أسد البنغال سيف الله أعظم بين يدي الله نداء إلى جلالة الملك عبدالله الثاني / د. حسين عمر توقه




د. حسين عمر توقه ( الأردن ) – السبت 20/6/2020 م …

نداء إلى جلالة الملك عبد الله ابن الحسين القائد الأعلى للجيش العربي  بعد أن نعى كل الشرفاء  أسد البنغال الطيار المقاتل سيف الله أعظم  الذي دافع عن السماء العربية وعن كرامة الأمة وحطم أسطورة الطيار الإسرائيلي الذي لا يقهر فأسقط بطائرته الهوكر هنتر  الأردنية ثلاث طائرات إسرائيلية وأصاب طائرة رابعة لم يتم التأكد من سقوطها .

أرجو منكم يا جلالة الملك المعظم وأنتم إبن الطيار الملك الإنسان الحسين رحمه الله بإسم كل من حارب في حرب 1967 وبإسم زملاء سيف الله أعظم إصدار توجيهكم السامي من أجل تسمية قاعدة جوية أردنية بإسم أسد البنغال الطيار المقاتل سيف الله أعظم رحمه الله .  وإن كانت كل القواعد الجوية تحمل أسماء فهناك قاعدة رادار عجلون الجوية وقاعدة رادار التل الأصفر الجوية .

فالوفاء لذكرى هذا البطل العطرة هو واجب وطني نقدمه لهذه الأيقونة التي انتقلت إلى رحمته تعالى  وهي الآن بين يدي الله  راضية مرضية  .

لقد نعت كل الصحف العربية والدولية ووكالات الأنباء وفاة الطيار المقاتل سيف الله أعظم  القناص الذي أسقط ثلاث طائرات إسرائيلية الواحدة تلو الأخرى  فوق السماء الأردنية والسماء العراقية في حرب عام 1967 .

 لقد طالع سيرته الملايين من الشرق إلى الغرب   فهو من مواليد  بابنا في أقصى شرق الهند عام 1941  والتي تعرف الآن ببنغلاديش ولكنه نشأ في كالكتا وبعد قرار التقسيم عام 1947 حيث تم تقسيم الهند إلى دولتين دولة باكستان الشرقية وباكستان الغربية ودولة الهند . وبعد قرار التقسيم انتقل مع عائلته إلى الباكستان حيث التحق بأكاديمية القوات الجوية في الباكستان عام 1958 ليتخرج طيارا حربيا . وتم إرساله  عام 1963 إلى قاعدة جوية أمريكية في ولاية أريزونا  في بعثة تدريبية على قيادة طائرة  إف-86 سابر وعاد إلى بلاده  ليعمل مدربا للطيران في قاعدة موريبور الباكستانية وفي عام 1965 شارك في الحرب  الباكستانية الهندية ضمن السرب السابع عشر ونجح في تنفيذ هجمات ضد أهداف هندية  ولمع إسمه   حين حاصرته طائرتان هنديتان  أسقط إحداها  وعاد إلى قاعدته الجوية بسلام وبعد الحرب تمت ترقيته قائدا للسرب الثاني  في سلاح الجو الباكستاني .

وفي نهاية عام 1966 تمت إعارته من سلاح الجو الباكستاني  إلى سلاح الجو الملكي الأردني هو والطيار المقاتل  محمد سرور شاد  حيث تدربا  على قيادة طائرة الهوكر هنتر  التي كانت  الطائرة الأساسية لسلاح الجو الملكي الأردني في ذلك الوقت .

ومنذ اللحظات الأولى لحرب 1967 تمكن  صقور الجو الملكي الأردني من شن غاراتهم في العمق الإسرائيلي حيث استشهد الأسد الأردني فراس العجلوني  “أول طيار عربي أردني استطاع إختراق الأجواء الإسرائيلية” حيث قام في غارته الأولى بقصف قاعدة نتانيا الجوية الإسرائيلية حسب الإحداثيات التي حددتها القيادة العربية الموحدة . وبينما كان في طائرته على أهبة الإستعداد  للإنطلاق فوق المدرج في قاعدة المفرق للقيام بعملية هجوم ثانية فاجأته الطائرات الإسرائيلية بصواريخها بينما تمكن الطيار محمد الشياب من القفز من طائرته ليتحصن في أحد الخنادق الأرضية   حيث تم تدمير جميع الطائرات في القاعدة وحرق هنجر الذخيرة وتدمير برج المراقبة بالإضافة إلى استهداف مدرج المطار من أجل تحييده .

