمال الليبواني)، وهم هؤلاء الأداة الإسلامية لواشنطن في الغزو وتغيير الوقائع وموازين أخرى، حيث الهدف انتاج خرائط وترسيمات حديثة تلبي مصالح العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، لكي تضمن سيطرتها وتفردها في ادارة العالم، وهزيمة كل من يقف في وجه مصالحها، أو مشاغلته واستنزافه في الحد الأدنى كخصم وعدو(فالطبخة أمريكية والحطب تركي بامتياز).

سورية بديكتاتورية جغرافيتها السياسية، وموردها البشري ونسقها السياسي وجوهره “توليفة” حكمها السياسي، تعد بالنسبة للغرب بما فيه الولايات المتحدة الأمريكية وعبر حلف الناتو الحربي، المدخل الاستراتيجي للسيطرة وبتفوق على المنظومة العسكرية الأممية الجديدة المتشكّلة بفعل المسألة السورية والمسألة الأوكرانية، ولاحتواء الصعود المتفاقم للنفوذ الروسي الأممي، والنفوذ الصيني وتقاطعهما مع ايران، والساعون جميعاً الى عالم متعدد الأقطاب عبر فعل ومفاعيل الحدث الدمشقي والحدث الأوكراني الان، وصلابة مؤسسات نواة الدولة الفدرالية الروسية ازاء ما يجري في الشام وكييف من صراع فيها وعليها وحولها، فالروس يصحون وينامون ويتسامرون على وقع أوتار ما يجري في سورية وأوكرانيا، وما يجري في أوكرانيا بعد العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا. 

والكيان الصهيوني، يقوم الآن بدور خطير في أوكرانيا، الغرب وأمريكا يستخدمان أوكرانيا كدميه في اللعب الجيوسياسي مع روسيّا، ودفعا سلطات كييف لخوض حرب بالوكالة عنهما ضد روسيّا وأمنها القومي، تماماً كما فعلوا في السابق في الحدث السوري، عبر دفع الأتراك وبعض مملكات القلق الخليجي وبعض عرب وزومبياتهم الإرهابية لتدمير الدولة الوطنية السورية. 

وروسيّا تعتبر أوكرانيا، بما تبقى من سلطاتها ودول شرق أوروبا الأخرى، بمثابة القاعدة الأمريكية الإسرائيلية المتقدمة في استهداف موسكو من جهة، كما تؤمّن وتحفظ هذه القاعدة الأمريكية الإسرائيلية سيطرة واشنطن على الموارد النفطية الموجودة في منطقة بحر قزوين وآسيا الوسطى، وهل هو بحر مغلق ام بحيرة؟، كون تحديد وصفه هذا يبين الأساس القانوني البحري، لتقاسم الثروات وحسب مقتضيات القانون البحري الدولي والاتفاقيات بين الدول، ليصار في النهاية لتقسيم الثروات الطبيعية الزاخره في عمقه، وايران طبعاً حاضرة بقوّة بوصفها دولة مطلة على هذا البحر، الذي تفوق جودة نفطه وغازه عن جودة نفط وغاز الخليج في المنطقة العربية.

انّ ما يقلق العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، هو قدرة وامكانيات روسيّا الكبيرة، في توفير خيارات استراتيجية بديلة على مجمل قطاعات المجتمع الدولي وقطاعات المجتمعات العربية ومشاكلها مع الآخر، وهذا من شأنه كما يتحدث معظم الخبراء أن يضعف الدور الأمريكي على العالم وفي الشرق الأوسط، بعبارة أخرى وكما أحسب وأعتقد، أن يضعف ويقلّل من الدور الرعوي الديكتاتوري المغلّف بغلاف الديمقراطية والحرية وحقوق الأنسان والحاكمية الرشيدة، لواشنطن على العالم وقلبه الشرق الأوسط، وقلب الأخير سورية بنسقها السياسي ودكتاتورية جغرافيتها.  

