يا رب لا تهجر سما لبنان … إضاءة ثانية للمشهد في لبنان / د. سمير محمد أيوب

د. سميرمحمد أيوب ( الأردن ) الأحد 27/10/2019 م …




لنفهم ما يجري اليوم في لبنان ، لا بد من الالتفات الى الفوضى التي تعم العالم ، من اقصاه الى اقصاه . ومن ثم التبصر في ما يجري في اليمن وسوريا والعراق وفلسطين ، وما قد جرى في ليبيا والسودان والصومال ، و ما زال في جعبة حواة الاقليم ، وشيطانهم الاكبر من خطط لباقي المَواطِنِ العربية .
كيانات سياسية كأعجاز نَخْلٍ ، تتولد بعمليات قيصرية ، تتشظى في أرحامها هياكل بشرية هشة . الحاكم فيها مصالح فردية متوحشة ، تضبطها معايير الربح والخسارة . لا مكان فيها لخلق او مشاعر .
أمْعِنوا النظر فيمن يتصدرون الصفوف الأُوَل ، في الكثير من مناحي هذه الكيانات ، ودهاليز تلك الهياكل . ستتلوث ابصاركم واسماعكم ، بعينات بشعة من : القتلة واللصوص ، والمرتشين ، والفاسدين المُفْسِدين ، والمافيات التي تتاجر بكل ما هب ودب من ممنوعات.
عمِلَ دهاقنةُ النظام العالمي الجديد ، ومهندسو فوضاه ” الخلاقة ” ، دون كلل ، حتى أوصلونا الى مستنقع النفعية المتوحشة ، لقتل وهدم كل شيء ، عبر فصل منظومات الاخلاق السماوية والقيم الانسانية الوضعية المكملة لها ، عن سياسة المصالح الفردية .
لاستكمال بناء هذا النظام المتغول ، المحكوم بقوة المال والاعلام ، لا بد من هدم النظام القديم ، وبُناهُ الاجتماعية والثقافية . ولا يوجد مكان في العالم ، مُهيؤ للهدم اكثر من الوطن العربي .
وعندما سُألَ الشيطان الاكبر الذي يلعب عالمكشوف بلا ورقة توت حتى ، عن حصة العرب من ” بركات هذا النظام ” ، الذي تأسس منذ اكثر من مئتي عام ، قال : في ظل النظام العالمي الجديد ، سيُقتل الكثير من العرب ، وتُهدم بلادهم ، وتُحتل اراضيهم ، وتُصادر ثرواتهم وتُسرق اموالهم . وإن اعترض احد باسم النظام والقوانين ، سنقول له : إن ما نفعله بالعرب ، هو اقل بكثير مما فعله ويفعله العرب بانفسهم . فهم خونة كاذبون وأغبياء .
جُلُّ العرب خونة : فهم من قتلوا ابن بنت رسولهم . وقتلوا زوج بناته ، وقتلوا خلفائهم وصحابتهم والكثير من ابطالهم . ومن خان مرة كما تعلمون ، يخون كل الناس ، من حقنا ان لا نأمنهم ، وخاصة اذا كان الخائن مثلهم ، كاذبا وغبيا أيضا .
الكثير من العرب كاذبون : يُشيعون بأن امريكا تدفع مليارات الدولارات لعدوهم اسرائيل ، وهم يعلمون ان هذا الإدعاء كذبة كبرى مفضوحة . فان الذي يدفع لاسرائيل مليارات الدولارات هم عرب . يعطون المال لنا ، ونحن بدورنا نعطيه لعدوهم .
معظم العرب اغبياء ايضا : يتقاتلون طائفيا ومذهبيا وعرقيا ، يتقاتلون على كل شيء ، حتى على اغنية او لعبة كرة قدم ، او طبخة او لون غطاء رؤوسهم ، مع انهم أمة واحدة . ان ما صرفته منصات الرمل والقلق والملح والكاز ، بحروبها العبثية على اليمن ، يعادل تقريبا ما صرفته امريكا بحرب عاصفة الصحراء . يدفعون مليون دولار ثمنا لصاروخ يدمر مدرسة او منزلا في اليمن ، لا يتجاوز ثمنه بضع الاف من الدولارات .
ماذا حقق هذا العدوان المجرم في المحصلة ؟ باتوا بحاجة اكبر لحمايتنا مباشرة .
وهنا يسأل الشيطان الاكبر متهكما شامتا : اين شعوبهم واين نخبهم . ومن ثم يسارع للقول : لا اريد ان اعرف . الأهم انني اعرف بان مصانع السلاح في بلادي ، تعمل بكامل طاقتها . لا يعنيني من يموت هنا او هناك ، ومَنْ يَقتُلُ مَنْ في تلك المنطقة .
منطق كل ما سبق يبرر لنا القول ، بعدم الحاجة لوجود سفهاء العرب ، بل الابقاء على من يدفع اكثر وعلى من يشتري حمايتنا وترويجنا له وتلميعه .
في ظل نظامنا العالمي الجديد نحن الاقوى في هذا العصر . ولكي نبقى الاقوى ، علينا بلا عواطف وبلا أسف لعذابات احد ، أن نضعف الجميع . عليكم أن تتوقعوا قتلى بلا عدد ، وهدم وتدمير كل ما قد تطاله ايدينا من قواكم المادية وغير المادية ، وما بينها . من قوة .
حذار ، القادم خطرجدا ، لبنان على شفير فوضى ” غير خلاقة ” ، والحرب الاهلية تطل من الشقوق . إنهم يكررون نفس السيناريو الغبي ، الذي فشلوا في تطبيقه في سوريانا العظيمة . ثقتنا بالقوى الحية لامة العرب في لبنان ، ستفشل بالتأكيد كل عبث للشيطان الاكبر وتوابعه وكلابه . وإنا غدا لناظره قريب .
يا رب لا تهجر سما لبنان .
الاردن – 27/10/2019

قد يعجبك ايضا