هناك أبطال نعتز بهم من صقور سلاح الجو الملكي الأردني اشتبكوا مع العدو الإسرائيلي ولكنني لن أذكر شيئا مما حققوه  لأنني قد خصصت هذا المقال للبطل الطيار المقاتل أسد الله أعظم فأرجو منهم المعذرة .

كما أن هناك بعض الجنود المجهولين الذين ساهموا بتدريب صقور الجو الأردني ومن ضمن هؤلاء الجنود المجهولين الطيار الباكستاني المقاتل  أنور حميد وهو طيار متميز  بالقتال الجوي وضرب الأهداف الأرضية حيث قام بصقل موهبة الطيارين الأردنيين ورفع مستوى أدائهم إلى درجة الإمتياز  لا سيما في تطبيقات العمليات القتالية .

بتاريخ 5/6/1967 تم تقسيم  الطيارين الأردنيين إلى مجموعتين  المجموعة الأولى  تقوم بواجب ضرب الأهداف في العمق الإٍسرائيلي   بقيادة  الشهيد فراس  والمجموعة الثانية تقوم بحماية الأهداف الإستراتيجية والقواعد الجوية الأردنية

 لقد تعرضت القواعد الجوية الأردنية إلى غارات إسرائيلية من قبل سلاح الجو الإسرائيلي بعد الإنتهاء من تنفيذ مهامهم في الأجواء المصرية ولقد أخبرني الفريق الطيار المتقاعد إحسان شردم أحد الصقور الذين شاركوا سيف الله أعظم في الدفاع عن سماء الأردن أنه كان  ضمن تشكيل من أربع طائرات هوكر هنتر سيف الله أعظم  ووصفي عماري وحنا النجار وإحسان شردم حيث تمكن سيف الله أعظم من إسقاط طائرة إسرائيلية من نوع فوتور  فرنسية الصنع  سقطت في منطقة المفرق . ولقد انتشر خبر تصاعد الدخان من طائرة إسرائيلية  ثانية توجهت نحو الأراضي  الإسرائيلية  المحتلة كما تم في ذات الإشتباك إسقاط طائرة الطيار المقاتل وصفي عماري فوق سوف وجرش  وتمكنت الطائرات الثلاث من الهبوط في مطار ماركا حيث أصيب الطيار المقاتل حنا النجار في يده  لأن قاعدة المفرق في تلك الأثناء  كانت تتعرض إلى غارات جوية إسرائيلية . في اليوم الأول لحرب 1967 وبعد قيام كل من سيف الله أعظم وإحسان شردم وحنا النجار بالهبوط في مطار ماركا  تم تدمير الطائرات من قبل الطيران الإسرائيلي ولقد قام كل من سيف الله أعظم وإحسان شردم بزيارة الطيار المقاتل الباكستاني  محمد سرور شاد الذي كان يرقد في أحد أسرة  مستشفى ماركا العسكري ( المستشفى الرئيسي )  بعد أن أجريت له عملية إستئصال الزائدة  كانت الدموع تنهمر من عينيه وكان يبكي لأنه لم يشارك زملاءه شرف الدفاع عن الوطن وعن الأمة .

ولقد قام جلالة المغفور له الملك الحسين رحمه الله بإصطحاب كل من الطيار المقاتل سيف الله أعظم والطيار المقاتل إحسان شردم معه  في زيارة مفاجئة لقاعدة المفرق الجوية حيث كان في استقباله  قائد القاعدة خالد محمد علي رحمه الله وجميع الطيارين وكوادر القاعدة من مختلف الرتب ولقد أصدر الملك الحسين توجيهه الملكي بأن يقوم كل الطيارين المقاتلين الأردنيين بالتوجه فجرا إلى قاعدة الحبانية في العراق ومن ضمنهم الطيار المقاتل سيف الله أعظم حيث استقلوا حافلة عسكرية واتجهوا نحو قاعدة الحبانية في العراق وكان تعدادهم 13 طيار مقاتل .

