تونس ، متى ستنفجر حركة النهضة ؟ / احمد الحباسي

Image result for ‫احمد الحباسي‬‎

احمد الحباسي ( تونس ) الأحد 25/8/2019 م …




وراء كل حدث مهم داخل حركة النهضة تكمن آلاف التفاصيل التي تؤكد أو تنفى بعض ما يقال ، بعض التفاصيل يمكن أن تزيل بعض اللبس أو تشوه الحركة فلا تكاد تفهم وسط هذا الزحام الجدلي المنشور في وسائل الإعلام ما يحدث حقيقة داخل حركة النهضة التي حولتها الأسطورة الاخوانية إلى قلعة منيعة لا تتفكك و لا يمكن اقتحامها لا من الداخل و لا من الخارج في تعارض مضحك مع العلم العسكري الحديث و مع قدرة وسائل الإعلام في تفكيك كل المنظومات القروسطية التي باتت تمثل خطرا على المجتمعات الإنسانية المتحضرة ، حادث ترشيح السيد عبد الفتاح مورو العضو المؤسس لحركة النهضة للانتخابات الرئاسية يعد واحدا من تلك الأحداث التي سيكون لها ما بعدها حيث أماط الحدث اللثام على كثير من حالات الفتق المخفية بعناية داخل جسم الحركة الملوث بكثير من الاتهامات و النوايا السيئة التي كشف جزء منها القيادي حاتم بولبيار الابن المدلل السابق و الخصم الجديد للشيخ راشد الغنوشى.
الجماعة تواجه اليوم و على عكس ما يظن البعض أحلك أوقاتها على الصعيد الداخلي و الخارجي على حد سواء و في تقدير الملاحظين فان الحركة تقف في هذه الأيام أمام منعطف تاريخي مرعب خاصة بعد أن تم فضح وجود جهاز عسكري سرى يتولى التصنت و المتابعة و اغتيال المعارضين إضافة إلى مظروفات التحقيق المرعبة في ملف التحقيق مع أحد قيادات هذا التنظيم مصطفى خذر و الذي له ارتباط بملف تسفير الإرهابيين إلى سوريا و مدى ارتباط الحركة بجهات و أجهزة استخبارات أجنبية و ارتباط عضوي بملف اغتيال الشهيدين شكري بلعيد و محمد الابراهمى ، في الحقيقة فان المشاكل داخل الحركة لم تهدأ منذ صعودها إلى الحكم في انتخابات 2011 إلى الآن لكن الشيخ راشد الغنوشى استطاع بشيء من سياسة الجزر و العصا إخضاع المتنطعين و الرافضين لمجرد بقاءه على رأس الحركة بسبب اتهام قديم لن ينساه المنتسبون لها بكونه من ورطهم في تحالف مدمر مع الرئيس السابق زين العابدين بن على ثم فر هاربا للخارج و تركهم لمصيرهم .
ما يحصل هذه الأيام داخل الحركة من اتهامات و لغة فضة و خطاب متشنج تجاه المرشد هو إفراز منتظر من كثير من المحللين لحالة يأس و شك و ارتباك تدب داخل النفوس تجاه القيادة التاريخية للحركة بلورت حالة من الذعر خاصة في ظل إجماع الخطاب السياسي لبقية الأحزاب و المرشحين على ضرورة محاسبتها و كشف القناع عن حقيقة الاغتيالات و الجهاز السري و التمويل و الارتباط الأجنبي و تسفير الإرهابيين إلى سوريا لخدمة المشروع الصهيوني الأمريكي الممول من بعض الدول الخليجية التي تخشى هبوب نسائم الديمقراطية داخل عروشها الآيلة للسقوط لولا الحماية العسكرية الأمريكية، هناك حالة من تنامي الشك لدى الصف الشبابي و قد كانت التهم التي جاءت على لسان عبد اللطيف المكي و حاتم بولبيار علنية منادية برفض قرارات الحركة وصولا إلى طرح السؤال الخطير حول التصرف المالي و مصادر الأموال و أسباب انفراد قائد الحركة و عائلته بأموالها دون حسيب أو رقيب.
