” الأردن العربي ” يستذكر كلمة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة الذكرى السنوية للصرخة في وجه المستكبرين 1441هـ … ” حاجة الأمة إلى مشروع توعوي أمام التحرك والنشاط الأمريكي والإسرائيلي “

 حاجة الأمة إلى مشروع توعوي أمام التحرك والنشاط الأمريكي والإسرائيلي

الأردن العربي – الإثنين 27/7/2020 م …




إذا نظرنا إلى طبيعة التحرك الأمريكي والإسرائيلي، وهذا النشاط الواسع الذي يستهدف أمتنا في كل المجالات؛ نجد أننا بحاجة بشكل طبيعي، وبشكل حقيقي وواقعي، ليست المسألة مجرد فرضيات، أو كلام فاضي، أو توجه لإثارة مشاكل، أو زوبعة في فنجان كما يقولون، لا، الواقع يثبت ذلك، الأمة بحاجة إلى أن تمتلك مشروعاً، وأن يتسم هذا المشروع بهذه السمات والمميزات المهمة: أن يكون مشروعاً توعوياً؛ لأن أول ما نحتاجه في هذه المعركة هو الوعي، أن يكون مشروعاً تنويرياً، الأمة بحاجة إلى النور، إلى البصيرة في مواجهة الحملة التضليلية الرهيبة جدًّا التي يتحرك بها أعداء هذه الأمة،

ويستهدفونها بها، والأمة بحاجة إلى أن يكون هذا المشروع ذو طابعٍ عمليٍ، وأن يكون فيه خطوات عملية، وليس مجرد كلام توعوي لا يترافق معه خطوات عملية، وأن يكون أيضاً بنَّاءً، بحيث يبني الأمة في مستوى وعيها، وفي مستوى أعمالها… وفي مستوى كل المجالات؛ لتكون في مستوى مواجهة هذه التحديات والأخطار، ولتكون في مستوى المسؤولية التي عليها، وهذا ما تحرَّك به السيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه-، فمع هذا الشعار، ومع هذه الصرخة، ومع الدعوة لمقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية، قدَّم مشروعاً يتسم ويحمل كل هذه السمات والمميزات، وأعلنه وقدَّمه إلى الأمة، وتحرك على أساسه.

وأهمية أيضاً وقيمة هذا الشعار وهذه الصرخة: أنه تحركٌ في اتجاه الموقف، في أن يكون للأمة موقف، في مقابل ما عليه الآخرون، في مقابل حالة اللا موقف التي تمسك بها البعض، والتزم بها البعض، وأصر عليها البعض، بكل ما لها من سلبيات خطيرة جدًّا؛ لأن حالة اللا موقف تعني: الصمت، والسكوت، والقعود، والجمود، والاستسلام، تعني: افساح المجال للعدو ليتحرك في ساحتنا الإسلامية في كل بلداننا بما يشاء ويريد، تعني: أن نترك المجال للعدو ليتآمر بكل أشكال مؤامراته، وأن نعطيه الفرصة للنجاح بدون أي كلفة، وتعني: ألا نضع أمام العدو في مؤامراته أي عوائق حتى في واقعنا الداخلي كأمةٍ مسلمة، وأن نترك له المجال ليتحرك في كل ما يشاء ويريد، وأن يتغلغل في أعماق الأمة وفي داخل هذه الأمة بكل مؤامراته وخططه وأساليبه بكل ما فيها من عناوين، وبكل ما تحمله أيضاً من طابع سلبي جدًّا وتخريبي ومؤثر جدًّا على واقع الأمة.

متى يمكن أن يكون الصمت والسكوت والقعود والجمود مفيداً للأمة في دفع هذا الخطر الأمريكي، وهذا الخطر الإسرائيلي؟! متى يمكن؟! كيف يمكن فلسفة هذا التوجه الخاطئ الذي لا ينسجم مع القرآن الكريم، ولا ينسجم مع الواقع، والذي تثبت الأحداث والوقائع أنه يخدم العدو، وأنه يمثل رغبةً للعدو؟ عندما تكون في هذا الاتجاه: اتجاه الصمت، السكوت، القعود؛ أنت على كل حال في الموقف أو في الاتجاه الذي يرغب العدو في أن تكون عليه؛ لأنه يرى فيه فرصةً له، ولأنه يرى فيه ما يخدمه، ما يفيده، ما يقلل المتاعب عليه، ما يزيح عنه العوائق في استهدافه لك واستهدافه لأمتك؛ لأن العدو يرى فيه تمكيناً له بكل ما تعنيه الكلمة.

