اللواء المتقاعد منذر ارشيد يكتب: أنا وقائد الشرطة الذي ظلم نفسه.. فكان هذا مصيره !

هيا إلى المقاومة والكفاح المسلح.. (الموت ولا المذلة ) – الجزء ...




اللواء منذر ارشيد ( أبو العبد )* – فلسطين 27/6/2020 م … 

* قيادي فتحاوي سابق ، محافظ لعدة محافظات في السلطة الفلسطينية …
بتسألوا ليش اليهود إستقووا وسيطروا ونهبوا الارض..!
البعض يتسائلوووون … هو الله مع اليهود ..!
أقول…الله مش مع اليهود … ولكن الله على الظالمين ..افهموها يا عالم

أثناء خدمتي ( كمحافظ ) في بيت لحم ، كنت حريصا أن يكون بيني وبين مدير الشرطة في المحافظة تواصل يومي كي نتعاون في خدمة الجمهور ومعظم مدراء الشرطة لا بل كلهم كانوا رفاق درب في الثورة ومر علي في بيت لحم ثلاثة مدراء شرطة من أعز الأصدقاء

إليكم الحكاية …

في يوم من الأيام جائني شخص مسيحي يشكو على شخص آخر بأنه قام بسرقة جزء من أرضه ومحاولة تدمير
أساسات منزله الذي ورثه عن والده لإرغامه على بيعه له بسعر زهيد

توجهت حيث البيت الذي يقع بعد المقاطعة طريق الخليل

وشاهدت الإعتداء السافر على بيت الرجل المشتكي
وإذا به بيتا قديما عريقا مهجورا يكاد يكون أثريا لما يحويه من فخامة البناء القديم (بيت عز) وعرفت منه أنه يعيش في أمريكا وجاء خصيصا عندما علم بالأمر

توجهت الى الرجل المعتدي وهو من آل علقم وإذا به شاب في الثلاثينيات يضع سلسلة ذهبية في رقبته وخاتم مرصع وساعة ذهبية .. باختصار ثري وعيوق وضاربها طبنجه ..

وقد بنى عمارة من خمسة طوابق ملاصقة لأرض المعتدى عليه ، ولم يبقي طريقا لكراج السيارات أسفل العمارة
فما كان منه إلا أن شق طريقا للكراج من أرض جاره

الإعتداء واضح وضوح الشمس جهارا نهارا وكأن لا يوجد سلطة ولا قانون ولا من يحمي الناس ..!؟

وكان قد وصل الى مد شبكة حديد على طول الطريق ولم يتبقى إلا صبة الباطون الإسمنت .. وعلمت بأن العمال ينتظرون سيارة الباطون ليكملوا عملهم

صعدت الى مكتبه في الطابق الاخير
واذا به يجلس على مكتبه الواسع الفخم كالطاووس بملابسه الجميلة وبطوله ووسامته .. استقبلني بكل أدب واحترام .. وعجق نفسه بالتهليل والترحيب (هيلمجي)
ولم ينكر اطلاقا أنه معتدي لانه كان مضطرا ً لتوسيع عمارته وبكل بساطة الأمر عنده عادي جداً

المهم بعد جدل بيزنطي.أخذني الشاب الى غرفة مجاورة وبكل جرأة عرض علي مبلغ خمسين ألف دينار وقال هذه هدية لك وشو بلزمك اعتبرني أخوك الصغير بس انت اتركني أنا أتفاهم مع الرجل وما عليك وهو سيبيعني في الآخر .. ونظر من نافذة المكان وقال ..هاي سيارة الباطون وصلت وبدنا نصب الطريق .. وكأني وافقت بنظره أو أنه مش سائل فيي ..!

يبدو أن الرجل لم يكن يعرف شيئا عني وعن بلادتي وعن بلاطة رأسي ، وأني من نوعية مختلفة تماما عما عرفهم ..

فقلت له وانا أهم بالخروج .. واضح انك ميخذ في حالك مقلب وما في أحد عرف يوقفك عند حدك..
عموما يوم السبت سيكون لي شغل معك ..
أما الباطون فعلى جثتي..