وهذا القدر الروسي المتصاعد من شأنه أيضاً من الزاوية الأميركية، أن يدفع الكثير من الدول والساحات وخاصةً في العالم العربي الى العلاقات القوية والمتينة مع موسكو، وعلى قاعدة التنويع في العلاقات الدولية المتوازنة، وما يقلق الأمريكان كذلك، مواقف مستجدة في ألمانيا ، في فتح علاقات سرية مع روسيّا، بوساطة صينية – زيارة المستشار الألماني الأخيرة شولتز للصين، تندرج في هذا السياق، فواشنطن وكما ذكرنا تسعى الى ابعاد أوروبا مجتمعةً عن روسيّا، والعكس أيضاً وبأي طريقة – عبر حرب الوكالة التي تخوضها سلطات كييف حالياً، ولهذا الموقف الأمريكي أبعاد استراتيجية مركبة، فنلحظ ونرى ونلمس دفعاً أمريكيّاً لألمانيا للتورط بالحدث الأوكراني سياسيّاً واقتصادياً وأمنياً وعسكرياً – نجحت في ذلك واشنطن، رغم مراجعات سرية جديدة لألمانيا، لهذا الدفع الأمريكي الجنوني، واجتراحها وحفرها قناة غير معلنة مستقلة مع موسكو، لدفعها الى الدبلوماسية في المسألة الأوكرانية، بعيداً عن شقيقاتها الأوروبيات، وتعاون الى حد ما مع فرنسا رغم الخلافات، ومع وضع واشنطن في صورة ما تفعله.

المعطيات والوقائع الجارية تتحدث بعمق، بأنّ نواة الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية(البلدربيرغ)، والمجمّع الصناعي الحربي الأمريكي والحكومة الأوتوقراطية فيه، والشركات المتعددة الجنسيات التابعة له، كإحدى الأدوات التدخلية في جلّ ساحات المعمورة، ان لجهة القويّة، وان لجهة الضعيفة منها، يستثمرون في تفاصيل الوقت ومنحنياته، عبر رهانات تفاقمات، وعقابيل الاستثمار في دم الأيديولوجيا وحروب الوكالة لأنتاج الإرهاب، من خلال الحركات الجهادية السلفية التكفيرية، وتحالف المسيحية الصهيونية، واليهودية الصهيونية، وبعض بعض العرب والمسلمين المتصهينين معها، وستستمر بأثر مستقبلي، الى أن يحدث التفاهم الدولي على جلّ سلال المصالح المشتركة المتعددة.  

ان بخصوص إيران وتداعيات التصعيد الأمريكي الناعم من تحت الطاولة، والخشن من فوق الطاولة أحياناً أخرى، والمسألة السورية وتطورات ميدانها العسكري لصالح دمشق، والمسألة العراقية وانجازات الجيش العراقي والحشد الشعبي والقوى الحليفة لهما، والمسألة الليبية بعناوينها المختلفة والفعل الروسي بمفاصلها عبر محاولات الجمع والحل واللقاءات مع حفتر وعقيله صالح، وعمليات اللعب في ساحات دول المغرب العربي وخاصةً الجزائر، عبر تنظيم دامس( ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية في دول المغرب العربي)، وباقي المسائل والبؤر والمنحنيات الساخنة، فهم(أي الأمريكان)مبدعون بإستراتيجية الاستثمار بالوقت، على مجمل العلاقات الدولية في المنطقة والعالم من الزاوية الولاياتية الأمريكية الصرفة، وعلى طول خطوط العلاقات الروسية الأمريكية الغربية، والصينية الأمريكية الغربية ووكلاء الأمريكي في بحر الصين الجنوبي، فهناك حالات من الكباش السياسي والعسكري والاقتصادي والدبلوماسي والأمني الإستراتيجي تتعمّق بشكل عرضي ورأسي، وتضارب المصالح والصراعات على أوروبا والحدائق الخلفية للولايات المتحدة الأمريكية، في دول وساحات أمريكا اللاتينية وحلفها، ومثيلتها الحدائق الخلفية للفدرالية الروسية وحلفها، والمجالات الحيوية للصين واستخدامات أمريكية جديدة للياباني ازاء الروسي بخصوص جزر الكورال المتنازع عليها بين روسيّا واليابان، مع توظيفات للفيتنامي والفلبيني والماليزي وسلطنة بروناي في مواجهات مع الصيني على السيادة على بحر الصين الجنوبي، ضمن استراتيجية الاستدارة الأمريكية نحو أسيا وغربها وجنوب شرقها، بعد أن أوغل وأدمى الأمريكي وما زال قلب الشرق سورية، بتوظيفات لوكلائه. 