لا يغفل المتابعون لشأن حركة النهضة بالإشارة إلى أنه قد سبق للقيادي المنسلخ خميس الماجرى أن كشف كثيرا من خطايا و جرائم و نوايا و خطط و تصرفات زعيم الحركة و بعض شياطين الإنس المقربين منه و لم يكن الرجل أول أو آخر الناقدين بعنف و تمرد لسياسة المرشد و خطأ القيادة فقد سبقه و تبعه القيادي الدكتور الصحبى العمري و الأستاذ حسن الغضبانى و القيادي كمال الحوكى إضافة إلى بعض القيادات التي استطاع الشيخ إسكات أصواتها بكل الطرق الخارجة عن القانون كما يؤكد ذلك الأشخاص المذكورون و الذين تعرضوا بدورهم إلى هرسلة و هجمات مدبرة لإسكات أصواتهم و قطع أرزاقهم ، لقد جاء في كتاب أحد قادة الإخوان في مصر الدكتور على الوصيفى ” الإخوان بين الابتداع الديني و الإفلاس السياسي ” ما يلي …. ” إن الإخوان المسلمين ليسوا على استعداد لإعمال عقولهم و تحكيم ضمائرهم و إذا أقيمت عليهم الحجة على أخطاءهم فإنهم لا يسمعون و إن سمعوا تحت الإلحاح فإنهم لا يعقلون و إذا عقلوا و اقنعوا فإنهم لا يتكلمون و إن تكلموا فسوف يكون كلامهم نميمة ” . لعل الذين تابعوا تصريحات القيادي حاتم بولبيار قد يجدون أنها تتطابق في مضمونها مع هذا الاختزال الذي تضمنه تاب الدكتور على الوصيفى بل أن السيد بولبيار قد عمق التوصيف بإشارته إلى أن الشيخ يريد قيادة قطيع صامت لا يرى لا يسمع لا يتكلم .
في عصر وسائل الاتصال أصبح كشف المخططات و الأفكار الخبيثة أمرا متاحا و لذلك و في ظل تصاعد وتيرة المطالبات الشعبية بكل الوسائل لكشف خفايا و بواطن سلوك حركة النهضة فنحن أمام مرحلة جديدة من تاريخ الحركة ستؤدى إلى محاسبة قياداتها بما سيؤدى إلى اندثار هذه المنظومة بل انهيارها كما حصل في مصر و في كثير من الدول العربية ، حتى الآن لا تظهر التصدعات داخل الحركة بمنتهى الوضوح لكن الأقرب إلى التخيل و التوقع فان هناك زلزال انتخابي قادم و هناك حالة من الوعي الشعبي المطالب بإخراج هذه الحركة من منظومة الحكم تسهيلا لمحاسبتها قضائيا بسبب ارتكابها لجرائم مختلفة, إنها النهاية المؤكدة التي لا يمكن التنكر لحلول ساعتها و لا الفرار من نتائجها بالنسبة لقيادات الحركة، لعل هناك واقع مرير يقول أن الحركة قد باتت منقسمة و مفككة وجدانيا و أن القاعدة لديها شعور بأنها قد تعرضت للخيانة و أن القيادة باتت منشغلة بتبرئة نفسها تارة و باحتقار هؤلاء المعارضين تارة أخرى و لكن المؤكد اليوم أن الجماعة لم تعد على قلب رجل واحد و ربما ستظهر في الأيام القادمة حقائق و أمور لا يتصورها عقل عن هذا الكيان المشبوه لان الحركة التي تأسست منذ نصف قرن تقريبا تحمل بداخلها أسباب التفكيك فعمر الحركة طال أمده و لكنها لم تحقق أي انجاز رغم وصولها إلى مرحلة الشيخوخة .

قد يعجبك ايضا