250 عضو في مجلس الشعب السوري: وجود فعّال أم مُجرد ديكور؟ / د. خيام الزعبي

الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون - سورية

د. خيام الزعبي ( سورية ) – السبت 11/7/2020 م …

يتحدث الجميع عن التغيير في سورية، فيما تكتسب انتخابات مجلس الشعب في 19 من الشهر الحالي أهمية خاصة في هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها وطننا الكبير “سورية”، من حيث إنها استحقاق دستوري واجب التنفيذ،  والتي يعتبر إجراءها في موعدها المحدد رسالة للجميع بأن من يقرر في هذا الوطن هو الشعب السوري وحده.




من هنا جاء تأكيد الرئيس الأسد من أن الدستور هو الضامن و الحامي للجميع،  كما أنه بمثابة رسالة واضحة للداخل والخارج بأن أي حديث عن مشاريع سياسية لسورية المستقبل تمر عبر  البوابة السورية، ولأن الأمر كذلك فإننا أمام دورٍ مهم لأعضاء مجلس الشعب القادم، ومهام وطنية كبرى ترتبط بمستقبل البلاد، وأماني السوريين وتحمل آلامهم، وكذلك أمانة دماء الشهداء الزكية التي روت تراب هذا الوطن في معارك التحرير.

اليوم تواجه سورية، من بين مشاكل وأزمات عدة، ظاهرة الفساد التي تنخر في جسد الدولة والمجتمع وتتفاقم يوماً بعد يوم، وتبدو مكافحة الفساد معقدة بسبب خطورة القضية وهنا لا بد للمجلس القادم أن يفسح مجالاً لمناقشة هذه الظاهرة الخطرة التي تفتك بحياة المواطن، والتي تؤسس للانتهازيين والوصوليين البيئة المناسبة، لذلك لا بد من فضحهم و إغلاق المنافذ القانونية التي يتلاعبون من خلالها المقصرين والعابثين بالقانون والمال العام . 

كما يمثل مجلس الشعب دستورياً صوت الشعب، لكن لا تبدو الحكومة مهتمة لصوت الشعب، وفي السنوات الأخيرة لم يحدث أي تحرك حقيقي فعلي للبناء المؤسسي في سورية، والسر في ذلك يعود إلى عدم توافر خارطة طريق للأداء الحكومي والأداء البرلماني بسبب غياب شبه تام للمعرفة السياسية ولأدواتها شعبياً ونخبوياً.

 لم نسمع ببرلماني وقف وسط جمهوره متعهداً بتحقيق مطالبهم في حياة كريمة تتلاءم وغنى سورية بثرواتها وعاهدهم بالتنحي عن المسؤولية إن لم يتم ذلك، أو رفع صوته كاشفاً لعبة الفساد داخل أي مؤسسة من المؤسسات الحكومية.

على خط موازٍ، يُسجل على أغلب الأعضاء السوريين انقطاعهم شبه التام عن الشعب، وغيابهم المطلق عن ناخبيهم، كما تعاني وسائل الإعلام بمختلف مستوياتها، سورياً ودولياً من مشكلة الوصول إليهم، حتى يكاد يكون الظهور الإعلامي للبرلمانيين محصوراً في بضعة أسماء ويتكرر ظهورها إعلامياً في كل مناسبة وهذا يتنافى مع مبدأ الشفافية التي هي جزء حيوي في النظام الديمقراطي .  

الواقع ينذر بفشل كبير، ولا شيء تم تصحيحه، فالفساد مستشرٍ إلى أبعد حدود، وكل يوم واقعة جديدة ، والهدر لم يتوقف، ولا إصلاحات كاملة أخذت مسارها الصحيح، ما تم هو بقاء المواطن يرزخ تحت ثقل الفقر بسبب غلاء الأسعار. 

ولهذا فإن الدور المنوط لأعضاء المجلس في هذه المرحلة الحساسة مهم، ويتمثل بالرقابة على عمل الحكومة من خلال المتابعة الدورية لعمل الوزارات وأدائها، والعمل على تشكيل لجان برلمانية خاصة للتحقيق في قضايا الفساد وأيضاً إنشاء آلية لمراقبة عمل ونشاط أعضاء البرلمان و زيادة التغطية الإعلامية لنشاط مجلس الشعب الذي يجب أن تخصص لجلساته ساعات أسبوعية في إحدى المحطات السورية، والعمل على تعميم ممارسة الحوار بما يعزز الوحدة الوطنية.

فالتساؤل الذي يفرض نفسه هنا هو: ماذا فعل مجلس الشعب القديم الذي انتهت ولايته حالياً؟ هل أوفى بالوعود والعهود التي قطعها على نفسه في حملاته الانتخابية من برامج وشعارات، بتوفير الاحتياجات الإدارية والخدمية الرئيسية التي يحتاجها المواطن وهي الأمن والصحة والإسكان والرغيف اليومي، والمواطن يتطلع إلى تلك الوعود التي لم يتحقق الكثير منها، وذلك مما جعل المواطن في أزمة ثقة حقيقة أدت بالمواطن إلى حالة من اليأس وفقدان الثقة بالمؤسسات الحكومية.وأختم بالقول، لقد بدأ المواطن السوري يميز ويشخص بصورة واضحة أعضاء البرلمان التي تعمل لمصلحته أم لمصلحتها وهو يعيش الآن في ظل الانفتاح الإعلامي، فلا يمكن استغفال حق أي مواطن، واليوم الشعب السوري يتطلع إلى وضع قضاياه المهمة على طاولة الجد وبشكل فاعل في العلن دون تستر، من أجل تحقيق طموحاته والمشاركة في البناء. 

[email protected]

قد يعجبك ايضا