الحمار “المواطن” / أسعد العزوني

تمثال "إنسان برأس حمار" في تركيا يثير جدلاً ! - 

أسعد العزوني ( الأردن ) – الجمعة 17/7/2020 م …




أرجو ألا يفهم للوهلة الأولى أن العنوان يحمل في طياته، أدنى درجات الإشتباك مع قانون المطبوعات أو قانون الجرائم الإليكترونية،فهو ليس إساءة ولا تبخيسا  بأحد،وليس مدعاة للتهكم على أي كان ،سواء كان بشرا ناطقا أو حمارا لا ينطق،بل هو تشخيص لحالة تطرح نفسها دون أن يتنبه لها أحد،أو يحاول أحد دراستها ،عل  وعسى أن نصل إلى شيء جديد من وراء هذه الظاهرة.

مرة أخرى نقول أن الحمار ليس حيوانا خسيسا كما يهيأ للبعض غير الفاهم للأمور،بل هو حيوان نافع وذكي وصبور ولديه كرامة،فهو الذي كان يحملنا على ظهره إلى أماكن ما كنا لنصلها لولاه،قبل إختراع وسائل المواصلات،ومع ذلك فإن الحمار ما يزال يستخدم في المناطق الوعرة التي لم تصلها وسائل المواصلات،أو لا تستطيع السير فيها لوعورتها وخطورتها.

كما أنه ذكي ،فما أن تأخذه لنقل ما تريد على ظهره ،وترغب بتكرار العملية،حتى يروح ويأتي من نفس الطريق وحيدا،دليل ذكائه في مجال الجغرافيا والمعالم الجغرافية،وأما بالنسبة للصبر فإنه بارع في ذلك حيث  يصبر على من يستغله للركوب عليه وتحميله ما شاء من الحمولات،بينما يثور الحمار انتقاما لكرامته في حال تعرض لظلم صاحبه ،فتراه يحرن ويرفس وربما يقتل.

نعود إلى قصتنا الأساسية وهي الحمار”المواطن”،وهي عبارة مديح في باطنها  بغض النظر عن ظاهرها ،لشخص المواطن غير العادي الذي لا يفكر بمصالحه،عند اتخاذه موقفا ما ،بل يقيس بمقياس المباديء،أي إنه يتخذ موقفا مبدئيا بالمجان،ولا ينتظر الثمن ،ويكثر هذا الصنف في صفوف المواطنين الذين يمتدحون مواقف الحكومات،ويدعمونها بدون مقابل،وهذه عملة نادرة هذه الأيام ،بحكم وجود “الرويبضة” التي وفرت لها الحكومات كافة وسائل البقاء برفاهية ،لضمان قدرتهم على التسحيج وإن كان ذلك بشكل مزعج،لأن الحركة الظاهرية التي لا  تتناسب مع الموقف الداخلي تكون نشازا،وما يميزها هو أن صاحبها يقبض ثمن كل تسحيجة عدا ونقدا،ويفسح له في المجالس ويتصدر المواقف،وأغرب ما في الأمر أن من يوفرون له ذلك ،يعرفونه حق المعرفة ،ويعلمون أنه خواء من الداخل،لكن عزاءهم أنه مطواع ومقولب حسب الظرف والحاجة ،في حين إن أصحاب الكفاءات والمواقف المبدئية لا يؤتمن جانبهم ،لأنهم ليسوا مطواعين ولا هم مقولبين ،مع ان الحقيقة غير ذلك ،وقد قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: “وإن استأجرت فاستأجر القوي الأمين”..ودام عزك يا وطن.

قد يعجبك ايضا