من رسالة الإمام عليّ إلى واليه على مصر / موسى عبّاس




موسى عبّاس ( لبنان ) الأربعاء 21/8/2019 م …
Image result for ‫موسى عباس‬‎
موسى عباس
تخطى الإمام عليّ بن أبي طالب “ع” حدود الزمان والمكان لما في شخصيته الفريدة من معاني الصدق والحكمة والمروءة والشهامة والشجاعة والعبقرية ، وأرست تلك الشخصية الفذّة مجالاً خصباً للباحثين من المستشرقين الغربيين والشرقيين الذين كرّسوا اهتمامهم بدراسة تاريخ حياته وبحثوا وشرّحوا في خطبه التي فاضت قدرةً في تحريك المشاعر والأحاسيس في عهده كما بعد أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمن  وعلى الرغم من تبدّل الأحوال وتعدّد الثقافات وتنوّع اللغات إلا أن حِكَمهُ تجاوزت كل ذلك وأصبحت كما أصبح الشخصية الأبرز في تاريخ الإدارة  وإرساء العدالة الإنسانية  وأسلوب الحكم .
فها هو الأديب والفيلسوف والشاعر ورجل الدين في كنيسة “بوسطن “الأمريكي “إمرسون”شديد التأثّر  بمبادىء الإمام علي (عليه السلام) الإنسانية وبفكره،يسعى لنقل البعض من تلك الإفكار إلى عقول وقلوب الشعب الأمريكي عبر القصائد والمقالات والمؤلفات التي كتبها عن الإمام،ومن بينها  مقالة بعنوان “الذات الحق”والتي تحدّث فيها عن كيف تغيّر فكره وكيانه بعد اطلاعه على كلمات “حكيم الإسلام ” وانّ ذلك شكّل ومضةً وإشعاعاً قلب حياته على الرغم من تمسّكه بمسيحيته لكنه لم يقبل أن يتحجّر فكره بحيث يمتنع عن أن يتقبّل الفكر الآخر .
أما الباحث الأمريكي “يان ريشار”  فقد قال: إن المسلمين الحقيقيين سليمي النيّة يتخذون من الإمام عليّ نموذجاً وقدوة ، وأنه لا يزال يمثّل الصورة الأمثل للنظام السياسي. وأنّ نهجه ورسالته الأخلاقية النبيلة قد استمرّت بعده في نهج ولده “الإمام الحسين”(عليه السلام) فكلاهما حاربا الظلم والعنف لدى الأمويين الذين تخلوا عن القيم الإسلامية ومارسوا الظلم والطغيان ومُحاباة الأقرباء والأنصار.
ويضيف “ريشار”:إذا نظرنا إلى عامّة المسلمين وجدنا أن علياً هو النموذج الأمثل للحاكم الواعي والمُلهَمْ الذي كان باستطاعته لو استعمل الدهاء والحيلة أن يقضي على جميع خصومه لكنّه أبى ذلك،  وقضى شهيداً في سبيل العدالة بفعل  الإيديولوجيا المناضلة.
 أما الفيلسوف الإنكليزي ” كارليل” الذي ألّف كتاباً عنوانه:”مُحمّد المثل الأعلى” والمترجم من قبل الدكتور محمد السباعي فيقول في الصفحة 34 :
“أما عليّ فلا يسعنا إلا أن نحبّه ونعشقه،إنه فتىً شريف القدر عالي النفس يفيض وجدانه رحمةً وبرّاً ويتلظى فؤاده نجدةً وحماسة، كان أشجع من الليث لكنها شجاعة ممزوجة بالرّقة واللطف والرأفة والحنان “. ويؤكد أن حبّ الإمام أخذ من قلبه كلّ مأخذ لأنه وجد فيه الصفات الرفيعة المتألّقة بأقداس الإنسانيّة، ولأنه تربّع على قمّة العظمة البشرية علماً وأخلاقاً ومكارماً وفضائلاً ، وعليّ يحتل الدرجات العُلى حسباً ونسباً وشرفاً، فهو من الهاشميين ذؤابة المحامد في قريش خاصّةً والعرب عامّةً”.
  الفيلسوف الإلماني “غوته” الذي دعا من خلال مؤلفاته الأدباء والمفكرين الغربيين لأن يعيدوا حساباتهم عن الإسلام لأن النبيً مُحمّداً (ص) جاء ليخرج الناس جميعاً من كهوف الظلام إلى ساحات النور  والضياء،
“غوته”  ألّف مسرحية عن الإمام عليّ وزوجته الزهراء (عليهما السلام)تتناول دورهما الإيماني وسعيهما الصادق والدؤوب لنشر الدين الإسلامي خارج حدود العشيرة والقبيلة.
 وقد دعا البطريرك ” الياس الرابع” البطريرك الأسبق لأنطاكية وسائر المشرق المعروف  بثقافته العميقة الواسعة والعالية دعا الكتّاب والشعراء والمثقفين العرب إلى قراءة القرآن الكريم ونهج البلاغة قراءات عميقة ومتتابعة ليتمكنوا من اللغة والحكمة .
ومن المؤكد أننا اليوم في عالمنا العربي والإسلامي بل وعلى صعيد الإنسانيّة جمعاء نفتقد نموذج الحاكم الديني والدنيوي الحاكم الذي أرسى في رسالته إلى واليه على مصر “مالك الأشتر” نموذجاً لإدارة الدولة ولصفات الحاكم لا يرقى ولا يصل إليه أو يدانيه أيّ نموذج آخر.
قال الإمام عليّ عليه السلام في بعضٍ يسير مما جاء في رسالته يخاطب الوالي طالباً منه الرفق بالرعيّة :
 “ولا تكوننّ عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم  فإنّهُم صنفان:
” إمّا أخٌ لك في الدّين وإمّا نظيرٌ لك في الخلْق”.

قد يعجبك ايضا