المحامي محمد احمد الروسان يكتب: روسيّا الخارجة من سورية… هي روسيّا الغارقة عندّ عتبتها الأوكرانية … الفالقة السورية والصرف السياسي لناتج واقع الميدان السوري

كتب المحامي محمد احمد الروسان* ( الأردن ) – السبت 7/3/2020 م …




*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية

أوكرانيا هي عتبة البيت الروسي نعم، وهذا صحيح الواقع وعلم الرياضيات السياسية، وليس من الحكمة بمكان أن يقاتل العدو الغربي والأمريكي على العتبة البيتيّة، لأنّه هنا صار داخل البيت فتمّ ويتم مقاتلته داخل عقره وحدائقه الخلفية، عبر تعزيز وبناءات جديدة للقواعد العسكرية الروسية في سورية و كوبا، وحتى لا يتم الأستفراد بالأولى واسقاط نسقها السياسي ورئيسه الشرعي بشّار الأسد، ولا يصار الى اختطاف الثانية أمريكيّاً بعد عودة العلاقات الكوبية الأمريكية وان كانت ليست بالعمق، وفي فنزويلا ونيكاراغوا وفيتنام أيضاً، والآن في أرمينيا خاصة وبعد الأستعصاء السياسي حتّى اللحظة في الفالقة الأستراتيجية السورية، فمحور واشنطن تل أبيب ومن ارتبط به من غرب وبعض عرب متصهين واهم ومخادع عرض المعادلة التالية بكل بساطة: سورية مقابل أوكرانيا فتمّ الرفض الروسي(بلا)روسيّة بحجم العالم، مع دخول روسي عسكري شرعي في سورية لتطهير جلّ الجغرافيا السورية من زبالة الأرهاب المدخل، حيث الموقف الروسي قائم على رؤية بعيدة المدى واستراتيجية دقيقة متماسكة وحسابات علم الرياضيات السياسية، حيث أوكرانيا لا تشكل سوى جزء ومهم ولكنه محدد، حيث المشتركات بين الحدث السوري والحدث الأوكراني في الجغرافيا والأستراتيجيا. نعم الوجود العسكري الروسي الفاعل على الشاطىء السوري وفي داخل الجغرافيا السورية، يمثل حالة التوازن مع الوجود الأطلسي في تركيا، بل لكسر هذا الحاجز التركي الأطلسي الذي أريد له أن يشكل مانعاً من تدفقات الوجود الروسي في جنوب تركيا(الناتو الآن يتهدده خطرين، واحد في الشرق حيث الوجود العسكري الروسي على الشاطىء السوري وفي كل الجغرافيا السورية، والأخر في جنوب تركيا حيث الأرهاب وكلاهما يجتمعان في الداخل التركي، لذا أنقرة أكثر دولة من دول الناتو انكشافاً أمنيّاً)، وبالتالي واهمون وسذّج من يعتقدون أنّ الوجود العسكري الروسي الفاعل في سورية وعلى الساحل في طرطوس، هو وجود ثانوي نسبة الى حضورها في شبه جزيرة القرم، فروسيّا الخارجة من سورية هي روسيّا الغارقة عندّ عتبتها الأوكرانية، وهي روسيّا المقفل في وجهها بحرها الأسود(رئتها)، باختصار روسيّا الخارجة من سورية كما يريد المحور الصهيوني الأمريكي الغربي البعض العربي الواهم والمخادع، يعني روسيّا الخاسرة لمصالحها الأستراتيجية والفوق الأستراتيجية، كون جوهر معركة موسكو ليس في أوكرانيا بل في سورية، والأخيرة هي جوهر الفكرة وبالتالي هي المعركة الكبرى والأولى( أي المعركة في أوكرانيا)هي ثغرة صغيرة ولكنها مهمة. روسيّا نجحت بتمنهج في جعل عنوان النسق السياسي السوري العقدة والحل معاً، لا بل وعقدة الحل نفسه حفاظاً على الأمن والسلم الدوليين، ونكايةً بالطرف الخارجي بالحدث السوري من أمريكيين وبريطانيين وفرنسيين وبعض العرب، والروس أرسوا توازناً دقيقاً حال وما زال يحول