انّ استراتيجية افتعال الأزمات، وخلقها وتخليقها وتوظيفها وادارتها، شملت العدو والصديق والحليف والمنافس، بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، وكارتل حكمها، وشركات سلاحها، ومؤسساتها المالية، وجلّ هذه المعطيات والبيانات، وتقاطعات تخادم المصالح، تجيء في سياقات، إعادة انتاج الفوضى وهندستها، في ساحات الخصوم، والأعداء، والحلفاء، ولم توفر أحداً كان، بما فيها أمريكا نفسها، صاحبة هذه السمة الساديّة، في الصفاقة المتفاقمة والمتقادحة، درجة التآمر على الذات الأمريكيّة نفسها – الدولة تتآمر على ذاتها. 

وما يجري اليوم في العالم، المترامي في أطرافه، من اشتباكات وحروب ونزاعات، هي حرب أمريكية استباقية هجينة، لتأخير اعلان واشنطن دي سي افلاسها، في قيادة المجتمع الدولي – انّها معركة الدولار وهيمنته كما شرحنا ونشرح دوماً، حيث العالم اليوم بلا أمن، وبلا استقرار، بفعل سياسات الميثولوجيا الأمريكية واستثماراتها وتوظيفاتها وتوليفاتها، حيث يتبلور عصر سياسي عالمي جديد، تنتفي فيه ومنه الأحادية القطبية، وبات هذا الأمر واقعاً ملموساً وحيوياً متوسعاً،  بفعل تداعيات المواجهة الروسية الأطلسية، عبر الحدث الأوكراني المتصاعد، وقبله الحدث الأساس الرئيسي، الحدث السوري أقصد، حيث شكل العالم المراد خلقه وتخليقه، بتفاعل الفاعلين فيه، يبدأ وينتهي في دمشق!. 

ألم يقل السلطان العثماني سليم الأول، إمبراطور الدولة العثمانية، عندما دخل دمشق غازياً واحتلها: الآن سيطرنا على العالم !!!…. عودوا الى التاريخ أيّها الناس، فهو الأصدق، وهو كنز المعلومات والاستخبار المستقبلي، وهو لسان جغرافية كوكب الأرض. 

انّ عتبة التغيير التي يتم هندستها الان، تتمحور وتتقوقع وتتموضع، حول سياق السؤال التالي: هل ينتقل أساس النظام العالمي الراهن، من المصالح الأنانية للغرب الأطلسي الواهم، والمتكبر، والمتعجرف، والسلطوي، الى التوازن العادل للمصالح المتخادمة، في عالم متعدد في كل شيء؟. 

انّ مؤتمر ميونخ بنسخة 2023 م للأمن الدولي، والذي انعقد من أربع أشهر خلت، بغياب روسيّا وايران، وحضور معارضين لهما، هو مؤتمر فاقد للشمولية والموضوعية، وهو أطلسي غربي وليس دولي، ومنحاز بشكل سافر وصفق للغرب، بعد أن كان هدفه، رعاية الأمن على هذا الكوكب، صار منحازاً وكما أسلفنا، الى خدمة سياسات الغرب الأطلسي، حيث كان واضحاً في منح الرئيس الأوكراني – هذا الزيلنسكي الدمية الأمريكية، الكلمة الافتتاحية فيه. 

مؤتمر ميونخ بنسخة 2023 م، كرّس الأحادية القطبية لأمريكا في عالم متغير، لذا لا بد من إعادة بناء أساسياته من جديد، وفقاً لعالم متعدد الأقطاب والأركان، ما بعد المواجهة الروسية الأطلسية عبر الجغرافيا الأوكرانية، والأخيرة، تزخر بصديد الإرهاب المعولم، وبالدواعش والمجاميع الإرهابية، أبناء ماما أمريكا ودادا واشنطن، والتي ترعاها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، فصارت أوكرانيا تماماً، كإدلب السورية: رئة العالم الإرهابية. 