وأهمية وقيمة هذا الشعار وهذه الصرخة بكل ما يترافق معها، وبكل ما يأتي معها أيضاً في مسارٍ عمليٍ مهمٍ وواسع: أنه موقف في مقابل خطورة من يتجه الموقف الآخر، موقف الانحراف، موقف العمالة والخيانة؛ لأن البعض من أبناء الأمة لم يكتفوا بالسكوت، ولم يكتفوا بالقعود، لم يكتفوا بالتنصل عن المسؤولية، وفي الابتعاد عن الموقف الصحيح؛ إنما اتجهوا اتجاهاً منحرفاً وخاطئاً: اتجاه الخيانة والعمالة، والوقوف في صف أمريكا وإسرائيل، وموالاة أمريكا، والتحرك مع أمريكا، فكانوا واضحين، وكانوا مكشوفين في تحالفهم مع أمريكا، وفي تعاونهم مع أمريكا، وفي تجنّدهم مع أمريكا، وفي تحركهم العملي بكل ما يمتلكون من قوة وإمكانات ووسائل لصالح الأجندة الأمريكية، ولخدمة الأمريكي في كل ما يريده منهم، وإن كانوا تحركوا في داخل الأمة وفي واقع الأمة في بعضٍ من الأحيان تحت عناوين أخرى، لكن طبيعة تحركهم وحقيقة تحركهم: أنه تحركٌ في الاتجاه الأمريكي، بما يخدم الأمريكي والإسرائيلي، بما يتناغم وينسجم مع التوجهات الأمريكية والإسرائيلية، ومع السياسات الأمريكية والإسرائيلية، فهم تحرَّكوا في داخل الأمة وخسروا وبذلوا الجهود الكبيرة، فأن يأتي البعض ليتجه هذا التوجه من أبناء الأمة على مستوى أنظمة وحكومات، وعلى مستوى حركات وتيارات وشخصيات، وأن يكون للبعض الآخر اتجاهٌ آخر يتمثل بالسكوت، والقعود، والجمود، والتنصل عن المسؤولية، والتخاذل، والتفريط، وإفساح المجال للعدو ليدخل ويعمل ما يشاء ويريد، نرى قيمة هذا الموقف الذي يتمثل بهذه الصرخة، بهذا الشعار، بهذا التوجه الإيجابي والصحيح الذي ينسجم مع القرآن الكريم، الذي يتجه اتجاه التحمل للمسؤولية التي يفرضها علينا ديننا وانتماؤنا للإسلام، ومسؤوليتنا أيضاً تجاه أنفسنا، تجاه أمتنا، تجاه شعوبنا، والتي هي تمثِّل الموقف الحق الذي لا مرية فيه ولا شك فيه، والموقف الصحيح والطبيعي المنسجم مع مقتضى الفطرة الإنسانية في كيف تواجه عدوك الحقيقي، عدوك الفعلي، عدوك الواضح، عدوك المكشوف، عدوك الذي يعاديك ويحاربك بكل الوسائل.

ندرك أيضاً أهمية وقيمة هذا الموقف وهذه الصرخة وما معها، وما يترافق أيضاً معها من مشروعٍ عملي: بحساب طبيعة هذا الصراع، وطبيعة مؤامرات العدو، هذا العدو الأمريكي والإسرائيلي الذي يستهدفنا كأمةٍ مسلمة بكل الأساليب، ويستهدفنا في كل المجالات، ويتجه بشكلٍ كبير إلى اختراقنا من الداخل، إلى أن يحوِّل هذه المعركة معركةً واسعةً وشاملة بعناوين متعددة، وأن يستفيد من اختراقه لهذه الأمة إلى عمقها وإلى داخلها؛ ليحرِّك أدواته من هذه الأمة، من المنافقين والذين في قلوبهم مرض في داخل الأمة لدورٍ يخدمه، لما يحقق أهدافه في إضعاف هذه الأمة، في تدمير كيان هذه الأمة، في تمزيق نسيجها الاجتماعي، في إضعاف هذه الأمة، في العمل على وأد كل تحركٍ حرٍ من داخل هذه الأمة، في العمل على إخضاع أبناء هذه الأمة لهذا العدو الأمريكي، ولهذا العدو الإسرائيلي.

طبيعة هذا الصراع الشامل والواسع الذي يتحرك فيه العدو على المستوى السياسي، وعلى المستوى الاقتصادي، وعلى المستوى الإعلامي، وعلى المستوى الفكري والثقافي والتعليمي، وعلى المستوى الاقتصادي… وعلى كل المستويات وفي كل المجالات، تستدعي أن يقابل هذا التحرك تحركٌ واعٍ، شامل وواسع، ويتجه إلى ما يسد هذه الثغرة على العدو، إلى ما يحصن هذه الأمة من الداخل، ويحميها من الاختراق.

ولأهمية هذه المسألة، كانت هي المسألة الرئيسية التي ركَّز عليها القرآن الكريم وهو يعلِّمنا، وهو يوعينا، وهو يهدينا فيما نفهم به طبيعة الخطورة التي علينا من هذا العدو، من العدو الأمريكي والإسرائيلي، في حديثه عن اليهود، في حديثه عن النصارى، في حديثه عن فريق الشر من داخل اليهود والنصارى، فريق الغدر، فريق المكر، الذي سيشكل الخطورة التاريخية لهذه الأمة إلى آخر أيام الدنيا، فهو يتحدث عن فريقٍ من أهل الكتاب يمثل شراً كبيراً وخطراً رهيباً على هذه الأمة بطبيعة أساليبه وخطواته ومؤامراته التي تستهدف هذه الأمة للتأثير عليها من داخلها، وتفكيكها من داخلها، واختراقها من داخلها.

قد يعجبك ايضا