دون تدخل عسكري خارجي في سورية بشكل شامل وبمعنى الحرب التقليدية، كما يحول دون سقوط الرئيس الأسد واخراجه كرهاً أو حبّاً، من أتونات المعادلة السورية الوطنية، إن لجهة المحلي وتعقيداته، وان لجهة الإقليمي وتداعياته ومخاطره، وان لجهة الدولي واحتقاناته وتعطيله وأثاره على الأزمة الاقتصادية العالمية، وبالتالي أثاره على نسب النمو الاقتصادي واستعادة المنظومة الاقتصادية الأممية لعافيتها، بعد أزمة الرهن العقاري وارتباطاتها في الولايات المتحدة الأمريكية – شرارة وجوهر الأزمة الاقتصادية الأممية. كما نجحت موسكو وبقوّة بأن جعلت الأسد ونسقه السياسي طرفاً رئيسياً في التسوية، وان بقاء الأسد ونسقه ليس فقط ثمناً من أثمان مسألة التسوية الكيميائية السورية في حينه، كما يظن السذّج من الساسة والذين تمطى رقابهم كالعوام، بل أنّ الرئيس الأسد وموضوعة بقائه صارت بفعل الدبلوماسية الروسية الفاعلة والجادة، خارج دائرة التفاوض والمساومة ومسألة خارج النقاش بالنسبة لموسكو وإيران ودول البريكس، والشعب السوري وحده يقرر مصيره وعبر صناديق الأقتراع، أمّا بقاء الجيش السوري العقائدي لا يقرر يا بعض المعارضات السورية، التي ما أبقت فرجّاً بالعالم الاّ ونامت تحته، لتدمير سورية لكي تعود تحكم ولو على رماد، فمصير الجيش السوري البطل، لا يقرر عبر صناديق الأقتراع أو عبر قرار من مجلس الأمن، فهو لا يقاتل عن قصر المهاجرين بل عن كل الوطن السوري الطبيعي، وقومية هذا الجيش العقائدي السوري هو ما يؤذي وجود ثكنة المرتزقة “اسرائيل”، لذلك ذهبت ما سميت بوثيقة واشنطن للحل في سورية(هناك محاولات أمريكية وبعض عربية على احيائها من جديد، لغايات تعطيل الحل السياسي في سورية بعد انجازات الجيش العربي السوري في معارك الشمال ونحو قلب ادلب)، الى اضعاف المركز في دمشق، وتوزيع صلاحيات الحكومة على حكومات محلية مناطقية ضيقة، للتمهيد لتقسيم سورية كل سورية، ووضعها تحت انتداب أممي، هذه الوثيقة التي كتبت بعقل عبري صهيوني خبيث لا تساوي شروى نقير، اشترك بصياغتها بعض غلمان وفتيان الموساد الأسرائيلي في بعض الساحات العربية المنبطحة والمتساوقة مع الامريكي والصهيوني، مع كل أسف وحصرة، وهي ورقة اللاّ – ورقة دبلوماسيّاً، وسياسيّاً لشطب تفاعلات التفاهمات الروسية الايرانية التركية وشطب أستانا، وتؤشّر وثيقة المؤامرة الأمريكية هذه، التي اشترك بوضعها فتيان الموساد في بعض ساحاتنا العربية، أنّ هناك ثمة مشروع امبريالي صهيوني يحاول تعهير كل شيء سام وتأجيج سعار الفوضى الأيديولوجية في العالم، ونشر الدمار في سورية ومنطقتنا العربية، تريد أن تجعل من أطراف سورية جيوب جغرافية متقيحة عفنة عبر حكومات محلية مناطقية ضيقة، تنتزع صلاحيات الحكومة المركزية في دمشق، وثيقة سخيفة وتؤكد على بلاهة ووقاحة سياسية، وتؤكد أنّ واشنطن دي سي ما زالت تنفذ أجندات عسكرية في سورية لتقويض العملية السياسية ولأطالة أمد الحرب في سوريتنا، يحاولون اعادة طرحها بعيداً عن الاعلام أحياناً، وتلميحاً أحياناً أخرى، طرحوها في السر من جديد وتناقش، لشطب أي تفاهم روسي سوري تركي حول ادلب الأن، عشية لقاء اردوغان بوتين حول ادلب لأضعافه لجهة النتائج والتي جاءت