وانّ مسألة ابعاد الفدرالية الروسية وايران، وبعض الفاعلين الدوليين، عن مؤتمر ميونخ الذي انعقد وانتهى، يشي ويعني: أنّ الغرب الأطلسي، قد غيّر الكثير من القواعد الأساسية لهذا المؤتمر الهام، وانّ مسألة غياب طرف دولي و وازن ومؤثر، مثل: روسيّا وايران وغيرهما، عن المؤتمر الخاص بالأمن الأممي، يعني بجلاء ووضوح منقطع النظير: أنّ الهدف الأساسي للمؤتمر، صار للحشد العسكري والاقتصادي والمخابراتي لأوكرانيا، كمنصة هجومية إرهابية، ضد الأمن القومي الروسي، وليس توفير الأمن على جغرافيات هذا الكوكب الأرضي، حيث عصر ما بعد الحرب الباردة انتهى، وبدأ الان عصر سباق تسلح من جديد ومرهق، على مستوى العالم، لكي ترضى شركات السلاح المتعددة الجنسيات، حيث الجميع يسعى لإرضائها. 

حيث القلق الغربي الأطلسي الأمريكي واضح، من موضوعة استراتيجيات التقارب الروسي الإيراني الصيني التشاركية، مع ظهور مؤشرات التخلي والاستغناء القاتل، لدى مخ الكارتل الحاكم في أمريكا وفي الغرب، عن الدولار كعملة، في التعاملات التجارية، بين الأطراف الثلاثة.

وجاءت العقوبات القصوى على روسيّا وايران، بشكل هيستيري وحاقد، ثم الضغوط على الصين الشعبية، قادت وجعلت، من مسألة التقارب الثلاثي، حتميّاً ونوعيّاً وكميّاً وضروريّاً مصيريّاً وجوديّاً.

واليوم: في خضم استراتيجية الإرهاق السياسي، والتي تمارسها واشنطن بشكل فاعل، مع الاستثمار في ميثولوجياتها المستجرّة استجراراً، من سنام غطرستها وصفاقتها في صحاري تيهها، تتعدد الساحات والمساحات، وتختلف الأحداث في: من ينهك من، في المعركة على عرش القطبية العالمية؟. 

فتحت عنوان: وليام بيرنز والإرهاق السياسي، تم ظهور الصراع بين انتوني بلينكين وجيك سوليفان من جهة، ومدير السي أي ايه وفريقه من جهة أخرى، وامتدت هذه الخلافات على جلّ الملفات الدولية، التي تشتبك معها الادرة الديمقراطية بسلبية، ومنها ملف الصراع العربي الإسرائيلي، والذي تم تقزيمه، الى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كمسار، مع ما يحدث من، توريط لقطرنا الأردني، في ملف مؤتمر النقب 2 في حال انعقاده، والضغط عليه لحضوره، والتفاعل معه، ولو بمستوى مراسل من الفئة الثالثة، بدرجة عاشرة. 

حيث يعني الحضور: التماهي والتساوق، مع ما تسمى صفقة القرن، والتي رفضها وما زال حتّى اللحظة الأردن، عبر الملك والدولة والمؤسسات والشعب – ولن يقبل بها بالمطلق، كونها تعني الشطب، ثم الشطب للنظام السياسي هنا، لصالح نظام بديل، برأس جديد، وديمغرافيا جديدة وتتكرّش وتتسمّن بعمق، مع جغرافيا متوسعة، تحت عنوان كونفدرالي أو فدرالي، او حتّى عنوان طلياني تافه، والأردن باعتقادي، لن ينتحر على مذبح النقب 2، وسيرفض الحضور كما هو الحال في النقب 1، ولو حضرت ما تسمى بالسلطة الفلسطينية، أو \ و حضور بعض الغلمان الطعوج، للقطاع الخاص الفلسطيني، لكي يستطيع، أن يقنع أنتوني بلينكين، وزميله جيك سوليفان، الأردن بالحضور، وانّ الفلسطينيين على الطاولة، حيث لا انجاز خارجي للسياسة الأمريكية حتى اللحظة، وانّ النقب بنسختيه، مشروع انتوني بلينكين وجيك سوليفان، بمعارضة من صديق الأردن: وليام بيرنز، مدير السي أي ايه. 

