حروب بالوكالة . والمساعدات الأمنية … من يحارب من ؟ / محمد سعد عبد اللطيف

محمد سعد عبد اللطيف* ( مصر ) – السبت 11/7/2020 م …

* كاتب مصري وباحث في الجغرافيا السياسية




تُعتبر منطقة الشرق الأوسط الكبير  الممتد غربا حتي افغانستان وتركيا  وشمال إفريقيا . ساحة الاختبار على المستوى الدولي في ما يتعلق بفعالية المساعدة الأمنية . التي تُقدمها القوى العالمية والإقليمية. التي ساهمت تلك المساعدة الأمنية في شدة وتكرار الحروب بالوكالة – مثل تلك القائمة الآن في ليبيا واليمن وسوريا والعراق – وفي عسكرة الجهات الفاعلة الحكومية وشبه الحكومية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ففي ثمانينيات القرن المنصرم .وفي نهاية الحرب الباردة كانت  المساعدة الأمنية هي جوهر التنافس على التفوّق العسكري والاستراتيجي والأيديولوجي وحتى الاقتصادي في الشرق الأوسط. لكن على الرغم من الأهمية الواسعة والمتنامية للمساعدة الأمنية للمنطقة وللمنافسة داخلها بين الجهات الفاعلة العالمية والإقليمية، كانت المساعدة الأمنية موضع قدر قليل نسبيًا من التحليل المقارن. وبالمثل فالجهود المبذولة لتقييم العلاقات بين الأهداف الاستراتيجية وبين الأساليب التشغيلية لمزودي المساعدة الأمنية وتأثيراتها النسبية على المستفيدين. حاولت الولايات المتحدة وبكل الأساليب التنافس بطرد الوجود السوفيتي السابق في الشرق الأوسط .وكانت البداية  في مصر والقرن الأقريقي .وجاء عام 1979م .تنقلب موازين القوة والتنافس مع ظهور النواة الاولي لتنظيم القاعدة .من رحم الأحداث إقتحام الحرم المكي فجر أول يوم في السنة الهجرية 1400 .وقيام الثورة الإيرانية .وتوقيع اتفاقية السلام بين (  مصر وإسرائيل ) وطرد الوجود السوفيتي من مصر .وتولي صدام حسين مقاليد الحكم في العراق .والحرب الأهلية في لبنان .واشتعال حرب افغانستان الاهلية .كل ذلك ساعد علي صراع لصالح الأمريكان وحليفة الاستراتيجي اسرائيل .ومع انهيار  حائط برلين وانهيار وتفكك حلف وارسو .كانت المنافسة آحادية لصالح الأمريكان .ظهر منافس أخر من رحم الثورة الأسلامية في إيران (ولاية الفقية) ضد الهيمنة الأمريكية .وظهور قوة جديدة مع تولي الرئيس بوتين الحكم .
فمن المعروف أن منافسيها الرئيسيين في المنطقة في تقديم المساعدة الأمنية – أي روسيا وإيران – ساعدا وكلائهما على تحقيق نجاحات ملحوظة في ميدان المعركة. فالمنافس الأول، روسيا ساعد في سوريا وبشكل مطرد في ليبيا؛ والمنافس الثاني “إيران” ساعد في سوريا وكذلك في لبنان من زرع وكيل لة من (  حزب اللة ) كذلك فصائل في العراق تنتمي الي المذهب الشيعي   ، وإلى حد أقل في اليمن من جماعة الحوثيين . بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن روسيا أنجزت، بدرجات متفاوتة، عددًا من أهداف المساعدة الأمنية التي حددتها وكالة أبحاث الكونجرس. فدورها المحوري المتزايد في المنطقة، والذي يعتمد إلى حد كبير على قدرتها الظاهرة كمزود للمساعدة الأمنية، إلى جانب الدبلوماسية المُحنكة، مكناها من إدارة التحديات الأمنية الإقليمية في المشرق والمغرب الكبير، مثل تلك التحديات التي تنطوي عليها العلاقات ( التركية العربية) من خلافات مع تداعيات ثورات الربيع العربي ، وبناء روابط مؤسسية وشخصية مع النخب العسكرية والسياسية ليس في سوريا وحدها ولكن أيضًا في مصر والسودان والجزائر. وهذا إلى جانب نجاحات مماثلة في بلدان أخرى، من الممكن لهذه الروابط في المستقبل أن تمكنّ روسيا من إقامة تحالفات غير رسمية تمارس عليها على الأقل نفوذًا كبيرًا.