قاتلة لأردوغان وتهديداته قبل اللقاء، عبر اجراء حوار حولها. انّ أبلغ تعريف للديمقراطية في عالمنا العربي هو دور ما تسمى بقوّات سورية الديمقراطية(ثمة عارية في الشمال السوري تمارس البغاء السياسي مع الأمريكي وغيره، وهي أساساً تمارس ليبرالية الجسد، وثمة شعرة تفصل بين الوقاحة والصراحة)، والتي هي ليست بقوّات ولا سورية ولا ديمقراطية بل ميليشيا عسكرية، وهم عملاء ومرتزقة في الدور، هذا هو تعريف الديمقراطية في عالمنا العربي المنتهك شرفه وعرضه، بفعل بعض أبنائه المسيطرون على مفاصل قراره وخيراته المالية والأقتصادية، وبلا شك هناك بعض كرد سوريين، هم من الصهاينة – تروتسك صهيوني من القشرتين السياسية والثقافية والطبقة الكمبرادورية والمتخلفة القبائلية، وهناك مثلهم من السوريين العرب بل وأخطر منهم، وكما قلت أنفاً عنهم: لم يتركوا فرجّاً الاّ وناموا تحته، ليهدموا ويدمروا سورية ويعودوا حكّاماً ولو على رماد، فاذا كان بعض الكرد يحاولون اغتصاب جزء من سورية، فانّ ما تسمى بالمعارضات السورية تحاول الذهاب بكل سورية. الدور القومي والوطني للجيش العربي السوري العقائدي، هو ما يقلق بل يزلزل مضاجع ثكنة المرتزقة “اسرائيل” ملكة جمال الكون، ووصيفاتها من بعض الساحات الخليجية والعربية، فقومية الجيش العربي السوري المترسّخة في عقيدته، هي هدف استراتيجي لثكنة المرتزقه هذه، ومن يسعى لعلاقات رأسيه وعرضية معها(أي ثكنة المرتزقة)من بعض عربنا الذي لا يملك معاهدات معها، ان كان سرّاً وان كان علناً، بوجود عارض الأزياء يوسي كوهين مهندس استعادة حرارة العلاقات مع بعض الساحات والدول، ان كانت عربية، وان كانت غير عربية ولكنها اسلامية في ظاهرها وعلمانية في عمقها. كذلك قومية الجيش العربي الأردني وقومية الجيش المصري، وقومية الجيش الجزائري وقومية الجيش اللبناني وبعض الجيوش العربية الأخرى، هي أهداف لثكنة المرتزقة “اسرائيل” تسعى لتحطيمها ولو بعد حين، عبر تحويلها الى جيوش وطنية قطرية ضيقة محصورة بالجغرافيا السياسية، وحسب ترسيمات سايكس اللعين وبيكو الخبيث، وان كانت عمّان والقاهرة أبرمتا معاهدات في مرحلة ما مع ثكنة المرتزقة والبلاك ووتر هذه، لكن عقيدة الجيشان لم تتغيّر، وقوميتهما كذلك رغم مرور سنين، ورغم التنسيق الأمني بمستويات مختلفة. بعض شخصيات المعارضة السورية في الخارج السوري وفي الداخل السوري وعلى حد سواء(لا أريد تسميتها لأنّها معروفة للجميع)، تسعى وبايعاز من أمريكا وبعض العواصم الغربية والعربية، وثكنة المرتزقة والبلاك ووتر”اسرائيل”، الى استبدال عقيدة الجيش العربي السوري العقائدي، عبر تحويله الى جيش وطني قطري ضيق، جيش طائفي لا يرقى الى مستوى مجموعات شرطية لا علاقة لها بالوطن السوري، فما يغيض ثكنة المرتزقة ثكنة بلاك ووتر، هو قومية الجيش العربي السوري العقائدي كما أسلفت أنفاً ومعه بعض الجيوش العربية المعروفة بقوميتها. الغرب يسعى إلى الدفع بقوّة إزاء تفكيك سورية وجعلها دولة فاشلة وبعدها العراق، وبعدهما لتفكيك لبنان لشل إيران، وإثارة الفوضى في الأردن عبر اللعب على الحبل الديمغرافي لجهة المكونات الأردنية المختلفة بما فيها النظام نفسه، وبعد ذلك وفقاً للرؤية الأمريكية