اتفاقية الغاز وامتحان النظام الدستوري الأردني / المحامي محمد الصبيحي

المحامي محمد الصبيحي ( الأردن ) – الجمعة 24/1/2020 م …



لم يكن عبثا تجنب ادراج مبدأ الاستفتاء العام للشعب في مسألة ذات طبيعة خلافية بين القوى السياسية او مسألة ذات بعد استراتيجي سياسي واقتصاد او عسكري، فالذين وضعوا الدستور ابتداء كانوا يبنون على قناعة بعدم صلاحية الديمقراطية الكاملة لمجتمع العشائر وأن الشعب في حينه لم يبلغ مرحلة النضج السياسي والديمقراطي واستمرت تلك القناعات كاساس لكل التعديلات الدستورية اللاحقة.
و الحقيقة الخفية بين النصوص الدستورية ان كل مأزق للسلطة التنفيذية في مواجهة مع السلطة التشريعية او القضائية له مخرج دستوري تفلت فيه السلطة التنفيذية من المساءلة الجادة الحاسمة، ما عدا الاستفتاء العام لو تم أدراجه في الدستور وأجري بنزاهة.
اليوم وقد وضح الرفض الشعبي العام لأتفاقية الغاز الاسرائيلي، وتصويت مجلس النواب بالاغلبية إلى الحكومة لأرسال مشروع قانون يمنع استيراد الغاز من إسرائيل، فإن الحكومة ملزمة بإرسال مشروع القانون المطلوب، وهذا امتحان صعب للنظام الدستوري الاردني الذي نص على أن نظام الحكم نيابي اولا، فإما أن ترضخ الحكومة لطلب النواب او اللجوء إلى خيارات أخرى، مثل ترحيل الموضوع إلى مجلس نواب جديد وذلك لوجود رأي بأن النواب صوتوا شعبيا لأقتراب الانتخابات النيابية، اما المجلس القادم فسيصوت على مشروع قانون مسخ لمنع استيراد الغاز من إسرائيل يجيز ما سبق التعاقد عليه ويمنع تجديده بعد انتهاء مدته.
وبكل المقاييس فهو امتحان صعب يكشف الغطاء عن المستور في تركيب النصوص الدستورية.
الألتفاف على الارادة الشعبية والدستورية قادم بدون شك فالقوى الاقتصادية الظاهرة والخفية أعلنت منذ سنوات موت الديمقراطية ليس في الأردن فقط وإنما في العالم كله.

قد يعجبك ايضا