مسرح اللامعقول والعبث (Theatre of the Absurd): هجوم لم يحدث، واتصالات دبلوماسية لوقفِ اطلاق نار لم يبدأ! / ديانا فاخوري

ديانا فاخوري * ( الأردن ) – الأربعاء 29/7/2020 م …




مفكرة ، كاتبة  سياسية وباحثة عربية أردنية …

مسرحية عبثية من قصص الخيال اللاعلمي الحربي العسكري (Military/War Non-science Fiction Play):

لم تُفلح كل تقنيات “المكياج” و”السيناريو” و”الإخراج” بغسل المشهد وتغطية بيت العنكبوت وما ينخر الكيان .. فلا هي مناورة اسرائيلية ميدانية استباقا لرد المقاومة، ولا هي كمين إيحائي قامت به المقاومة استدراجاً لجيش الاحتلال لمواجهة ما.

انظروا لوجوه البعض (بنيامين نتنياهو وبني غانتس في مؤتمرهما الصحافي المشترك والمختصر – مثلاً) كيف بدت: باسرة مقطبة عابسة كالحة مضطربة قلقة كمجرم سيق الى العدالة ينتظر العذاب والعقوبة وقد اقترف ما يستحق ذلك .. وجوه “تظن أن ُيفعل بها فاقرة”.. وجوه يقف أصحابها على “رجل ونص” بانتظار ان تنزل بهم مصيبة عظيمة، تقصم فَقَار الظَّهْر!

وجوه تظن ان يأتيهم رجال الله في الميدان بالرعب الذي يستوعب الصدور .. وجوه تظن ان يُلقي رجال الله بالهلع في قلوبهم ارتعاباً وارتياعاً .. “فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ” – ٢ الحشر

اما توابعهم والمطبعون، فتوهموا، وفرحوا وهللوا ان سيّدُهم الأعظم (نتنياهو) قد عهد اليهم بإدارة كإمب ديفيد، أوسلو، وادي عربة، تطبيع بضمير صائح او سائح او غائب او مستتر، صفقة القرن – وكلها محاولات يائسة بائسة لصيانة النكبة الفلسطينية ومعها وبها صيانة اسرائيل، المستعمرة/المستدمرة الاستيطانية .. تيقنوا، ففرحوا وهللوا ان التطبيع، لغةً، ينتهي بال”بيع” .. والتطبيع، سياسةً، اخره “بيع”!

ما هالهم ان سيّدُهم الأعظم هذا ما فتئ يُعرب عن قلقه وارتياب القادة الإسرائيليين بخصوص بقاء “اسرائيل” ومستقبل وجودها حيث يرى انها قد لا تُعٓمِّر الى المئة؟! ولا تغرّنكم “عنتريات” الضم وفرض السيادة امام الكنيست .. هي “عنتريات” لا “عنتر” فيها، وها هي رسالة الثغرات الثلاث في السّياج الحُدوديّ مع فِلسطين المحتلّة من رجال الله في الميدان الى نتنياهو منتصف شهر نيسان الماضي ما برحت اثارُها ماثلةً للعيان  .. واذكروا انه أثناء التحضيرات لاحتفالات العدو بالذكرى السبعين للنكبة، عبّر رئيس الوزراء الإسرائيلي علناً عن مخاوفه وأقصى آماله. وكان قد أعلن، في تشرين الأول ٢٠١٧ خلال انعقاد احدى جلسات دراسة التوراة، بأنه: “ينبغي على إسرائيل الآن أن تجهّز نفسها لتهديدات مستقبلية لوجودها إن كانت تصبو للاحتفال بعيد ميلادها المئة” .. وأضاف، بحسب صحيفة «هآرتس»، “لقد امتد عمر المملكة [اليهودية] الحشمونائية (القديمة) ثمانين عاماً فقط”، وبأنه “يعمل على ضمان تخطي إسرائيل هذه المدة وأن تعمِّرَ كي تحتفل بعيد ميلادها المئة” .. وهو ما فتئ يحاول اجتذاب روسيا التي أكدت، وبلسان الرئيس بوتين شخصيا، التزامها بقرارات الشرعية الدولية، وموقفها واضح من الأراضي التي احتلتها اسرائيل عام 1967 وبينت ذلك بوضوح عندما “منح” ترامب الجولان لإسرائيل الامر الذي يزيد من قلق نتنياهو ويربك اسرائيل .. فلا تستغرب إذن ان تسمع وترى “الإسرائيليين” يعبرون عن خشيتهم ان هذا المشروع سيجلب كارثة للاسرائيليين، وها هو وزير سابق ورئيس الشاباك بالماضي (عامي أيالون) مثلا (ضع عشرات الخطوط تحت “مثلاً”) يرى ان “صفقة القرن ستجلِب الحرب الداميّة على إسرائيل وستؤدّي لإنهاء الحلم الصهيونيّ”!

نعم، خسروا جُلّٓ  حروبهم على المقاومة من بوابات الشام وعلى تخوم بغداد واسوار صنعاء…!

اما وجوه رجال الله فناضرة ناعمة حسنة لسعيها في الميدان راضية .. “وجوه .. مسفرة ضاحكة مستبشرة” مشرقة مضيئة تعلم ما لها من الكرامة والفوز والنعيم!

وجوه تعلم ان لا “كامب ديفيد” باقية، ولا “أوسلو”، ولا “وادي عربة” .. لا “صفقة القرن” باقية .. ولا تطبيع “ام هارون”، ولا ضم التنابل .. لا غرفة التوقيف باقية، ولا زرد السلاسل!

وجوه تعلم  إن الليل زائلْ .. وان نيرون مات، ولم تمت روما .. بعينيها تقاتلْ”!

وجوه تعلم ان فلسطين بعزتها، بقدسها، بغزتها وصدور ابنائها تقاتل .. وحبوبُ سنبلةٍ تموت .. ستملأُ الوادي سنابلْ..!

هنا القدس: من القدس سلام، وللقدس سلام ..

هنا القدس – السلام يمر بتحرير فلسطين .. كل فلسطين من النهر الى البحر، ومن الناقورة الى أم الرشراش!

الدائم هو الله، ودائمة هي فلسطين!

نصركم دائم .. الا أنكم أنتم المفلحون الغالبون ..

ديانا فاخوري

كاتبة عربية اردنية

قد يعجبك ايضا