الصهيونية، ستكون المحطة الأخيرة الفدرالية الروسية، والجمهورية الإسلامية الإيرانية هي الخاصرة الضعيفة للفدرالية الروسية، وهذا ما تدركه النواة الصلبة والدولة العميقة في روسيا الفدرالية ومحركها وضابط إيقاعها الرئيس فلادمير بوتين وجهاز استخباراته النشط ذو المجال الجيوبولتيكي  الأممي الواسع والذي يعيد إنتاج مفاصل أدواره الأستراتيحية القادمة. لذا إنّ من يسيطر على سوريا(قلب الشرق) يسيطر على الممر الإستراتيجي لجلّ الشرق الأوسط، وبالتالي يتحكم ويسيطر على كلّ أوراسيا العظمى وأسيا الوسطى، حيث الصراع في سوريا وعلى سوريا على الجغرافيا قبل السياسة، هو صراع على الشرق وما بعد الشرق كلّه وقلبه سوريا بنسقها السياسي وموردها البشري، والفدرالية الروسية وبكين بجانب طهران وجلّ دول البريكس تدرك ذلك جيداً. لاشك أنّ القوام الجيو– سياسي السوري، يمارس ويتفاعل بقوّة على مجمل مكونات الخارطة الجيو – سياسية الشرق الأوسطية، وكما تشير معطيات التاريخ والجغرافيا، إلى أنّ تأثير العامل السوري، كعامل إقليمي حيوي في هذه المنطقة، تتطابق آليات عمله وتأثيره، مع مفهوم العامل الجغرافي الحتمي، والذي تحدث عنه جميع خبراء علم الجيويولتيك، وعلم الجغرافيا الإستراتيجية، وعلم الجغرافيا الإقليمية، وحتّى علم الجغرافيا المناخية، حيث تؤكد معطيات العلم الأخير، بأنّ الطبيعة المناخية لدول الجوار الإقليمي السوري، لن تستطيع مطلقاً الإفلات من تأثيرات العامل المناخي الدمشقي، فهل استعدت عمّان ولبنان والعراق وتركيا لذلك جيداً؟. الأمريكي وبتوجيه من البريطاني، حيث الأخير يدير الأول، يريدان انتزاع قيمة سورية الجيوبوليتكية، عبر محاولات انشاء منطقة عازلة في الشمال السوري عزل سورية عن تركيا وأوروبا، ويستوليان على الشمال الشرقي لسورية والجنوب الشرقي وجلّ الشرق السوري الى الجنوب، فتحيلان سورية الى جزيرة معزولة عن أوروبا وأسيا جيوبوليتيكيّاً، مع سعي آخر موازي لأقامة كيادن كردي تروتسكي صهيوني خوزمتشي، بكونفدرالية مع ما استولتا عليه أو تسعيان للأستيلاء عليه في الشرق والشمال الشرقي والجنوب والجنوب الشرقي مع الأردن والكيان الصهيوني(اسرائيل)ثكنة المرتزقة، بعبارة أخرى تعزل سورية عن فلسطين المحتلة وقضيتها وصراعها الأستراتيجي، فتنتهي قيمة الجغرافيا الأستثنائية التي تتمتع بها سورية، فالمعركة والصراع هو على هذه الحغرافيا قبل أن تكون ويكون على السياسة في سورية ونسقها. وسورية هي المنفذ الوحيد المتصل بين كل البر الأسيوي والبحر المتوسط، ويراد الآن الأستيلاء على شرقها من التنف وحتى السويداء، ليصار الى قضم هذه الميزة الجيوبوليتيكية وتحويلها الى شبه جزيرة بمنفذ وحيد على البحر المتوسط، والأستيلاء على وبعض من القنيطرة تكون سورية عزلت بشكل كلي عن القضية الفلسطينية، لأخراجها من الصراع مع “اسرائيل” ليصار الى تصفية القضية الفلسطينية وعلى حساب الجغرافيا والديمغرافيا الأردنية ليس عبر مفهوم الوطن البديل بل النظام السياسي البديل بديمغرافيات جديدة حالية ولاحقة. نعم لسورية قيمة فالقيّة استراتيجية فريدة من نوعها، بجانب أنّها نقطة تقاطع بين أسيا وأوروبا وأفريقيا، انتزعت فلسطين عبر بلفور فعزلت الشام عن أفريقيا، واليوم يراد عزلها عن أوروبا شمالاً وأسيا شرقاً وشمال غرب أسيا أيضاً بشكل خاص، حيث مفاتيح الأخيرة دمشق ومن يملك المفتاح السوري يملك جلّ أسيا. ثمة محاولات لترسيم معالم المرحلة المقبلة في جلّ المنطقة فهل ترضى موسكو بذلك؟ وهل ترغب في اجهاضه؟ اذا سورية دخلت مرحلة جديدة بعد فشل كلّ الرهانات السابقة وعناوينها السياسية مفتوحة في كل الاتجاهات والمسارات، والحلفاء صامدون الى جانب دمشق، ولكن الأسرائيلي ومعه مستحثّات الرجعية العربية الحديثة والمستحدثة بسبب المال الخليجي قادرون على تسويق هذا المشروع دوليّا وهنا الخطورة في الشرق والجنوب السوري. في ظل هذا التيه والتوهان العربي، لم تعد الخيانة وجهة نظر، بل صارت عشقا دّنِساً، فبعض شخصيات المعارضات السورية هذه وبايعاز من مشغليّهم، يريدون تصوير الجيش العربي السوري وكأنّه مجرد أداة أو ماكينة يتم تحويلها من شرف النضال إلى دناءة الخيانة. فالموقف من ثكنة المرتزقة الصهيونية ومن برلمانها، ليست مسألة خيار سياسي أو فكري أو فلسفي أو نفسي أو مصلحي، بل مسألة وطنية قومية بعمق وبلا مواربة، وحيث نجح التطبيع في تمويه هذا، فعلينا كشفه ومواجهته. بقاء ودور الرئيس الأسد يحدده الشعب العربي في سورية بالانتخابات وعبر صناديق الأقتراع، وهذا ما أكدت عليه صراحة نصوص ومضامين قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 ، لكن بقاء الجيش العربي السوري العقائدي لا يقرره صندوق الانتخابات، ولا يقرره معارض هنا ومعارض هناك في دفىء العواصم الأوروبية أو بعض العربية وبغاياهما، بينما الجندي العربي السوري الذي رضع القومية العربية مع حليب أمه فهي اكسير حياته وحياة قطره، ينطلق من الوطني الخاص الى القومي والوطني العام، كجندي جيشنا العربي الأردني حيث عقيدته ما زالت سليمة ولم تتغير، رغم محاولات حزب واشنطن تل أبيب في الداخل الاردني في تسميم عقيدته، ورضعها مع حليب أمه كشقيقه السوري والجزائري والمصري واللبناني وغيرهم، الجندي السوري القومي يقاتل الفواحش والدواعش والدوامس والبواعص والنصرة والعهرة، وما تسمى بأحرار الشام وجيش الأسلام وصعاليك جيش الفتح وأجناد القوقاز والتركستنان في كل الجغرافيا السورية، وهو لا يقاتل السابق ذكرهم  – (حول قصر الرئاسة) – من سلّة الأرهابيين الذين تم ادخالهم وعلى مدار سنوات من دول الجوار السوري مجتمعة ومنفردة لا ضير في ذلك، فهو لا يقاتلهم حول قصر المهاجرين، بل في كل الجغرافيا السورية ونيابةً عن العالم والأنسانية جمعاء. وبالتالي مسألة الحوار مع النسق السياسي السوري، لم يعد مشروطاً برحيل الأسد أو تنحيه، لقد غرسوا الروس غرساً، من الأفكار في عقل جنين الحكومة الأممية ملتقى المتنورين من اليهود الصهاينة، والمسيحيين الصهاينة، والمسلمين الصهاينة، والعرب الصهاينة، بأنّ ما يجري في دمشق يجري في موسكو ودفاعهم عن دمشق دفاع عن موسكو. نعم لا عيب ولا تثريب على موسكو بعد اليوم، حيث كانت المسألة السورية وحدثها بالنسبة لها، مدخلاً واسعاً لرسم معادلات وخطوط بالألوان والعودة إلى المسرح الأممي، من موقع القوّة والشراكة والتعاون والتفاعل بعمق، وتحمّل المسؤوليات ضمن الأسرة الدولية الواحدة في عالم متعدد