المواجهة الأخيرة بين المقاومة والاحتلال على ميزان الربح والخسارة

الأردن العربي – السبت 16/11/2019 م …




من محمد صفية (غزة) –

الاحتلال الإسرائيلي يُصعد والمقاومة ترد، سرعان ما تتدخل مصر فتصل بعد جهود إلى “هدنة”.. تشابهت الفصول والكثير من التفاصيل والأسباب والأهداف، معادلة يحاول الاحتلال فرضها بين الحين والآخر لتحقيق مكاسب داخلية أكثر مما يتعلق بالمواجهة مع الفصائل الفلسطينية.

تلك الأخيرة التي تعدل الكفة في كل مرة مع زيادة في مستوى الردع عند كل صدام، ولكن ما أن تهدأ آلة الحرب حتى يضع المراقبون حصيلة المواجهة على الميزان وإحصاء الأرباح والخسائر.

الاغتيال لأسباب أمنية وعسكرية

الخبير في الشؤون الإسرائيلية، عدنان أبو عامر، أوضح أن الاحتلال أراد من خلال هذه العملية اغتيال القائد بهاء أبو عطا لأسباب أمنية وعسكرية، وفي الوقت نفسه تحقيق أهداف سياسية وحزبية لنتنياهو.

وأضاف أبو عامر، في حديثه لـ “قدس برس”: “نتنياهو استطاع تحقيق الهدف الأول باغتيال أبو عطا كما استهدف الكثير من المواقع العسكرية والتسليحية لحركة الجهاد”.

وأردف: “ومن جهة أخرى نجح في إعاقة خصومه السياسيين من تشكيل حكومة أقلية من قبل غانتس ورفاقه وعمل على استعادة شخصيته الأمنية والعسكرية بعدما طالته الكثير من الاتهامات أنه يخاف من المقاومة الفلسطينية وأنه يعد للعشرة قبل الذهاب لأي مواجهة عسكرية”.

الخسائر

وعلى صعيد الخسائر، قال أبو عامر: “لا شك أن نتنياهو أراد أن تكون هذه المواجهة قصيرة مع المقاومة الفلسطينية إلا أن استمرارها أكثر من 48 ساعة لم يكن في صالحه من الناحية الانتخابية”.

وأشار إلى أن نتنياهو أراد أن تكون المواجهة “خاطفة لا تتعدى ساعات قليلة، لكن ما حصل أن المقاومة رغم خسارتها الكبيرة بهذا القائد العسكري أثبتت قدرتها على مواصلة قصف المستوطنات الإسرائيلية حتى مناطق الوسط والجنوب”.

وأكد: “نتنياهو أخفق بتحقيق الأمن الإسرائيلي بصورة أو بأخرى فضلًا عن اتهامه بتغييب الردع وعدم قدرته على القضاء على المقاومة الفلسطينية وما إلى ذلك”.

المقاومة مدعومة شعبيًا في ردع العدوان

أما بالنسبة للمقاومة، فقد شدد أبو عامر على أن الاغتيال لم يكن حدثًا عاديًا ولا يجب أن يمر عليه الفلسطينيون مرور الكرام “لذلك رأينا رد المقاومة باستهداف كافة تجمعات الاحتلال في الجنوب والمركز ومشارف القدس”.

واستطرد: “الرد كان متفقًا عليه والموقف الفلسطيني كان موحدًا خلف هذه المقاومة وهذا ما شكل دعمًا شعبيًا لاستمرار المقاومة في ردع العدوان الإسرائيلي”.

سياسة فرّق تسُدْ

وحذر أن الاحتلال حاول الإيقاع منذ اللحظة الأولى بين الفصائل الفلسطينية والحديث عن انفراده بتنظيم وتحييد تنظيم آخر. مبينًا: “هذه سياسة إسرائيلية قديمة جديدة عنوانها فرق تسد”.