ولقد اشترك الطيارون الأردنيون وأخوانهم الطيارون  الأبطال العراقيون في التصدي للطائرات الإسرائيلية في معركة تعرف بإسم معركة H3 (ه3)العراقية  حيث قامت  ثماني طائرات إسرائيلية 4 منها من نوع ميراج و4 طائرات من نوع فوتور بمهاجمة القاعدة الجوية  ولكن الفريق العراقي الأردني بقيادة  الطيار العراقي المقاتل  سمير زينل  الذي تمكن من إسقاط طائرتين إسرائيليتين  والشهيد الطيار العراقي المقاتل غالب كمونه  والطيار المقاتل سيف الله أعظم والطيار المقاتل إحسان شردم حيث تمكن سيف الله أعظم من تدمير طائرتين إسرائيليتين  إحداهما طائرة ميراج الفرنسية الصنع والثانية من نوع فوتور الفرنسية  وكان يردد بأعلى صوته وهو يخاطب إحسان شردم “لقد حلمت بأنني سٍوف أدمر طائرة ميراج إسرائيلية”  وحقق الله حلمه وكانت هاتان الطائرتان تتفوقان  من النواحي التكنولوجية والتكتيكية والفنية على طائرات الهوكر هنتر الأردنية .  كما  تم تكليف مجموعة عراقية أردنية ثانية بمهمة الهجوم على أهداف إسرائيلية تحت قيادة الطيار المقاتل فهد السعدون والطيار المقاتل العراقي  نجدت النقيب والطيار المقاتل فاروق عابدين والطيار المقاتل جاسر زياد وبينما كانت هذه المجموعة تستعد إلى الإنطلاق تعرضت القاعدة إلى الغارات الإسرائيلية  فنزلوا من طائراتهم ولقد أخبرني الطيار المقاتل فاروق عابدين أنهم شاهدوا أحد الطيارين الإسرائيليين وهو يقفز بمظلته  ويتبعه طيار إسرائيلي آخر  وركض الطيار فاروق عابدين باتجاه الطيار الإسرائيلي والذي كان من هنغاريا وتبعته مجموعة من الضباط والجنود العراقيين حيث تم إلقاء القبض على الطيارين الإسرائيليين وتم استبدالهما فيما بعد بأسرى اردنيين .

دخل إسم سيف الله أعظم في تاريخ الحرب العربية الإسرائيلية  الطيار الذي أسقط ثلاث طائرات إسرائيلية  وطائرة رابعة لم يتم تأكيد سقوطها خلال 72 ساعة وهو رقم قياسي لم يتمكن من تحطيمه أي طيار عربي .

إن الخسائر التي تكبدها سلاح الجو الإسرائيلي  في معاركه في الأردن والعراق تقدر ما بين 10 إلى 12 طائرة وهي خسارة كبيرة  بسبب البطل سيف الله أعظم  والبطل سمير زينل بالإضافة إلى أبطال وصقور سلاح الجو الملكي الأردني  .

بعد إستقلال باكستان الشرقية عن باكستان الغربية  عام 1971 تم تعيين  سيف الله أعظم مديرا لأمن الطيران في سلاح الجو البنغالي  ثم  تمت ترقيته مديرا للعمليات   وقائدا لقاعدة دكا  الجوية عام 1977 وأحيل على التقاعد   عام 1980  ثم تم تعيينه  مديرا لهيئة الطيران المدني  البنغالية لفترتين  . وبعدها تم إنتخابه عضوا في البرلمان  البنغالي  بين عامي 1991 وعام 1996 .

لقد قام سلاح الجو الأمريكي في عام 2000 بتضمين إسمه في قائمة أفضل 22 طيار مقاتل على قيد الحياة ” قائمة النسور الأحياء “

لقد غطت صدر سيف الله أعظم  الكثير الكثير من نوط الشجاعة وأوسمة الإقدام العسكري من الكثير من الدول فهل هو بالكثير على شعب الأردن أن نطالب بتسمية إحدى القواعد الجوية الأردنية بإسم بطل حرب 1967 وفاء لهذه الذكرى العطرة  لأسد  البنغال الطيار المقاتل سيف الله أعظم.

* باحث في الدراسات الإستراتيجية والأمن القومي

 

 

 

قد يعجبك ايضا