الأقطاب، لأحداث التوازن الأممي الدقيق في شتى الأدوار والقضايا بما فيها الصراع العربي – الإسرائيلي كصراع استراتيجي وجودي في المنطقة والعالم، بالنسبة للعرب الحقيقيين، والمسلمين الحقيقيين، لا عرب صهاينة ولا مسلمين صهاينة، ولا عرب البترول والغاز. نعم من حق روسيّا ونواتها وعنوان الأخيرة الرئيس بوتين أن يقول: ثبات وتماسك الجيش العربي السوري العقائدي ضمن وحدة وثبات النسق السياسي السوري، وعنوان هذا النسق الرئيس الأسد قد جلبوا للفدرالية الروسية العالم أجمع. فالوضع الروسي في الشرق الأوسط  له آفاقه الخاصة، فموسكو حاضرة وبقوّة على كل الجبهات: من إيران إلى فلسطين المحتلة، ومن مياه الخليج المسلوبة السيادة أمريكيا، إلى سورية التي تتعرض إلى حرب كونية سافرة، إلى لبنان الساخن مروراً بالعراق المحتل والذي يتعرض إلى حالات مخاض عسير، عبر بعض أطراف من العربان المرتهنين للخارج. موسكو تعود بقوّة ودبلوماسيتها أخذت تظهر دينامية متنامية إزاء الأزمات التي تهز المنطقة، وصارت موسكو وبشكل متجدد وجهة رئيسية للتعاطي مع هذه الأزمات، وعادة مرةً أخرى إلى المياه الدافئة في الخليج والبحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط. وتأتي عودة موسكو على الجبهة الدولية والجبهات الإقليمية الأخرى، على أساس الاستفادة من الصعوبات التي تعاني منها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان وسورية، وهذا يمنحها صك تواصل وانفتاح على تلك الأطراف التي لا تتعامل معها واشنطن، حيث تستفيد وتوظف موسكو بؤر النزاعات والملفات الساخنة لأسماع صوت مختلف عن الصوت الأمريكي والغربي بشكل عام، وهذا ما يجعلها مسموعة ومقبولة لدى الجانب العربي لوقوفها إلى جانب حقوقه المشروعة، وأقلها إقامة دولته على الأراضي المحتلة لعام 1967 م وعودة القدس المحتلة لتكون عاصمة لتلك الدولة وعودة اللاجئين والنازحين إليها، فروسيا اليوم لاعب نزيه وحقيقي وعادل في  كواليس الصراع العربي – الإسرائيلي وجوهره القضية الفلسطينية، كما هي لاعب نزيه وعادل وحقيقي في تداعيات ما يسمّى بالربيع العربي، ودورها الحقيقي والفاعل والمتصاعد في الحدث السوري، للحفاظ على الدولة السورية وعلى الأمن والسلم الدوليين . تقول المعطيات النظرية لعلم العلاقات الدولية، بأنّ التوازن الإقليمي يرتبط دائماً بالتوازن الدولي، وبتنزيل هذه الحقيقية إلى الواقع الميداني، فقد كان التوازن الإقليمي الخاص بمنطقة الشرق الأوسط  يرتبط بالتوازن الدولي الخاص بنظام القطبية الثنائية خلال فترة وجود القوتين العظميين(الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق)ولكن بعد انهيار القطبية الثنائية وانفراد واشنطن بالزعامة محاولةً الهيمنة على النظام الدولي، بدا واضحاً أنّ منطقة الشرق الأوسط قد شهدت على أساس اعتبارات التوازن الدولي، حدوث فراغ في الميزان الأممي بسبب غياب القوّة السوفياتية التي انهارت وعدم تقدم روسيا أو الصين لملء الفراغ في الميزان الدولي، صعود قوّة إسرائيل في ميزان القوى الإقليمي، هبوط قوّة الأطراف العربية في ميزان القوى الإقليمي، مع الأخذ بعين الاعتبار حالة انقسام سادت في المنطقة العربية، بحيث أكد ما يسمى بمحور