بالعودة الى الإرهاق السياسي، الذي تمارسه واشنطن ضد الأعداء والخصوم والمنافسين، فهي تعتمد من خلاله على الحصار والعقوبات، وإعادة انتاج الفوضى وهندستها، لإرهاق الخصوم والأعداء والمنافسين، على أمل استسلامهم لها، قبل اعلان افلاسها القريب والمتوقع، وفقاً لسنن الحياة، ودفع الله الناس لبعضهم البعض. 

حيث ساحات ومساحات الإرهاق السياسي هذا تتسع، لتشمل الصين وأمريكا اللاتينية، والشرق الأوسط وايران والفدرالية الروسية، والأخيرة في قلب معركة جيوبوليتيكية، والغرب يريد هزيمتها لعشرات السنيين، وجعل ربيعه الأطلسي روسي بامتياز، للشطب وإعادة البناء – هندرة، ويتطلع هذا الغرب الى مولدافيا، لتلعب دور أوكرانيا 2 ضد روسيّا، وهذا يعني أن الغرب الأطلسي، ما زال متمسك باستراتيجية هزيمة روسيا، ويشي كل هذا وذاك، أنّ جغرافيا الصراع، سوف تمتد الى خارج جغرافية أوكرانيا، لا بل أنّ العملية الروسية العسكرية الخاصة، وكرد على هذا الجموح القادح الأطلسي، قد تتجاوز الدونباس، وما بعد بعد الدونباس.

وأحسب أنّه: عندما تدخل المواجهة الدائرة الحمراء، قد يضحي الاطلسيون بأوكرانيا وزيلنسكي، خاصة وأنّ الروس أعلنوا، أنّ أي هجوم يستهدف القرم الروسي، سيلقى ردّاً سريعاً وحازماً وانتقامياً وحارقاً وقادحاً، سيدرّس لاحقاً، في الجامعات المختلفة، وكليات الحرب العسكرية، في اطار العلوم العسكرية. 

وأمريكا تسعى وبعمق وقوّة، الى اضعاف روسيّا وأوروبا وانهاء أي تقارب بين الجانبين، بل تسعى لشطبهما معاً، والسياسة الأمريكية وميثولوجيتها، ستقود الى التضحية في أوروبا، لكي تحافظ على الزعامة غرباً، وهنا أتساءل السؤال التالي: المحفّز للعقل على التفكير: هل أرغمت العولمة الأمريكية أوروبا، على الرضوخ لضغوطها في مواجهة روسيّا؟. 

أمريكا تكابر بالمحسوس، فلا خيار أمامها ازاء ايران الاّ الخيار الدبلوماسي شاءت أم أبت، وتصريحات أنتوني بلينكين وزير خارجية اليانكي القلق، تجيء ضمن مسار الضغوط على ايران، والأسباب مركبة ومعقدة، وهي تعلم أنّ أي حرب مع ايران، سوف تكون لصالح الصين وروسيّا ونفوذهما المتعاظم والمتسارع في المنطقة والعالم، ومن شأن ذلك أن يعمّق توجهات ايران نحو الشرق لدرجة العمق، بخصوص الطاقة وتفرعاتها ومساراتها والمشاريع القائمة عليها.  

ادارة العاجوز الثعلب جو بايدن، هي بأجندة جمهورية لا بل فوق جمهورية، تتلاقح بالعمل البراغماتي الناعم، وتمهد لميادين حروب صغيرة متنقلة قادمة، لأضعاف الجميع بالجميع، فلا حليف لأمريكا سوى نفسها ونفسها فقط. 

 وانسحاب الرئيس الزئبقي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي، كان هدية لإيران وحلفائها وخاصةً الروس والصينيين، فطورت برنامجها النووي بشكل متسارع وثابت، وصارت تملك 30 كيلو من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60% وأكثر، ولديها الناقل الاستراتيجي، وتحصّلت على الذي تحصّلت عليه، فجنّ جنون الغرب واسرائيل.  

