عهر سياسي … ليس أكثر / د. ميساء المصري




د.ميساء المصري ( الأردن ) – الإثنين 21/9/2020 م … 
يبدو العنوان نشازا ..لكنه يصور الحقيقة ، التي مازالت أطوارها متواصلة ولا نعرف طبيعة نهايتها حتى الآن..وقبل أن أحدد مسرحها وشخوصها أتوقف قليلا عند مقارنة وسرد التاريخ , كثيرون هم من يفكرون بساسة الأمس ويعيشون على أمجادهم ….وأقاويلهم ونضالهم وربما أفعالهم التي كانت في ذلك الوقت منتقدة..وربما مرفوضة.

أما ساسة اليوم ،فلم يخالفوا التوقعات , عملية استنساخ أنظمة وإستنساخ خصوم , مع تبديل للمقاعد السياسية فقط . وغالبيتهم ساسة الياقات البيضاء والصدفة والهرولة خلف المناصب والمكاسب، ساسة الوراثة، التي لايميزون فيها لا حلالا ولا حراما، و بعضهم قضوا أكثر من نصف العمر يخافون من دخول الحمام بالقدم اليسرى قبل اليمنى كي لايئثموا…… سياسيونا كل همهم أن يقضوا السنوات الأربع في صراعات ومناكفات ثم يسارعوا للإتفاق من أجل الحفاظ على ما هم فيه وإبقاء الناس على ما هم عليه .
ومخطئ…في وقتنا الحالي كل من يفكر بالثنائيات، وبضرورة أن ينتصر طرف على طرف. أو سوف يكون على الجميع أن يتعايشوا ويتنافسوا في إطار نظام معين قد يكون التطبيع او سقوط كرسي السياسة , والوهم بصراع على خدمة الشعب قبل المصالح , وقواعد لا تقتصر على حكم الأغلبية، بل تتضمن أمورا كثيرة أخرى ، أغلبها ما يضع قيودا على الأغلبية لتجديد الديكور وتغيير وجه القانون .

القائم على الساحة الآن ليس صراعا ولا تفاوضا ولا حلول سلمية أو نوايا صادقة ، وليس هدفه السلام و نبذ العنف و حقن الدماء و تلبية مطالب الشعوب ، بل جاءوا بشروط ونية مسبقة لإستمرار الكارثة،. بمؤامرات الغرف المغلقة !!!.
لو حاولنا بكل حيادية أن نشخص السلوك السياسي العربي في هذه اللحظة التاريخية من واقع البلاد العربية الذي نعيشه ..في تعبير مختزل، فلن نجد أفضل من كلمتي «عهر سياسي» او Political immorality. ولو حاولتم البحث عن الموضوعات التي تحمل المسمى ذاته من خلال محرك البحث «غوغل» فقط في الوطن العربي لوحده ، فستجدون أن عددها يبلغ615,000 مادة. ولو أسقطنا منها ما هو مكرر او متشابه فسنجد ، ما لا يقل عن نصف مليون موضوع يناقش «العهر السياسي لدى العرب». وهذا يقودنا الى سياسات عاجزة رغم عهرها تسود المنطقة العربية تفترش أكثر من مكان، وتبرز في أكثر من حالة معينة بذاتها بدون فائدة .

وقبل السياسة فإن العهر في اللغة، هو الفجور بمعنى الظلم، والكذب، والمكر والخداع والخيانة ….وهذا ما نشهده اليوم بوضوح على الساحة العربية.
أما السياسة فقد توصف بأنها فن الممكن في حيز المتاح وتحقيق المصالح بالنظر إلى مصالح الغير والسياسة مصنع الحياة ومدرسة المبادئ .وليس كما هو موجود على أرض الواقع فهي مكر وخداع الأخر وميكافيلية وركوب الموج وإنتهاز الفرص وإقتناصها.
ولنكتفي بمواقف جامعة الدول العربية، صامتة صمت القبور، في مرحلة تتطلب منها أن ترفع صوتها عاليا أزاء قضايا مصيرية وما أكثرها توالدت وتكاثرت بما لا يخدم عروبتنا ,تلك التي تلم بالساحة الفلسطينية، وأخرى تشهدها الساحة العراقية. او سوريا ثم ليبيا واليمن ولبنان فالسودان فتونس ومصر …ومن تبقى من دول تجمع شتات نفسها وتلملمها خجلا …، بشكل علني سافر أو مبطن مبهم، متشحة بما يسمى بالشرف السياسي . تحت ستار كثيف من دخان البروباغندا والمناورات، وإخفاء بعض ما أُبرم من تفاهمات وصفقات وتسويات. والتي كانت شرطاً للطبخة الصهيونية .

قد يعجبك ايضا