من الواضح أن الولايات المتحدة وروسيا وإيران اختارت مناهج مختلفة للمساعدة الأمنية في الشرق الأوسط لها تبعات هائلة على بناء الدول والاستقرار ولكم مازالت الأوضاع في مناطق غير مستقرة ..
على الجانب الآخر، فيما يتعلق بالدولة المنافسة للولايات المتحدة، سواء في الشرق الأوسط أو في مناطق الصراع الساخنة في أوروبا، فإن لروسيا توجهات تحكمها أوضاعها الداخلية، وطموحات الرئيس بوتين، وما تملكه من قدرات على تحقيق ما تريده لتواجدها خارج حدودها. وتستند سياسات روسيا تجاه منطقة الشرق الأوسط إلى كون هذه السياسات، جزءاً من معادلة علاقتها بالولايات المتحدة، – قرباً أو تباعداً – وارتباط ذلك بحرص روسيا على أن تستعيد وضع القوة العظمى الذي كان لها في فترة وجود الاتحاد السوفيتي. وإن كانت عودة روسيا إلى المنطقة تسير في مسار مختلف عن المسار السوفيتي السابق، وبمبادرات تختلف عن سياسات الولايات المتحدة، والغرب عامة. وإلى جانب هذا الهدف، فإنها تريد التوسع في العلاقات مع دول المنطقة، خاصة ما يعود عليها بمنافع اقتصادية.
في هذا الإطار كان تدخلها عسكرياً في سوريا، والذي استغلت فيه حالة السلبية التي سادت الموقف الأمريكي خاصة تجاه توسع شبكات الإرهاب الخارجية في الأراضي السورية.
ولكن الكثير من المراقبين يرون أن التدخل العسكري الروسي في سوريا، يمثل حالة استثنائية، ولا يتوقعون أن يتكرر في حالات أخرى في المنطقة، وهي تدرك أنها لن تكون في وضع المنافسة مع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
ولا شك في أن الأبواب المفتوحة أمام روسيا في المنطقة، لخلق علاقات سياسية واقتصادية، يساعد عليها ما كان قد انتاب الولايات المتحدة من تردد في الوفاء بالتزاماتها التاريخية تجاه أمن بعض دول المنطقة، وإنتاجها سياسات تمثل إغراقاً في التحيز ل«إسرائيل» على حساب القضايا العربية، وتزايد لهجة المطالبة بأن تتحمل دول المنطقة أعباء ما تقوم به الولايات المتحدة من تحركات ومواقف، كانت تقوم بها في الماضي وهي تعلم أنها إذا كانت تحمي مصالح دول المنطقة، فإنها تدعم مصالح الأمن القومي الأمريكي في الوقت ذاته.
في هذه الأدبيات السياسة الخارجية  الأمريكية، باعتباره تسهيلاً للعلاقات الفعالة بين المسؤول الرئيسي والوكيل، وبالتالي تسهيلاً للمساعدة الأمنية، يمتاز بأهمية خاصة في الشرق الأوسط، وهو وجود “مؤسسة حكم شرعية وفعالة نسبيًا”. تشير وكالة أبحاث الكونجرس إلى أن “الجهود الأقل فعالية التي أجراها بناء قدرة الشريك كانت تتم إما أثناء النزاعات والحروب (المواقف التي تتنافس فيها أطراف معارضة على الحكم) أو في البلدان التي يكون فيها الحكم الشرعي ناشئًا نسبيًا. ”  وهذا ظهر في سمال العراق في دعم الأكراد ومحاربة الدولة الاسلامية (  داعش ) في نفس الوقت تساعد بالدعم اللوجستي  فصائل جهادية شمال سوريا .  ففي فترة حكم  الرئيس أوباما طالبت الدول العربية بفتح مجال الحريات والانتخابات الحرة وملفات حقوق الانسان شرط المساعدات الامنية . لذلك كانت الخارجية الأمريكية في حالة تخبط من اندلاع الثورات العربية . من الاكتفاء  بتصريحات فقط بضبط النفس . وكان يقلق الجانب الامريكي أن “الفساد والكسب غير المشروع لدى الشريك يمكن أن يعوقا فعالية بناء قدرة الشريك بشكل كبير. توجد أدلة قليلة تفيد بأن فعالية بناء قدرة الشريك يمكن أن تكون فعالة من دون وجود شريك راغب وقادر على أرض الواقع. ومع الأحداث الجارية في المنطقة وانتشار وباء فيروس كورونا والسياسة الشعبوية من الرئيس ترامب .هل صعود الصين وقوي اقليمية أخري في العالم ؟  سيخلق وضع أخرمن حرب عالمية باردة وصراع في الشرق الأوسط من أطراف أقليمية .

قد يعجبك ايضا