الشاعر أبو يعرب والإبداع المتجدد في قصيدته: وما أدراك ما كورونا / نايف عبوش

عصرنة صاخبة.. وحياة مكتظة بانشغالات فارغة.. نايف عبوش - البيادر ...
نايف عبوش ( العراق ) – الأحد 24 / أيار ( مايو ) / 2020 م …



لعل من بين تميز به الشاعر الكبير ابو يعرب، هو الموهبة المتوقدة ،بفضل ما أوتي من خيال خصب ،وملكة إبداعية متميزة، وثقافة شمولية. ولذلك تحظى ابداعاته الشعرية، بتداول واسع بين الجمهور، نقادا، ومتلقين.
فمع انه اعتاد أن يستلهم في نظمه ، معطيات الماضي، في بعديه الاجتماعي، والتراثي بتلقائية واضحة ، إلا أنه استطاع أن يوفّق في نفس الوقت، بين منحاه التقليدي في النظم، في كل فنون الشعر المعروفة ، وبين متطلبات معطيات الحداثة والمعاصرة ،بما تشكله من تحديات كبيرة في وجه الشاعر، بسبب سرعة توالي مستجداتها، وصعوبة ملاحقتها، واستحالة الإحاطة بكل جوانبها،لاسيما وأنه، كما هو معروف، من جيل الشعراء التقليديين، الذي تطبعوا على أسلوب نظم، له سياقاته المستقرة نسبياً.
ولا غرابة في ذلك.. فالشاعر أبو يعرب، الذي نجح في التوفيق في انثيالاته الشعرية، بين متطلبات تقليدية نهجه، في نظم شعره ، وبين تحديات حداثة العصر ،قد جسد حقاً، توقد طاقة الشاعر نتاج القرية،وابن الديرة، الذي عايش كل تفاصيل حياتها، وظل منشدا، لجذور نشأته الريفية،باعتباره من جيل الرواد الأوائل ، عندما تطلع إلى الحداثة،وخاض غمار الانفتاح على معطياتها، والتفاعل معها بنجاح، رغم كل مارافق ذلك الانفتاح من معاناة، وصعوبات، بسبب طبيعة قالب التشكل الاجتماعي، والثقافي، والأدبي، للشاعر الكبير، والأديب الفحل ابو يعرب .
ولعل ما تقدم من معطيات إيجابية ، هو ما جعل الشاعر أبا يعرب، وهو ما يزال يقرض الشعر،ويواكب بجدارة واقتدار معطيات التطور، ويتفاعل معها نظما ، يحظى باحترام الجميع، نقادا، وجمهورا، وفي المقدمة منهم الدكتور إبراهيم العلاف، الذي تصدى للكتابة عن القصيدة، بتفصيل مهني، وادبي رائع جداً.
وها هو الشاعر الكبير ابو يعرب يبادر، وباقتراح من الأستاذ الدكتور إبراهيم العلاف، إلى نظم قصيدته العصماء( وما أدراك ما كورونا )، التي تناولت التعاطي ببلاغة، واقتدار مع مفردات جائحة فايروس كورونا المستجد،التي اجتاحت العالم مؤخراً، وعطلت حركة الحياة اليومية، أو كادت، لتتناول تصوير تداعياتها، وما تركته من هلع، وفزع بين الناس، بتفصيل يعكس بلاغته، واقتداره الإبداعي في تشكيل تلك الصور .
ولعل بإمكان المتلقي أن يتحسس جمال الصور، ويستمتع بروعة تشكيلها الشعري،بشكل مباشر، من خلال قراءته المرهفة للقصيدة، والتمعن في مضامينها، وصولاً إلى استنباط دلالاتها التعبيرية. وادناه نص قصيدة الشاعر أبو يعرب، تحقيقا لهذا الغرض :
وما أدراك ما كورونا
الشاعر إبراهيم علي الجبوري أبو يعرب
ندعو القدير بهذه الأيام ***** أن تستمر حياتنا بسلام ِ
فمصائب الفيروس عم بلاؤها ***** فالناس بين الخوف والأوهام
ووباء كورونا تفرعن بل طغى ***** والكل في هرج ودون محامي
فالصين عانت والفرنجة مثلهم ***** فكأنهم ذبحوا بغير حسام
والناس في سجن البيوت ***** وجلهم متحير من هذه الألغام
فالأم حائرة لأجل وليدها ***** والطب حار بهذه الآلام
وجميعنا في محنة وبحيرة ***** لم ندع غير الواحد العلام ِ
ووباء كورونا تنمر بل بغى ***** هاذا الوباء مقطع الأرحام
يجري كأفراس السباق سريعة ***** ويجول في الدنيا بغير لجام
فخذو بنصح العارفين بكنهه ***** وثقوا بأهل الطب والإعلام
وإذا أخذتم بالنصائح فارجعو ***** لله حافظنا بكل مقام
يارب انت إلهنا وملاذنا ***** رفقا بنا وبأمة الاسلام
وكذاك أقوام المسيح وغيرهم ***** لا فرق بين مشارب الأقوام
واقول للعلاف أنت منارنا ***** وبصمة بالوسطى وبالإبهام
وابوبشير قال في تغريدة ***** اهديك يا علاف خير كلامي
لبيك يا علاف حين نصحتني ***** فلأنت بحر في النصيحة طامي
فأكتب حسين قصيدتي بتمعن ***** أنتَ الرجاء بهذه الأعوام
رُحماك ربي قال والد يعرب ***** من هذه الأمراض والأسقام .

قد يعجبك ايضا