وكوادر الكيان الصهيوني في المؤسستين العسكرية والأمنية، صاروا يتموضعون ضمن السيناريو التالي: اتفاق سيء مع ايران أفضل بكثير من حرب فاشلة معها، وفي السابق وقت الرئيس ترامب قالوا: اتفاق عام 2015 م مع ايران كان سيء للغاية، لكن الانسحاب منه كان أسوأ، وحكومة الفاشي بنيامين نتنياهو، بين المترنحة والثابتة، وهي أضعف من أن تبادر الى حرب مع ايران، صحيح انّ اسرائيل تملك قوّة اقليمية لكنها ليست دولة اقليمية، وهي بحاجة الى قوّة عظمى كأمريكا كي تقوم بالحرب مع ايران.  

كارتلات ومنظومات حكم اليانكي في عروق جغرافية الولايات المتحدة الأمريكية، هي مع الرجعية العربية الحديثة المستحدثة بنسخة القرن الحادي والعشرين، وخاصةً في بعض ساحات ومملكات القلق العربي، والتي يتم توظيفها وتوليفها لتخدمه، وتساوقاتها وتماهيها مع الإسرائيلي الصهيوني في كل شيء، إزاء إنتاج بويضة ناضجة ومستعدة للتخصيب، لاستيلاد متتاليات هندسية لحروب وعمليات سريّة قذرة واستثمارات في الإرهاب لأدواتها، ومتشاركة مع حروب نفسية لجهة ما يجري من عدوان أممي سافر في سورية، وحصار ظالم وتفعيل قانون قيصر، مع التسخين الأمريكي من جديد للبنان وفلسطين المحتلة، والعراق واليمن، وليبيا والجزائر، ومالي وموريتانيا، وتونس أيضاً. 

الولايات المتحدة الأمريكية، تمارس استراتيجيات التصريحات المتناقضة لأرباك الجميع للوصول الى العميق من أهدافها،  فهي تفعل عكس ما تقوله دائماً وأبدأ، ولسانها ينطق بخلاف فعلها، فلا خروج أمريكي من المنطقة بمعنى الخروج كما يروّج بعض السذّج والمراهقين في السياسة، بل اعادة تموضع وانتشارات هنا وهناك، مع اعادة بناء وتفعيل لشبكات العمليات الاستخباراتية العنكبوتية القذرة، لتعويض تموضعها وانتشارها، للبدء باستراتيجيات الاستدارة نحو أسيا وروسيا، والصين وايران، ودول أمريكا اللاتينية، ان في البرازيل، وان في فنزويلا، وان في باقي الساحات والحدائق الخلفية لها هناك، وأي ادارة قادمة لاحقاً(ان جمهورية، وان ديمقراطية وحضوض الأولى أكبر وأقوى)في واشنطن دي سي، هي بمثابة ناطق رسمي باسم البلدربيرغ الأمريكي لا أكثر ولا أقل.  

يهدف الأمريكي بقوّة للعمل جنباً إلى جنب، مع الأوروبي الجمعي(فبين جيب الرأسمالية الفيزيائية والبرجوازية الإرهابية، الأوروبيون لا يعملوا كمحسّن كريم للبشرة بل تعزيز هندسة الترتيب الإرهابي، فبريطانيا ومثيلاتها صانعوا إسلام الإرهاب كعملاء للغرب)، في منطقة غرب آسيا تحت عنوان “مكافحة الإرهاب” الذي عانت منه القارة الأوروبية في الفترة الأخيرة، ووجود مئات الألاف من اللاجئين الذين قد يتضمنون خلايا نائمة، تابعة للجماعات الإرهابية، وفق العديد من المصادر الأمنية الأوروبية، يتسبب في الرد الإيجابي على الطلب الأمريكي.

ويرى الأمريكي الساعي الى توظيف الأوروبي وشيطانه الإرهابي لخدمة مصالحه، أنّه عبر التعاون الأوروبي الأمريكي بشكل أكبر في المنطقة يخفّف من حدّة تداعيات أي ضربة عسكرية واسعة قد توجّهها واشنطن في منطقتي غرب آسيا وشمال أفريقيا على الرأيين العالمي والأوروبي.  