وافهمته بطريقة ما أنه سيتم سجنه ، وتركته بعد ان اتصلت بصديقي ورفيق الدرب مدير الشرطة الذي كان بيني وبينه علاقة من أيام الثورة وكنت أكن له كل محبة وكنت سعيدا بالعمل معه خاصة أنه تسلم حديثا بعد اللواء كمال رحمه الله
فجاء مسرعا ومعه عدد من رجال الشرطة وطلبت منه منع صب الباطون وإزالة شبكة الحديد وردم كل ما حصل من تجريف لأرض الرجل المظلوم

فكان إيجابيا إلى ابعد الحدود ووضع رجاله من الشرطة حول المكان وتحدث مع صاحب العمارة بكل صرامة وقوة .. أنه غير مسموح لك هذا ووو الخ

لم أكن أعلم ان ما جرى كان تمثيلا متفق عليه بين الرجلين .. وان العملية تمت وانتهت برشوة كبيرة .!

غادرت المكان وانا مطمئن ان كل شيء سيكون على على ما يرام يعني (حطيت ببطني بطيخة صيفي )
غادرت بيت لحم الى جنين لقضاء يوم الجمعة بين الأهل
وصباح يوم السبت وصلت مبنى المحافظة وانا سعيد لما حققته من إنجاز يوم الخميس
وإذا بالرجل صاحب البيت ينتظرني وهو يبكي ومنهار تماما ً

ذهبت معه الى المكان واذا بالطريق قد تم صبه بالباطون
ووضع سياج كحد فاصل دون اعتبار لحق صاحب الارض

اتصلت بمدير الشرطة قالو لي.. أنه في إجازة حاولت على مدار ساعات الإتصال به دون جدوى
وفي اليوم التالي تحدث معي وقال
شو ابو العبد انت بتسأل عني خير في شيء.!
قلت .. شو الي عملته يا فلان.. هيك عقرتني يا صديقي . !!؟

واذا به يقول لي.. يا أخ ابو العبد لا تشد على الموضوع الموضوع منتهي وفيه مصلحة للبلد والكل راضي
وصاحب العمارة بدو ينشط الإقتصاد في البلد
وسيبك من صاحب البيت هذا صار أمريكي ويا دوب بحكي عربي مكسر ، وانت مش ملاحظ أنه هو وأهله تاركين بيتهم والوطن ومهاجرين لأمريكا من أيام سفر برلك وبعدين شوف البيت آيل للسقوط .
ونحن لازم نشجع الاستثمار مش نجمد البلد علشان واحد بجمع دولارات في أمريكا..!.؟

كان يتحدث وانا أستجمع قواي وعقلي لا أصدق ما أسمع من حديث وهرطقات مقبوض ثمنها ، وفي نفس الوقت أحاول أن أضبط أعصابي لأنه بعيد عني ولا أستطيع أن أمسكه من زمارة رقبته..!

صرخت و قلت له .. إسمعني وقول لي بالله عليك كم قبضت يا عرص ..!!؟
قال.. الله يسامحك يا رجل انت بتعرفني أنا بقبض .!!

قلت … أنا بعرفك لما كنت فدائي ولكني ما بعرفك الان وانت حرامي ..
وأنا بصراحة بعد دخولنا للوطن بطلت أعرف شيء .. ولا قادر أستوعب شيء .. يا إلاهي كم أنتم سفلة يا صديقي.