واستدرك: “لم تنطلي هذه السياسة على المقاومة الفلسطينية، وغرفة العمليات المشتركة كانت حاضرة وبقوة معظم ساعات المواجهة العسكرية وأصدرت بيانًا قطعت الطريق على كل المشككين بأن هذه المواجهة تحصل بإشراف وإدارة فصائل المقاومة مجتمعة والغرفة كتنت مشرفة ميدانيًا وعملياتيًا على هذه المواجهة تنفيذ العمليات وتوجيه الجهة المنفذة”.

وأشار إلى أن المقاومة لها اعتباراتها ومعاييرها ونظرتها للأحداث بعيدًا عن محاولة إيقاع فتنة بين هذا التنظيم أو ذاك فاليوم تم استهداف مسؤول في الجهاد وغدًا سيتم استهداف مسؤول لحماس وبالتالي هناك حالة من التوافق والانسجام في طبيعة الرد على هذا العدوان.

توقيت الهدنة كان مناسبًا

من جانبه أوضح المحلل السياسي حسن عبدو، أن توقيت إعلان التهدئة كان مناسبًا “فمن جهة كان هناك رد معقول من المقاومة والجهاد الاسلامي ومن جهة أخرى لم يعط للاحتلال فرصة لمزيد من التصعيد وجنب الشعب الفلسطيني ويلات إضافية”.

واستغرب في حديث لـ “قدس برس”، رد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الخجول في إدانة العدوان وكأنه رئيس دولة أخرى.

وأضاف: “لا شك أن السلطة الفلسطينية جاءت نتيجة عملية تعاقدية مع الاحتلال وتحت سطوة الاحتلال وبالتالي فهي عاجزة عن اتخاذ أي موقف حقيقي وإيجابي تجاه الجرائم الإسرائيلية وهذا ما شهدناه منذ الاعتداءات الإسرائيلية السابقة أعوام 2009 و2012 و2014، والتي ارتكب فيه الاحتلال جرائم مكتملة الأركان”.

واستدرك: “مع ذلك فقد أضاعت السلطة فرصة ملاحقة الاحتلال ومحاسبته في محكمة الجنايات الدولية في الوقت الذي نرى المجتمع الدولي في مجلس غير جاهز لاستصدار قرار يدين الاحتلال تحت الفصل السابع”.

ميزان القوى مختل

وأضاف: “لا شك أن هناك فرق في موازيين القوى بين إمكانات الاحتلال الكبيرة وامكانات المقاومة فميزان القوى مختل لصالح الاحتلال”.

واستدرك: “لكن المقاومة تملك إمكانية الرد على الاحتلال الإسرائيلي”.

الجبهة الداخلية

ولفت النظر إلى أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية تختلف عن الفلسطينية؛ الأولى هشة مصابة بالهلع، غلاف غزة فرغ من معظم سكانه، أما الثانية فالحالة الشعبية متقدمة على المقاومة وتشكل دافعًا قويًا لاستمرارية المقاومة”.

واستدل بحالة عدم الارتياح لدى البعض لوقف القتال التي أعلن عنها الجهاد الإسلامي بعد رضوخ الاحتلال لشروط المقاومة.

ونوه إلى أن المقاومة معنية بالتفكير بعدم إيلام هذه الحاضنة خاصة وأن إسرائيل أضعفت مرتكزات الصمود في غزة على مدار 10 سنوات.

وقال إن غزة اليوم بلا برنامج تنمية ولا يوجد تطوير للخدمات الأساسية ولا قطاعات إنتاجية ذات قيمة ولا تصدير للمنتجات بشكل مرضي.

مؤكدًا أن كل ذلك خلف حالة من العوز والفقر ومساحة واسعة من البطالة تضعف عوامل الصمود. واستدرك: “لكن رغم ذلك فهذه الحاضنة تريد استمرار المواجهة وردع الاحتلال مهما بلغت التضحيات”.

قد يعجبك ايضا