كما يرى الأمريكي أنّ دخول أوروبا بشكل واسع إلى جانب واشنطن يقطع الطريق على أي ارتدادات “خطيرة” للرأي العام الأوروبي، بتحميل واشنطن التي تنوي ليس القضاء على التنظيم الإرهابي بقدر اضعافه واعادة هيكلته وتوجيه من جديد نحو أسيا ضمن استراتيجيات الاستدارة الأمريكية، بعد عودة العراق أولوية أولى في الأمن القومي الأمريكي ازاء ايران، مسؤولية التفجيرات التي سينفّذها التنظيم في أوروبا على شاكلة باريس وبروكسل، باعتبار أن الوصول إلى القارة الأمريكية أصعب بكثير على هذه الجماعات من العمل داخل أوروبا حيث توجد بيئة حاضنة وخلايا نائمة منذ سنوات.  

هذا وتسعى واشنطن من خلال فخها هذا للأوروبي، عبر دعوته لمزيد من الانخراط، الى الوصول الى حالة من مظلة تمديد فترة الاعتماد الأمني الأوروبي على أمريكا، وذلك في إطار الإبقاء على “القطب الواحد” من ناحية، وجذبها بشكل أكبر في مواجهة واشنطن مع كل من الصين وروسيا من ناحية آخر.  

وإذا كان التدخل الأوروبي اليوم إلى جانب أمريكا، يعد تحدياً غير مباشر لروسيا، فمن غير المستبعد أن تلجأ واشنطن للخطوة نفسها في أي مواجهة مقبلة مع الصين، لاسيّما في ظل التوترات الحالية في بحر الصين الجنوبي، والمعلومات زاخرة بزيارة سرية قام بها وليام بيرنز رئيس وكالة الاستخبارات الامريكية، الى بكين الشهر الماضي، بعناوين اللحظة الراهنة: لغايات تحسين العلاقات، وتخفيضات لبؤر التوتر، على طول خطوط العلاقات الصينية الأمريكية، لكن الحقيقة تكمن هنا: لا بل لمحاولة فتح قناة أمنية تفاوضية مع الروس برعاية صينية، فواشنطن تصعّد فوق الطاولة مع موسكو لتفاوض، وتنشد هذا التفاوض حول المسألة الأوكرانية من تحتها للطاولة اللعينة.  

حالة عدم الاستقرار هي ما تعانيه منطقتنا الشرق الأوسطية، ومع ذلك جاءت تركيا وبنت قاعدة عسكرية في قطر، وتحت عنوان الشراكات مع الدوحة، تفعيلاً لاتفاق عسكري مسبق بينهما، يفيد بتمركز قوات تركية عبر استجلاب ثلاثة آلاف جندي تركي، من القوّات البريّة ووحدات جويّة وبحرية ومدربين عسكريين، وقوّات عمليات خاصة وهي أول منشأة عسكرية تركية في الشرق الأوسط، وأحسب أنّ هذه القاعدة العسكرية التركية في قطر ليست في وارد حماية الدوحة بسبب التواجد العسكري الأمريكي، وتهدف الى مزيد من عسكرة المنطقة، ويريد الرئيس التركي أن يقول للجميع أنّ تركيا هنا، وفي كل ما يجري من تطورات اقليمية، كحال واشنطن وموسكو وباريس ولندن، وها أنا أبني قاعدة عسكرية في الصومال عبر تدريب عشرة آلاف جندي صومالي، وسأكون في أريتريا عسكريّاً، حيث ايران لها تواجد عسكري في جزيرة مستأجرة هناك، تقابلها جزيرة اسرائيلية وتواجد عسكري فيها، مقابل جزيرة تستأجرها الأمارات مع تواجد عسكري، وسيطرة اماراتية على ميناء عصب(التواجد الإماراتي هنا سببه كما تقول المعلومات، بدفع و رؤية لمحمد دحلان، عبر ارتباطاته مع مجتمع المخابرات الإسرائيلي، التي بناها من خلال التنسيق الأمني بين سلطة أوسلو وثكنة المرتزقة اسرائيل)منذ بدء العدوان البعض العربي على اليمن، لمنافسة الرياض على السيطرة على باب المندب، حيث 10% من التجارة العالمية تمر عبره.  