الاعتدال بالمنطقة – الذي انهار كليّاً – على ضرورة المضي قدماً في القبول بالنفوذ الأمريكي وتقديم التنازلات للمشروع الإسرائيلي – الأمريكي – الغربي. وعلى الطرف الآخر، أكد ما يسمّى بمحور الممانعة بالمنطقة على ضرورة المضي قدماً في الاعتماد على الإرادة العربية والقدرة الذاتية ومبادئ العدالة والحقوق المشروعة، كوسيلة لمواجهة المشروع الإسرائيلي – الأمريكي – الغربي في المنطقة الشرق الأوسطية. الآن تمثل جهود روسيا الفدرالية، بمواقفها المختلفة إزاء ما يجري على عتبة بيتها في أوكرانيا، وازاء الحدث السوري وإزاء إيران وبرنامجها النووي السلمي، وإزاء الدور التركي المتلون وكافة الملفات الأخرى في المنطقة، بما فيها ملف التسوية السياسية، هذه الجهود الإستراتيجية والتكتيكية تشكل رسائل جديدة تحمل الإشارات التالية: بدء عودة روسيا لمنطقة شرق المتوسط،  من أجل ملء الفراغ الذي خلَفه انهيار الإتحاد السوفياتي، ردع النفوذ الأمريكي في المنطقة، عن طريق التأكيد بانّ أمريكا لن يكون في وسعها الإنفراد الكامل بممارسة النفوذ على المنطقة، ردع الأسرائليين من مغبة اعتماد استخدام القوّة الغاشمة المرفوضة، ودبلوماسية العمل من طرف واحد عن طريق وضع الأسرائليين أمام روادع على النحو التالي : إنّ موسكو تمثل لاعباً دولياً مؤثراً في الساحة الأممية، لأنّ لها دوراً كبيراً في إدارة الصراع الدولي الدبلوماسي في مجلس الأمن الدولي واللجنة الرباعية، إنّ موسكو قادرة على تعزيز قوّة الأطراف الأخرى، وإعادة نظام سباق التسلح الذي سبق أن شهدته المنطقة على النحو الذي يضعف التفوق العسكري النوعي الإسرائيلي الحالي، ولموسكو خارطة طريق جديدة في الشرق الأوسط، حيث تتحدث المواقف الروسية عن نفسها، بأنّ موسكو تسعى حالياً إلى معاقبة الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق القيام بلعب دور معاكس لواشنطن في منطقة الشرق الأوسط، رداً على دور واشنطن المعاكس في أوكرانيا وشبه جزيرة القرم تحديداً، وفي منطقة البلقان وشرق أوروبا ودفاعاً عن مصالحها الإستراتيجية عبر الحدث السوري، لقد فعلت موسكو وعبر دبلوماسيتها الجادة فعلها ومارست شتّى الضغوط، على “إسرائيل” و واشنطن في الشرق الأوسط، إلى عقد تفاهمات بين موسكو و واشنطن تتراجع بموجبها واشنطن عن استهداف النسق السياسي السوري، وتقديم تنازلات لموسكو في ملفات نشر برنامج الدفاع الصاروخي والقواعد العسكرية الأمريكية وغيرها، وبالمقابل تتراجع موسكو عن ملفات الشرق الأوسط غير الإستراتيجية، وعدم استهداف المصالح الأمريكية وخاصة في جورجيا على أن يكون ذلك بالتفاهم معها. ولكن على العكس تماماً، تبدو التحركات الروسية وهي تشي  إلى أنّ ثمة ” خارطة طريق روسية دولية ” تقوم موسكو بتقفي معالمها الرئيسية، كون التحركات الروسية المعاكسة لأمريكا شملت: منطقة الخليج العربي: سبق للرئيس الروسي فلادمير بوتين زيارتها.  