الأردن العربي – الإثنين 23/3/2020 م …

وُجد السجّان السابق في سجن الخيام أيام الإحتلال الإسرائيلي انطوان يوسف الحايك جثة في متجره في المية ومية بعدما أصيب برصاصتين في رأسه كدليلٍ على العملية الأمنية لإغتياله. ولا دليل على مَن قتله ولن يظهر أي دليل سوى رسالة واحدة واضحة: إذا أردتُم التعاطي مع ملف العملاء الإسرائيليين بهذه الطريقة (أي إطلاق سراح العميل عامر الفاخوري وإخراجه بالقوة النفسية وبالضغط وتسليمه للسفارة الأميركية لتهريبه خارج البلاد) فأنتم الخاسرون لأن الأهداف متوافرة. فماذا خلف هذا الإغتيال؟ ترعرع أنطوان الحايك (58 عاماً) في منطقة شرق صيدا ودَخَلَ سلك الشرطة حتى وصل إلى رتبة معاون أول. إلا إنه إنضم خلال الإجتياح الإسرائيلي للبنان العام 1982 إلى العميل عامر الفاخوري وعمل تحت أمرته في معتقل الخيام، وقد إتُهم بمشاركته بقمع إنتفاضة المعتقل في 25/11/1989 حيث ألقى قنبلة دخانية داخل زنزانة تسبّبت بمقتل المعتقلين بلال السمان وإبراهيم أبو العز.

وقد عُرف الحايك بأسماء عدة منها “خط الـ66” نسبة إلى التوتر العالي 66 وهوايته بكهْربة المعتقلين أثناء تعذيبهم. وعُرف أيضاً بمنعه الصليب الأحمر والمنظمات الإنسانية بزيارة معتل الخيام. وفي العام 2001 حكمت المحكمة العسكرية اللبنانية بعقوبة السجن لمدة عشر سنوات للعميل الحايك بعد إدانته بجرم التجنّد في ميليشيا لحد وتعذيبه المعتقلين. وقد حصل تفاهم بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” بحضور السيد حسن نصرالله والعماد ميشال عون العام 2006 على طي ملف العملاء (البند السادس في إتفاق مار مخايل) وعدم تَعَرُّض حزب الله لعملاء إسرائيل المسيحيين الذين عملوا مع الإحتلال. فماذا حصل ومَن خَرَقَ الإتفاقية؟ وتقول مصادر قريبة من “محور المقاومة” إن “التعامل مع قضية العميل عامر الفاخوري تَسبّبت بخرق إتفاق مار مخايل، فإذا أراد الفريق الذي حمى المسيحيين المتعاونين مع إسرائيل أن يحافظ على الإتفاق كان عليه ألا يوجه قيادة الجيش وبالتحديد قائد الجيش جوزيف عون للضغط على رئيس المحكمة العسكرية العميد الركن حسين عبدالله الذي رضخ – بعد أن وعد بألا يستمع إلى الضغوط القوية التي يتعرض لها – وأفرج عن العميل عامر الفاخوري”.

وتقول مصادر محور المقاومة “إن العميد حسين العبد الله هو أحد الأسباب، إلا أن السبب الرئيسي يكمن في مَن يريد مراعاة السفارة الأميركية والرضوخ لضغوطها. فقيادة الجيش تستقبل الأميركي وتنصاع لطلباته خوفاً على المساعدات العسكرية التي يتلقاها الجيش. ولنقُم بتفنيد هذه المساعدة: لماذا يحتاج العسكري على حاجز للجيش اللبناني لبندقية الـM4 التي تأتي من أميركا وليس للكلاشنيكوف أو الـ M16 الموجودتان بكثرة في مخازن الجيش عندما يقتصر عمل الحواجز على الأمن الداخلي ليس إلا؟

لماذا نرضخ لمساعدات الجيش من أميركا عندما تتسلّم قيادة الجيش 12 صاروخ هيل – فاير لا يستطيع إستخدامها لقتْل أمير القاعدة أبو مالك التلي – فقط لأن إستمراريته ضرورية لمحاربة المقاومة – إلا بأمرِ الملحق العسكري الأميركي؟ لا يمكن بناء مجتمع مُقاوِم والأميركي يسرح ويمرح ويستطيع إرسال طائرة لخرق السيادة اللبنانية وإخراج عميلٍ بطرق غير شرعية ومن دون إخطار القادة اللبنانيين”. وتتساءل المصادر: “إن مساعدات أميركا للجيش اللبناني تُضرب بأضعاف أضعاف سعرها الأساسي دون أن يتمكّن الجيش من الوصول إلى قدرة قتالية معتبَرة.

فالأمن في لبنان وحفْظه هو أمن سياسي وليس بالقدرة القتالية، وبالتالي فإن الدورات العسكرية التي يخضع لها ضباط الجيش اللبناني هي باب للمنفعة والـprestige وليس للإستفادة منها في لبنان ضدّ العدو لأن لبنان غير مهيأ لمحاربة إسرائيل وليس مسموحاً له بذلك”. وتختم المصادر: “ماذا فعلتْ أميركا للبنان ليرضخ لطلباتها؟ هل أنقذت الإقتصاد اللبناني؟ هل ساعدت لبنان إقتصادياً ودعمتْه للخروج من المأزق المالي؟ كل ما تفعله أميركا هو فرْض عقوبات على لبنانيين.

وخط “محور المقاومة” كلّه تحت العقوبات الأميركية، ولماذا على هذا المحور الرضوخ لأميركا كما فعلت قيادة الجيش وقائدها أو السياسيون المنفذون في الدولة اللبنانية؟ لا توجد روح وطنية في لبنان ما دام القرار السياسي يخضع لمشيئة المسؤولين غير اللبنانيين ومصالحهم في لبنان. ان حزب الله أخطأ كثيراً لأنه لم يستثمر قوته بالتغيير السياسي ومنْع التبعية لأميركا وغيرها. لقد تحوّل اليوم الخصم في لبنان إلى عدو ويجب إعادة صوغ الدستور وليأخذ كل طرف حجمه الحقيقي. فلا إستثمار لمكتسبات المقاومة ولن يصبح ممكناً بناء مجتمع مقاوم والأميركي يفعل ما يشاء وكذلك حلفاؤه في المنطقة وفي لبنان”.