قال ..له يا ابو العبد لا تتسرع أنا أخوك.. رووق روق واسمعني ، انت ليش هيك حنبلي..!
يا رجل انا بحبك وبدي مصلحتك وخلينا نتعاون مع بعض يا زلمة بحبحها الناس هون معهم مصاري بالهبل ..يعني حرام لو أخذنا حصتنا مقابل تضحياتنا .. روق ابو العبد الكل بيوخذ والناس معظمهم دفيعه وهل سمعت أحد يشتكي .. الكل بدفع وهو مبسوط ، لا وإذا ما أخذنا منهم بيزعلوا ، يا ابو العبد فتح عينك توكل ملبن .. يا رجل أنا صار لي شهرين فقط في بيت لحم صرت عارف كل مكامن المال وحك لي تا احك لك ..
يا ابو العبد هاي فرصة ما بتتعوض يعني حرام يصير معانا أكم ألف ، يا ابو العبد غيرنا صار معهم الملايين ..حط ايدك معي وشوف الدنيا كيف راح تضحك لك ..!؟
ابو العبد أنا بعرفك حر وشريف ولن تتغير ولكن مش غلط تستفيد ، وصدق إنك راح تظل لوحدك ومش راح تستفيد غير سواد الوجه والأمور هيك ماشية

صرخت .. وقلت كلام كثير أذكر منها يا لص يا حرامي يا مرتشي.. والله لا ابيع تاريخي بكل مال الدنيا

قسما بالله يا ما تظلك في البلد ..

وقسما اذا شفتك في بيت لحم قسما يا صديقي إلا أقتلك.!

ذهبت الى الرئيس ابو عمار رحمه الله وابلغته بالحكاية
واتصل بمدير عام الشرطة الجبالي وطلب منه نقله وفتح الخط سبيكر وطلب مني أن أتحدث معه
بالفعل شرحت له الموضوع
في بداية الامر رفض وقال ..شو هو انت يا منذر باشا بدك نفصل لك مدير شرطة على كيفك
( كان بالفعل في سابقة قبل ذلك انه تم نقل من سبقه الله يرحمه بسبب ضربه لدكتور جامعة في بيت ساحور )

قلت للرئيس وعلى مسمع من مدير الشرطه على الهاتف
يا سيادة الرئيس .. من الان انا بقول لك ..يا أنا يا هو..!
فقال مدير الشرطه .. لا هو والله والنبي معك
فقال أبو عمار . عالعموم انا بحل الموضوع خلاص

قلت يا سيادة الرئيس الموضوع واضح وضوح الشمس وأنا لن أتعامل معه ولن أقبله معي في المحافظة تحت أي ظرف ..
( إما أنا أو هو )..!!!

وبالفعل لم يعد لبيت لحم نهائيا وتم نقله الى جنين للأسف !
ولا أذكر ماذا حدث في موضوع البيت لان أحداثا كثيرة ورهيبة حدثت بعد ذلك تدرجت حتى تم إقصائي وإنهاء عملي في بيت لحم

المهم في الحكاية .. بعد سنوات ربما أربعة ..
وقع الرجل في شر أعماله وقد أساء التصرف مما كانت القشة التي قصمته
في قضية لمجموعة من الموقوفين على قضية قتل وتم تهريب أحدهم من السجن.. وعلى ما يبدو أنهم اكتشفوا انه هو من ساعد في ذلك .
فدخل أحدهم اليه في مكتبه واطلق من رشاشه اثنا عشرة رصاصة أصابته في أنحاء مختلفة في جسده ونقل الى المسشفى بين الحياة والموت وفي حالة خطرة..
وقد نشر بيان من الجهة التي قامت بذلك كتبوا عنه ما يندي الجبين ..
وظل مقعدا يعاني من آثار الرصاص في جسده مدة طويلة . وعلمت أن نفسيته تحطمت تماما ..

بعد أشهر قليلة وعرفت انه في أحد المستشفيات ذهبت الى السوق واشتريت كتاب عنوانه (مائة طريق الى التوبة )
دخلت غرفته فوجدته نائما وضعت الكتاب عند رأسه وخرجت
كتبت على غلاف الكتاب التالي ..

أهديك هذا الكتاب الذي فيه مائة طريق للتوبة
علما أني كنت قد هديتك الى الطريق قبل سنوات
إلا أنك بقيت مصرا على ضلالك وظلمك لنفسك
الان هل سينفعل المال الحرااااااام..!
(وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم الظالمون)
هذه فرصة منحها الله تعالى لك.. لعلك تنجو..!؟

Image may contain: 2 people, people sitting and outdoor

قد يعجبك ايضا