منطقة الشرق الأدنى: يوجد صعود روسي معاكس لأمريكا في أوكرانيا – لما لا والأخيرة هي عتبة البيت الروسي، أرمينيا، منطقة القوقاز والقفقاس، إضافة إلى الموقف الروسي المتجدد والثابت والداعم للنسقين السوري والإيراني. منطقة آسيا الوسطى: استطاعت موسكو أن تضعف الوجود الأمريكي في آسيا الوسطى عن طريق الاتفاقيات الثنائية مع دولها الخمس: تركمنستان، أوزبكستان، كازاخستان، طاجيكستان، وكيرغيزستان. منطقة الشرق الأقصى: تحركات روسيا في ملف الأزمة النووية الكورية الشمالية بحيث أدّت إلى إضعاف الموقف الأمريكي المتشدد في المنطقة، ويضاف إلى ذلك انخراط روسيا – بكين ضمن منظمة تعاون شنغهاي كمنظمة إقليمية، التي استطاعت أن تفرض نفوذها الجيويوليتيكي على الإقليم الأوراسي الذي يضم روسيا، الصين، منغوليا، دول آسيا الوسطى، والذي سبق أن أجمعت كل النظريات الإستراتيجية على انّه يمثل مفتاح السيطرة على العالم باعتباره يمثل منطقة القلب الاستراتيجي لخارطة العالم . من ناحية أخرى، إن انخراط روسيا في أجندة الصراع العربي – الإسرائيلي ضمن جهد شامل ونوعي، بالإضافة لما ذكر سابقاً في متن المقال، يهدف من جهة أخرى مكافحة ومواجهة انخراط واشنطن المتزايد في إقليم أوراسيا(آسيا الوسطى، القوقاز، القفقاس )، كذلك البدء بالتحركات المتعلقة بالملف النفطي، مع كل من مصر والجزائر وغيرها من البلدان الشرق الأوسطية  النفطية، لبناء قوّة ناعمة نفطية روسية لجهة بناء تحالف نفطي روسي – شرق أوسطي . حتّى الآن، تنظر التحليلات الأمريكية إلى أن التحركات الروسية في الشرق الأوسط تهدف إلى معاقبة أمريكا، ولكن كما هو واضح فانّ التحرك الروسي يمكن أن يكون جزئيّاً بسبب هذه المعاقبة، وما لم تنتبه إليه التحليلات الأمريكية الصادرة حتّى الآن، هو أنّ روسيا قد باشرت التصدي للسلوك الأمريكي في ملف كوسوفو ومنذ البدء وقبل عشرة سنوات من الآن وأكثر من ذلك، عن طريق استخدام الملف الجورجي وتداعيات هذا الاستخدام الروسي المشروع من وجهة نظر موسكو، على اعتبار أنّ ذلك يمس أمنها القومي ومجالها الحيوي، والآن الملف الأوكراني وما يمثله ذلك من مخاطر حقيقية على الأمن القومي الروسي. وكما هو معلوم للجميع في المجتمع الدولي، إنّ جورجيا تمثل الحليف الرئيسي للولايات المتحدة الأمريكية في منطقة القفقاس، تتعرض لتكريس أزمة انفصال أبخاريا الشركسية، وانفصال أوسيتيا الجنوبية، وفي رد الفعل الروسي على انفصال كوسوفو، أعلنت روسيا وما زالت عن استعدادها لتأييد ودعم وتجذير انفصال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية عن جورجيا إذا تجرأت جورجيا على الانضمام إلى حلف الناتو. والأجراء الروسي ضد جورجيا، كما هو واضح لو حدث فانّه سيشكل خسارة كبيرة لواشنطن وحلف الناتو، كونه يقضي نهائياً على دولة جورجيا ككيان سياسي بما يترتب عليه سقوط الأدوات الأمريكية في الداخل الجورجي، وصعود المعارضة الموالية لروسيا(حقّقت المعارضة الجورجية انتصارات في اكثر من عملية سياسية انتخابية داخلية)، إضافة إلى انّه يعيق بشكل نهائي تمدد حلف الناتو والنفوذ العسكري الأمريكي إلى واحدة من أهم المناطق الإستراتيجية التي تمثل الحلقة الرئيسية في مخطط إغلاق البوّابة القفقاسية في وجه الفدرالية الروسية .

*عنوان قناتي على اليوتيوب البث عبرها أسبوعيا:

طلقات تنويرية – المحامي محمد أحمد الروسان

[email protected]

خلوي:- 0795615721  

منزل – عمّان : 5674111

سما الروسان في : 7 – 3 – 2020 م.

 

 

قد يعجبك ايضا