وإشعال الساحة الجزائرية، ومحاولة إسقاط النسق السياسي فيها، يعني إضعاف القدرات الجزائرية، وتحول الجزائر، إلى دولة فاشلة، أكثر فشلاً من دولة اليمن المعتدى عليه عربياً، وهذا الأمر تسعى له تحديداً، المخابرات الفرنسية، حيث فرنسا تعيش، حالة قلق سياسي عميق، على نفوذها في مناطق شمال وغرب أفريقيا، من خطر تعاظم قوّة الجزائر، وتحولها إلى قوّة إقليمية نافذة وفاعلة وناجزة بإسناد روسي واضح. 

ومحاولة إشعال الساحة الجزائرية حرباً وقتالاً عنيفاً، من شأنه أن يتيح إلى جانب التخلص، من العناصر الجهادية الإسلامية، المسلّحة الليبية والجزائرية، يقود إلى التخلص أيضاً، من العناصر الجهادية الإسلامية المسلّحة الموجودة، في أوروبا كخلايا نائمة، بحيث تقوم أجهزة المخابرات الأوروبية، على دفع وتسهيل مسألة هجرة، هذه العناصر الإسلامية المسلّحة، والمتواجدة  على الساحات الأوروبية، للذهاب إلى الجزائر للقتال والمساهمة، في إسقاط النسق السياسي الجزائري. 

وإشعال المسرح السياسي الجزائري، سوف يأخذ طابع العنف السياسي الديني، المرتفع الشدّة، وطابع عسكري دموي، وهذا يعني ببساطة: حرب أهلية إسلامية اثنيه عميقة حرب جزائرية – جزائرية. 

إنّ خط العلاقات الجزائرية – الروسية، صار أكثر إدراكاً ووعيّاً، لجهة أنّ واشنطن، تسعى لجعل دول الإتحاد الأوروبي، تحصل على إمدادات النفط والغاز، من ليبيا والجزائر لاحقاً، وهذا من شأنه أن يبطل مفعول مشروعات روسيا الفدرالية، والتي تهدف لجهة احتكار، تزويد أسواق الإتحاد الأوروبي، بالنفط والغاز الروسي، وهذا من شأنه أن يضر بمصالح روسيا والجزائر، ويؤثر على معدلات النمو الاقتصادي الروسي وهذا ما تسعى إليه أطراف مثلث:- واشنطن باريس لندن. 

ورغم محاولات مجتمع الاستخبارات الجزائري للوصول الى حالة استقرار معقولة في الشمال المالي، الاّ أنّه من المعروف أنّ منطقة شمال مالي وخاصةً إقليم(أزواد) تخضع حالياً لسيطرة متمردي الطوارق أو نفوذهم، وجماعات إسلامية متشددة ومنها تنظيم القاعدة ببلاد المغرب العربي الإسلامي، وجماعات جهادية أخرى متحالفة معه، والقرار الدولي في التدخل العسكري في مالي آواخر عام 2012 م في حينه، كان بحجة القضاء على المتمردين الطوارق ومن ارتبط بهم من حركات جهادية مسلحة بجانب تنظيم القاعدة، لكن الهدف منه كان محاولة لنقل الصراع إلى داخل الجزائر عبر توريط الجزائر بهذا الصراع، والذي يشبه شبكة العنكبوت لجهة شكل خيوطها، ليصار إلى تثوير الشارع الجزائري ضد نسقه السياسي التحرري العروبي.

ملاحظة:

قناة الكوثر الفضائية – قضية ساخنة: تشتبك مع المحامي محمد احمد الروسان أبو شهم حول: الأزمة الأوكرانية ومخاطر التصعيد العسكري الأطلسي – بالمشاركة مع السفير الإسكندر زاسبكين من موسكو: تابع هذا الرابط:

https://www.alkawthartv.ir/episode/322642

* عنوان قناتي على اليوتيوب حيث البث أسبوعياً عبرها:

https://www.youtube.com/channel/UCq_0WD18Y5SH-HZywLfAy-A

[email protected]

منزل – عمّان : 5674111    

خلوي: 0795615721

 

 

 

قد يعجبك ايضا